الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أربعون عاماً من الحرب الأهلية اللبنانية بقلم:علي بدوان

تاريخ النشر : 2015-04-18
أربعون عاماً من الحرب الأهلية اللبنانية بقلم:علي بدوان
أربعون عاماً من الحرب الأهلية اللبنانية :

ملاحظات سريعة ومختصرة
ـ

علي بدوان
استضافتي إذاعة مونتي كارلو الفرنسية الناطقة باللغة العربية بعد ظهر يوم الرابع عشر من نيسان/ابريل 2015 الجاري، في برنامج أداره الصديق كمال طربيه، بمناسبة الذكرى الأربعين لإندلاع الحرب الأهلية اللبنانية. لم أكن وحدي من ضيوف الحلقة التي إمتدت لساعة كاملة، فقد شاركني بالبرنامج كلاً من جوزف أبو خليل العضو التاريخي في المكتب السياسي لحزب الكتائب ورئيس تحرير جريدة العمل الناطقة بلسان الحزب سنوات الحرب الأهلية، إضافة للصحفي أسعد حيدر وهو شخص مُقرب من حزب الكتائب ايضاً ويمتلك ناصية الخطاب اليمين الكتائبي القواتي، اضافة الى الكاتب اللبناني خطار أبو دياب. والأهم من ذلك كان حضور القيادي السابق في جهاز أمن حزب الكتائب والقوات اللبنانية أسعد شفتري.

الحلقة وباللهجة اللبنانية كانت (معجوقة)، فساعة واحدة لاتحتمل وجود أربعة ضيوف، إثنين منهم ينتمون عملياً لحزب الكتائب، واخر من تاركي الحزب وأقصد أسعد شفتري، فيما كان خطار أبو دياب أقرب الى المهادنة في الوقت الضيق الذي أعطي له للحديث.

إدارة البرنامج، لم تكن عادلة ومُنصفة في مَنَح الوقت المناسب لكُلِ مُتحدث، فنال جوزف أبو خليل وقتاً أطول من اللازم، وأعطي لي الوقت القليل فقط، مع الإشارة أن الوقت الطويل الذي أعطي لأسعد شفتري كان هاماً لجهة تقديم الأخير إعتذاره الشجاع والعلني منذ سنوات عن عمله السابق وعن دوره في الجهاز الدموي الكتائبي (جهاز أمن حزب الكتائب وبعد ذلك جهاز أمن القوات اللبنانية) والذي قَتَلَ مواطنين لبنانيين من كل الطوائف، وبالطبع من السوريين والفلسطينيين.

في حديثه، يُعيد جوزف ابو خليل، وهو من عتاولة حزب الكتائب، ومن الدَقَة (باللبناني الدَئَة) القديمة، ومن أصحاب الخطاب الأحادي المُنغلق في الوقت نفسه، الخطاب المُتقادم الذي فقد صلاحيته، أعاد تكرار متوالية حزب الكتائب عن الحرب الأهلية التي يَنسِبُ إندلاعها للعامل الفلسطيني وحده دون غيره، مُبرئاً ساحة حزب الكتائب الذي دَخَلَ الحرب الأهلية عن سابق إصرارٍ وتصميم من أوسع أبوابها مُعتبراً نفسه الدولة والوطن والشعب، ومتجاهلاً التربة الخصبة في البيئة اللبنانية الداخلية التي هيأت لإندلاع شرارات تلك الحرب المجنونة المُدمرة وعلى يد حزب الكتائب قبل غيره.

وعندما نتحدث عن البيئة اللبنانية الداخلية الرخوة، التي لم يُدرك جوزف أبو خليل قصدنا بالإشارة اليها خلال الحوار الإذاعي، نتحدث فوراً عن وجود صراع حقيقي تحت الرماد سبق إندلاع الحرب بين أغلبية لبنانية مسحوقة من عامة الطوائف وخصوصاً منها (العامليين) في عكار والضنية والجنوب والهرمل وعموم أبناء المناطق المُهمشة، وبين طبقة سياسية تألفت وألتحمت في تحالف طبقي مع بعضها البعض، من لوردات وأمراء نظام المحاصصة الفوقية الذي صاغته فرنسا إبان إنتدابها على لبنان.

 لقد وقعت حادثة أوتوبيس عين الرمانة التي كانت شرارة الحرب التي لم تكن في البداية أهلية وطائفية كما أصبحت بعد ذلك، بل لقد كانت عملياً حرب الأغنياء على الفقراء، فكان من اهداف حزب الكتائب ومن تحالف معه من حزب الوطنيين الأحرار وحزب التنظيم وقتلة ومجرمي ومعتوهي حزب حراس الأرز، إفراغ مناطق مُكتظة بالعمال الفقراء في قلب منطقة صناعية حيوية، ومنها مخيم تل الزعتر والمسلخ والكرنتينا ومخيم ضبية وجسر الباشا، وشاءت الأقدار أن هذه التجمعات الفقيرة كانت وسط منطقة من بيئة دينية مُحددة، فتداخل العامل الطائفي مع العامل الطبقي، ومن ثم جاءت العوامل الخارجية التي كانت بالأساس حاضرة ومُشاركة ومهيأة، لكنها دخلت هذه المرة على الخط العريض من الأزمة، ومنها الطرف "الإسرائيلي" الذي كانت خيوطه متشابكة مع حزب الوطنيين الأحرار وحزب الكتائب ومن ثم عصابات حزب التنظيم وحراس الأرز.

لقد كان بعضاً من هؤلاء قد أقام صلاته مع "الإسرائيليين" منذ ثورة العام 1958 في لبنان، وتحديداً حزب الوطنيين الأحرار بزعامة رئيسه كميل شمعون، وقد امتدت تلك العلاقة لحزب الكتائب حين قام الشاب الصغير في حينها (...) بزيارة "إسرائيل" عام 1968 وتلا زيارته تلك قيامه بإرتكاب مجزرة الدكوانه عام 1969 حين قتل وقطع رؤوس (32) فلسطينياً. تلك الواقعة المُتعلقة بزيارة (...) الى "إسرائيل" ورد ذكرها في العديد من المصادر التي يُمكن الإعتداد بها.

ولاننسى في هذا المقام، ان النظام إياه لم يوفر اللاجئين الفلسطينيين على إمتداد السنوات التي سبقت حتى الوجود الفلسطيني المسلح فوق الأرض اللبنانية وتحديداً من عام (1948 الى العام 1968) عندما كان اللاجئين الفلسطينيين ضحايا مكشوفين وبلا رحمة، على مذبح نظام المحاصصة الـ (ط)، الذي نَكّل بهم أيما تنكيل، وحول مخيماتهم وتجمعاتهم الى مناطق بؤس وحرمان، مازالت علائم تلك الحالة قائمة حتى الآن على أرض الواقع. فهل كان المكتب الثاني اللبناني رئيفاً ورحيماً ومتعاطفاً مع لاجئي فلسطين أم كان عنواناً للتنكيل بهم .. إن صرخات من فارق الحياة من عامة اللاجئين الفلسطينيين في سجون الليرزة في تلك الفترة (1948 الى 1968) مازالت تَصُم الآذان، ومازال صوت الشهيد اللاجىء الفلسطيني من مخيم المية ومية الشهيد جلال كعوش وغيره من مئات الشهداء، يُطلق الصيحة المدوية في وجه نظام طائفي قتلته الميليشيات الطائفية الفاشية، وهي ذاتها التي مازالت تصطف وتَعزف على الوتر نفسه ولكن دون سلاح هذه المرة... !

وعليه، إن العامل الفلسطيني، والشعب الفلسطيني، الذي تَجمعه بلبنان وشعب لبنان ومسحوقيه نسيج واحد، قد يكون سَرَّعَ بمفاعيل الحالة اللبنانية الداخلية، وبالتالي لم يَكن هو العامل الحاسم أو الأساسي الذي جاء بتلك الحرب، بل العكس دفع الفلسطينيون الثمن الأكبر في تلك الحرب من دماء ابنائهم (نُذكّر جوزف أبو خليل وغيره من اصحاب الذاكرة المثقوبة التي أعماها النظرة الحادية أن أكثر من نصف مليون مواطن لبناني كان يُقيم ويعمل في فلسطين في حيفا ويافا وعكا وغيرها في فلسطين قبل النكبة في وقت لم يكن فيه يتجاوز عدد سكان لبنان مليون ونصف مواطن، وان كميل شمعون وبيير جميّل قاما عام 1949 بتجنيس نحو 20 الف لاجئ فلسطيني من مسيحيي فلسطين في لبنان لأسباب طائفية بحتة وليس حباً بهم او بفلسطين أو لأسباب وطنية لبنانية صرفه، فيما اجتاحت قوات الكتائب المخيمات الفلسطينية ذات الطابع المسيحي لمن رفض التجنيس بدايات الحرب الأهلية في جسر الباشا وضبية وارتكبت فيها المجازر فيها).  

هنا، من المفارقات العجيبة، أن يُقارن جوزف ابو خليل بين أوضاع الفلسطينيين في لبنان واوضاعهم في سوريا، لجهة عدم سماح سوريا للعمل السياسي والعسكري الفلسطيني، مُتناسياً ان اللاجىء الفلسطيني في سوريا مواطن كامل المواطنية كالمواطن السوري مع احتفاظه بجنسيته، وأن القواعد والمعسكرات والمواقع الفلسطينية كانت ومازالت موجودة في سوريا، لكنها تحكمها بالطبع تفاهمات وطنية مقبولة في ظل وجود نظام يختلف كلياً عن بنية نظام أمراء الطوائف والحروب الميلشياوية في لبنان.     

وعليه، كانت التناقضات الداخلية اللبنانية في بيئة مُتخمة بالمفارقات، والبعيدة عن التوازن، هي الأساس في إندلاع شرارات تلك الحرب المجنونة، فيما دخل العامل الإقليمي والتدخلات والتداخلات من اوسع ابواب تلك الحرب التي اطلق شراراتها حزب الكتائب، والتي راح ضحيتها الألاف من الفلسطينيين واللبنانيين. والدليل الأسطع على ذلك أن تحالف الكتائب وقوى اليمين الفاشي اللبناني واجه أكثر من ثلثي الشعب اللبناني، وأن العامل الفلسطيني كان مندغماً في تحالف القوى المشتركة اللبنانية التي كانت تضم القوى الوطنية واليسارية والعلمانية اللبنانية وعلى راسها الحزب التقدمي والشيوعي والناصريين ومنظمة العمل والحزب القومي ... الخ (وهنا لانتحدث عن الدكاكين والأحزاب الصغيرة التي تم تفريخها من قبل مُختلف الأطراف لإغراق الساحة وخلط الأوراق).

لقد أسدل اتفاق الطائف الستار على الحرب الأهلية، لا بسبب من ايمان فرسانها بأهمية السلم الأهلي، بل نتيجة ايمان قطاعات واسعة من الشعب اللبناني برفضها ورفض العودة اليها، فقد التهمت تلك الحرب فقراء لبنان وفلسطين وسوريا، بينما بقي فرسان تلك الحرب أمراء على منصة المشهد.

إن النقد الجرىء للسيد أسعد شفتري يُشكر عليه، وهو فضيلة في حياة البشر والإنسان، ويُسجّل له في خانة الوقفة النقدية الشجاعة، ويدفعني لمد يدي الى يده من أجل المحبة والسلام والعمل بقضايا الناس والمجتمع وخدمة العامة.

 وبقي على حزب الكتائب ومعه مجموعات سمير جعجع التي تسمي نفسها القوات اللبنانية ان تَعتذر عن الجرائم التي ارتكبتها في الحرب الأهلية. فالمجازر التي تم ارتكابها في مسارات الحرب الأهلية كانت جميعها على يد حزب الكتائب وقوى اليمين الفاشي على وجه التحديد، من السبت السود الى ضبية وجسر الباشا والمسلخ والكرنتينا وتل الزعتر وصبرا وشاتيلا وصولاً لمجازر الجبل في حرب 1984 واغتيال الشهيد رشيد كرامي.

أخيراً، لقد غَرِق الفلسطينييون في آتون الحرب الأهلية اللبنانية المجنونة والمرفوضة، التي فُرضت عليهم في فصول منها، وارتكبوا خلالها العديد من التجاوزات، لكنهم لم يرتكبوا أي أعمال عنفية انتقامية بحق الناس والمدنيين على خلفيات طائفية، ولنتذكر أن العديد من قادة العمل الميداني الفلسطيني في منطقة بيروت سنوات لهيب الحرب الأهلية كانوا من مسيحيي فلسطين وعلى رأسهم المرحوم الرجل الشجاع ناجي علوش الذي شغل موقع قائداً لحركة فتح وموجهاً سياسياً لقواتها في بيروت تلك السنوات.

ومع هذا، من الضروري اعادة تقييم تلك المرحلة التي تجاوزها أغلب القادة الفلسطينيون وتجاوزوا آلامها، ووقف معظمهم أمام نفسه نظرة نقدية تقييمية، حيث بانت ملامح تلك الحالة النقدية من خلال النهج الفلسطيني بعد العام 1988 عندما انتهت حرب المخيمات الظالمة التي شنت على الوجود الفلسطيني في حينها. ولكن مع هذا مازالت لبنان الرسمي على حاله بالنسبة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث الفاقه والحرمان وتحويل المخيمات لجزر من البؤس والحرمان ووضعها على قائمة الإستثمار والإستخدام الداخلي والخارجي تحت عنوان زائف (بعبع التوطين).

أخيراً، في حلقة البرنامج، كان كمال طربيه مُنحازاً لختيار حزب الكتائب جوزف ابو خليل ولخطاب التسطيح الكتائبي. وتمنيت لو لم أكن مُشاركاً بالبرنامج إياه، لأن دعوتي كانت على مايبدو (تكحيلة) لا أكثر ولا أقل.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف