الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

خرابيش 2 بقلم : محمود حسونة

تاريخ النشر : 2015-05-21
خرابيش 2 بقلم : محمود حسونة
خرابيش 2
1- ربيع الحنين في الخريف .
بخطوات حذرة يسير في الدرب الزلق ، يرتقي تلة تطل على قريته ، ينظر إليها ساهما ، الشوق المحروق يتوهج ، رائحة قريته لا تخطئها حاسته المتلهفة ، فيستنشق حتى الثمالة ، سرب حمام يعلو منها مثل دفقة عبير ، بيوتها الدافئة تنشب جذورها في خاصرة الجبل ، يحتضنها بعيونه ، فتتخلله ويتخللها ، يسير في أزقتها ، يحبّ على أيدي أطفالها الذين يصوغون طقوسا جديدة للحرية ، يقبّل تجاعيد الجباه النبيلة برائحتها الحقلية ، يشاركهم عشاءهم زيتونا وزعترا وزيتا و خبز قمح .
تلوّح له بيدها الحنون أن يقبل ، هي ليست بعيدة ، يسير بضع خطوات ، لكنه يُصفع ، يتجمد ، الأسلاك الشائكة تمزق نظراته وخطواته وشوقه ، تضطرب الرؤية ، ويتصقع الجسد ، تصطك أسنانه ويرتد صداها في داخله أسلاكا شائكة وفولاذا ورصاصا ، يلتمع في عينيه ألم صلب ، فيسرح آهاته في المدى البعيد الساكن فتحدث ضجيجا ينفطر لها أقسى القلوب ، وروحه تنحب من هذا القهر ، يخبئ قريته في صدره ويعود جاهدا بثقل وصمت ، بخطوات ذات وقع جنائزي ، وهو يتذكر خطواته التي أبعدته عنها ، والتي لم يعرف معناها إلا فيما بعد ، فيزفر زفرة حارة .

2- كرات اللعب المثقوبة ...
حمل حقيبته الجديدة ، ومشى متعثّرا في خطاه بين الركام و العفر و الأوراق الممزقة ، وكرات اللعب المثقوبة والشظايا والدماء التي تسلقت الجدران ، في مسيرة رعب إلى مدرسته المقصوفة ، محاولا إتقان فن الحياة ، ومدارة جرح ما زال ينزف ، سيعود لدراسة أكاذيب التاريخ ومؤامراته القذرة و الغباءات الخالدة و بطولات مزيفة و انتصارات لم تكن يوما إلا على ورق الكتب الرثة !! عاد ليمارس حقه في الكبرياء و الغرور و النزق و بعض الفرح ، وقف بين جدران مدرسته المكتظة بأسماء وصور الشهداء الأطفال ، والتي سقط اسمه منها صدفة !! تملأ الذكريات قلبه ودماغه و حقيبته .
جلس لصق نافذة فصله القديمة المشرعة على المدى و السحب البعيدة ، سّرح آهاته ، وهو يرقب الخريف القادم كغابة مسكونة بالأسرار من خلف براري الحزن ، دمّع القلم على أوراقه ، فتحولت إلى لوحات عبثية مستفزة في معرض للرسم الدامي فوق جدار لم يسقط ، ظهرت طلاسم من : جماجم و أنقاض و طائرات وأشلاء وقناصة ،
يسدل الستائر و يغلق بالمفتاح باب الماضي المطعون ، فهل تجدي الأقفال مع غدر الزمان ؟ !!

3- دبوس
تكلم عن هموم المواطن بشراهه ، عن الحصار وعن الجدار وعن البطالة المفزعة وعن طوابير الفقراء ، وعن... أدهش الحاضرين وأبكاهم حزنا على الوطن وساكنيه ... شكا وبكى على الشهداء والثكالى والأيتام والأرامل ، بعد ذلك خرج ليعقد صفقة أغذية فاسدة !!!

4- أبوّة
عصافير الصباح تنقش الهواء ، الصباح فضي شتائي ، ما زلت في فراشي نصف نائم، حين دخل أطفالي ، فلم أستطع تحقيق خلوتي المنشودة ، بدؤوا يشاركونني دفء الفراش ، وقد أحاطت وجوههم بي من كل جانب ، حاولت ترتيب كلمات النص الأدبي ، لكنها كانت تتمزق على شفرة أصواتهم و عبثهم ، نهضت بخواطري المشحونة ، ودخلت الغرفة المغلقة ، أمسكت بأصابعي الباردة القلم وبدأت أفرغ خواطري من مخزونها كي تمتلئ من جديد . بدأت الأبوة تفيض أثر انحباس ، فأشعر بدوار ناعم ، صوت ابنتي الصغيرة يسكن أذني وهي تبحث عني ، ورائحة زكية تفوح من صوتها تملأحواسي ، صوتها بطيئ هامس كوزن إيقاعي يهز مشاعري ، صوتها صورة ، صورتها صوت .
هرعت من مكاني وفتحت الباب ، و جثوت على ركبتيّ ، فارتمت في أحضاني وهي تطلق ضحكة صافية كنقش العصافير ، وأظافرها الطرية تخمش رقبتي ، فرُحت أملس على شعرها ، وأمسح ماء دموعها الصافي فأشعر بسحر لا يرى ، سحر لا يمسك ، في الوقت الذي كانت فيه الأوراق تنزلق عن المكتب من نسمة نظيفة .

5- ليل وغيم .
دبّ المساء فينا ، وهبط ضوء القمر بنعومة على سلمه الحريري ، ونشرضوءه برقة ، ونثر ألوانه في المكان فامتلأ المكان بالماء والغمام والصمت والليل والعشب الأخضر والزهور البرية المتعدد الأشكال ، والعطور التي تبعث علي الهذيان ، فاتسعت أعيننا على نحو غريب ، وانتابتنا رغبة في الفرح إلى الأبد ، و الاعتقاد في الخلود .

بقلم : محمود حسونة ( أبو فيصل )
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف