الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحشد الشعبي مفتاح الحسم.. بقلم: السيد شبل

تاريخ النشر : 2015-05-21
كما هو المعهود بوطننا العربي في العقود الأخيرة.. فإن نجاح الفصائل المسلحة العراقية "الحشد الشعبي" إلى حد معتبر في إفساد المخطط الأمريكي الرامي لإطالة أمد الحرب ضد داعش واتخاذها ذريعة للعودة إلى الداخل العراقي شكلًا ومضمونًا، كان كفيلًا بأن يجلب عليه هجوم كل دواعش السياسة وعملاء البيت الأبيض في المنطقة؛ كما كان طبيعيًا أيضًا -وكما هو الحال دائمًا- أن يتم شيطنة هذه القوات ونعتها بالطائفية والمبالغة في تجاوزات بعض أتباعها حتى تنصرف الشعوب من حيث ماهي أفراد عن مناصرتها.

والحشد، كما هو معلوم، ضم إلى صفوفه السني إلى جوار الشيعي بحسب ما تسمح المكونات العراقية وبحسب استعداد كل جماعة، فكان كمن يدق أول مسمار صلب في نعش المشروع الأمريكي الرامي لتقسيم العراق كما سائر الدول العربية على أسس طائفية وعرقية، وكان هذا سببًا مضافًا ليكسب مزيدًا من الأعداء والخصوم، فأُعدت المخططات على عجل سعيًا نحو هدمه وتلويث سمعته وبالتالي تكبيله وتحييده وكبح جماح انتصاراته التي نجحت في مدة زمنية قصيرة نسبيًا في تطهير محافظتي صلاح الدين وديالي إلى جانب مناطق أخرى.. ( تحرير مساحة لا تقل عن مساحة لبنان؛ قرابة 8000 كم مربع، خلال ثمانية أيام فقط ).

منذ البداية كان الفارق المعتبر لدى كثيرين، ونحن معهم، خمسة أمور:

الأول:
أن يكون الحشد الشعبي ممثلًا لكل العراقيين الذين يتبنون نهج مقاوم للمشروع الأمريكي وأودواتها كداعش بغض النظر عن طوائفهم أو أعراقهم، وأن لا يكون الحشد كيانًا منغلقًا على ذاته، بل منفتحًا على غيره، مرحبًا بمشاركة أبناء المناطق التي يتواجد بها؛ وهذا كان جليًا في المعارك التي خاضها الحشد ضد تنظيم "داعش" في محافظة صلاح الدين، حيث كان أبناء العشائر السنية (آل جبارة، كمثال لا للحصر) يقاتلون جنبًا إلى جنب مع أبناء محافظات الوسط والجنوب بهدف تطهير المحافظة من الدنس الداعشي، والأمر ذاته سيتحقق فوق ما هو متحقق في محافظة الأنبار بانضمام أبناء عشائر (البوفهد والبونمر) مع قوات الحشد الشعبي، وهو تحالف قائم بالفعل، بعد المجازر البشعة التي نفذها الدواعش بحق أبناء هذه العشائر في أوقات سابقة بداية من أواخر عام 2014، ويمكن أن نضيف إلى ما سبق تصريحات قادة الحشد التي أكدوا فيها أن قواتهم لا تشارك في أي منطقة عراقية إلا بعد أن يطلب أهل تلك المنطقة معونتهم، مع التأكيد على ضرورة مشاركة أبناء تلك المناطق معهم صفًا واحدًا بهدف تطهير البلاد.

الثاني:
أن يكون لقادة الحشد موقفًا واضحًا رافضًا للمشاركة في عمليات عسكرية تحت غطاء من الطائرات الأمريكية، وهذا ثابت وفق ما يعلنه ويؤكد عليه قادة الحشد سواء هادي العامري وزير النقل السابق وأمين عام منظمة بدر، أو قيس الخزعلي قائد عصائب أهل الحق، أو مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ومؤسس سرايا السلام. ويعتبر رفض قادة الحشد لمشاركة طائرات التحالف الذي تقوده أمريكا في المعارك أمر مفصلي، حيث يدخل ضمن ثوابت الأمة التي يعد التفريط فيها مهانة لا تستقيم والهدف السامي المتمثل في دحر داعش ورفض مشروع التقسيم الذي تُعد (داعش) أحد أهم أدواته، هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فإن تصريحات قادة الحشد تعكس إيمانًا راسخًا لديهم بأن من صنع الوحش لا يمكن له أن يشارك في هزيمته، فقط سيحاول توظيفه لصالحه، واستغلال حالة الصراع التي تنشأ من وجوده لخدمة أهدافه!، كما أنه بحسب مقتدى الصدر (الذي كان له دور بارز في مقاومة الاحتلال الأمريكي من خلال جيش المهدي، والذي يقود سرايا السلام أحد أبرز مكونات الحشد اليوم)، فإن أمريكا التي خرجت من الباب تريد العودة مرة ثانية من النافذة وتجعل داعش حجتها، مشددًا على أن العراقيين متحدين قادرون على دحر داعش، ومن حقهم أن ينسب النصر إليهم، لأنهم أصحابه؛ كما يرى قيس الخزعلي أمين عام عصائب أهل الحق، والقيادي السابق حتى 2007 في جيش المهدي (وكلا التيارين كان لهما دور بارز في تنفيذ أعمال مقاومة ضد القوات الأمريكية 2003 - 2011)، أن الطيران العراقي بإمكانياته الحالية قادر على القيام بالمهام الجوية بأفضل ما يكون، ولا حاجة للاستعانة بدول معادية تسعى لتسخير الأوضاع لصالحها.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الطائرات الأمريكية، لم تتوقف منذ اللحظة الأولى عن قصف مواقع تابعة للحشد الشعبي، متذرعة بأن الأمر لا يعدو كونه خطأ غير مقصود، غير أن تكرار القصف أكثر من مرة يجعل التبريرات الأمريكية محل شك، وبحسب ما نشرته "روسيا اليوم" عبر موقعها فإن قوات التحالف الذي تقوده واشنطن قصفت مواقع وحدات الحشد الشعبي الموالية للقوات الحكومية العراقية، قرب العاصمة بغداد، الاثنين 4 مايو الجاري، أن قصف التحالف الأمريكي أسفر عن مقتل اثنين من عناصر الحشد الشعبي وتدمير مصنع للذخائر وكل الأسلحة والمعدات التي كانت في المستودع، وليست هذه هي المرة الأولى، التي تنفذ فيها مقاتلات التحالف غارات مماثلة عن طريق الخطأ كما تقول، وكانت الطائرات الأمريكية شنت 8 غارات على عناصر الحشد الشعبي العراقي قرب تكريت، في أواخر مارس من العام الجاري، مما أدى إلى إصابة عدد منهم بجروح.

وفي ذات السياق اتهم شهود عيان طائرات هليكوبتر تابعة للتحالف الدولي بإلقاء أسلحة ومواد غذائية على الأراضي التي يسيطرعليها التنظيم المتطرف، وهذا ما أكده رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية العراقية حاكم الزاملي حيث قال أنه: تم رصد حوادث رمي طائرات التحالف الدولي أسلحة وذخائر وأغذية للمتشددين في محافظات صلاح الدين والأنبار وديالى.

الثالث:
أن يكون قادة الحشد مبادرين إلى الاعتراف والمحاسبة عند وقوع أخطاء من بعض المنتسبين إليهم، وكان هذا واضحًا في تصريحات زعيم التيار الصدري، حيث كان سباقًا للتحذير من سلوكيات بعض المنتسبين للحشد، إلى حد أنه نعتهم بـ"الميليشيات الوقحة"، داعيًا قوات الحشد الشعبي إلى التصدي لهم ومعاقبة كل من يتورط في مناطق المعارك بهدم البيوت والمساجد أو من يلجأ إلى التعذيب والتنكيل بالجثث وقطع الرقاب والحرق من أي تشكيل عسكري على اعتبار أنها تسيء لسمعة الحشد.

وفي هذه المسألة خصيصًا يجب لفت الانتباه إلى أن كثيرًا مما روج له الإعلام الخليجي والدولي من ممارسات عنيفة نفذتها عناصر الحشد محض تلفيق، وجزء لا يتجزأ من مؤامرة غربية تستهدف تقليم أظافر الحشد الذي نجح في تعرية المشروع الأمريكي في العراق، والحقيقة أن ما وقع من تجاوزات لم يزد عن المعدل الطببعي الذي يمكن أن تتورط فيه عناصر متطرفة تابعة لكيان مسلح حتى ولو كان جيش نظامي، وهذا الأمر مرفوض بطبيعة الحال، لكن المبالغة فيه بهدف توظيفه مرفوضة بذات المقدار أيضًا.

الرابع:
أن يكون الحشد الشعبي عاملًا على الأرض ضمن الدولة العراقية، يحظى بشرعية قانونية، ويعمل بالتنسيق مع القوات الأمنية، وليس في مقابلها، وهذا ما هو متحقق بالفعل، حيث أكد حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي في أكثر من مناسبة وعبر مختلف وسائل الإعلام أن الحشد يحظى بالشرعية القانونية، وفي السياق ذاته يؤكد قادة الحشد أنهم يتلقون دعمهم وتسليحهم وأوامرهم من الحكومة، مشددين على مسألة التنسيق مع القوات الأمنية النظامية، داعين إلى العمل على تقوية الجيش والحفاظ على مركزيته من خلال التنسيق معه في كل الأمور وتسليمه المناطق المحررة.

الخامس:
أن تكون للفصائل المنظمة المشاركة في الحشد دور في مقاومة الاحتلال الأمريكي (2003 - 2011)، وهذا واضح بالقدر الكافي، في حالة تأمل الفصائل المكوِّنة للحشد الشعبي وفي القلب منها عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله، إلى جانب سرايا السلام التابعة للتيار الصدري، وهي جماعات حركية كان لها دور بارز في مقاومة الاحتلال الأمريكي؛ جنبًا إلى جنب مع فصائل المقاومة السنية، وغيرها.

وهذا التاريخ لا شك يتماشى مع التهديدات التي أطقها قادة الحشد، أواخر أبريل الماضي، بضرب مصالح واشنطن في العراق بل وخارجه، في حال أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع قرار تقسيم العراق، منبهين إلى مساعي أمريكا المحمومة والمستمرة بهدف تأجيج النفس الطائفي.

...

أما مناسبة العودة للحديث عن الحشد الشعبي، فهو ما جرى في مركز الرمادي محافظة الأنبار غربي العراق في الأيام الأخيرة، حيث استطاعت "داعش" اختراق المدينة والسيطرة الكاملة عليها، وتمكن متطرفو التنظيم من التسلل إلى منطقة البو علوان ومنطقة المجمع الحكومى بالمدينة من خلال نهر الفرات، مما اضطر القوات الأمنية إلى التراجع، بالإضافة إلى وصولهم إلى محيط مدينة أبو غريب، وهي الضاحية الغربية للعاصمة بغداد. وهو ما يفرض على كل مهتم بالشأن العراقي ووحدة أراضيها، إعادة النظر في مسألة الحشد الشعبي وكم أن دوره هام ومطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى، وأن أي التفاف على هذه الحقيقة هو في جوهره التفاف على مصلحة العراقيين المهجرين بعشرات الآلاف من محافظاتهم والمقتّلين بالآلاف في الشوارع.

وهو ما دفع مجلس محافظة الأنبار إلى التصويت بالموافقة على دخول قوات الحشد للأنبار، كما طالب شيوخ عشائر مدينة الرمادي، عقب اجتماعهم في منطقة الخالدية بالأنبار، رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالسماح بدخول قوات الحشد الشعبي لمشاركة القوات الأمنية في التصدي لتنظيم (داعش)، حيث قال شيخ عشيرة البوبالي في الأنبار الشيخ أحمد البيلاوي، أنه طالب رئيس الوزراء بدخول الحشد الشعبي الى الانبار قبل تأزم الوضع في المحافظة بمدة طويلة، معتبرًا الاستعانة بالحشد الشعبي أولى من الاستعانة بالدول الخارجية لتحرير مناطقنا من سيطرة داعش، مؤكدًا أنهم ليسوا معنيين بتصريحات السياسيين والشيوخ القابعين في الخارج التي تحاول الاساءة الى الحشد الشعبي.

من جهتهم رحب قادة فصائل الحشد الشعبي بالمشاركة، وبالفعل استقر عدد من فصائل الحشد (ستة تقريبًا) في المعسكرات قرب الحبانية للتحضير من أجل اقتحام مدينة الرمادي وتحريرها، إلا أن قادة الفصائل طلبت من العبادي تعهدًا مبدأيًا بعدم تدخل طيران التحالف الدولي في معركة تحرير الانبار، على غرار ما حصل في تكريت مما أدى الى عدم مشاركة الفصائل المهمه للحشد الشعبي في وقتها، موضحين أنهم غير مستعدين أن يقوم التحالف الدولي بقتل مقاتليهم عن طريق الخطأ ، مثلما جرى في مرات سابقة.

وختامًا.. فنحن أمام واقع يفرض على الجميع التكاتف والتآزر بهدف أن يمر القطر العربي الشقيق من محنته، بأقل الخسائر الممكنة؛ ويوجب على المتابعين للشأن العام إعادة الاعتبار من جديد لنظرية المؤامرة، حتى لا يقعوا أسرى لخطابات إعلامية موجهة تسعى لتفريق الأمة وهدم بنيانها، وتعتمد في عملها على تضخيم تصرفات المتطرفين من كل جانب، وإزكاء نيران الاحتراب الأهلي والتحزب الداخلي كمقدمة للتقسيم.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف