الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أيها القرآنيون...نبيكم نبينا ولكن لا تفقهون (1) تدوين السنة المطهرة بقلم عبد المجيد النجار

تاريخ النشر : 2015-03-28
أيها القرآنيون...نبيكم نبينا ولكن لا تفقهون (1)
تدوين السنة المطهرة
بقلم/ عبد المجيد النجار
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فقد أخذ بعض من تعلم القراءة والكتابة يعطي نفسه الحق في نقد السنة النبوية المطهرة من غير دراسة أو تعلم، مع أن للسنة النبوية علوما تحتاج إلى متخصصين لدراستها ونقدها، هذه العلوم لا تقل أهمية عن علوم الطب والهندسة والطبيعة وغيرها من العلوم، ولن أقول هي أشرف هذه العلوم ـ وهي أشرفها حقا لتعلقها بمدارسة سنة نبينا صلى الله عليه وسلم أشرف مخلوق وأعظم رسول ـ، ولكني أقول هي مثلها في خدمة دين الله عز وجل من حيث إثبات وجود الخالق سبحانه وتعالى ووحدانيته ووجوب طاعته ودليل صدق على نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
هؤلاء الذين يتصدَّون لنقد علوم السنة والشرع الشريف بعضهم حاصل على مؤهلات متوسطة، ومنهم من حصل على مؤهلات عالية، ومنهم من حصل على درجات علمية عليا في تخصصات أخرى لا تؤهلهم للحديث في هذه العلوم؛ ومع أن لعلوم السنة المطهرة مثل ما للعلوم الأخرى من خصوصيات لا يسبر أغوارها إلا المتخصصون في دراستها؛ إلا أننا نجد هؤلاء يعطون لأنفسهم الحق في نقد علوم السنة المطهرة تحت مسمى التنوير وإعمال العقل، مع أنهم عند علوم الطب والهندسة والطبيعة وغيرها يقفون ولا يتحركون، ويسكتون ولا ينبسون، تاركين المجال للعلماء المتخصصين في هذه العلوم، وكأن عقولهم لا تنشط إلا عند الافتراء على علوم السنة، وكأن التنوير لا يكون إلا في معارضة ثوابت علوم الشرع الشريف، أما في العلوم الأخرى فتكون عقولهم متحجرة، لا تستطيع أن تجدد في هذه العلوم شيئا .
ينقدون السنة المطهرة لا لتنقيتها من الضعيف والموضوع كما يفعل علماء الحديث أنفسهم؛ ولكن لنبذها ورفضها كلية، وذلك بحجة الدفاع عن القرآن الكريم، مع أن ما يفعلونه فيه مخالفة صارخة لصريح القرآن الكريم حيث يقول الله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) والذكر هنا هو الوحي الشريف، والوحي هو كل ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرآن وسنة، بدليل قوله تعالى (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)، فكل ما ينطق به النبي صلى الله عليه وسلم وحي، سواء كان قرآنا أو سنة، وكلاهما تكفل الله بحفظه، وإيماننا بالقرآن الكريم يجعلنا مطمئنين إلى أن ما يفعله هؤلاء لن يستمر، وإنما سيأخذ دوره في النشاط أياما معدودة ثم يذهب أدراج الرياح كما ذهب غيره من الدعوات الهدامة على مدار التاريخ (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) .
وإيماننا بأن ذلك لن يصمد طويلا ولن يعيش كثيرا لا يمنعنا من الاضطلاع بدورنا في تصحيح المفاهيم الخاطئة التي وقع فيها هؤلاء، ومن هؤلاء/ عادل نعمان الذي كتب مقالا بعنوان "نبينا في قرآننا .. ونبيهم في البخاري" المنشور بالموقع الإلكتروني لجريدة "المصري اليوم"، ـ وبغض النظر عن هذا الأسلوب الداعشي في عنوان مقاله الذي يدعو إلى التفرقة بين المسلمين الذين آمنوا بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، حيث جعل لنفسه ولذويه ممن يسير على منهجه نبيا آخر يختلف عن النبي الذي يؤمن به سائر المسلمون ـ فإنه ادعى في مقاله أن روايات الحديث الشريف سجلت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من مائة عام، وهو معذور لأنه لم يتعلم علوم السنة المطهرة من مصادرها الأصلية، فوهم أن السنة لم تدوَّن إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولو أنه تعَّلم لعلم أن السنة النبوية بدأ تدوينها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قام عدد من الصحابة رضي الله عنهم بكتابة ما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم بغرض حفظه أو تعليمه أو إرساله إلى من يستفيد منه، من ذلك: الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو، وكتاب سعد بن عبادة، وكتاب معاذ بن جبل، وكتاب عبد الله بن مسعود، وكتاب أبي رافع، وصحيفة على بن أبي طالب رضي الله عنهم .
يقول الدكتور حسين شواط في كتابه "حجية السنة وتاريخها":
" ساد اعتقاد خاطئ لدى كثير من المستشرقين ومن شايعهم من المنتسبين للإسلام بأن السنة لم تكتب إلا في القرن الثاني، وقد يكون سبب هذا الاعتقاد الجهل حينا، وتغرّض هذا الدين والرغبة في النيل منه حينا آخر، لأن هذا الاعتقاد لا يثبت أمام حقائق التاريخ كما سيتضح من خلال نماذج مما كُتب من السنة في عهد النبي
صلى الله عليه وسلم والصحابة، ولذلك فقد اعترف عدد من المستشرقين بكتابة الأحاديث منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن هؤلاء Macdonald الذي قال: " نحن لدينا أدلة عديدة عن هؤلاء الصحابة المترجمين لسيرته الذاتية والذين قاموا بتسجيل كلمات النبي صلى الله عليه وسلم كما قالها"،ومنهم أيضا: Sprenger, Muir, Duck, Horovitz" .
لقد ثبتت كتابة كثير من السنن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بلغ مجموع ذلك حد التواتر المفيد للعلم القطعي، ونذكر ثلاثة أمثلة كدليل على وجود غيرها:
1- قوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "اكتبوا لأبي شاه"، وهو صحابي من اليمن طلب كتابة خطبة الوداع .
2- وعن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: تكتب كل شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأومأ بأصبعه إلى فيه، وقال: "اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق" .
3- وعن أبي هريرة قال: "ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب" .
إن المتتبع للتاريخ المبكر لكتابة السنة يجد نفسه أمام ثروة كبيرة ثبتت كتابتها في ذلك العهد وتمثل جزءا كبيرا من السنة مما يجعلنا نجزم بأن السنة كانت محفوظة في السطور والصدور معا منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد دَوَّن عدد من الصحابة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم بغرض الحفظ أو الإفادة بها، ومن ذلك:
1- الصحيفة الصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص، وقد اشتملت على ألف حديث.
2- كتب سعد بن عبادة.
3- كتاب معاذ بن جبل.
4- كتاب أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم.
5- صحيفة علي بن أبي طالب.
6- صحيفة جابر بن عبد الله الأنصاري.
ولا شك أن هذه النماذج كافية للدلالة على كثرة ما كتب من السنة في ذلك العهد النبوي، وفيه رد علمي قوي على ما ذهب إليه بعض المستشرقين ومن قلدهم من أن السنة قد تأخرت كتابتها، علما بأن كثيرا من هذه المدونات المبكرة محفوظة في أمهات كتب السنة، وكتب المغازي والسير والتاريخ .
وعند الحديث عن تدوين السنة المطهرة يجب مراعاة الآتي:
ـ كان تدوين السنة في عهد الصحابة والتابعين إلى عهد عمر بن عبد العزيز يتم بجهود فردية، أما التدوين الرسمي العام فقد مر بثلاث مراحل كما سيأتي .
ـ لم تتوافر الدواعي على التدوين العام للسنة في هذا العهد، لعدم الحاجة إلى ذلك، فالصحابة متوافرون، والحديث محفوظ بإتقان، يروونه للتابعين، ويتداولونه فيما بينهم، فلما خيف على الحديث أن يندرس ويذهب بذهاب حفاظه ظهرت الحاجة إلى تدوينه، فقامت بذلك الدولة المسلمة على يد عمر بن عبد العزيز، ثم تنافس أهل العلم في ذلك .
ـ كانت الرواية الشفوية للسنة بضوابطها المتقدمة هي الطريقة الأكثر اعتمادا في القرن الأول للهجرة، وقد زامن ذلك كتابات كثيرة اعتمد عليها من بعدهم في التدوين ثم التصنيف .
ـ أما التدوين الرسمي العام للسنة فقد مر بثلاث مراحل:
* المرحلة الأولى: طرحت فكرة تدوين الدولة للسنة على البحث في عهد عمر رضي الله عنه وربما كان ذلك بإشارة من بعض الصحابة، لكن عمر تخلى عن الفكرة بعد استخارة دامت شهراً، ويبدو أن موضوع جمع القرآن في الصحف ثم في المصحف قد أخذ الأولوية وشغل بال الخلفاء الثلاثة الأول حتى أنجز في عهد عثمان رضي الله عنه، أما علي رضي الله عنه فقد انشغل بحل الخلافات وما زامنها من الحروب ولم يتفرغ للتفكير في جمع السنة.
* المرحلة الثانية: ما قام به أمير مصر عبد العزيز بن مروان (ت85)، وقد عرف بحبه للعلم وحرصه على السنة، فقد قال محدث مصر الليث بن سعد: حدثني يزيد بن أبي حبيب أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى كثير بن مرة الحضرمي- وكان قد أدرك بحمص سبعين بدريا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- أن يكتب إليه بما سمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحاديثهم إلا حديث أبي هريرة فـإنه عنـدنا"، فحديث أبي هريرة كان مكتوبا عند أمير مصر، وعدده 5374 حديثا كما هو معروف، وأراد استكمال الباقي عن طريق أحد أئمة الحديث ثقة وأمانة وإكثاراً من لقي كبار الصحابة من أهل بدر .
وهذا يزيد أمر تدوين السنة المبكر إيضاحا، ويصحح المعلومة الشائعة من أن التدوين الرسمي تم على رأس المائة الأولى، بينما تدل الرواية السابقة على أن هذا التدوين قد تم في حدود العقد الثامن من القرن الأول، ولا شك أن إبراز هذا الأمر بمزيد من البحث سيكون له أبلغ الأثر في تدعيم دلائل التوثيق المبكر للسنة .
ولا يبعد أن يكون عمر بن عبد العزيز قد أخذ الفكرة من والده، فكان للوالد فضل السبق، وكان للابن البار شرف تكميل المهمة .
* المرحلة الثالثة: التدوين العام على يد عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد الخامس: امتاز هذا الجهد بثلاثة ملامح:
أ- استنفار علماء الأمة في الآفاق لنشر السنة وتدوينها:
لقد عمل عمر بن عبد العزيز على حشد طاقات الأمة العلمية في عهده لهذه المهمة السامية، فأرسل إلى جميع ولاته على الأمصار: "انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعوه" .
ب- فحص المادة المدونة:
إن الذين كلفهم عمر بن عبد العزيز بالتدوين كانوا كبار حفاظ التابعين، وجهابذة النقاد المحققين ومع ذلك كان يذكرهم بضرورة التمحيص والتحري والتثبت، وكان يجتمع بهم ويراجع معهم المادة المدونة ويناقشهم فيها للتأكد من سلامتها، فعن عبد الله بن ذكوان قال: "رأيت عمر بن عبد العزيز جمع الفقهاء، فجمعوا له أشياء من السنن، فإذا جاء الشيء الذي ليس عليه العمل، قال: هذه زيادة ليس العمل عليها" .
جـ- نشر المادة المدونة في آفاق بلاد الإسلام:
فلما دونت السنة وفحصت أمر عمر بنسخها وسارع بإرسالها إلى كافة البلاد الإسلامية حتى يعتمدها المسلمون وتسلم السنة من الشوائب، قال الزهري: "أمرنا عمر ابن عبد العزيز بجمع السنن فكتبناها دفترا دفترا، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفترا" .
وفي هذا رد على المستشرقين ومن حذا حذوهم، ودحض لمزاعمهم وشبهاتهم فيما يتعلق بتدوين السنة. ثم تتالت جهود علماء المسلمين بعد ذلك في التدوين وتفننوا في تصنيف السنة .
إن الجهود المتقدمة في تدوين السنة قد مهدت الطريق لمن تبعهم من أوائل العلماء المصنفين، حيث ظهرت حركة التأليف ونشطت على يدي أبناء النصف الأول من القرن الثاني للهجرة ثم تتالى ازدهارها وتنوع فنونها إلى أن بلغت أوجها في القرن الثالث الذي وسم بأنه العصر الذهبي للسنة، إذ نضجت فيه علومها في مختلف المجالات رواية ودراية وتصنيفا في ذلك .
هذه مقالة كتبت على عجالة من أجل تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة، وليست للتعليم، أما من أراد أن يتصدر للحديث في علم الحديث الشريف فعليه أن يأتي الأمر من بابه، ويستقي علمه من كتب أهل هذا الفن أنفسهم .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف