الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عملية رد الجميل للسويد بقلم:منجد فريد القطب

تاريخ النشر : 2015-04-28
النجاح باطلاق ساح الرهينتين السويديين من قبل أفراد المخابرات الفلسطينية بالتعاون مع الأمن الأردني و قوات حرس الحدود الأردنية تحمل بين طياتها العديد من المضامين و المعاني

أولا الشعب الفلسطيني شعب حضاري لا يؤمن بالعنف بل بالتعايش السلمي و المودة و الألفة و تلاقي الأديان و الشعوب. كان لهذا الشعب عالم جميل و قرى وديعة و حضارة متألقة و ذكريات و خواطر عن أباء و أبناء و أمهات و جيران سقطوا تحت ركام منازلهم و حضارة حاولت اسرائيل و عملائها الكثر طمسها و بيوت و مدن و قرى و ذكريات تشبثت بالأرض رغما عن كل المجازر و الاقتحامات و الاعتداءات و الغارات و الحروب - كانت له تجربة مبهرة و قصة نجاح في صياغة لغة انسانية لتقريب وجهات النظر و التعايش و الوئام الديني بين أتباع الديانات السماوية على مدى عصور قبل أن تلد اسرائيل و تقلب الحقائق و تزور التاريخ لابتلاع الأرض و بناء المستوطنات اليهودية و تهجير السكان و طمس هويتهم و سلب مقدساتهم و تصوير دفاعهم المشروع عن النفس ارهابا جماعي منظم. في ظل الألام و المأسي التي تمر بالمنطقة من قتل و دمار جماعي و تقويض لحضارات غابرة و اضطهاد لأقليلت دينية عاشت على الأرض العربية مئات السنين عمدت اسرائيل لتصوير الفلسطينيين ضمن مجموعات الارهاب المتطرف كداعش و اخواتها. عملية رد الجميل الفلسطينية أبطلت المخططات الاسرائيلية و ردت الجميل لدولة وقفت الى جانب الشعب الفلسطيني و اعترفت بدولته و ناصرت قضيته على مدى سنوات الصراع الجليل مع الاحتلال.

ثانيا التعاون مع الأردن مطلوب و أساسي و قد كان الأردن و ما زال الرئة التي يتنفس عبرها الفلسطينيين و الوصي على المقدسات المسيحية و الاسلامية في وقت تزداد به محاولات اسرائيل الرامية لتهويد القدس و سلب القدسات الاسلامية و المسيحية.

ثالثا كون المخطوفين السويديين رهبان يعكس تعايش الأديان المتجذر في الشخصية العربية و الفلسطينية ففي فلسطين تقف كنيسة المهد موطن ميلاد المسيح عليه الصلاة و السلام معانقة لجامع عمر كرمز على تعايش اسلامي مسيحي دائم على مدى قرون و حري بنا أن نذكر بأن الخليفة عمر قدم خصيصا من القدس لبيت لحم ليصدر قانونا يدعو الى احترام أتباع الديانة المسيحية و رهبانهم و أبى أن يصلي بالكنيسة لكي لا يستولي عليها المسلمين فيما بعد و يحولوها الى جامع.

رابعا عملية تحرير الرهائن السويديين أذهلت العالم و تأثيرها الايجابي قد يدفع دولا أوروبية أخرى على الاعتراف بدولة فلسطين لما للسويد من ثقل على الساحة الأوروبية بشكل خاص و الدولية بشكل عام.

هذا مثال ناصع للنضال السلمي يجب استغلاله لتحسين موقف المفاوض الفلسطيني وفي التاريخ الحديث قصص جميلة لرجال نالوا الاستقلال لبلادهم عبر مبدأ الكفاح السلمي ففي مثل هذا الشهر عام 1930 قاد المهاتما غاندي مسيرة الملح لمسافة 400 كيلو متر كرد على احتكار البريطانيين لصناعة و بيع الملح و توجت هذه المسيرة بعد سبعة عشر عاما باستقلال الهند عام 1947

مسيرة غاندي ضد الاستعمار البريطاني بدأت من جنوب افريقيا حين ركب احدى الحافلات في الدرجة الأولى بعد أن دفع ثمن بطاقته و طرده أحد العاملين البيض و دفعه خارج الحافلة عنوة

الشعور بالاضطهاد و الاذلال و العنصرية و سياسات الاقصاء و التهميش و التمييز بين بني البشر على أساس اللون و الانتماء العرقي و الديني و الطائفي دفعت المحامي الهندي النحيل و القصير القامة للدفاع عن مئات الملايين من الفقراء و المستضعفين و محاربة الفقر و الاستعمار و بناء وئام ديني وطني و الاعتماد على الذات و تحقيق استقلال الهند من التبعية الأجنبية و تشييد فلسفة النضال السلمي كقاموس تعتمده الشعوب في تأجيج النضال من أجل الحرية و السلام

كثيرون هم من حاولوا اقناعه بالكفاح المسلح و لكن غاندي بحكمته الهندية القديمة كان واثقا بأنه ليس هناك أقوى من قوة الكلمة و الفكرة و قدرتها على انارة دروب الشعوب المغلوبة على أمرها من غير اللجوء الى العنف فانعدام المساواة بميزان القوة العسكرية كفيل بجعل مصير أي حركة عصيان مسلح في مواجهة القوة الاستعمارية البريطانية الى الفناء

انتصار غاندي كان تراكميا فأسس حزب و جريدة و حدد مبادئ ثورته السلمية منذ الأيام الأولى لمسيرة الملح ففي اليوم الأول أقسم بأن استقلال الهند سيتحقق بدون عنف و في اليوم الرابع عاهد أنصاره ببزوغ فجر يوم جديد يقدم فيه البريطانيين الاعتذار للهند على ما ألحقوه بهم و في اليوم الخامس و العشرين قال بأنه سينام في بيت صديق مسلم بناء على دعوته و أكد على عدم اعطاء الفرصة للمستعمرين البريطانيين ليقسمونا الى مسلمين و هندوس و عند وصول المسيرة للبحر دخل غاندي الشط و حمل صخور ملحية كرمز على تحدي قانون الملح و ايقاد شعلة ثورة سلمية تكللت باستقلال الهند بعد سبعة عشر عاما

ان ثورة غاندي ألهمت العالم و ألهمت مارتن لوثر كينغ ليقود كفاحه السلمي ضد التمييز العنصري بأمريكا. اليوم يحكم الولايات المتحدة الأمريكية رجل أسود و صحيح بأن الطريق ما زال شاقا للكثيرين للحصول على حقوقهم المدنية و ما زال الكثير من السود ضحايا الأمراض و الأوبئة الصحية و الاجتماعية و انعدام المساواة و لكن الوضع أحسن بكثير من الستينات و الخمسينيات يوم كان متعذرا على السود دخول الجامعات و المدارس و حتى ركوب الحافلات

الهند اليوم دولة عظمى يتعايش على أرضها قوميات و أديان بحكمة أعظم عبقرية سياسية أنتجتها الحضارة الانسانية

و هناك نلسون مانديلا الذي أرادوا له الغياب في ردهات السجون فخرج منارة للشعوب و نبراسا للحرية و التحرر و أمن بنضال الشعب الفلسطيني العادل فالظلم عبر الحدود لا يواجه الا بنضال عبر الحدود ضد اسرائيل المناصرة لنظام التمييز العنصري في جنوب افريقيا أنذاك

و هنا تكمن حنكة الرئيس محمود عباس بانتهاج مبدأ غاندي بالنضال السلمي لبناء مجتمع ديمقراطي و صيانة المعايير الأخلاقية و الدينية و الاجتماعية و الانسانية و نشر التسامح و الاعتدال الذين حث عليهم ديننا الاسلامي الحنيف.

كل له اجتهاداته و لجميع الفصائل دور في مقارعة الاحتلال و لكن الخروج على الشرعية و شق الصف و تصويب البندقية نحو الفلسطينيين و بناء دويلة في غزة لا يلبي الا مطالب الاحتلال الاسرائيلي الساعي لاهدار الحقوق الفلسطينية و تكريس الفرقة و الانقسام

في ظل تفوق اسرائيل العسكري و انعدام أخلاقياته لا يكون أي عمل عسكري الا ضربا من الجنون و استهتارا بأرواح الناس

هذه ليست خيانة فالوقوف أمام وحش مفترس بدون الأخذ بالأسباب ليست الا ضروب من الجنون و افتقاد للحكمة و بدون مزايدات هذه ليست شجاعة بل انعدام حس وطني و التلاعب بمصائر الشعب لتحقيق أهداف مشبوهة.

الدكتور منجد فريد القطب
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف