الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رجس من الشيطان بقلم ريحان يحيى

تاريخ النشر : 2015-04-01
رجس من الشيطان بقلم  ريحان يحيى
رغم أنني اخترت دخول الفرع الأدبي في الثانوية العامة، ورغم قدرتي الكبيرة منذ صغري على الحفظ باتباع منهجيات ربط الأفكار واختراع القصص لتسهيل عملية الاستذكار, ورغم ارتباط مادة التاريخ في ذهني " بالفريسة السهلة" التي أستطيع اصطيادها بمهارة, أو بلعبة " ماريو" القديمة التي أستطيع أن أحقق بها أعلى النقاط، إلّا أنني يوما ما استسغت هذه المادة ولا تمعنت في أهميتها، كانت دائماً مدعاة للشعور بالحسرة والحزن العميق على خسائرنا وقلة حيلتنا، وعند سماعي لعبارة: " نحن نتعلم التاريخ لنعرف كيف نتعامل مع الحاضر والمستقبل" كنت حقا أبكي في داخلي ضحكاً على سذاجتنا، نحن الذين ما تعلمنا إلّا عدَّ " الخوازيق" دون أخذ العبر على مدى سنين طويلة.
التاريخ حينما نستقبله كسرد لأحداث جرت في وقت نحن أنفسنا لم نكن فيه موجودين على سطح البسيطة، يصبح مجرد شيء خارج عن حدود الزمان لدينا، أحداث لا تربطنا بها ذكريات وشخوص ليس لها صور في أذهاننا، تصبح معها أحداث التاريخ سرداً مملا لا يعنينا.
وهذا كله يتغير عندما نقرر أن نغير طريقة استقبالنا للأحداث التاريخية والزاوية التي نرى بها الأمور، وبواقع دراستي للإعلام اخترت وإن بشكل ما لم أدركه، أن أجعل من التاريخ صديقاً عزيزاً أطل من خلاله على نوافذ الماضي لأفهم أين أنا الآن، فما فائدة ادعائك أنك "صحفي" دون امتلاكك اطلاعاً تاريخياً أعمق من غيرك!
اخترت أن أطل على التاريخ من نافذة " الاتصال" كوني اخترت الإعلام" طريقاً، لأفهم كيف طوَّر الإنسان وسائل الاتصال عبر آلاف السنين، لأجد مذهولة أن كل تطور اجتماعي وصل إليه الإنسان كان نتيجة ابتكاره لطريقة اتصال جديدة, ابتداء بالعصر الشفاهي والاعتماد على الذاكرة، مروراً بابتكار الإنسان للحروف الأبجدية، ولجوئه فيما بعد إلى الكتابة لأغراض التوثيق، وصولاً إلى اختراع المطبعة والتي كانت إيذاناً ببداية عصر الاتصال الجماهيري وانتشار الصحف والمجلات بين الناس، وكيف أسهم ذلك في كسر احتكار السلطة الحاكمة ورجالات الدين في أوروبا للمعرفة، هؤلاء الذين سعوا جاهدين إلى حرمان عموم الناس من المعرفة باعتبارها أداة للتغيير- وربما تغييرهم هم- وكم ذهلت عندما علمت أن المطبعة لم تدخل البلاد العربية إلا بعد ثلاثة قرون من اختراعها في أوروبا، وقد كانت البلاد العربية خاضعة وقتها للدولة العثمانية، والتي ساء أسلوب حكمها للبلاد في النهايات، فقد تم منع دخول المطابع إلى البلدان العربية بفتوى من شيخ الإسلام و الذي اعتبر فيها المطابع " رجزاً من الشيطان" واقتصر السماح باستخدامها على المسيحيين واليهود في نطاق محدود, وكان ذلك نتيجة للخوف من انتشار المعرفة بين عموم الناس، فالإنسان عندما يعرف أكثر وعندما يستطيع أن يجمع خيوط الأحداث يستطيع أن يفكر، وأن يتفكر في واقعه، في مشاكله، فيما يؤرق راحته، وأن يحلم بالتغيير، أن يحلم بالمشاركة في القرار وأن يكون لصوته صدى يسمع، وهذا كان أمراً غير مسموح به في ظل حكم نخبة سلطوية، ترى في خروجك عن القطيع، فساداً يؤذي البلاد ويضر مصلحتها العليا، هذه البلاد التي هي ملك لفئة دون غيرها فقط.
سمح للمطبعة بدخول البلاد العثمانية بفتوى أخرى من شيخ الإسلام كذلك، واقتصر وجودها بداية في الاستانة ( اسطنبول) وبعض الأديرة ودور العبادة للمسيحيين واليهود، وسمح بطباعة كتب محددة دون غيرها، ومع مرور الأيام زادت المطابع ودخلت المطبعة ذات الحروف العربية الى البلاد العربية في منتصف القرن التاسع عشر، في الوقت الذي بدأ فيه العرب يفكرون في إصدار الصحف، وإخراج أفكارهم من رؤوسهم، كانت أوروبا تنعم بالنعم التي جلبتها لها المطابع قبل عشرات السنين، من انتشار واسع للتعليم، وتمرد على أفكار الكنيسة الكاثوليكية المتشددة و تأسيس مجالس النواب وانتشار للجامعات وسيادة مبدأ المنطق،وما ترتب عليه من ثورات علمية وصناعية، وثراء اقتصادي، وما تبعه من أطماع استعمارية في البلاد العربية، وتشدق البلاد الغربية برغبتها في نشر المفاهيم الديموقراطية عندنا رغم ممارساتها الانتدابية السلطوية.
يمكننا الآن أن نقرأ التاريخ بنظرة مختلفة، وأن نرى أن من قُدر لهم أن يحكمونا في يوم من الأيام كانوا سبباً في تجهيل أجيال عربية كاملة وإبقائنا متجمدين في مكاننا غير قادرين على مواكبة الركب، كل ذلك بسبب قرارات أنانية من أشخاص لم يروا أبعد من مقدمة أنوفهم، معتبرين أن استدامة بقائهم في النعيم مرادف لاستدامة بقائنا في ظلمات الجهل، وأرى فعلاً أن التاريخ يعيد نفسه بطرق مختلفة ليقودنا إلى نتائج مشابهة دائماً.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف