الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في كتاب الدكتور علاء أبو عامر فك الشيفرة التوراتية بقلم:أحمد غنيم

تاريخ النشر : 2015-05-04
قراءة في كتاب الدكتور علاء أبو عامر فك الشيفرة التوراتية

أحمد غنيم

كاتب وباحث

سوف أتناول الكتاب من أربعة محاور

أولا: الكاتب

ثانياً:  أهمية الكتاب

ثالثاً: المنهج

رابعاً: المضمون

1- الكاتب

علاء أبو عامر كاتب يحمل درجة الدكتوراة في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، له العديد من المؤلفات،  يتحدث أكثر من لغة منها العربية والروسية، وهو يعمل دبلوماسياً في الخارجية الفلسطينية الأمر الذي أتاح له الإطلاع على ثقافات متعددة والإطلال على موضوعه من واقع لغات مختلفة، خاصة ترجمات التوراة وكتابيّ العهد القديم والجديد، والأهم من ذلك أنه كاتب واسع الإطلاع يمتلك نزعة الباحث النبيه الذي يشتق فرضياته من واقع ظواهر تبدو عادية للكثيرين، فكم واحد رأى التفاحة تسقط إلى الأرض قبل نيوتن، من منهم امتلك نباهة الباحث النبية ليسأل لماذا تسقط إلى أسفل ، كم واحد قرأ سورة البقرة  من القرآن الكريم أو اطلع على تناول التوراة لموضوع تلك البقرة، كم من الباحث ومن أناس العاديين سأل لماذا كل هذا الجدل حول ذبحها...؟

 الدكتور علاء كاتب يمتلك جذوة المفكر الذي لا يمر على الأشياء والموضوعات مرور المُطَلع أو القارئ العادي بل يُعمل العقل فيما يرى ويسمع أو يقرأ، يغوص في أعماق النص،  يفحص ويُدقق ويُحلل ويبني رؤيته مثل معماري ماهر.

 ما بين أيدينا ليس عملاً بحثياً فحسب بل هو عمل فكري عميق، احتاج إلى جهد ومثابرة وتفكير عميق،  تخطى عقل المفكر أو الباحث العادي،  ليتقدم إلى مستوى المفكر المتقد الجريء،  ذو النزعة القومية العالية التي تجاهد لتحفظ خط الحياد الذي يحتاجه البحث العلمي، ربما بالغ الدكتور علاء في جرأته الفكرية أحياناً،  ربما قفز بسرعة إلى استنتاجات أطاحت بالتقليدي والعادي والرتيب بينما كانت تتطلب مزيداً من التأني والتأمل،  ربما أطال الحديث حيث يجب الإختصار واختصر حيث يجب التوسع  ، لكن ذلك لم يخل بموضوعية العمل، وللقارئ أن لا يفاجئ من قدرات الدكتور علاء ككاتب يمتلك إبداع الروائي الذي يخدم رؤيته ويبني لفرضياته بناء درامياً شيقاً .

2-أهمية الكتاب

تأتي أهمية الكتاب من كونه يستعيد بشكل إستردادي،  الرواية التاريخية للتوراة ويعيد موضعة الدول والقوميات والشعوب ويضعها ضمن سياق تاريخي مختلف عن ما هو معهود من مكانها ودورها في التاريخ ، وهذا جوهر المنهج التاريخي الإستردادي حيث، أن التاريخ الرصدي الذي يتناول سرد الأحداث التاريخية قد شابه الكتير من الإنحراف عن الحقيقة لأسباب كثيرة أتناولها عند تناولي منهج الكتاب، خاصة فيما يتعلق بتاريخ بني إسرائيل أو الجغرافيا التوراتية، التي أعتبرت لسنوات طويلة المرجع الأول للتاريخ حتى قهرتها الإكتشافات الأثرية لتنقلها من واقع الحقائق التاريخية إلى فضاء الأساطير.  

ما قام به الدكتور علاء أبو عامر في هذا الكتاب هو إعادة صياغة للرواية التاريخية للتوراة، والتي عززت الحقائق العلمية وفتحت أسئلة جديدة سيكون لمزيد من البحث والدراسة أن تكشف المزيد من ضلال الرواية التاريخية التي صاغها كُتاب التوراة على مدى ثلاثين جيل بحوالي 1200 عام، بعد أن ضاعت أسفار سيدنا موسى عليه السلام أثناء السبي البابلي.

3-في المنهج

الدكتور علاء أبو عامر في كتابه فك الشيفرة التوراتية "أحداث التوراة في نطاق التاريخ الحقيقي للشرق العربي" والذي أخذ 12 سنة من البحث، وضع كتابه على خمسة عشر فصلاً في 448 صفحة من الحجم الكبير.

استخدم الباحث منهج الإسترداد التاريخي بشكل أساسي، وهو المنهج الذي يستهدف استعادة حقيقة ما جرى من أحداث، " هنا في هذا البحث أحداث متعلقة بالتوراة، "   مستنداً إلى أسلوب ومنهجية تحليل النص التوراتي بالإستعراض والنقد والتفكيك وإعادة التركيب للفكرة والحدث.

الدكتور علاء لم ينتهج بقصد أو دون ذلك، منهج المؤرخ الراصد بل وعلى طريقة عالم التاريخ الذي يعمل على تصحيح التاريخ وغربلته مما علق به أو ما شابه من تغير، شق الدكتور علاء طريقه داخل نصوص العهد القديم ودهاليزه المعتمة التي تاه داخلها الكثير من الباحثين ودروبه الوعرة  التي تعثر فيها كبار علماء التاريخ قبل أن توفر لهم الاكتشافات الأثرية الحقائق المادية الصادمة التي دفعتهم لإعادة التفكير بما كتبوا عن تاريخ التوراة وشعبها.

في هذا العمل أعاد الدكتور علاء صياغة تاريخ التوراة وشعبها بشكل جديد، متكئاً على مجموعة كبيرة من الابحاث التي سبقت هذا الكتاب الفكري المميز مفرقاً بين ثلاثة أنواع من المؤرخين:

المؤرخ وهو راصد الأحداث الذي يعبر فيها بالتسلسل والاسترسال، والمؤرخ العالم الذي يعيد فحص وتدقيق وإعادة تركيب الأحداث وضبطها ضمن الزمن والمكان، والمؤرخ الفيلسوف الذي يُعنى بتحليل الواقع والأحداث الصحيحة ويتناولها في سياق بيئتها الفكرية والاجتماعية وفي دينامية أثرها وتأثرها ضمن زمنها وعالمها .

وعلى الرغم من وعي الدكتور علاء لمتطلبات أداته البحثية إلا أن عمله من الناحية المنهجية لم يخلو من هفوة هنا أوهناك، فعلى سبيل المثال

-       كان على الدكتور علاء أن يحدد بدقة الفترة التاريخية التي سوف يتناولها، فرغم إشارته أحياناً إلى الفترة الممتدة بين القرن العشرين قبل الميلاد إلى القرن الخامس عشر، إلا أن تلك الفترة لم تحدد تماماً كإطار زمني للدراسة،  ، الأمر الذي أضعف وحدة الإطار الزمني، واذا ما لاحظنا أن التوراة تعتمد عملية التحريك والإزاحة لعنصر الزمن بهدف تجليس الرواية التوراتية على مقعد الحقبة التاريخية الملائمة للنص الموضوع، ندرك أهمية تحديد الزمن منهجياً لتستوي الرواية في سياق مكانها وزمانها الحقيقيين.

-       إنتقائية النص المبحوث، تناول الدكتور علاء نصوصه من أسفار التوراة دون تحديد وبشكل إنتقائي يخدم فكرة الباحث، الأمر الذي غيّب وأخلّ بمبدأ وحدة النص  .

-       البناء الروائي في خدمة الفرضية ، ربما استهوت الفكرة الدكتور علاء فقام بخدمة فرضياته ببناء درامي

-       القفز إلى الاستنتاجات أحياناً ووضعها في إطار الحقيقية بينما هي في الحقيقة قد لا تتعدى في الكثير من الأحيان الاحتمال.

-        

4-المضمون

على طريق مجموعة كبيرة من الباحثين، أمثال سيد القمني، وأحمد داود ، وكمال الصليبي،  وأرثر كوستلر،  وشلومو ساند،  وروجيه جارودي،  وجان استروك،  ورتشارد سيمون،  وغيرهم ، تقدم الدكتور علاء أبو عامر إلى دهاليز النص التوراتي التي شغلت الكثير من الباحثين، على مدى سنوات طويلة، خاصة مع تكشف معارضتها للاكتشافات الاثرية، من ألواح تل العمارنة إلى النصوص على فخار الرقيم في اغاريت إلى غيرها الكثير من الاكتشافات .

  بدأ الدكتور علاء بمدخل حوالي ثلاثة وثلاثين صفحة، لكتابه الذي قسمه إلى خمسة عشرة جزءاً، عرض خلال المدخل فكرة الكتاب التي تقوم على أن التوراة عبارة عن مادة تاريحية كتبت خلال عصور عديدة، ومن قبل كُتاب مختلفين وفي أزمان مختلفة، ومؤكداً أن هذه التوراة التي بين ايدينا ليست توراة موسى تلك التي ضاعت بأسفارها الخمسة قبل وأثناء السبي في بابل، واستعرض الدكتور علاء في المدخل موقف علم الآثار من العهد القديم وتناول في ذلك أقوال مؤرخين مثل البروفيسور زئيف هيرتسوغ استاذ علم الآثار في الجامعة العبرية الذي كتب مقال تحت عنوان "لا يمكن اختلاق العهد القديم على الأرض" ، كان جوهرة أنه لا يمكن تجسيد أحداث التوراة على أرض الواقع من الناحية التاريخية

كذلك إسرائيل فنكلشتاين، وريتشارد سيمون اللذين تحدثا عن فوضى الروايات في التوراة،  وجاك استروك الذي اكتشف أن  النص التوراتي ينتمي لمصدرين،  الأول الإلوهيمي من اسم الاله إيل والثاني اليهوي من اسم الاله يهوه، وهناك مجموعة أخرى لا تنتمي للمصدرين المذكورين، بمعنى أن جذور الفكرة الإلهية في التوراة ليست واحدة.

ثم حدد الدكتور علاء في المدخل أن اليهود الحاليين قوقازي الأصل ينتمون إلى جمهورية الخزر، التي نشأت في القوقاز بين إمبراطوريتين إحدهما اسلامية والأخرى مسيحية، وهذا الأمر كان قد تناوله سابقاً الباحث آرثر كوستلر وكان جوهره الفكرة يدور حول اليهودية كقومية أو دين.

وجاء الباحث إسرائيل شاحك ليبرز جذور  الوثنية في الديانة اليهودية،  فيعتبر أن الإيمان بإله واحد اندثر بانتشار الصوفية اليهودية (الكابلاة، القبالة) التي تقول أن الكون يحكم بعدة آلهة  لها شخصياتها، وهي الأله الذكر وهو الحكمة أو الأب ثم إلهة أنثى وهي المعرفة أو الأم،  ومن زواجهما ولد إله أصغر هو الابن أو "والوجه الصغير "المثرثون والسيدة أو " ماثرونيت "  أو شخينه وكانت مكائد الشيطان تمنع الزواج بين الآلهة والشخينه.

فك الشيفرة التوراتية

ما هي الأكتشافات الجديدة التي جاء بها الدكتور علاء أبو عامر، وكيف فكك الشيفرة التوراتية، هذا هو جوهر المهمة التي أخذت من الدكتور علاء تلك السنوات الطويلة من البحث والتدقيق والسفر والترحال، والتي ارتكزت إلى دراسة المجموعة البشرية التي تحدث عنها سفر الخروج، بإعتبارها شعب موسى، ومن خلال ملاحظة نبيهة حول مسألة الجوع الذي عصفت بتلك المجموعة البشرية رغم أنها خرجت إلى الصحراء مع ماشيتها وأبقارها، وعندما عزم سيدنا موسى على ذبح بقرة بعد أن قتل أحد أفراد المجموعة أحداً أخراً، ونعرف جميعاً أن موضوع البقرة تلك قد تناولته الكتب المقدسة التوراة والقرآن الكريم، غير أن الدكتور علاء اكتشف  أن تلك المجموعة البشرية التي تحدث عنها سفر الخروج،  لم تكن  مجموعة واحدة ، بل هي مجموعتين تنتميان لعرقين مختلفين وديانتين مختلفتين أيضاً ، الأولى عربية تدين باسلام  موسى والثانية وثنية هندوسية حورية.

 
الاكتشاف الأول:

في الكتاب اكتشف الدكتور علاء أن شعب التوراة هو شعبين أو أمتين تنتميان إلى عرقين مختلفين.

1.   الأولى ، بنى إسرائيل ساميين عرب كنعانين ويتكلمون اللغة العربية، موحدين على اسلام موسى وإبراهيم  

2.    الثانية حورية هندوسية وثنية، آرية  تتكلم اللغة الحورية القديمة.

كلتا الأمتين اجتمعتا في منطقة واحدة، مصر التي كانت مصرين، مصر الفرعونية ومصر المعينية، وتوحد العرقان أو الجماعتان بعد أن فرتا من مصر بعد عهد أخناتون الذي كان فرعون حوريا، وشكلت مسألة الحوريين مرتكزاً أساسياً في فكرة الكتاب حيث تناول الدكتور علاء دولتهم في شرق الأناضول بما يشمل وجودهم في فلسطين الذي اعتقد أنه يحتاج إلى مزيد من التدقيق، فهل كان هذا الوجود في فلسطين امتداد لدولتهم داخل فلسطين أم كان وجوداً اجتماعياً في بعض المناطق، ومع إشارة الدكتور أبو عامر إلى أن عبد خيبا أو عبد هيبا هو أحد ملوكهم وكان والياً أو عاملاً لفرعون مصر على فلسطين حين كانت فلسطين تتبع مصر الفرعونية،  وهذا ثابت في مراسلات تل العمارنة.


الإكتشاف الثاني

هناك جدل واسع حول شخصية سيدنا إبراهيم عليه السلام من الناحية التاريخية، حيث لا يوجد أي دليل من علوم الأثار لغاية اليوم تفيد بوجود أو زمن سيدنا إبراهيم ، وقد منحت شخصيته ورحلاته وديانته الحنيفية الأسلامية العالم فكرة التوحيد بمضمونها الروحي والفكري والقيمي ، وقد دقق الدكتور علاء في نصوص التوراة ليكتشف أن ابراهيم الذي تتحدث عنه التوراة ليس شخصية واحدة بل هما شخصيتين، الأولى ابراهيم العربي الذي ينتمي إلى قبيلة ثمود العربية بينما الثانية وفق سفر التكوين هو أبرام الذي أتى من شرق الأناضول

مكان ميلاد سيدنا ابراهيم: ويظهر الأختلاف في التوراة حول مكان ميلاد سيدنا ابراهيم فمرة هو من  أور الكلدان، آرام النهرين، حاران، فدان آرام.

فهل كان سيدنا ابراهيم أرامياً أم حراني؟ الحل: يقدم الدكتور علاء اكتشافه من التوراة نفسها  "وهرب يعقوب إلى صحراء آرام وقدم إسرائيل لأجل امرأة ولأجل إمراة رعى"، وهذا يعني أن ابراهيم من الصحراء عربي بينما أبرام الذي تغرب هو حوريا من حاران.

تحول الاسم من أبرام إلى إبرهيم، جاء وفق نص التوراة بعد جدل بين الله وسيدنا إبراهيم كما تقول التوراة إثر عزم الله على تدمير سدوم وعموره، ومطالبة سيدنا ابراهيم عدم إهلاكها وفيها بعض الصالحين،  الاستنتاج من قبل الدكتور علاء ان تحول اسم ابرام إلى إبراهيم لأن إبراهيم تعني أب رحيم يبقى استنتاجا احتماليا من باب ما يسمى الأشتقاق اللغوي الشعبي  وليس العلمي  وهذا يبقي مسألة الشخصيتين بحاجة لمزيد من التدقيق. 

تناول الدكتور علاء على نفس طريقة الاشتقاق الشعبي، مصادر أسماء زوجات وأبناء إبراهيم بإطالة لا داعي لها  من أجل تأكيد فكرة العرقين والشخصيتين .

قوى العالم القديم

من الإشكالات التي سببتها التوراة في روايتها للتاريخ هوى ما ورد في احداثها عن شعوب العالم القديم وشعوب منطقة الشرق الأدنى، حتى بلغ الأمر إلى حد الفوضى وقد تناول الدكتور علاء بمهارة هذا الموضوع وأعاد موضعة شعوب العالم والمنطقة ضمن حيزها المكاني والزماني، بعد أن ضيعتها الجغرافية التوراتية، وباعتقادي كان على الدكتور علاء أن يبدأ كتابه في فصله الأول بهذا الموضوع،  لإظهار أن الجغرافيا التوراتية تعتمد على الأزحات في التاريخ لسنوات إلى ألأمام أو إلى الخلف ضمن محاولة وضع أحداث التوراة في سياق ما  يناسبها من الأقوام والممالك وفقاً لما يسمى الخلفية المكانية للأحداث، ومع أن الدكتور علاء أجاد التعامل مع هذه المسألة  الشائكة إلا أنها تبقى واحدة من المسائل الكبرى التي تحتاج إلى مزيد من الأبحاث وفق المنهج الإستردادي لوضع تلك الأمم والشعوب ضمن مكانها الحقيقي وتحرير التاريخ من كثير من الأساطير والانحرافات  التي شابته، وهو أمر سيبقى حقلا دائما للبحث  والتدقيق، واعتقد أن أهم ما جاء في هذا الأطار هو ما توصل إليه الدكتور علاء حول إنتماء ومكانة   الهكسوس في التاريخ وهو أمر سوف يثير الكثير من النقاش.

 
الاكتشاف الثالث هوية الهكسوس

هوية الهكسوس ودورهم ومكانتهم في التاريخ ما زال يحيطها الكثير من الغموض، وقد استعرض الدكتور علاء هذه المسألة بكثير من  الإثارة والتشويق، خاصة أنه اعتبرهم عرب حجازين  مكانة ودور الهكسوس في التاريخ،  فهم الأشوريين والحميريين هم من حجازي مكة تحديداً، وربما يعتبر حسمه بشكل قاطع هويتهم مسألة جدلية غير أن إشارته الأهم والتي لم تأخذ صفة الحسم مثل سابقتها، هي اعتباره أن   احتلالهم لمصر ليس احتلالاً بل فتحاً  دينياً لنشر الديانة الإبراهيمية والاسلام الإبراهيمي الحنيف، علماً أن عقيدة أو ديانة الهكسوس كانت أحد أكثر أسرار التاريخ غموضاً رغم أن نهاية عهدهم في مصر شهدت أعتلاء أخناتون أو أمنحتب الرابع الحكم وكان البعض يعتبر تحوله عن عبادة آمون إلى عبادة أتون تحولاً نحو التوحيد .

ومع الاختلاف الواسع حول من هو فرعون إبراهيم وموسى وقليل من الاختلاف اعتبرهما الدكتور علاء  أن فرعون إبراهيم كان من العرب الهكسوس الحجازين، بينما فرعون موسى كان هندوسياً أو مصرياً قبطياً  وأشار إلى ابيملك  الذي تحدثت عنه التوراة في مسألة البئر ومسألة إدعاء سيدنا إبراهيم على حسب التوراة أن سارة أخته وليست زوجته " حاشى أن يفعل نبي الله  هذا "  صفحة 235،  وقد استخدم الدكتور علاء نفس أسلوب الترجمة الشعبية ليعتبر أن أبيملك تعني أبا مالك، مع ذلك تبقى موضوعة من هو فرعون سيدنا أبراهيم وسيدنا موسى عليهما السلام مفتوحة للنقاش حيث شاب النص التوراتي الذي اعتمد عليه الدكتور علاء الكثير من اللغط والتطاول على قيم الأنبياء فهل يعقل أن نقبل أن سيدنا أبراهيم حاشى لله كان قوادأ على زوجته كما تدعي التوراة ، وهذا ما أشار إليه ورفضه الدكتور علاء نفسه.

الاكتشاف الرابع

 الفلسطينيين:- وضع الدكتور علاء العرب في مكانة عالية ضمن تاريخ الأمم في العالم ليس وفقأ لنزعة شوفينية قومية أو تحيز أعمى وإنما وفقاً لقراءة تحتوى ما يبررها واعتبر العرب أحد اعلى الأصول التي كونت العالم القديم واللغة العربية أحد اقدم اللغات الأنسانية ، مع تعدد لهجاتها وبين إلى حد ما أثرها في اللغات العالمية، وعلى نفس السياق ، صحح من وجهة نظره مكان العرب الفلسطينين في التاريخ الأنساني عندما بين أن الفلسطينيون لم يأتوا إلى فلسطين من جزيرة كريت بل إنهم أصلاً عرب هاجروا واستوطنوا الجزر اليونانية و جزيرة كريت واعادوا منها إلى فلسطين .

الاكتشاف الخامس الدولة الاسلامية الحنيفية :

هذا الكتشاف سوف يثير جدلا كبيراً أيضا حيث ساق الدكتور علاء روايات عدة تظهر أن سيدنا إبراهيم، أقام دولة كبيرة استمرت من القرن العشرين حتى نهاية القرن الخامس عشر، امتدت من أقصى الأرض إلى أقصاها من المحيط الأطلسي غرباً إلى الهادي شرقاً، خاصة بعد أن اكتشف ابيملك أن سارة هي زوجة سيدنا ابراهيم وليست اخته بعد أن جاءه الله في المنام وأخبره ذلك فإمن ابيملك بدين ابراهيم الذي حارب وغزا ،غير أن النص الذي استعان به الدكتور علاء حول هذا الموضوع ، خاصة مسألة تحرير سيدنا لوط من الأسر ليست كافية لتدل على ما وصل إليه الدكتور ، ولم يقف على أرض صلبة وأنا أقرأ كيف استنتج الدكتور علاء أن ذو القرنين هو قائد في جيش سيدنا إبراهيم.

ملكي صادق

تناول الدكتور علاء موضوعة لقاء سيدنا ابراهيم مع ملكي صادق ، كاهن أورشليم أو ملك القدس ، بطريقة مختلفة معتبرا أن ملكي صادق ملك وليس بشر، وفسر كلمة ميلك أو مليخ من العبرية كما وردت في التوراة أنها ملاك وهذا غير دقيق فمعنى ملاك من العبرية ملاخ وليس ميلخ أو ميلك. والقول أن ملكي صادق هو الخضر يحتاج إلى تدقيق لآن سيدنا موسى الذي ذهب بالسفينة للقاء الخضر وفق صورة الكهف من القرآن الكريم بينه وبين عهد سيدنا ابراهيم ما يزيد عن خمسمائة عام ولكنه بين أن روايات الإخباريين العرب تتحدث أن الخضر ظهر أيضا للنبي هود عليه السلام.  

الاستنتاج السياسي والتاريخي فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي

الاستننتاج نحن اليوم في مواجهة اليهود الخزر وليس الإسرائيليين لأن بني اسرائيل كما أفاد الدكتور علاء هم عرب كنعانيون على الديانة الموسوية الابراهيمية الأسلامية الحنفية.

خلاصة

 يبقى أن أقول أن كتاب الدكتور علاء أبو عامر كتاب قد يكون كتاباً صادماً لما تضمنه من كثير من الافكار التي خرجت عن المعهود ولو  قدر للدكتور علاء الاستمرار بالبحث والدراسة والتزام المنهج العلمي للتاريخ الاستردادي في عمل أخر وإذا ما قدر له أن يثبت ما فتح به كتابه هذا من افكار جديدة وجريئة قد نكون أمام تل عمارنة فلسطيني يطيح بما تبقى من وهم الأساطير التي احتوتها نصوص التوراة التي تم تحريفها بعد أن أضاع من افترض أن يأتمنوا على أسفار سيدنا موسى .  
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف