الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

شهادة وفاة الحزبية!بقلم: إيهاب أبو منديل

تاريخ النشر : 2015-04-23
شهادة وفاة الحزبية!بقلم: إيهاب أبو منديل
شهادة وفاة الحزبية !
إيهاب أبو منديل

لعل العنوان يمثل صدمة لدى من يرون في العمل الحزبي رهاناً وشرطاً وجودياً للفعل والحضور السياسي، لذا لا بد من التذكير في البداية أن الأحزاب السياسية مثل الكائن الحي، تنمو وتزدهر في ظروف معينة وتذبل وتتلاشى في ظروف أخرى، تنمو إن طورت نفسها، وإلا تكتب لها شهادة وفاة؛ وبالتالي تصبح من الماضي.
وفي ظل الانتكاسات المستمرة والتراجعات الرهيبة التي تعيشها الأحزاب الفلسطينية يغدو طبيعياً أن يثار السؤال البسيط: هل شاخت هذه الأحزاب؟ هل ما زالت قادرة على أداء الوظائف الأساسية المنوطة بها؟ إلى أي مدى يمكن لها أن تستمر وتبقى في ظل هذا الوضع؟ هل يمكن إعادة بناءها بما يكفل لها الاستمرار العقلاني والفعال في الحياة السياسية؟.

(1) مؤشرات الموت البطئ

يبدو أن الأحزاب السياسية في فلسطين قررت بإرادتها السير في الاتجاه الصحيح نحو الهاوية، ليس أدل على ذلك من الاستسلام الكلي لأعراض الشيخوخة العمرية والموت البطئ الذي تتعرض له.
نستطيع رصد الكثير من مؤشرات ذلك؛ كتآكل القاعدة الجماهيرية وتراجع وانحصار الدور الوظيفي، إن لم يكن انعدامه، فالأزمة الحالية التي تحياها لا تقف عند عجز برامجها في الوصول إلى الجمهور أو عدم تلمسها لطموحاته وتحدياته؛ بل تتعداها لتشمل ضعف عام في الهياكل التنظيمية، وعجز واضح في تفجير الطاقات البشرية والفكرية التي تتمتع بها، وحالة الغربة التي تعيشها مع أعضائها ومناصريها بسبب جمود خطابها السياسي وعدم قدرته على موائمة التطورات والمتغيرات الحاصلة على الأرض.
لم يقف الأمر عند هذا الحد فحسب؛ بل يتعداه إلى انحدار غير مسبوق نحو التبقرط والجمود الفكري والتكلس التنظيمي، وليتحول معه الأعضاء إلى آلات ناطقة بلسان الحزب، ومنفذة لأهدافه، وليتفرغ كل حزب لنقد غيره، وقد تخندقت القواعد والكوادر في ذات الخندق المعادي للآخر، وتمترس الجميع للدفاع عن حزبهم ضد الآخر، ليصبح الحزب مجرد كانتون لمجموعة من الأشخاص يسعون لتحصيل مصالحهم الخاصة غير مكترثين بالمصالح العامة التي وضعت في آخر سلسلة الأولويات وكأنها -في أفضل الأحوال- كماليات لا يضير غيابها!.
بعبارة أخرى تحولت هذه القوى إلى زمر وعصب بدلاً من أحزاب سياسية، بحيث أصبح هدفها الوحيد والرئيس تحقيق مصالحها الشخصية والآنية أكثر منه تحقيق ممارسة سياسية حقيقية على أرض الواقع. وهذا شكل سبباً جوهرياً لضعفها وهشاشتها ناهيك عن افتقارها من الأساس إلى الانسجام والتحديد الدقيق الواضح للأيديولوجيات والسياسيات العامة المنتهجة.
لم يعد خافياً أن واحدة من كبريات مفارقات الأحزاب في فلسطين أنها تعيش على الماضي، تَفخر به ولا تتعلم منه، وهو ما يدلل على غيابها عن الحاضر والمستقبل. أما المفارقة الأكثر عجباً فهي أن أحزاباً لا تعمل وليس لديها المرونة ولا القدرة على التكيف مع الواقع تريد أن تتوج على العرش بدون جهد!.
يُظهر هذا الواقع كيف تحول النظام الحزبي الراهن برمته ليصبح جزء من المشهد المأزوم، وبدلاً من أن يكون جزءً من الحل، أصبح المشكلة نفسها؛ حيث باتت الأحزاب تقف عائقاً أمام أية محاولة للتغيير أو الإصلاح السياسي من خلال المحاولات الجاهدة التي تُبذل لإدامة الأوضاع القائمة لتكريس امتيازات حزبية ومصلحية ضيقة وفرتها الظروف الحالية، وهو ما يشير إلى مستوى التحدي والمأزق العام الذي تواجهه هذه الأحزاب من جهة، وتبين من جهة أخرى إلى أي مدى يمكن لها أن تستمر وتبقى، وتطرح من جهة ثالثة مبرر الاستمرار ومعناه وجدواه وبالتالي ضرورته.

(2) سيناريوهات متوقعة

يتأرجح مستقبل الأحزاب في فلسطين ارتباطاً بمآلات النظام السياسي بين ثلاث سيناريوهات رئيسة متوقعة الحدوث: الأول المحافظة على الوضع القائم، ورغم صعوبة التحكم فيه إلا أنه أكثر السيناريوهات احتمالاً حالياً؛ نظراً لغياب قوة قادرة على تغيير الأوضاع ومتجذرة في المجتمع من جهة، ومن جهة ثانية لقدرة النظام السياسي والحزبي على التكيف وإنتاج نفسه من جديد عبر وأد أي احتجاجات مطالبة بالتغيير، والعمل على منع ظهور قوة بديلة مضادة سعياً منها للحفاظ على مواقعها ومصالحها، وتستعين القيادات في مقاومتها للتغيير بتغذية حالة الاستقطاب الحاد بين
عناصرها، وترسيخ حالة الانقسام القائمة حالياً.
والثاني: سيناريو تدارك الأخطاء عبر إدخال إصلاحات حقيقية ومراجعات جادة على النهج الحزبي القائم، ويتحقق ذلك بمدى القدرة على إدارة الصراعات في ظل تزايد احتمالات التفجر من الداخل، والرد على المطالب الحياتية اليومية وتحقيق قدراً معقولاً من التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية يرقى لمستوى طموحات وآمال المواطنين.
أما السيناريو الأخير فهو التغيير الجذري بقوة الشارع، ومن العوامل التي تعزز ذلك، حالة الشلل والعجز الواضح للنظام والأحزاب، ومقاومة نخبها للتغيير. وقد ثبت قدرة الجماهير في الآونة الأخيرة على إحداث تعبئة شعبية شاملة وغير حزبية في أكثر من مناسبة: أولها تشكيل لوبي ضاغط من الشباب والمستقلين لإتمام المصالحة عبر تنظيم الاحتجاجات التي جرت بشكل مستقل وبعيداً عن الأحزاب الموجودة، وكان أخرها ما يجري في القدس المشتعلة من عدة أشهر من عمليات فردية ثأرية يقوم بها شبان على مسؤوليتهم بدافع الحماس والانتصار للقدس، واحتجاجاً على أوضاعهم
المأساوية، وممارسات الاحتلال العنصرية والقمعية ضدهم، وقد اكتفت التنظيمات الفلسطينية بإعلان المباركة والتأييد لا أكثر.

(3) بعد كل هذا، هل من مخرج؟

بطبيعة الحال لم تهدف محاولة استقصاء المعوقات والسلبيات التي تعتور العمل الحزبي في فلسطين، بأي حال من الأحوال، إلى التقليل أو الحط من شأنه؛ بل إنها انطلقت من الإيمان بدوره المأمول في العبور بالأمة نحو مستقبل أكثر إشراقاً.
ولهذا فإن الإجابة بكل تأكيد نعم، لكن المهمة ليست يسيرة. من أراد تجديد شبابه ومقاومة شيخوخته عليه التحرك في الاتجاه الصحيح بادئاً من الانحياز للشعب من خلال النزول إلى مشاكله مباشرة، والعمل على إشباع حاجاته فهي أصلاً سبب قيامه وسر استمراره، أما الركون للعويل واللجوء إلى التباكي عند مواجهة الفشل فلا يطعم البطون الجائعة خبزاً. وهنا أتسأل ألم يعد في استطاعة الأحزاب لعب دور المحامي؟!.
خلاصة القول، يريد المواطن أحزاباً تتسابق لخدمته قولاً وفعلاً، يحتاج من يضئ له الطريق ويرفع عنه الغمة والظلمة، وليس له حاجة في التنافس على انتصارات وهمية وشعارات فارغة وخطابات منبرية مليئة بالشتائم والسباب والتخوين فهي لا تساعده على الصمود على أرضه، كما أنها لا تقدم له الحياة الكريمة ولا المستقبل الأفضل. ولذلك فالأحزاب مدعوة للاستثمار في خدمة المواطنين من خلال تحديث الخطاب والبرنامج وتحسين الأداء السياسي لتجاوز ما تعانيه من شيخوخة وموت بطئ.... وإن لم يكن فإكرام الميت دفنه!.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف