الأخبار
غالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيرانيالجيش الإسرائيلي: صفارات الانذار دوت 720 مرة جراء الهجوم الإيرانيالحرس الثوري الإيراني يحذر الولايات المتحدةإسرائيل: سنرد بقوة على الهجوم الإيرانيطهران: العمل العسكري كان ردا على استهداف بعثتنا في دمشقإيران تشن هجوماً جوياً على إسرائيل بمئات المسيرات والصواريخالاحتلال يعثر على المستوطن المفقود مقتولاً.. والمستوطنون يكثفون عدوانهم على قرى فلسطينيةبايدن يحذر طهران من مهاجمة إسرائيل
2024/4/16
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

القضية الكردية رحلة نحو المجهول بقلم:حامد الحمداني

تاريخ النشر : 2015-04-19
القضية الكردية رحلة نحو المجهول بقلم:حامد الحمداني
من ذاكرة التاريخ

بعد نجاح انقلاب 8 شباط 1963  

القضية الكردية رحلة نحو المجهول


حامد الحمداني                                                           13/5/2015

أحدث نجاح انقلاب 8 شباط 1963 وجوماً كبيراً وقلقاً شديداَ لدى الغالبية العظمى من الشعب العراقي، إذا استثنينا قيادة وقواعد وجماهير الحزب الديمقراطي الكردستاني الذين خرجوا في مظاهرة في في مختلف المدن الكردية يباركون نجاح الانقلاب ويعبرون عن فرحتهم بسقوط نظام عبد الكريم قاسم، وسارع سكرتير الحزب إبراهيم احمد إلى إرسال برقية للانقلابيين يبارك فيه الانقلاب قائلاً: {اليوم تعانقت الثورتان .......إلخ}!!.

 وكان الطلاب الأكراد في بغداد قد شاركوا في الإضراب الذي أعلنه البعثيون والقوميون قبيل الانقلاب ضد حكومة عبد الكريم قاسم، وثورة الرابع عشر من تموز المجيدة.

 

ومن المؤسف جداً أن تحصل القناعة لدى قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني بأن إقامة نوع من التعاون مع تلك القوى البعثية والقومية لإسقاط حكومة عبد الكريم قاسم  يمكن أن يحقق لهم آمالهم في نيل الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي!!.

كان على قيادة الحزب والحركة الكردية أن تدرك النوايا الحقيقية لحزب البعث تجاه الشعب الكردي، ولاسيما وأن البيانات التي أصدرتها الجبهة القومية التي ضمت حزب البعث والقوميين قبل الانقلاب تنضح منها الشوفينية والكراهية للشعب الكردي وقضيتهم العادلة، فقد أصدرت الجبهة القومية التي ضمت البعثيين والقوميين بياناً في أواخر أيلول 1961 حول موقفهم من الحركة الكردية بعنوان:

[ بيان حول التطورات الأخيرة في شمال العراق ] وجاء في البيان :

{منذُ "الانحراف الرجعي" الذي قاده عبد الكريم قاسم بمعونة الحزب الشيوعي و"القوى الشعوبية" و"الاستعمار وعملائه" لعزل العراق عن الحركة التقدمية العربية، ظهرت في شمال العراق نزعات عنصرية مشبوهة تدعو زيفاً باسم الأكراد ومصلحتهم لتجزئة العراق، وتفتيت وحدته النضالية، واليوم ومنذُ الحادي عشر من هذا الشهر تجري المعارك المسلحة بين قوات الجيش ورجال العشائر الكردية الذين أعلنوا العصيان المسلح، ورفعوا شعار تجزئة العراق. والجبهة القومية تحمل [قاسم] مسؤولية ما يصيب الجيش، وتحذر العناصر الكردية المخلصة من الانسياق وراء دعاة التجزئة والانفصال والسير وراء تلك القيادات المشبوهة}.

أما جريدة الاشتراكي، لسان حال حزب البعث العراقي، فقد نشرت تصريحاً لمصدر قيادي بعثي نشر في أيلول 1962 بعنوان: [حول الحركة المشبوهة في الشمال ] وجاء في تلك الصحيفة ما يلي : {أن الحركة المسلحة التي قامت في شمال العراق منذُ أكثر من عام واحد أصبح استمرارها يمثل خطراً ليس على استقلال البلاد وحسن العلاقات بين الشعبين العربي والكردي فحسب، بل على وجود العراق ... إن هذه الحركة، وموقف قاسم منها تفوح منها رائحة التآمر والتواطؤ مع الاستعمار، فقيادة الحركة المسلحة بماضيها الملطخ بالدماء، والمتصف بالاعتداء، ونواياها العدوانية التي أفصحت عنها مراراً، وبغضها الأعمى يجعلها محلاً للشبهة والاتهام }.

 ثم عادت جريدة الاشتراكي في تشرين الثاني 1962 حينما كانت الاتصالات جارية بينهما

مع تبادل المذكرات، بنشر مقال بعنوان:[مخاطر الحركة المشبوهة في الشمال وموقف قاسم منها] ، وجاء فيها :

{إن الحركة الكردية المسلحة على الرغم من أنها معادية للحكم القاسمي إلا أنها بسبب ارتباطاتها وأساليبها واتجاهاتها لا يمكن أن تعتبر جزءاً من الحركة الوطنية في العراق، وباعتقادنا أن طرفي الفتنة [عبد الكريم قاسم] و[ قيادة الحركة الكردية] لا يمثلان رغبات الشعبين العربي والكردي ولا يعبران عن مصالحهما}!

 

وبعد كل هذا من حق  كل حريص على مصلحة الشعبين العربي والكردي أن يتساءل :

كيف حصلت تلك القناعة لدى قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني بوعود أعداء الشعب الكردي لكي يمدوا إليهم أيديهم للتعاون على إسقاط حكم عبد الكريم قاسم ؟

لكن قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني استمرت بمغازلة الانقلابيين من أجل إقامة التعاون بين الطرفين على الرغم من التحذيرات المتكررة التي وجهها الحزب الشيوعي لقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني من مخاطر الانجرار وراء الانقلابيين لإسقاط  حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم، والتي سوف تصيب بكل تأكيد الشعب الكردي بصورة خاصة والشعب العراقي بصورة عامة بأفدح الأضرار.

 إلا أن قادة الحزب لم يأخذوا بتلك النصيحة، وأخذوا يتبادلون المذكرات واللقاءات مع الانقلابيين، حيث جرت اللقاءات بين [العقيد طاهر يحيى] ممثل الانقلابيين و[صالح اليوسفي]عضو المكتب السياسي للحزب، وكان آخر لقاء مع الانقلابيين قد جرى في بغداد بين [علي صالح السعدي] أمين سر القيادة القطرية لحزب البعث والسيدين [ صالح اليوسفي] و[شوكت عقراوي] وذلك في 4 شباط 1963 ، قبل انقلاب الثامن من شباط بأربعة أيام . 

لكن الانقلابيين لم يقدموا أي تعهد خطي لقيادة الحزب، بل مجرد وعود شفوية لا غير، ولا تلزم أحداً، وكان واضحاً أن الانقلابيين كانوا يستهدفون بقاء الحركة الكردية على الحياد في صراعهم مع قوات عبد الكريم قاسم .

وفي التاسع عشر من شباط 1963 ، وصل وفد كردي مفاوض إلى بغداد ضم السادة [جلال الطالباني] و[صالح اليوسفي] و [شوكت عقراوي ] ومثّل الانقلابيين [أحمد حسن البكر] رئيس الوزراء و[ صالح مهدي عماش] وزير الدفاع و[طاهر يحيى] رئيس أركان الجيش و[ حردان التكريتي] قائد القوة الجوية، وتمخض اللقاء عن وعد بقرب إعلان الحكم الذاتي لكردستان.

لكن علي صالح السعدي أمين سر القيادة القطرية لحزب البعث سارع في اليوم التالي إلى اتهام قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني بالتعاون مع الشيوعيين !!، قائلاً:

{ نحن لا نمثل كل العرب، وكذلك الوفد الكردي لا يمثل كل الأكراد، ولذلك يتوجب الدعوة لعقد كونفرنس شعبي واسع لانتخاب عناصر أخرى لعضوية الوفدين}، وبذلك نسف السعدي المحادثات، ثم بدأ البعثيون يتحججون بخشيتهم من أن يثير إعلان الحكم الذاتي لكردستان انتقاد دعاة الوحدة العربية لتصرف الحكومة، وطلبوا من الوفد الكردي المفاوض التريث لبحث المشكلة الكردية جنباً إلى جنب مع مباحثات الوحدة مع عبد الناصر في القاهرة.

وبعد أيام جرى تشكيل وفد للتفاوض مع عبد الناصر، وقد ضم البعثيون السيد[جلال الطالباني] للوفد على مضض، وكان الطالباني ينوي عرض مطالب الشعب الكردي أمام الوفود المصرية والسورية والعراقية، لكن سفر الطالباني مع الوفد لم يلق قبول السيد البارزاني حيث صرح قائلاً:

{لقد أرسلت الطالباني للتفاوض في بغداد وليس في عواصم عربية}.

وفي 18 آذار عقد الحزب الديمقراطي الكردستاني مؤتمره في كويسنجق ضم 168 مندوباً بحراسة 2000 من قوات البيشمركة حيث تم دراسة الوضع السياسي العام، وقضية المفاوضات مع انقلابيي 8 شباط، وظهر في المؤتمر اتجاهان، الاتجاه الأول يمثله السيد جلال الطالباني، والذي دعا إلى الاستمرار في المفاوضات مع سلطة الانقلاب، والاتجاه الثاني ممثلاً بالسيد مصطفى البارزاني، والذي يدعو للاستعداد للقتال من جديد.

 وفي النهاية تقرر تشكيل لجنة مكونة من 35 مندوباً كي تعد قرارات المؤتمر، وجرى انتخاب وفد مؤلف من 14 مندوباً برئاسة السيد الطالباني، سبعة منهم هم أعضاء الوفد المفاوض، والسبعة الآخرين مستشارين للوفد.

وفي نهاية المؤتمر تم إعداد مذكرة تتضمن المطالب الكردية من الحكومة العراقية أكدت على قيام الحكم الذاتي في إطار الجمهورية العراقية، كما طالبت المذكرة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الكرد، ورفع الحصار عن كردستان، وإعادة المفصولين إلى وظائفهم وأعمالهم، وسحب القوات العسكرية من كردستان، إضافة إلى مطالب أخرى تتعلق بالمنطقة التي سيشملها الحكم الذاتي، والقضايا المتعلقة بالاقتصاد والثقافة.

 وفي 30 آذار وصل الوفد الكردي المفاوض إلى بغداد برئاسة السيد جلال الطالباني، لكن أحمد حسن البكر ماطل في استقبال الوفد، مما دفع الوفد إلى التهديد بالعودة إلى كردستان.

لكن طاهر يحيى تدخل في الموضوع واستطاع إقناع الوفد بتأجيل المفاوضات إلى الأول من شهر أيار مدعيا أن المطالب الكردية قد أرسلت إلى القاهرة لدراستها .

وفي العاشر من نيسان تم في القاهرة توقيع الإتحاد الفيدرالي بين مصر وسوريا والعراق، وفي 24 نيسان تقدم الجانب الكردي بمذكرة تضمنت مطالب جديد أخذت بالحسبان قيام الاتحاد الفيدرالي المذكور حفاظاً على الوجود القومي الكردي في ظل الإتحاد الجديد.

أخذت الحكومة تماطل في الاستجابة للمطالب الكردية واضعة المسؤولية على عاتق الرئيس عبد الناصر، واقترحت على الوفد المفاوض عرض المطالب على عبد الناصر، وطلبوا من السيد جلال الطالباني السفر مع الوفد الحكومي إلى القاهرة واللقاء مع عبد الناصر، لكن عبد الناصر تجاهل موضوع الحكم الذاتي، ولم يقدم أي مقترحات حول القضية الكردية، وهكذا أدرك السيد جلال الطالباني أن التفاوض مع البعث لا يعدو عن كونه مضيعة للوقت، وأنهم ليس بنيتهم الوفاء بوعودهم الكاذبة، فقرر العودة إلى كردستان من دون أن يمر ببغداد، فيما وضع النظام العراقي بقية أعضاء الوفد في الإقامة الجبرية.

 في 20 أيار أعادت الحكومة الحصار على كردستان وقطعت كل الطرق المؤدية إليها، وقامت بحملة اعتقالات واسعة شملت آلاف المواطنين الأكراد، وفي 9 حزيران اعتقلت الحكومة الوفد الكردي المفاوض، وأصدرت بياناً طالبت فيه باستسلام البارزاني وقواته خلال 24 ساعة، وبدأت الاستعدادات للحملة العسكرية الجديدة لقمع الحركة الكردية، وفي العاشر من حزيران شن الانقلابيون حملتهم العسكرية الشعواء على كردستان، تلك الحملة التي لم يشهد لها الشعب الكردي مثيلا بوحشيتها من قبل.

وهكذا خابت آمال القيادة الكردية من تحالفها مع الانقلابيين ، وكان ذلك الموقف الذي اتخذته القيادة الكردية بتحالفها مع الانقلابيين يمثل احد اهم الاسباب في سقوط ثورة الرابع عشر من تموز ، والكارثة التي حلت بالعراق منذ الثامن من شباط 1963وحتى يومنا هذا. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف