الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

النَّـــــــــــوازِلُ بقلم : د.محمد فتحي راشد الحريري

تاريخ النشر : 2015-05-04
النَّـــــــــــوازِلُ

النوازل في لغة العرب جمع مفرده ( نازلة) ، وتجمع نازلة أيضا على (نازلات) وهو اسم فاعل من الجذر الثلاثـي ( ن ز ل ) وضدُّهُ صعد .

ومعجميّـاً : النُّزول بالضَّمّ : الحُلول وهو في الأصلِ انحِطاطٌ من عُلوّ ، وقد نَزَلَهم ونَزَلَ بهم ونَزَلَ عليهم يَنْزِلُ كَـ(يَضْرِب) نُزولاً بالضَّمّ ومَنْزِلاً كَمَقْعَدٍ ومَجْلِسٍ ،وهذه شاذّةٌ( أي بكسر الزاي) أنشدَ ثعلبٌ : :

أَإنْ ذكَّرَتْكَ الدارُ مَنْزَلَهــا جُـمْـلُ *** بَكَيْتَ فَدَمْعُ العَينِ مُنحَدِرٌ سَجْـلُ

أرادَ أَإن ذكَّرَتْكَ نزول جُمْلٍ إيّاها الرفعُ في قولِه مَنْزَلُها صحيحٌ وأنّثَ النزولَ حين أضافَه إلى مُؤنَّثٍ قال ابنُ بَرِّي : تقديرُه أَإِنْ ذكَّرَتْكَ الدارُ نُزولَها جُمْلُ فجُمْل : فاعِلٌ بالنُّزول والنُّزول : مَفْعُولٌ ثانٍ بذَكَّرَتْكَ .

وأورد صاحب اللسان :التنزيلُ: الترتيب. ونَزالِ، مثل قطامِ ، بمعنى انزِلْ ( لو قلت لشخصٍ : نَزال أي انزلْ ، وأصب شيئاً من الضيافة). وهو معدولٌ عن المُنازَلة، ولهذا أنّثه الشاعر بقوله: ولِنعْمَ حَشْوِ الدِرع أنـتَ إذا   دُعِيَتْ نزالِ ولُجَّ في الذُعْرِ والنزالُ في الحرب: أن يتَنازل الفريقان. والتنَزُّلُ: النُزول في مُهلة. والنازِلة: الشديدة من شدائد الدَهر تنزِلُ بالناسِ. والنُزالةُ بالضم: ماءُ الرجل. وقد أنزلَ. ونزل القوم، إذا أتَوْا مِنًى. قال ابن أحمر: وافَيْتُ لمَّا أتاني أنَّها نزَلـتْ   إنَّ المَنازِل مما تجمَعُ العَجَبا أي أتَت مِنًى. والنزلةُ، كالزكام، يقال به نَزلة، وقد نُزلَ. وقوله تعالى: "ولَقَد رآهُ نَزْلَةً أخرى" قالوا: مَرَّةً أخرى. والنَزيلُ: الضَيفُ. وقال الشاعر: نزيلُ القومِ أعظُمُهم حقوقاً   وحقُّ الله في حقِّ النزيلِ وقوله تعالى: "جَنَّاتُ الفِرْدَوْسِ نُزُلاً" قال الأخفش: هو من نزول الناسِ بعضهم على بعض. يقال: ما وجدنا عندَكُم نزلا أي ضيافة ، وهو المفهوم من قوله تعالى : (( نُزُلاً من غفورٍ رحيم )) سورة فصِّلت 32 ، وسُمِّي النزل بهذا الاسم :

إما لأنه ينزل إلى الضيف أو ينزل الضيف إليه ، وينزل كل ضيفٍ بالعادة إلى منزلته لدى المضيف ...

ويقصد أهل الفقه بمصطلح "النوازل" المعاصر ، الطوارئ والأمور المستجدّة التي يلزمهم الإجتهاد لمعرفة حكمها ، فهي مُسْتَجدّة وقد لا يكون حكمهـا معلومـاً !

فكما أن اللغة تعني أن النوازل من شدائد الدهر ونكباته ومصائبه ، فكذلك المعنى الاصطلاحي لا يبتعد كثيرا عن دلالة اللغة ‘ فالوقائع الجديدة أمور تحتاج إلى بين الحكم ، وهي مصيبة للمتورِّع إذا لم يعرف حكمها ، وفي فقه النوازل أو الطوارئ نجد أنَّ الفقهاء بحثوا ونشطوا واجتهدوا فأبانوا الحلول الشرعية لأن الاجتهاد فرض كفائـي بحق جماعة المسلمين .

نقول : النوازل ومعرفة الحكم الشرعي من العلوم المعتبرة والمعروفة عند العرب منذُ أقدم العصور ، وذلك لِعِـدَّة أدلَّــة :

أولها أن كل أمر معلوم وقديم – الآن – كان جديـداً في زمن من الأزمان .

ثانيهــا أنه بُعيد وفاة النبيّ الأعظم(صلى الله عليه وسلم) بدأت الحاجة للاجتهاد واجتهد علماء الصحابة ، وكان النبيُّ قد أذِنَ لهم بالاجتهاد إبَّـان حياته . وهذا الإجتهاد هو من فقه النوازل في حينه !

"ثالثهـا  وجود مؤلفات فقهية في فقه الطوارئ ، أبرزها من الكتب المعاصرة كتابان لأبي عيسى سيدي المهدي الوزاني (1266 هـ - 1850م، / 1342 هـ 1923م)هما " النوازل الصغرى" و"النوازل الكبرى "،الأول في أربع مجلدات والثاني ثمانية ، وأشار صاحبهما إلى من سبقه ، ومن الجدير بالذكر أن مؤلفات

الأئمة الأربعة ( أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ) كلها تعتبر من فقه النوازل في زمنـهــا ، وخاصة مسائل الفقه الإفتراضي التي برع فيها فقهاء الحنفية ونحى مسلكهم سائر الفقهاء .وبتجريد العامل الزمني فإنَّ الموطّـأ لمالك وفقه أبي حنيفة وكتاب الأم للشافعي والمبسوط للسرخسي والمجموع للنووي والمغني و  .... كلهــا كتب موضوعـهــا " فقه النوازل "في عصرها .

وتبرز أهمية فقه النوازل عند العرب من أهمية الاجتهاد نفسه ، لتأكيد كمال الشريعة ومرونتها وإنــارة سبيل الناس بالأحكام الفقهية وتبليغ أمانة الدعوة . بل ونؤكد أن الأحكام الشرعية سُمِّيت بالشرعية أي منسوبة للشريعة ، باعتبار الشريعة في لغة الجذور تعني مورد الماء ، أو النهر ، فكما أن الماء فيه حياة الأبدان فإنَّ الشريعة فيها حياة الأفهام والعقول والأفكار والأرواح .

ولئن افتخر المجتهدون المعاصرون ببحث مسائل مستجدة أفرزتها الحضارة المعاصرة مثل تدوير المياه العادمة( مياه الصرف الصحي ) والبحث في مشروعية تصنيع مواد التجميل التي يدخل فيها شيء من الأجنّـة ( كالمشيمة مثلاً) ومدى صحة استعمال الحسابات الفلكية لتحديد مواعيد الحج والصيام والصلاة ، وكيفية الصلاة والصيام في البلدان القريبة من القطب و و و    ....غيرها ، فإننا نؤكد أن هناك مسائل طارئة أهم وآكد مما ذكرنا وهي من النوازل في عصرهــا ، ونسوق أمثلة جذورية عليهــا :

الاستحالة هل تطهِّر المائعات ، فالخمر هل يتحول إلى مادة طاهرة إذا تحول إلى خَـلّ ، وكذلك المواد الدسمة إذا تنجست أو خالطها شيء نجس ، هل تطهر بالتصبّن ( تحولها إلى صابون) ؟!

وبحثوا أيضاً في الحسابات الفلكية واستعمال الدواء لرفع الحيض ، وجواز استعمال المياه العادمة في ريّ المزروعات . كما أسهبوا في البحث لإيجاد آلية يصوم بها أهل البلاد القطبية وكيف يؤدون صلاتهم ،

من خلال حديث الدجال الذي أخبر النبيُّ الأعظم أنه يعيش أربعين ، يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وباقي أيـامـه كسائر الأيام وانبرى يومها أحد الصحابة سائلا عن الأيام التي كسنة أو كشهر كيف نصوم ونصلي  فيها. فقال لهم النبيّ الأعظم :( اقدروا له ) أي احسبوا . وهكذا فتح لهم باب اجتهاد وعصف ذهني عريض ! ومثل هذا يبرز اليوم في المناطق القطبية ، وهي التي يكون يومها سنةً وسنتها يومـاً .

ففي القطبين تتناوب عليهما ستة أشهر من النهار وستة أشهر من الليل كما هو معلوم .

كما بحثوا منذ القديم في تحضير أدوية ترفع الحيض أو تؤجِّله وهو ما يهمُّ النساءَ خلال الحج .

إذن فَزَعْـمُ من ادَّعـى تفرّده في بحث فقه النوازل إنما هو زعم متعسف وليس له برهان ، ففقه النوازل قديم في حضارتنا قِدَم الفقهِ والتشريعِ نفسِه .

ويطيب لي أن أطرح بعض النوازل المعاصرة مشاريعَ اجتهادية وبحثية للمجتهدين الجدد :

حكم دخول الكحول كضرورة صيدلانية في الدواء ( مذيب عضوي ) ، وقديما عرفوا البحث في مدى جواز استعمال شحم الخنزير كمذيب عضوي فرضه الواقع الطبي !

مسائل التنظيف الجاف .

جواز شرب المياه العادمة والوضوء منها إذا ما تمَّت معالجتها الثلاثية .

تطبيقات معاصرة للقواعد الفقهية :

" إذا زال الموجب زال الموجب " .

" المغلوب المستهلك كالمعدوم " .

" حرمة الميت كحرمته حيَّــاً " , والحي أهم من الميت , و........ غير ذلك من قواعد ، مع ملاحظة وجوب أن تضم المجامع الفقهية أطباء وصيادلة وعلماء في الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلم الذرة وسائر الفروع العلمية التجريبية ، فهؤلاء من أهل الذكر المشمولين بالآيــة الكريمة : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) سورة النحل 43   .ولقد مرَّ بي متفيقه كفَّـر جميع من يتوضّؤون بمرشِّ الماء وحجّتُهُ أن المتوضِّئ لا يفرك عقبيه ولا يتعهّدهما ، فهم في عداد الحديث ( ويل للأعقاب ....) رواه في المسند الحديث رقم 24252، وفات صاحبنا أن الماء المضغوط بالرش يغني عن الفرك والدلك للقدمين ! قلت له : والله ما أرى بحاجةٍ إلى تدليك إلا مخك كي يتنشط ويصحو من غفلته !!!

قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) سورة النحل 43 - 44:
"يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا ، أي: لست ببدع من الرسل، فلم نرسل قبلك ملائكة ، بل رجالا كاملين ، لا نساء . نُوحِي إِلَيْهِمْ من الشرائع والأحكام ما هو من فضله وإحسانه على العبيد ، من غير أن يأتوا بشيء من قبل أنفسهم، (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) أي : الكتب السابقة (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) نبأ الأولين ، وشككتم : هل بعث الله رجالا ؟ فاسألوا أهل العلم بذلك ، الذين نزلت عليهم الزبر والبينات ، فعلموها وفهموها، فإنهم كلهم قد تقرر عندهم أن الله ما بعث إلا رجالا يوحي إليهم من أهل القرى . وعموم هذه الآية فيها مدح أهل العلم، وأن أعلى أنواعه العلم بكتاب الله المنزل. فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث ، وفي ضمنه تعديل لأهل العلم وتزكية لهم ، حيث أمر بسؤالهم ، وأفضل أهل الذكر أهل هذا القرآن العظيم، فإنهم أهل الذكر على الحقيقة، وأولى من غيرهم بهذا الاسم، ولهذا قال تعالى: وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ أي: القرآن الذي فيه ذكر ما يحتاج إليه العباد من أمور دينهم ودنياهم الظاهرة والباطنة ، لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزلَ إِلَيْهِمْ ، وهذا شامل لتبيين ألفاظه وتبيين معانيه، وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ فيه ، فيستخرجون من كنوزه وعلومه بحسب استعدادهم وإقبالهم عليه"انتهى من (تفسير السعدي - (1 / 441). قلت: هم كذلك لكنهم ليسوا المنفِّرين الذين يعقِّدون البشر ويعنتوهم ، والله أعلم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف