الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

" معبر للنار .. معبر للجنة " ؟!بقلم سليم عوض عيشان ( علاونة )

تاريخ النشر : 2015-05-21
" معبر للنار .. معبر للجنة " ؟!بقلم سليم عوض عيشان ( علاونة )
" معبر للنار .. معبر للجنة " ؟؟!!
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
=================

تنويه لا بد منه :
لا فضل للكاتب .. أو للخيال .. على النص .
------------------------------

... وانطلقت سيارة الإسعاف بسرعة عظيمة .. تطلق " السارينا " .. الزامور المميز لسيارات الإسعاف .. لكي تخلي لها السيارات الأخرى الطريق ، ولتفسح لها المجال للمرور.
السيارة كانت تسابق الريح متجهة نحو الجنوب .. أقصى الجنوب ، حيث " المعبر " ، وهي تحمل المصاب الذي كان يصارع الموت بقوة وعناد غريب ، تماماً مثلما كان يقاوم .. يقارع .. ويصارع العدو اللعين منذ عدة ساعات خلت .
الإصابة التي لحقت بالشاب كانت خطيرة .. بل خطيرة جداً .. بل هي قاتلة .
في المستشفى المحلي في المدينة الكبيرة لم يستطع له الأطباء شيئاً ، ولم يستطيعوا إيقاف زحف الموت إليه ، رغم استبسالهم واستماتتهم في محاولات يائسة للعلاج والإنقاذ بما تيسر لهم من أجهزة وأدوات وعلاجات متواضعة لا تفي بأدنى المتطلبات في ظل حصار رهيب .. قاتل ومميت .
كان من الاستحالة بمكان أن يتم نقل المقاوم الجريح إلى داخل فلسطين المحتلة للعلاج في أحد المستشفيات ذات الإمكانيات العالية والأجهزة الحديثة المتطورة .. ذلك بأن المقاوم مطلوب للعدو بالدرجة الأولى بامتياز ، لما له من صولات وجولات يشهد بها الجميع في مقارعة العدو وإنزال الضربات الموجعة بجنوده أكثر من مرة .
والأمر كذلك ؛ كان لا بد من إرساله إلى الخارج عن طريق " المعبر " للعلاج السريع .. وإجراء العمليات الجراحية المعقدة العديدة اللازمة .. لمحاولة إنقاذ حياته .
... وهذا ما كان ...
سيارة الإسعاف تنطلق وبأقصى سرعة متجهة نحو الجنوب .. نحو " المعبر " ، تمهيداً لعبوره إلى الجانب الآخر من " المعبر " .. ومن ثم إرساله إلى أحد المستشفيات المتخصصة بعلاج مثل هذه الحالة الصعبة .
سائق الإسعاف ؛ ما زال يقبض على المقود بكلتا يديه بقوة وإصرار ، ويضغط على " دواسة " البنزين بكل ما يستطيع .. لكي يصل إلى " المعبر " قبل انتهاء الوقت المحدد للدخول إلى الجانب الآخر من المعبر .
السائق .. وصل أخيراً في الموعد المحدد تماماً ... قبيل إغلاق البوابة الرئيسة للمعبر بثوانٍ قليلة . توقف بسيارته أمام البوابة الحديدية الضخمة .. ينتظر الأمر بالدخول .. بينما راح يجفف عرقه المنهمر من جسده ووجهه بغزارة .. ويلتفت بين الفينة والأخرى إلى المقعد الخلفي .. حيث يتمدد الشاب المصاب.. وحيث يجلس المرافق إلى جانبه .. فيشعر ببعض الطمأنينة المفتعلة .. ثم لا يلبث أن يعود لتجفيف العرق ومتابعة أمر السماح له بالدخول .
اقترب منه حارس البوابة المدجج بالسلاح .. سأله عن أوراقه الشخصية .. وأوراق المصاب والمرافق .. التحويلة الرسمية الصادرة عن دائرة الصحة .. وبقية قائمة الأوراق والمستندات التي لا تنتهي .. فلما اطمأن لوجود كل الأوراق والمستندات المطلوبة ، راح يطمئن السائق بأنه قد وصل بالفعل في الوقت المناسب تماماً .. وراح يطمئن المصاب والمرافق بأن الأمور سوف تكون على خير ما يرام .. وسوف تكون الإجراءات بمنتهى اليسر والسهولة ..
أخبرهم بأنه لن يكون بالإمكان مرور وعبور سوى سيارة واحدة إلى الجانب الآخر .. الجانب الجنوبي .. وبالتأكيد فإن سيارة الإسعاف هذه هي التي سيكون حظها الحتمي بالدخول .
ذهب الحارس نحو البوابة الحديدية الضخمة .. لكي يقوم بفتحها .. تمهيداً لدخول سيارة الإسعاف .. ففتح البوابة على مصراعيها .
أدار السائق مفتاح تشغيل السيارة .. بعد أن تنفس الصعداء .. تأهب للسير .. إلى الأمام لعبور البوابة .
... وقد كان ..
... فلقد انطلقت السيارة بأقصى سرعة ؛ مثيرة زوبعة عظيمة من الغبار والأتربة .. لتعبر البوابة إلى الجانب الآخر .. الجانب الجنوبي .. ولم يلبث حارس البوابة أن قام بإقفال البوابة من جديد .. فبهذا يكون قد انتهى الوقت المحدد لدخول السيارات والأفراد إلى الجانب الآخر .
وما إن انقشعت سحابة الغبار وزوبعة الأتربة قليلاً .. حتى وضحت الأمور بعض الشيء .
لم تكن تلك السيارة التي عبرت البوابة بسرعة الصاروخ عابر القارات .. هي سيارة الإسعاف ؟؟!! .. بل كانت سيارة إحدى شخصيات المجتمع المرموقة !! .. من ذوي الياقات المنشاة .. والأسماء اللامعة .. والمناصب الرفيعة ... والأرصدة الضخمة ؟! .
شلت المفاجأة تفكير سائق سيارة الإسعاف .. الذي تجمد في مكانه خلف المقود .. وعقدت المفاجأة الرهيبة لسانه .. فلم يكن منه إلا أن أطلق " السارينا " .. زامور سيارة الإسعاف .. وكأنه يفرغ شحنات مختزنة من الغضب العارم .. وكأنه يعلن استنكاره للموقف الغريب .. ولعله ينبه حارس البوابة إلى وجوده .
حارس البوابة .. لم يأبه به .. فلقد كان لديه ما يشغله من تفكير ... راح يحادث نفسه همساً :
" لقد ازداد رصيد نصيبي لهذا اليوم كثيراً بعد حصتي الكبيرة من هذه الصفقة الضخمة " ؟؟!!.
أعاد السائق إطلاق " الزامور " بشكل متواصل وبعصبية شديدة .. اقترب منه الحارس .. راح يعنفه ويوبخه لأسلوبه الهمجي ؟؟!! .. راح يفهمه بأن هذه الطريقة التي ينتهجها هي طريقة همجية ولا تمت للحضارة بصلة ؟؟!! .. ألقى على مسامع السائق بموشح .. وبخطبة عصماء حول مفهوم ومبادئ الذوق والأدب والأخلاق وأصول " الإتيكيت " ؟؟!! .
صرخ به السائق من وسط الدموع والعرق وبصوت متحشرج :
- ... الشاب مصاب بإصابات بالغة ... وهو يصارع الموت .. إنه بحاجة ماسة للوصول إلى الجانب الآخر للعلاج .. لمحاولة إنقاذ حياته .. بينما أنت تقوم بإلقاء الخطبة العصماء .. الجوفاء ..
اكفهر وجه الحارس .. ابتسم ابتسامة صفراء مفتعلة .. راح يتمتم :
- الأهم .. فالمهم .. الأهم هو دخول شخصية المجتمع الكبيرة الهامة تلك .. ثم يليه المهم .. وهو دخول مريضك هذا !! .
صرخ السائق بحرقة وألم :
- مستحيل .. مستحيل ... فالشاب المقاوم المصاب هو الأهم .. وقد كان له الأحقية في المرور والدخول ..
تمتم الحارس ببلادة :
- حقاً .. إن ما تقوله صحيح .. هذا هو الصواب .. ولكن هذا كان قبل وصول رجل المجتمع الكبير في الوقت المناسب تماماً .. وقبل إغلاق البوابة نهائياً .. وبوصوله فقدت يا عزيزي حقك في الأولوية .. وأصبح حق الأولوية للشخصية المجتمعية البارزة !!
صرخ السائق بحدة وانفعال وبصوت تخنقه العبرات :
- أي حق هذا الذي تدعيه يا رجل ؟؟!! .. أي منطق فلسفي مقلوب هذا الذي تدعيه ؟؟!! .
تمتم الحارس بهدوء مصطنع :
- كل ما عليك الآن ... هو أن تعود أدراجك من حيث أتيت .. وعليك العودة إلى هنا في الأسبوع القادم .. أو الذي يليه .. الشهر القادم .. أو الذي يليه .. عندما تسمع في الأخبار بأن " المعبر " قد أعيد فتحه مرة أخرى ... وعليك أن تحاول الوصول إلى هنا في المرة القادمة في الموعد المحدد !!! .
صرخ السائق بجنون :
- الأسبوع القادم ؟؟!! .. الشهر القادم ؟؟!! ياله من جنون .. الشاب يصارع الموت .. هو كان يقاوم من أجلي .. من أجلك .. من أجلنا جميعاً .. من أجل الوطن .. من أجل الحرية .. أيكون هذا هو الجزاء ؟؟!! .. هذا حرام .. حرام .. حرام ..
نهره الحارس من جديد .. راح يدمدم :
- لا داعي للخطب العصماء .. ولا داعي للفلسفة العقيمة العجفاء .. عليك الآن العودة بالمريض .. والانتظار .
صرخ السائق بكل ما تبقى به من قوة .. ومن صوت مبحوح :
- حسبنا الله ونعم الوكيل .. حسبنا الله ونعم الوكيل .. حسبنا الله ونعم الوكيل .
* * *
في الجانب الآخر .. الجانب الجنوبي للمعبر .. كان سيادة الشخصية المجتمعية الهامة وثلة المرافقين يعبرون المعبر بكل سهولة ويسر ..
أحد المرافقين المقربين من سيادته .. أخرج أحد أجهزة المحمول الحديثة العديدة التي تمنطق بها حول خاصرتيه .. راح يمرر أصابعه على أزرار جهاز المحمول .. راح يبتسم ابتسامة عريضة وهو يحادث أحداً ما على الجانب الآخر من المحادثة :
- ها قد وصلنا برفقة سيادته .. عليك بإرسال السيارة الحديثة .. آخر موديل .. إلى المعبر الآن على وجه السرعة لنقل سيادته .. وعليكم تجهيز الجناح الفخم الخاص بسيادته وبالحاشية .. وإياك أن تنسى التوصية على الفتيات الشقراوات ، وأن يكن على أهبة الاستعداد لاستقبال سيادته الاستقبال اللائق ؟؟!! .. وإياك أن تهمل تجهيز بركة السباحة .. وتجهيزها بالأسماك الآدمية لسيادته !! .. ولا تنس الإعداد الجيد لحفل الليلة الراقص .. ودعوة جميلات المدينة لاستقبال سيادته .. ولا تنس دعوة الجميع لحفل العشاء الساهر .. و .. و .. و ...
* * *
في الجانب الشمالي من " المعبر " .. حيث كان يتواجد سائق سيارة الإسعاف .. كان السائق يخرج جهازه المحمول الرديء المتآكل المهشم ... راح يمرر أصابعه على الأزرار بعصبية .. يحشرج بصوت واهٍ محطم تخنقه العبرات وهو يحادث أحداً ما على الجانب الآخر من المحادثة الهاتفية :
- عليكم التجهيز والاستعداد ... لاستقبال الشهيد ؟؟!!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف