ديكور الأنا... بقلم / عباس مسالمة
من مكتبه رفع سماعة الهاتف، ليتصل بموظفة في الجامعة لأمر خاصته، استفتح مكالمته معرفاً بنفسه، أنا فلان .. يقول: تعاملت معي الموظفة كأي متصل آخر، مستهترةً غير عابئة بشأني، أعدت التعريف بنفسي، أنا الدكتور فلان من كلية الطب، أبدت موقفها المحرج وتغيرت لهجتها معبرةً عن اعتذارها المنافق ثم قضت له حاجته ..
أستاذ في كلية ما يحدثني، لنا زملاء يستشيطون غضباً إن ناديتهم بأسمائهم دون لقبهم. لا تعري أسماءهم، إن ناديته باسمه المجرد فقد أسقطت ما على اسمه من لباس وبانت عورته ..
مريض آخر جاء إلى عيادة طبيب يسعى، كان المريض من نفس عائلة الطبيب وبينهم صلة توصلهم ببعضهم، رفض الحديث معه لأنه ناداه باسمه المجرد من منطلق القرابة والمعرفة الشخصية به .. عن أي علم تتحدثون؟
اللقب يا سادتي لا يعبر عن أي احترام أو تقدير، بل يشي بعظمة جنونية يريد الفرد أن يضفيها على شخصيته، ما شأنك وشأن الناس، لا تملي عليهم بماذا يسموك، إن نادوك بلقب ما، فهذا شأنهم حتى لو لم تكن تستحقه، أما أن تجعل اللقب هدفاً لك ترنو إليه، إن كنت طالباً، أو طبيباً، أو أستاذاً، أو غيره .. فهذا ضِرب من النفاق الذاتي يؤول إلى مهزلة اجتماعية. وما يثير الريبة أن بعضهم يصر على لقب قد تجرد منه، كأن يكتب مدير سابق، فبعض التعريفات المتبوعة بـ "سابق" تبدو وكأنها محاصرة لصاحبها في دائرة الماضي، وحكم عليه بـ "المؤبد" كما وضح د. سلمان العودة في مقاله.
الدكتور وائل مصطفى، الأستاذ في علم النفس الإكلنيكي، يعبر عن رأيه في هذا المسألة مختصراً كنه حقيقة ذلك النفس في كلمتين "النقص فالتعويض"، مضيفاً إلى هدف حب الظهور والاستعلاء والتعالي لابراز الذات بصرف النظر عن كينونتها ومكانتها.
كن أنت كما أنت، عالماً ربانياً دون ديكور وإضافات تزينك، أضف لذاتك العلم والعلوم دون اعتبار اللقب المسموم، فالألقاب حبوب نتعاطاها لتمسين ذواتنا كما قال د. أحمد الصقر، فإن طلبتها لذاتك، تأكد أن هدفك هو تسمين ذاتك ليس إلا، لا تجاملوا أنفسكم باعتبار الألقاب نوعاً من الاحترام، من يحترمك يحترمك لذاتك وليس لللقب الذي تحمله، أثْروا هذه الثقافة في المجتمع لنكون نحن بذواتنا وتواضعنا دون مجاملات ونفاق ديكوري.
من المؤلم حقاً أن ترى أساتذة وعلماء أفذاذ في جامعات الغرب يتعاملون بعفويتهم وإنسانيتهم مع طلابهم، يحتسون القهوة بصداقة الذات لبعضها دون حدود فوقية وموانع لَقَبِية، بينما ترى الغرور والإستعلاء ينخر نفوس طلابنا وأساتذتنا، يحسبه الظمآن ماء وما هو إلا سراب بِقيعة، ذلك ينجب الاستبداد الأكاديمي الذي يؤول لانتاج طلاب يرنون إلى ما كان يرنو إليه أستاذهم، هي ثقافة نبنيها بفكرنا وعلمنا ليس إلا.
لا تجعل من اسمك فعلاً ناقصاً يحتاج لديكور يكمله ويجمِّله، فما أجمل المتعلم بتواضعه وعلمه، بعيداً عن الإدعاء والتضخيم المزور... لا تجاملني ولا تتكلم معي بعاطفتك، دع عقلك يتكلم دون نفاق وتعالي، ينبغي لنا أن لا نتعلق بالشَّكليات وزُخْرف الألقاب فنقيّم الناس على حسب ألقابهم، فالعبرة بجوهر الإنسان ومعناه لا بزخرف لفظه ومبناه، فأنا هو.. أنا دون ديكور وزخرفة.
من مكتبه رفع سماعة الهاتف، ليتصل بموظفة في الجامعة لأمر خاصته، استفتح مكالمته معرفاً بنفسه، أنا فلان .. يقول: تعاملت معي الموظفة كأي متصل آخر، مستهترةً غير عابئة بشأني، أعدت التعريف بنفسي، أنا الدكتور فلان من كلية الطب، أبدت موقفها المحرج وتغيرت لهجتها معبرةً عن اعتذارها المنافق ثم قضت له حاجته ..
أستاذ في كلية ما يحدثني، لنا زملاء يستشيطون غضباً إن ناديتهم بأسمائهم دون لقبهم. لا تعري أسماءهم، إن ناديته باسمه المجرد فقد أسقطت ما على اسمه من لباس وبانت عورته ..
مريض آخر جاء إلى عيادة طبيب يسعى، كان المريض من نفس عائلة الطبيب وبينهم صلة توصلهم ببعضهم، رفض الحديث معه لأنه ناداه باسمه المجرد من منطلق القرابة والمعرفة الشخصية به .. عن أي علم تتحدثون؟
اللقب يا سادتي لا يعبر عن أي احترام أو تقدير، بل يشي بعظمة جنونية يريد الفرد أن يضفيها على شخصيته، ما شأنك وشأن الناس، لا تملي عليهم بماذا يسموك، إن نادوك بلقب ما، فهذا شأنهم حتى لو لم تكن تستحقه، أما أن تجعل اللقب هدفاً لك ترنو إليه، إن كنت طالباً، أو طبيباً، أو أستاذاً، أو غيره .. فهذا ضِرب من النفاق الذاتي يؤول إلى مهزلة اجتماعية. وما يثير الريبة أن بعضهم يصر على لقب قد تجرد منه، كأن يكتب مدير سابق، فبعض التعريفات المتبوعة بـ "سابق" تبدو وكأنها محاصرة لصاحبها في دائرة الماضي، وحكم عليه بـ "المؤبد" كما وضح د. سلمان العودة في مقاله.
الدكتور وائل مصطفى، الأستاذ في علم النفس الإكلنيكي، يعبر عن رأيه في هذا المسألة مختصراً كنه حقيقة ذلك النفس في كلمتين "النقص فالتعويض"، مضيفاً إلى هدف حب الظهور والاستعلاء والتعالي لابراز الذات بصرف النظر عن كينونتها ومكانتها.
كن أنت كما أنت، عالماً ربانياً دون ديكور وإضافات تزينك، أضف لذاتك العلم والعلوم دون اعتبار اللقب المسموم، فالألقاب حبوب نتعاطاها لتمسين ذواتنا كما قال د. أحمد الصقر، فإن طلبتها لذاتك، تأكد أن هدفك هو تسمين ذاتك ليس إلا، لا تجاملوا أنفسكم باعتبار الألقاب نوعاً من الاحترام، من يحترمك يحترمك لذاتك وليس لللقب الذي تحمله، أثْروا هذه الثقافة في المجتمع لنكون نحن بذواتنا وتواضعنا دون مجاملات ونفاق ديكوري.
من المؤلم حقاً أن ترى أساتذة وعلماء أفذاذ في جامعات الغرب يتعاملون بعفويتهم وإنسانيتهم مع طلابهم، يحتسون القهوة بصداقة الذات لبعضها دون حدود فوقية وموانع لَقَبِية، بينما ترى الغرور والإستعلاء ينخر نفوس طلابنا وأساتذتنا، يحسبه الظمآن ماء وما هو إلا سراب بِقيعة، ذلك ينجب الاستبداد الأكاديمي الذي يؤول لانتاج طلاب يرنون إلى ما كان يرنو إليه أستاذهم، هي ثقافة نبنيها بفكرنا وعلمنا ليس إلا.
لا تجعل من اسمك فعلاً ناقصاً يحتاج لديكور يكمله ويجمِّله، فما أجمل المتعلم بتواضعه وعلمه، بعيداً عن الإدعاء والتضخيم المزور... لا تجاملني ولا تتكلم معي بعاطفتك، دع عقلك يتكلم دون نفاق وتعالي، ينبغي لنا أن لا نتعلق بالشَّكليات وزُخْرف الألقاب فنقيّم الناس على حسب ألقابهم، فالعبرة بجوهر الإنسان ومعناه لا بزخرف لفظه ومبناه، فأنا هو.. أنا دون ديكور وزخرفة.