الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المدرسة الفنلندية ... نموذجٌ يحتذى به بقلـم نازك الحلبي يحيى

تاريخ النشر : 2015-05-05
المدرسة الفنلندية ... نموذجٌ يحتذى به  بقلـم نازك الحلبي يحيى
المدرسـة الفنلنديّـة.. نمـوذجٌ يحتذى بـه
بقلـم نازك الحلبي يحيى

إذا أردتَ أن تعـرفَ شعبـاً إذهـبْ الى مدارسـه. فالمدرسـة هي وليُّ أمـرِ المجتمع ، يوليهـا أمـرَ أولاده ويملّكُهم زمـامَ أمورِ تنشئتِهـم ومـا يـؤدّي الى صلاحهـم. وأطفـالُ اليـوم هـم مستقبـل الغـد ، منهـم يولـد المفكّـرون والقـادة والأدبـاء والعلمـاء ، وبهم نصنـعُ لُبنـةَ مستقبـلٍ زاهـرٍ نرسمـه كمـا نريـد، نختاره بأيدينـا وأفكارنـا لنحـقّـقَ مستـوىً متطـوّراً في النّهضـة والمعرفـة.
إنّ أيّـة محاولـة تقـدّم لن يُكتـبَ لهـا النجـاح مـا لـم تبـدأ بتغييـر جـذري في أسـاس وركيـزة المجتمـع ألا وهـي التربيـة والتعليـم .
في هـذا المجـال يترتّـب اليوم على القيّميـن مسؤولية ابتكـار وإيجـاد حلـولٍ أو استيـراد نمـاذجَ مناسبـةٍ يمكـن ملاءمتهـا أو دمجهـا بمـا لدينا من برامج وعـدم الخـوف من خطـوة التغييـر والثـورة على أنمـاط قديمـة تحجّـرت وجمّـدت معهـا إمكانيّـة التقـدّم والتنميـة.
فنلنـدا ، إحـدى أقـل دول الإتّحـاد الأوروبّـي من حيـث عـدد السكـان ، خاضـت منـذ الثمانينـات تجربـة تعليميّـة فريـدة ومتقدّمـة جعلتهـا تتبـوأ اليوم مركـز أفضل أنظمـة التعليـم العـام في العالـم وفـق دراسـات قامـت بهـا مؤسّسـات دوليّـة في مقدمتهـا تصنيـف البرنامـج الدولـي للتقييـم الطلاّبـي "PISA" ومؤشـرات الأمـم المتّحـدة للتنميـة ، وتحوّلـت هذه الدولـة الصغيـرة مـن دولـة مصـدّرة للأخشـاب الى دولـة رائـدة في التعليـم.
تعتمـد الهيكيلية التعليمية في فنلنـدا على تحديثـات تلغـي النمـط القديـم الذي كـان قائمـاً على التلقيـن والحشـو والمنافسـة والضغـط المسبّـب لإرهـاق التلميـذ والمعلّـم والأهـل على السـواء.
يعـزّز هـذا النظـام مبـدأ اللامركزية والمجّانيّة في التعليـم ، ينمّـي قيـم المساواة والإبـداع والبحـث والتعلّـم بالتجربـة والتدريـب العملـي واللعب والتسليـة والإكتشـاف .المناهـج تختلـف بين مدرسـة وأخرى بل قـد تختلـف من طالـب الى آخر وفـق خياراته ، قدراتـه، مواهبـه وميولـه الشخصيّة ومتابعته من قبل مختصين لتنميـة قدراته العقليـة والنفسية والجسدية.
يلتحـق الطفـل بالتعليـم الأسـاسي في سن السابعـة بعـد أن يكـون قـد أتـمّ مرحلـة ، ليسـت إلزاميّـة ، وتُعـرف باسـم التعليـم المبكّـر للأطفـال والرّعايـة الصباحيّـة . الـدوام المدرسـي مـرنٌ ومريح جداً للتلميذ والمعلمـة، ثلاثُ او أربع حصص يوميـاً بينها فترات من الراحـة تبدأ عنـد الساعـة التاسعـة أو التاسعـة والنصـف وتنتهي عند الثانية والنصف أو الثالثة. تتابـع المعلّمة تلميذهـا لمدة سبع سنوات ممّا يجعله يعتـاد على التعامـل معهـا ويرتـاح لهـا وبالتالي تصبح هي أكثر معرفـة بشخصيتـه ومتطلباتـه وحاجاتـه التربويـة للسنـة القادمـة.
تهتـم إدارة المدرسـة باختيـار المدرّسيـن الذين يتمتّعـون بمؤهـلات عاليـة بحيـث يُمنـع دخـول مجـال التدريـس لمـن هـم أقـل من حملـة الماجستيـر. لكن نسبة الذكاء والتعلّـم لا تكفـي فهم يخضعـون لمقابلات وفحوصات الشخصية ولإختبارات نفسيـة تحـدّد كفاءتهم ، موهبتهم ، شغفهـم وأهليتهم للتعليم والتعامل مع الطلاب ولذلـك فهم يُعطـون الثقـة، الحريّـة والصلاحيّـة في اختيـار طرق التدريـس ويُحظـون بتقديـرٍ مالـي ومعنـويّ مجتمعـي كبيـر إذ تأتـي رواتبهـم ضمـن الشريحـة العليـا للرواتـب .
مع هـذا النموذج الفعّـال تحـوَّل التعليـم في أذهـان التلامـذة مـن تلقـين وإصـلاح ورهـاب مستمـرّ من الإمتحانـات الى فـرحٍ ومتعـة يقضيهـا الطالـب بيـن أنشطـة رياضيـة وفنّيّـة وعمليّـة ممتعـة تعتمـد نظـاماً تقييميّـاً لا يرتّب الطـلاب ولا يصنّفهـم حسب تفوّقهـم ممـا يمنـع المنافسـة أو المفاضلـة أو المقارنـة المؤذيـة ويعلـي روح التعـاون بينهم . ولأن التلميذ لا يُلـزَم بامتحانات حتى سن السادسة عشرة فذلك يعطيه ومعلمتـه القـدرة على التحـرك بحريـة خلال العام الدراسي دون ضغوط عقيمـة .
يبقـى أن نجـاحَ هـذه التجربـة قائـمٌ على الثقـة ومرتبـطٌ بالتأكيـد بثقافـة البلـد وأهـداف السلطـة الموثوقـة فيـه، وبإرادة الشعـب الذي يُقـدّر ويحتـرم دور التعليـم والمعلميـن وينتهـج ثقافـةً حقيقيّـة ونمـطَ تفكيـرٍ متقـدّم جعـل مـن التعليـم أولويّـة وركيـزة لمستقبـلٍ أفضـل .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف