الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

"ستائر العتمة" الجزء الثاني وليد الهودلي بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2015-04-25
"ستائر العتمة" الجزء الثاني وليد الهودلي بقلم: رائد الحواري
"ستائر العتمة" الجزء الثاني
وليد الهودلي
يتحدث الكاتب في هذه الرواية عن شخصية فلسطينية يتم اعتقالها ادريا، وهذا الشكل من الاعتقال يلجئ إليه الاحتلال عندما لا يكون هناك تهمة واضحة على المعتقل، فيتم حبسه احترازيا تحت تسمية "اعتقال ادري" ويمكن أن يستمر هذا الاعتقال لمدة تزيد عن الست سنوات دون محاكمة، أو توجيه أي تهمة، وهي من أقذر أنواع الاعتقال، حيث يكون المعتقل في ظروف نفسية صعب، من خلال عملية تجديد/تمديد الاعتقال كل ثلاثة أو أربعة أو ستة أشهر، حيث يكون المعتقل هيئ نفسه للإفراج، لكن قرار الحاكم العسكري يحول دون ذلك فيعاد إلى المعتقل لمدة جديدة، وهنا يكون العبء النفسي كبير واشق على المعتقل الداري من المعتقل المحكوم، فالأول لا يدري كم سيلبث الاعتقال، الذي يجدد كل فترة، أما الثاني فهو يعرف كم سيلبث لأنه حوكم وصدر بحقه الحكم.
في هذا الجزء يحدثنا "وليد الهودلي" عن شخصية "سعيد" الذي يتعرض للاعتقال، وكيف استطاع الصمود والانتصار على المحققين فمن خلال الثقافة الدينية التي يتمتع بها، كان يستحضر ما فيها من أفكار وشواهد تساعد الإنسان على الثبات والصمود، ثم منحه مقدرة على التكيف وتجاوز مرحلة التحقيق، من هنا نجد حضور قوي وكثيف لذكر آيات من القرآن الكريم كما هو الحال في الجزء الأول من الرواية.
في هذا الجزء يتجنب الكاتب إدخال شخصيات إضافية، وإذا ما استثنينا شخصية "عماد" و"سميح" اللتين لم يتجاوز الحديث عنهما أكثر من عشر صفحات، يكون "سعيد" هو البطل الوحيد في الرواية، فهو يهيمن على أحداثها من خلال سرده للعديد من فصولها، أو من خلال الراوي الذي لم يترك أي جانب في شخصية "سعيد" إلا وتناوله، حتى أن هناك جزء كبير من الرواية يحدثنا عن المنيلوج الداخلي لشخصية "سعيد" وهذا الأمر يشير إلى أن هناك انعكاسات واقعية عاشها الكاتب من خلال تعرضه للاعتقال لأكثر من مرة، من هنا كان ناجحا في توصيف حالة بطله "سعيد" فقد تناول العديد من الأفكار والهواجس التي يمر بها المعتقل.
إنسانية المعتقل
سنحاول إضاءة ما جاء في "ستائر العتمة ج2" محاولين الاختصار وذلك لتماثل موضوع الاعتقال في الجزء الأول والثاني، ونبدأ بالحديث عن إنسانية المعتقل، فهو كائن بشيري له حقوق ويمتلك إحساس إنساني، فالكاتب من خلال هذه الإنسانية للمعتقل، يردنا أن نشعر بما يعانيه، رغم إعجابنا بما يقوم به وما يحققه من صمود وانتصار، فهو ليس بالبطل (السوبر) الحديدي، بل إنسان، وهنا تكمن أهمية الحديث عن الإنسانية للمعتقلين الفلسطينيين، فعندما قام المحقق بتكبيل يديه خلف ظهره، ومن ثم جره شعر بهذا الشعور "كان سعيد يتقطع ألما، وكأن نصالا تدق روحه عندما يرى نفسه بهذا الحال الذي يجر فيه كما تجر الدابة وتساق نحو المسلخ" ص47، فهنا أرد الكاتب أن يؤكد أننا أمام إنسان يحمل مشاعر مرهفة، وأيضا أرد أن يعري المحتل وما يقوم به من معاملة غير لائقة بحق البشر وغير مقبولة حتى بالحيوان.
الحيوانات
العديد من الكتاب يتجهون نحو ذكر الحيوانات كتعبير عن حنقهم على الواقع الذي يعيشونه، فهي تساعد الكاتب على توضيح وتعميق الفكرة التي يرد طرحها، وأيضا تعطي المتلقي شيئا من الرمزية التي يمكنه ربطها بالحدث أو بالشخصيات. فعندما قام جيش الاحتلال باصطحاب "سعيد" لأحد المباني للقيام بحملة مداهمة واعتقالات، لكي يوهموه بأنهم قد اكتشفوا مركز للمعلومات حساس، وصفهم بهذا الوصف "بعد ساعة من هذا السير لخفافيش الليل، توقفوا فجأة" ص95، فهنا رغم واقعية الحدث، حيث يقوم جيش الاحتلال بعمليات الاعتقال في الليل تحديد، إلا أن ذكر "خفافيش الليل" جاء ليخدم الصورة التي أرادها الكاتب وأيضا اطفى لمسة فنية على وصف الحدث.
ويقدم لنا الكاتب تفاصيل شخصية المحققين من خلال حديثه عنهم قائلا: "... المحقق الوسط بين اللين والعنف، خاض معه جولات طويلة من قبل، هذه المرة يجلس بين شابين يصوبان عيونهما الأربعة كطيور جارحة دون أن ترمش" ص117، فهنا أرد الكاتب أن يعمق من تأثير المشهد على المتلقي فجعل المعتقل/الضحية كطريدة تهاجم من قبل المحقق/طيور جارحة، فنجد تماثل بين واقع الحدث ـ المحقق والمعتقل ـ وبين الصورة التي ذكرها.
وعندما يقع المحقق في خطأ فاحا وذلك عندما يقوم "سعيد" بحديثه عن قيادات التنظيم المبهمة للمحقق فيصف هذه الخطوة بهذا الشكل، "رأى خصمه قد حرك حمارا، بدل حصان على رقعة الشطرنج، فرأى بأنه لا بد من تحريك فيل يهرس تحت قدميه هذا الحمار" ص119، بهذا التشبيه يخدم الكاتب النص ويجعل تأثير الحدث اكبر في القارئ، وأيضا يجعله أكثر قبولا وجمالية.

المحقق
بصورة عامة الرواية تبين لنا طريقة التعامل غير الإنسانية التي يتعامل بها الاحتلال مع الفلسطينيين، فهناك أكثر من مشهد تحدث عن الألم والوجع الذي يسببه المحتل للمعتقل، ولكي لا نكرر ما قلناه في الجزء الأول سنكتفي بهذا المشهد، " قطعوا عليه برنامجه اللذيذ، اهتز الباب وماج، ليسفر عن وجوه كالحة تأمره بالنهوض، ثم تلقي عليه ظلامهم، سحبوه من دهليز لآخر" ص113، فهنا التعامل ليس مع إنسان، حيث عملية السحب تشير إلى شيء جامد أو حيوان، فالذي يجر بالتأكيد لن يكون إنسانا.
والنقلة النوعية التي تناول بها الكاتب المحقق الاسرائيلي عندما تحدث عنه بعد انتصاره، فنجد ضابط التحقيق يعترف بهزيمته وبانتصار "سعيد" عليه وعلى فريقه فيقول :
"ـ إنه يزن كلماته بميزان من ذهب، لم نستفد من هذا اللقاء من أية كلمة، إنه سعيد في ضيافتنا، في فندق خمس نجوم.
أخرجوه فورا وأعيدوه للسجن، انتهت مباراتنا معه، ويسعدني أن أعلن هزيمة فريقنا" ص133، اعتقد بان هذا الكلام لا يشير إلى نزاهة المحقق، بقدر الإشارة إلى انتصار "سعيد" على جلاديه، فرغم وجود (صدق) وحقيقة في كلام الضابط إلا أن الكاتب لم يرد بالمطلق أن يكون هناك أي صورة أو إشارة تتحدث عن ايجابية لهذا المحتل، لكن السياق العالم للحدث جعل وضع ما قاله المحقق يخدم فكرة الانتصار التي أرادها الكاتب.
الثقافة الدينية
"وليد الهودلي" يحمل ثقافة دينية، واعتقد بأنه من المتميزين بهذا الأمر، فنكاد لا نجد كاتب روائي فلسطيني يتحدث بهذه الروح وهذا الوضوح بالمسألة الدينية، فنجد العديد من الآيات القرآنية في النص، بحيث نكاد لا نجد صفحة بدونها، هذا عدا استحضار تجربة بلال بن رباح في أكثر من موقع في الرواية، "وجد نفسه يردد كلمة بلال الخالدة بعمق فريد لم يصل إليه قلبه من قبل: أحد. أحد. يا لها من كلمة جميلة" ص54، ويعد تكرارها في الصفحة 84 وأيضا في الصفحة 131، استحضار حالة بلال وما تعرض له من تعذيب في الجزء الأول والثاني وأيضا في المجموعة القصصية يشير إلى رسوخ وقناعة لدى الكاتب بأهمية التاريخ والاستفادة من تجارب السلف التي تعمق ربط الإنسان بماضيه وبعقيدته، فهنا تكون عملية الصمود ليست منعزلة عما فعله السابقون، بل هي جزء من تلك التجارب وأيضا مكملة لها في ذات الوقت، وهنا يكون التواصل والتكامل بين الماضي ـ التاريخ ـ والحاضر.
حكمة
يختزل الكاتب فكرة انتصاره على محتليه بهذه العبارة: "أغلب المشاكل لا تستطيع حلها إلا إذا خرجت منها ونظرت لها من الخارج" ص86، هذه فلسفة الصمود وكيفية مواجهة المحن والشدائد التي نمر بها، فعدم نجاح "عماد" في إيجاد الخطوط الأربعة الرابطة بين النقاط التسع كان نتيجة وضع تفكيره في النقاط فقط، وهذا الأمر ينطبق على كل المشاكل التي يتعرض لها الإنسان.
الصور الفنية
لا شك أن وجود صور فنية في عمل روائي يطرح قضية مؤلمة مثل الاعتقال يعد إبداعا، من هذه الإبداعات يقدم لنا الكاتب هذا التصوير "وضاق عليهم أن يمد بصره في فيافي هذه الصحراء المديدة، فلعله يفسد هواءها بنظراته الإرهابية" ص9، يتمثل الإبداع في التصوير السابق من خلال ربط ما يقوم به الاحتلال بالطبيعة الصحراوية الشاسعة، فهي صحراء وتحمل معنى الجدب والقحط وصعوبة الحياة فيها، فجعل المحتل يحرم هذا المعتقل من مشاهدتها ـ رغم عدم جماليتها ـ خوفا من تلوثها بنظره يعد جرما إضافيا ينم عن قساوة وشراسة الاحتلال مع الفلسطينيين.
ونجد صورة فنية أيضا عندما وصف الوقت والزمن عند المعتقل "... أشكال المحققين وكلماتهم المهينة وصفعاتهم المشينة، أيامها الطوال الثقيلة التي يعدل احدها ألفا مما يعد الناس" ص15، فالزمن من أهم الأمور التي تهم المعتقل، فكل ثانية لها ألمها ووجعها على المعتقل، وأيضا لها أهميتها في انتهاء محنة المعتقل. فهذا التشبه "ألف سنة" يشير إلى حجم الضغط الواقع على الإنسان ورتابة مرور الوقت.
في النهاية نذكر بان الرواية من منشورات مركز بيت المقدس للأدب، رام الله، طبعة ثانية 2009، وتقع في 136 صفحة حجم متوسط، وهي تكاد تكون تكرار لما جاء في الجزء الأول، الذي كان أوسع وأشمل في الأحداث والشخصيات.
رائد الحواري
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف