*المقياس الجمالي / بقلم حمزة شباب**
الجمال مفهوم واضح المعالم خفي الاصطلاح، يرسخ في النفس ويكون شعورًا داخليًا وإحساسًا يثير ردة فعل قوية من البهجة والدهشة والاضطراب والارتباك، وهو مسألة بحث فيها الأقدمون كأفلاطون الذي يجده قيمة ذاتية في النفس، أو الانسجام الحاصل من خلال وحدة تجمع في داخلها التنوّع والاختلاف في كل منسجم كما يعتقده أرسطو، ونرى في المشرق أصداء ليست بالبعيدة في المسألة ذاتها، فالتوحيدي تعرض لها وحدّد بداياتها المتضمنة في الاستيحاء من الطبيعة ومحاولة التفكير بركائز أخرى تتكئ عليها، وأيًا كانت الرؤية فإنه يُؤرَّخ بوجود الإنسانية على ظهر هذا الكوكب، فقد رُدّت عطية قابيل في رداءة قربانه ليحسّ بحرب على المقاييس الجمالية لتطوع له نفسه قتل أخيه.
يعتمد المقياس الجمالي على رؤية المختصين لذلك النمط المستهدف من إطلاق الأحكام، وما يرتبط بعوامل الزمان والمكان المحدّدين بناء على ظروف خاصة به، وهو بذلك ليس سمة في الصنعة والمنظر المادي فحسب، بل يحدّد وفق الشروط الخاصة بالمقياس الجمالي، مثل مسابقات الجمال، والعديد من الأقوال والصور والمشاهد التي يتحكم الإنسان فيها، كالشعر والرواية، وأهداف كرة القدم، والمنشآت الحضارية المقترنة بالطبيعة، ولذلك تنوّع الجمال إلى قسمين رئيسين هما: المادي والمعنوي، وتفرع عنهما عشرات الأنواع مشكلة مقاييس جمالية قد تشترك فيما بينها، فالإنسان قد خلق في أبهى صورة من بين الكائنات الحية، ولا يستطيع أحد أن يقارن جماله بأحدها، ثم أننا لا نشكّ في جمال الأطفال فينا، فهم يستلهمون قلوبنا وعقولنا في الجمال، فلا تكاد ترى طفلاً قبيحًا.
لا ينبغي أن يُحاصر الجمال بمقاييس النزعة الفردية القائمة على الأيديولوجيات، وإنما يرتسم على أبعاد إنسانيّة عالميّة مشتركة، وهذا الذي أدّى إلى تفوق لوحة "الموناليزا" على غيرها، والفلاسفة مهما اختلفوا في تحديد مفهومه ومقوماته إلا أنهم سخروا جهودهم لخدمته وترقيته من بُعده الفردي إلى تكوين رؤى فكرية تقوم على دراسة النماذج الجمالية لإرسائه في معالم الفلسفة، وتكوينه في النفس من منطلق فلسفي فيصبح قادرًا على التغيير في أدواته دون تغيير أهميته ومثالياته في الحياة.
سيبقى الجمال وفق مقياسه الذي وضع له أداة لصناعة الأجيال، فلا تتزوج المرأة رجلاً يفوقها في الجمال خوفًا من انتقاد الصديقات، ولا يقترن الرجل بامرأة جميلة تخفي في جمالها خلاف ما تظهر فيصعب التوافق في الحياة، ولكي يحافظ الجمال المادي على رونقه لا بدّ أن يزيّنه جمال معنوي يتوافق مع الفطرة الإنسانيّة، ويجعلنا نراه من زوايا متعدّدة فتقل النسبية مهما تعدّدت الأفكار والمعتقدات، ولذلك قال إيليا أبو ماضي:
كن جميلا ترَ الوجود جميلاً.
**كاتب فلسطيني .*
الجمال مفهوم واضح المعالم خفي الاصطلاح، يرسخ في النفس ويكون شعورًا داخليًا وإحساسًا يثير ردة فعل قوية من البهجة والدهشة والاضطراب والارتباك، وهو مسألة بحث فيها الأقدمون كأفلاطون الذي يجده قيمة ذاتية في النفس، أو الانسجام الحاصل من خلال وحدة تجمع في داخلها التنوّع والاختلاف في كل منسجم كما يعتقده أرسطو، ونرى في المشرق أصداء ليست بالبعيدة في المسألة ذاتها، فالتوحيدي تعرض لها وحدّد بداياتها المتضمنة في الاستيحاء من الطبيعة ومحاولة التفكير بركائز أخرى تتكئ عليها، وأيًا كانت الرؤية فإنه يُؤرَّخ بوجود الإنسانية على ظهر هذا الكوكب، فقد رُدّت عطية قابيل في رداءة قربانه ليحسّ بحرب على المقاييس الجمالية لتطوع له نفسه قتل أخيه.
يعتمد المقياس الجمالي على رؤية المختصين لذلك النمط المستهدف من إطلاق الأحكام، وما يرتبط بعوامل الزمان والمكان المحدّدين بناء على ظروف خاصة به، وهو بذلك ليس سمة في الصنعة والمنظر المادي فحسب، بل يحدّد وفق الشروط الخاصة بالمقياس الجمالي، مثل مسابقات الجمال، والعديد من الأقوال والصور والمشاهد التي يتحكم الإنسان فيها، كالشعر والرواية، وأهداف كرة القدم، والمنشآت الحضارية المقترنة بالطبيعة، ولذلك تنوّع الجمال إلى قسمين رئيسين هما: المادي والمعنوي، وتفرع عنهما عشرات الأنواع مشكلة مقاييس جمالية قد تشترك فيما بينها، فالإنسان قد خلق في أبهى صورة من بين الكائنات الحية، ولا يستطيع أحد أن يقارن جماله بأحدها، ثم أننا لا نشكّ في جمال الأطفال فينا، فهم يستلهمون قلوبنا وعقولنا في الجمال، فلا تكاد ترى طفلاً قبيحًا.
لا ينبغي أن يُحاصر الجمال بمقاييس النزعة الفردية القائمة على الأيديولوجيات، وإنما يرتسم على أبعاد إنسانيّة عالميّة مشتركة، وهذا الذي أدّى إلى تفوق لوحة "الموناليزا" على غيرها، والفلاسفة مهما اختلفوا في تحديد مفهومه ومقوماته إلا أنهم سخروا جهودهم لخدمته وترقيته من بُعده الفردي إلى تكوين رؤى فكرية تقوم على دراسة النماذج الجمالية لإرسائه في معالم الفلسفة، وتكوينه في النفس من منطلق فلسفي فيصبح قادرًا على التغيير في أدواته دون تغيير أهميته ومثالياته في الحياة.
سيبقى الجمال وفق مقياسه الذي وضع له أداة لصناعة الأجيال، فلا تتزوج المرأة رجلاً يفوقها في الجمال خوفًا من انتقاد الصديقات، ولا يقترن الرجل بامرأة جميلة تخفي في جمالها خلاف ما تظهر فيصعب التوافق في الحياة، ولكي يحافظ الجمال المادي على رونقه لا بدّ أن يزيّنه جمال معنوي يتوافق مع الفطرة الإنسانيّة، ويجعلنا نراه من زوايا متعدّدة فتقل النسبية مهما تعدّدت الأفكار والمعتقدات، ولذلك قال إيليا أبو ماضي:
كن جميلا ترَ الوجود جميلاً.
**كاتب فلسطيني .*