الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة أدبية لكتاب " أغرب زواج " للأديب الفلسطيني جمعة سعيد السمان بقلم: انتصار عطية

تاريخ النشر : 2015-03-28
قراءة أدبية لكتاب " أغرب زواج " للأديب الفلسطيني جمعة سعيد السمان بقلم: انتصار عطية
  قراءة أدبية لكتاب الأديب جمعة السمّان " أغرب زواج " ، بقلم ،،انتصار عطية،،

همذاني عصر الواحد و العشرين ، أكادُ أرى في هذا الكتاب مقاماتٍ عصرية بنكهة أسلوبية مستجدة قليلاً تناسب الواقع المعاش .
بين أيدينا كتابٌ تعليميٌ يعالج قضايا اجتماعية و حياتية باتت مستشرية في عصر التطور و التكنولوجيا ، و كيف أثرت تلك على حياة الكثيرين لصبغهم بلونٍ عصري قاتمٍ و قاتلٍ للواقع،  نقد لاذع لقضايا حياتية نحتاجه بكلِّ تفاصيله ، كما نلمس في هذه النصوص نقداً لعدة نماذجَ بشريةٍ ، ابتداءً من المسؤولية العليا إلى أدنى فرد في مجتمعاتنا العربية عامة و الفلسطينية خاصة و ذلك بطريقة قصصية جادة لا تشبه مقامات الهمذاني في هذا المنظور ، فقد بثها الهمذاني بطريقة الفكاهة و السخرية و اعتمد على السجع كلونٍ بديعيٍّ أساسي في مقاماته حيث كان لها راوٍ و بطلٍ واحد في معظمها ، أما مقامات السمان فقد عالجت بطريقة تعليمية تراجيدية ،و السجع فيها نزر يسير لا يكاد يبين  براوٍ واحد مع تعدد دور البطولة ، لكن الهدف مشترك و الغرض مقصود و ملموس .
 فالخوف من المجهول بعد النكبة و النزوح و تحول الحال من الجاه و السلطان إلى حياة الخيم و الشتات ليقطع على نفسه عهداً ذلك العريس أن لا يورث أبناءه هماً أصابه و لا قدراً باغته على حين غرة ، فيعزف عن الإنجاب و أطفال تملأ المكان بعبق البراءة و الجمال ليقوده ذلك العهد و الخوف من حنثه إلى جثة هامدة ممددة لا تجد ولداً يبكيها أو يواريها التراب إلا تلك الثمرة التي أينعت بحضن طليقته من زوج آخر، فالرضا بالقدر خيره و شره لا بدّ منه فالحياة تسير و أعمارنا تفنى ، إذن لنحياها بحلوها و مرها إيماناً وليس جحوداً و قطع الأمل فكان هذا سراب الأمل .
أما " صنارة صيد " فقد ركزت على تلك الأمور الخرافية المستشرية بشكل كبير في عصرنا و خرافات الدجالين و المشعوذين لتجعل من ذاك الإنسان هواجس تباغته و نوم يؤرقه ، وكأنّ الحياة حجابٌ و شعوذة ذلك الدجال لتغدو الحياة سوداء قاتمة خيمت ظلاماً دامساً على ذلك القلب الضعيف لتخلو من الرحمة قاتلاً تلك البومة و صغارها دون تردد لتصطاده صنارة القدر و يقبع داخل خيمة في فناء بيتٍ مهدوم .
ما أحلى الرجوع إلى فتنة العصر ، و الجلوس على مائدة عائلية خالية و مشاعر هاوية ، فقد فقدت الحياة العائلية مع ذاك الغازي و تلك الشاشة التي تأخذنا إلى عوالم تبهرنا و تشدو ألحاناً ليست من تقاليدنا ، ليقبع الزوج داخل حاسوبه لا يبرحه و شهوة مجالسته وكأنه حسناء ، أما تلك الزوجة فقد أبهرتها الثقافة الغازية و التقاليد العارمة بل قل العارية عن الأخلاق ، مسلسلها التركي و ذاك الهندي و مهند الذي فتن الصبايا الحسون جعلها تعيش في عوالم من وهم و قلوب مصطنعة وكأنّ الحياة باتت بالغزل و المكياج و موضة العصر الفتّان ، متناسية طفلها هي ، وهو غاب عن ذهنه أنه أب و مسؤول ، لتموت الحياة العائلية التي يرنو لها كلّ اثنان .
العلاقات خارج إطار الزواج الشرعي هي مجرد فتنة ومتعة ما تلبث أن تزول ، هذا ما اعتقده الشاب الذي فتنته تلك الفتاة ، ولا سيما أنه قد سمح لنفسه بعلاقة محرمة تنتهي برحم أثقله جنين ، و عقدُ زواجٍ ليس له دليل شريف ، فهذا هو الزواج و غرابته ، إن عرف الأب الهمام ، لكن تراه ماذا سيحدث لتلك الصبية التي سلمت عرضها و شرفها لقمة رخيصة و طعام قبيح ، أَ تتخلص من هذا العار برميه في قمامة المدينة ، أو على درجات أحد المساجد ، هنا أين الرقابة الأبوية لتلك الفتاة و ذلك الشاب ؟!!
" هدية زواج " ، هنا يلقي الضوء على علاقات زوجية شرعية و لكنها مفسّخة لا ترابط فيها ، كمهة لا بهارات و ألوان تزينها ، فالغزل للمرأة و الكلام الجميل من الزوج مثل البهارات للطعام لا يستقيمُ مذاقه إلا بها ، و لا تحلو الحياة دون مداعبة الأنثى بأجمل العبارات و إلا ستغدو الحياة مريرة و الانفصال محتوم .
" أسطورة " ، أكادُ أجزمُ بروعة هذا النص ، ففيه يعالج الكاتب قضية فشت و انتشرت بين البشر ، خداع زخارف الحياة و بهارجها الزائلة و الانبهار بدنيا باطلة ، وعيون لامعة ، يبيع البلد و الأهل و الولد من أجل حفنة جمال ليست بباقية مهما غرتك محاسنها " زوان بلدك و لا قمح الغريب " .

" أصدقاء الليل " رسم القاص صورة فنية واقعية تمور بالحركة و الحياة المرعبة المخيفة في ظل أعقاب حرب أهلية ، و كيف يودي ذاك النزاع و الشقاق بحياة الأهل و الخلان ، و وينبت على القبور ميراث إنسان حقود يلعب بالدم و يقتل و يستبيح ما يريد من أجل مطمع لابدّ حتماً زواله .

ردُّ الجميل بالإهانة و التحقير و الطرد اللئيم عالجه نص " أنتِ لست أمي " ليبين لنا القاص حقيقة كونية ألا و هي : " الأم هي التي تربي لا التي تلد " .
كما عالج الكاتبُ هجرة الشباب الفلسطيني من أجل لقمة العيش و أملٍ بحياة أفضل لأصحاب الكفاءات حيث تحتضنهم تلك البلاد ،  العمل أفضل و الراتب مغرٍ ، لتبتلعهم بلاد الغربة وتحتل مساحة كبيرة من عقولهم ، تنسيهم أمهاتهم و من ضحوْا من أجلهم ، وهذا سببه عدم احتضان الدولة لتلك العقول و توفير فرص عمل لهم تغنيهم عن هجرة بلادهم .
من خلال أقصوصة " كسب معركة وخسر زوجة " نقد نموذجٍ حياتي مهم ، و مرة أخرى شهوة المرأة للاهتمام و الدلال التي تغيب عن بال الرجل الزوج وكيف يمكن للعمل و حياة الجندية و غيرها من الأعمال التي تصبغ الرجل بقسوة التعامل و خشونة الحياة التأثيرَ في العلاقات الزوجية لينقلب البيت الدافي إلى معسكر حربي تهرب منه الزوجة .
نجح القاص ببراعة بالتأثير في قارئه عندما أغرقت عيونه العبرات من خلال " دمعة ندم " هذا النص الذي يحمل بؤس و قساوة الحياة ، حيث تسللت تلك الدمعة من مكمنها لتسيل برفق على تلك السيدة المحتاجة التي أوعزتها الحياة ، إلى السؤال و طلب المعونة لذاك الزوج المريض و الأطفال الجياع فذل الحياة وعدم اهتمام الجهات المعنية في الدولة و المجتمع لتلك الفئة المحتاجة من الناس ، فهناك من يكرمها و يحتسبه عند الله ، ومنهم من يزجرها و يهينها بحجة الكذب و  النصب و الاحتيال .
إذن هنا عالج الكاتب قضيتين مهمتين :
* إهمال الدولة و الجهات المختصة لتلك الفئة .

*يجب عدم إصدار الأحكام على الناس جزافا دون تثبت من الحقيقة .

" أصبح الفقر حلما" ركز الكاتب على قضية مهمة جدا و هي الرضا بالحال و القناعة ، حيث أشار إلى حالين متناقضين بين حياة الرفاهية و العز و بين حياة البؤس و الفقر و الشقاء ، فلا غني سعيد برفاهيته و لا فقير قناعته بفقره سرمدية ، فهو يريد أن يعلمنا ، أن الرضا بالحال و القناعة بما هو متاح هي أجمل حياة .

المجتمع العربي مجتمع ذكوري بالفطرة و المرأة مكبوتة لا يحق لها حتى الجدال ، هذا ما أراد أن يوصله لنا القاص من خلال نص " متى ينفجر البركان " . كما بين أن الإصرار و الإرادة تعمل المستحيل ، هذه المرأة المضطهدة عند زوجها ، المغلوبة على أمرها ، تمردت على ذكورية والدها لتصرخ بأعلى صوتها : لا أريد حياة العبودية و الذل و الإهانة بل أريد الحياة بكرامة . المرأة قديسة الحياة ، إن أرادت فعلت و إن تمردت قتلت ، و إن طلبت نجاحا وصلت ....
أذهلتني حكمة السمان في أقصوصة " عتاب " و اللغة الحوارية التي أجراها على لسان العجوز الصياد و البحر ، فقد اختتم بحكمة لعلنا نتعظ و نوعظ بها ، لا تنكر الجميل فالزمن يمر و يرخي جدائله العليلة على أجسادنا فترهقها ...
أراد السمان أن يعلمنا درسا في غاية الدهشة من خلال قصة الأمير عاصي الذي ترعرع بين الذئاب و شراستها و غدرها ، و بين الأمير رشاد حيث شبّ في دهاليز دهاء الثعالب و حكمتها ، ألا و هو :
( لا تعبث بأنياب الذئاب و مخالبها فمهما حاولت قصها و تهذيبها لن تأمن غدرها ستنمو و تنهش لحمك ذات يوم ، من و لد وفي فيه لقمة غدر لا تتأمل منه إخلاصا و لا وفاء ) .

جمعة السمان ، أتقن رسم صورته الفنية التي رأيت فيها روحي في نصه " غفت عيون القمر " حيث يقول : صفحة 72 ..فهنا نرى نورا و شقاء ، عتمة وظلاماً ، وغياب القمر يذهب براءة الطفولة و يقتل الأمان ..ذاك القمر البعيد بعلوه و شموخه تنتظره عيون طفلة لا تريد أن تغفو قبل قدومه وهذه هي الحياة ننتظر و ننتظر النور لحياتنا و لكن ليس من طبع الليالي الأمان .
وهكذا يسهب قاصنا بمعالجة الكثير من قضايا المجتمع التي باتت تؤرق أمنه و تزعزع طمأنينته و سكينته من قضايا الرزق و الحاجة و العدو العائلي الفيسبوكي و العلاقات المشبوهة خلف تلك الشاشات ...
منهياً نصوصه بتمجيد غزة ، و أهلها و أطفالها ، هي شامخة عزيزة لا تذلها الخطوب ، صامدة و بركان ثائر و رجالها صناديد و طفلها رعديد .
أبدع الكاتب في وصف و علاج كل حالة بحنكة و إيجاز ، لكنه كان الأحرى به و الأولى عدم ضم الجزء الأخير من الكتاب إلى هذه المقامات ، فالموضوع مختلف و الأسلوب لا يشبهها و الهدف لا صلة بينه و بين الأجزاء الأخرى ، كما تخلل الكتاب بعض الأخطاء الإملائية و خاصة الخلط بين همزة القطع و الوصل و كان الأجدر تجنبها .
السمات الفنية لأسلوب الكاتب :_
* أسلوب قصصي له راوٍ واحد و البطولة متنوعة .
* الهدف و الغرض تعليمي و إلقاء الضوء على بعض الآفات المنتشرة في العصر الحالي و قد نجح في ذلك .

*اللغة سلسة سليمة  ليست معقدة مفهومة تخللها بعض الألفاظ الجزلة لكن السياق وضحها .

* اللغة الحوارية أتقنها ببراعة ، فاستخدم نوعي الحوار ديالوج خارجي و مانالوج داخلي .
* الصور الفنية كانت غاية في الجمال ومعظمها حيوية تعبر عن مدلولها .

* استخدم بعض المحسنات البديعية و قليل من السجع .
* عناصره القصصية مستوفاة ، أجاد القاص توظيف كلّ منها بمكانه .


24/3/2015 ميلادي
،،انتصار عطية،،

 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف