" رغيف جدتي "
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
====================
آخر ما جادت به قريحة الكاتب .
إهداء خاص :
إلى روح جدتي ( أم عوض ) رحمها الله
تقديم :
راوي النص هو نفسه بطل النص ... وأحداث النص حقيقة وقد حدثت على أرض الواقع بالفعل .
( الكاتب )
--------------------
" رغيف جدتي "
.. في إحدى زياراتي للقرية ... وعندما انتهى الزيارة .. وبينما كنت بصدد المغادرة .. صممت جدتي – رحمها الله – وألحت عليّ بضرورة أن أتناول طعام الإفطار قبل المغادرة .
ولما كنت – بطبعي – لا أميل لتناول أي طعام قبل قيامي بأي رحلة سفر بالسيارة .. فلقد عزفت عن الانصياع لمطلب جدتي بضرورة تناول طعام الإفطار والمكون من " خبز الطابون " ( خبز التنور ) البدائي .. ( أو لعله خبز الصاج القروي الشهير ) ... والجبن الأبيض المعروف بنكهته وصيته الذائع .. وزيت الزيتون البلدي ، والزعتر ( الصعتر ) الجبلي .
ورغم كل تلك الإغراءات والمؤثرات فلقد بقيت على إصراري وعنادي لأنني أدرى بأموري الشخصية والصحية والنفسية .. ذلك لأن تناول الطعام قبل السفر يسبب لي المشاكل الصحية الجمة خلال السفر .
والحال كذلك ... لم تجد جدتي مفراً من اللجوء إلى طريقة أخرى ؟؟!! فلقد صممت بل وأقسمت إلا أن تعطيني " رغيف الخبز " وأن تجبرني على حمله " زوادة الطريق " .. داخل مظروف بلاستيكي رقيق ...
وبعد أن قمت بتوديع الأهل والأقارب والجيران والصعود إلى السيارة العمومية التي سأستقلها لمغادرة القرية .. وعند وصولي إلى المحطة التالية في المدينة الكبيرة في رحلة السفر الطويلة .. وجدت بأن لديّ المتسع من الوقت .. والشهية الجيدة لتناول بعض الطعام ؛ خاصة وأن السفر كان طويلا بعض الشيء .
.. رغم أني – بطبعي – لا أميل لتناول الطعام في العادة خارج المنزل .. ولا أميل لأطعمة المطاعم .. فلقد قررت المجازفة بالتعريج إلى أقرب مطعم " شعبي " في المدينة الكبيرة والذي يشتهر بتقديم الوجبات الشهية الشهيرة من " الفول المدمس " ..
جلست على أحد المقاعد الخشبية المتآكلة .. وقد وضع إلى جانبه " منضدة " قديمة متهالكة ... وطلبت صحن " طبق " فول مدمس ؟؟!! .
سرعان ما كان يأتيني - حيث أجلس – الطبق المطلوب تسبقه رائحته النفاذة الزكية .
أخرجت "رغيف جدتي " من المظروف البلاستيكي ...... وبدأت في تناول قطع الخبز بنهم ولذة بعد أن " أغمسها " في طبق الفول وأقتطع جزءاً منه .
عندما انتهيت من التهام "رغيف جدتي " الشهيّ ومحتويات طبق الفول , نهضت من مكاني وتوجهت ناحية صاحب المطعم الشعبي - والذي كان يتابعني ويرمقني بنظرات غريبة عن كثب - ؟؟!! لكي أقوم بدفع الحساب.
أنقدته المبلغ الذي طلبه بعد أن سألني عما تناولته من طعام ؟!.. فأخبرته بأنه طبق الفول فحسب ؟!
فلما أخبرني عن الثمن ... أنقدته المبلغ ..
وقبل أن أهم بالمغادرة شاكراً ... نظر نحوي بابتسامة غريبة ، وراح يتمتم بما يشبه الهمس .. وما يشبه العتاب والتقريع والتقريظ :
" لا داعي لأن تأتي بخبز القرية معك في المرة القادمة .. فلدينا هنا في المدينة الخبز الكثير الوفير .. من إنتاج المخابز الأتوماتيكية الحديثة " ؟؟!! .
(( انتهي النص ... وانتقلت جدتي إلى رحمة الله ... ولم أسافر - ومنذ عقدين من الزمن - لتلك المدينة ولا للقرية الحبيبة الغالية .. فالحصار اللعين المفروض علينا لم يدع لي فرصة للسفر ... ولكن الذكريات الجميلة الرائعة ... عن ( رغيف جدتي ) ما زالت عالقة في ذهني .. وإلى الأبد )) ...
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
====================
آخر ما جادت به قريحة الكاتب .
إهداء خاص :
إلى روح جدتي ( أم عوض ) رحمها الله
تقديم :
راوي النص هو نفسه بطل النص ... وأحداث النص حقيقة وقد حدثت على أرض الواقع بالفعل .
( الكاتب )
--------------------
" رغيف جدتي "
.. في إحدى زياراتي للقرية ... وعندما انتهى الزيارة .. وبينما كنت بصدد المغادرة .. صممت جدتي – رحمها الله – وألحت عليّ بضرورة أن أتناول طعام الإفطار قبل المغادرة .
ولما كنت – بطبعي – لا أميل لتناول أي طعام قبل قيامي بأي رحلة سفر بالسيارة .. فلقد عزفت عن الانصياع لمطلب جدتي بضرورة تناول طعام الإفطار والمكون من " خبز الطابون " ( خبز التنور ) البدائي .. ( أو لعله خبز الصاج القروي الشهير ) ... والجبن الأبيض المعروف بنكهته وصيته الذائع .. وزيت الزيتون البلدي ، والزعتر ( الصعتر ) الجبلي .
ورغم كل تلك الإغراءات والمؤثرات فلقد بقيت على إصراري وعنادي لأنني أدرى بأموري الشخصية والصحية والنفسية .. ذلك لأن تناول الطعام قبل السفر يسبب لي المشاكل الصحية الجمة خلال السفر .
والحال كذلك ... لم تجد جدتي مفراً من اللجوء إلى طريقة أخرى ؟؟!! فلقد صممت بل وأقسمت إلا أن تعطيني " رغيف الخبز " وأن تجبرني على حمله " زوادة الطريق " .. داخل مظروف بلاستيكي رقيق ...
وبعد أن قمت بتوديع الأهل والأقارب والجيران والصعود إلى السيارة العمومية التي سأستقلها لمغادرة القرية .. وعند وصولي إلى المحطة التالية في المدينة الكبيرة في رحلة السفر الطويلة .. وجدت بأن لديّ المتسع من الوقت .. والشهية الجيدة لتناول بعض الطعام ؛ خاصة وأن السفر كان طويلا بعض الشيء .
.. رغم أني – بطبعي – لا أميل لتناول الطعام في العادة خارج المنزل .. ولا أميل لأطعمة المطاعم .. فلقد قررت المجازفة بالتعريج إلى أقرب مطعم " شعبي " في المدينة الكبيرة والذي يشتهر بتقديم الوجبات الشهية الشهيرة من " الفول المدمس " ..
جلست على أحد المقاعد الخشبية المتآكلة .. وقد وضع إلى جانبه " منضدة " قديمة متهالكة ... وطلبت صحن " طبق " فول مدمس ؟؟!! .
سرعان ما كان يأتيني - حيث أجلس – الطبق المطلوب تسبقه رائحته النفاذة الزكية .
أخرجت "رغيف جدتي " من المظروف البلاستيكي ...... وبدأت في تناول قطع الخبز بنهم ولذة بعد أن " أغمسها " في طبق الفول وأقتطع جزءاً منه .
عندما انتهيت من التهام "رغيف جدتي " الشهيّ ومحتويات طبق الفول , نهضت من مكاني وتوجهت ناحية صاحب المطعم الشعبي - والذي كان يتابعني ويرمقني بنظرات غريبة عن كثب - ؟؟!! لكي أقوم بدفع الحساب.
أنقدته المبلغ الذي طلبه بعد أن سألني عما تناولته من طعام ؟!.. فأخبرته بأنه طبق الفول فحسب ؟!
فلما أخبرني عن الثمن ... أنقدته المبلغ ..
وقبل أن أهم بالمغادرة شاكراً ... نظر نحوي بابتسامة غريبة ، وراح يتمتم بما يشبه الهمس .. وما يشبه العتاب والتقريع والتقريظ :
" لا داعي لأن تأتي بخبز القرية معك في المرة القادمة .. فلدينا هنا في المدينة الخبز الكثير الوفير .. من إنتاج المخابز الأتوماتيكية الحديثة " ؟؟!! .
(( انتهي النص ... وانتقلت جدتي إلى رحمة الله ... ولم أسافر - ومنذ عقدين من الزمن - لتلك المدينة ولا للقرية الحبيبة الغالية .. فالحصار اللعين المفروض علينا لم يدع لي فرصة للسفر ... ولكن الذكريات الجميلة الرائعة ... عن ( رغيف جدتي ) ما زالت عالقة في ذهني .. وإلى الأبد )) ...