الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

احمد صدقى وركن الريف بقلم:وجيه ندى

تاريخ النشر : 2015-03-05
احمد صدقى وركن الريف بقلم:وجيه ندى
احمد صدقي وركن الريف

وجيــه نــدى المؤرخ و الباحث فى التراث الفنى و البارع الموسيقى احمد صدقى – عشنا نستمع الى الحان عظيمه فى السالف و كانت القلوب تضبط ايقاعها على موجات اذاعة صوت العرب كي لا يفوتها نشيدها المميز “ أمجاد يا عرب أمجاد في بلادنا كرام أسياد”. لم نسأل أنفسنا يومها عن ملحن هذا النشيد الذي استقر في وجداننا زمنا
وكان بيننا الموسيقار الكبير احمد صدقى – هو من عبير هذا الماضي ومن ذهب ذلك التراث. وأحد “أولي العزم ” في الموسيقى العربية. واليوم نجدد الوفاء لجيل صنع للموسيقى العربية أمجادها ورسم لذاكرتها خارطة طريق، نسلكها كلما توغّلت خطانا في دروب النسيان. الموسيقار أحمد صدقي صاحب نشيد “أمجاد يا عرب أمجاد”، هوالوريث الأمين لمدرسة موسيقية شرقية ثبّت قواعدها زكريا أحمد وطوّرها رياض السنباطي ثم أستطاع أحمد صدقي أن يضيف اليها ملامح فنه الأصيل، ملامح مصرية صميمة أبدعتها ريشة عربية خالصة. ولد في الرابع من أوكتوبر/ تشرين الثاني 1916 في أسرة تهوى الاستماع الى أدوار سيد درويش وسلامة حجازي. دخل مدرسة الفنون التطبيقية في القاهرة في عام 1932 ليحقق حلم والده ضابط الشرطة بدخول قسم النسيج لكنه كان كامل العدد فاختار النحت حيث تتلمذ على أستاذه الايطالي “ميدوري “. تخرج عام 1935 وعمل رساماً في المتحف المصري وبرع في رسم النقوش الفرعونية. وفي عام 1936 استطاع أن يعرض في صالون القاهرة الذي كان يشترك فيه فنانون عرب وأجانب ويحضره نقاد عالميون مقدما تمثال “محمدين النوبي” الذي نال اعجاب الناقد الفرنسي “ميريل” فاشتراه الملك فؤاد بـ20 جنيها. ثم ما لبث أن حصل في العام نفسه على جائزة مختار في النحت عن تمثال “المرأة المصرية” هدى شعراوي.
من الرسم والنحت الى التصوير الغنائي
في تلك الاثناء كان المثّال والرسام أحمد صدقي يواصل دراسته في معهد الموسيقى هاوياً. تخرج من معهد الموسيقى عام 1937 وظل يتابع دراسته للغة الايطالية في معهد ليوناردو دي فينشي حتى تخرج عام 1939 وبدأ يستعد للسفر الى ايطاليا، لكن بنشوب الحرب العالمية الثانية أغلق صالون القاهرة وتوقف نشاط الفن التشكيلي. لم يسافر احمد صدقي وعكف على مواصلة عمله في المتحف المصري حتى جاءت اللحظة الحاسمة التي شكلت انعطافا كبيرا وتحولا جذريا في حياته يوم أخبره رئيسه في المتحف الشاعر أحمد يوسف أنه يقوم بترجمة احتفال الفراعنة بوفاء النيل الى العربية شعراً، وأنه يبحث عن ملحن. فاقترح عليه أحمد صدقي شيخ الملحنين زكريا أحمد، أستاذه وملهمه، لكن الاذاعة رفضت نظرا لارتفاع أجر الشيخ زكريا احمد ، فاهتدى أحمد يوسف بعد طول تفكير الى ضالته، وفوجىء أحمد صدقي بالطلب وأربكه اقتراح اسمه. كيف يجرؤ على النغم هو الذي اعتاد أن يحفر في الصخر؟ لكنه بعزيمته التي اشتهر بها قرر أن يخوض التجربة واثقا بأن الأصابع التي استطاعت أن تطوع الحجر لن يعجزها الوتر! نجح في باكورة اعماله ونال اعجاب عميد المعهد الموسيقي آنذاك والمستشار الموسيقى للاذاعة في الوقت نفسه مصطفى بك رضا الذي طلب من أحمد صدقي أن يكوّن فرقة ويقدم هذه الأعمال بصوته. دخل أحمد صدقي الاذاعة المصرية من أوسع أبوابها وأصبح مسؤولاً عن ركن الريف وظل لخمس سنوات على التوالي يقدم أعمالا ريفية يغنيها بنفسه فاشتهر بها وأصبحت علامة فارقة في نتاجه الخاص وفي نتاج الاذاعة المصرية التي تفردت بهذا اللون من التأليف الموسيقي.
في عام 1946، كانت القفزة الثانية لأحمد صدقي حين عهد اليه الاذاعي حافظ عبد الوهاب بتلحين أول صورة غنائية اشتهرت بها الاذاعة، “ فرحة رمضان ”، من تأليف صديقه الحميم ورفيق عمره ودربه الشاعر الكبير عبد الفتاح مصطفى.و غنى من الحان موسيقارنا فاطمه على و شافيه احمد والشيخ محمود مرسى وايضا شارك ملحنها ايضا الغناء و شاركت التمثيل رفيعه الشال و حسين فياض و من اخراج حافظ عبد الوهاب وأصبح أحمد صدقي سيد هذا الضمار دون منازع ولحن لجميع الأصوات الغنائية من فتحية أحمد ومحمد عبد المطلب واحلام وابراهيم حموده وبرلنتى حسن و اسماعيل شبانه ولور دكاش وحوريه حسن ورجاء عبده و سعاد محمد وفايزه احمد مروراً بسهام رفقي ونازك باستثناء عبد الحليم حافظ وأم كلثوم التي كلفته بتلحين أغنية “أغار من نسمة الجنوب” لكنه لم يستجب لتعديلاتها فلحنها رياض السنباطي. وفي محاولة أخرى وأخيرة كانت “ لو الهوى يحكي عن العشاق ” لكنها لم تتم وذهبت الأغنية للقديرة نجاح سلام التي كان معجباً بصوتها وقدراتها الكبيرة مذ لحن لها أغنيات أول أفلامها السينمائية “على كيفك”. واشتهر أن نجاح سلام وسعاد محمد كانتا تتناوبان أداء الأغنيات التي يتعثر وصولها الى أم كلثوم لأنهما من مدرستها الغنائية وتتمتعان بقدرات صوتية هائلة قادرة على أداء أصعب الألحان وأعقدها .
وفي الخمسينات اعتبر أحمد صدقي فارس الأغنية السينمائية الأول، اذ شارك في تلحين ما يقرب من 120 فيلم أشهرها أغاني فيلم “شاطىء الغرام” لليلى مراد وفيلم “ ليت الشباب ” لرجاء عبده وألحان عديدة شهيرة لشادية في أفلام متفرقة من أشهرها أغنية “متّع شبابك” في فيلم الهوى سوا و”الشمس بانت من بعيد “. ووضع جميع أوبريتات الفيلم الغنائي اضراب الشحاتين لحسن الامام وأغاني قيلم أمير الانتقام لأنور وجدي. قال عنه المخرج صلاح أبو سيف ان المخرج الفعلي للمشهد الشهير المصاحب لأغنية “بنت الحارة” التي أداها باقتدار المطرب شفيق جلال في فيلم ريا وسكينة هو الملحن أحمد صدقي لأن اللحن العبقري المعبر عن المشهد وعن روح الزمان والمكان هو الذي أوحى له بحركة الكاميرا وبتقطيع اللقطات.
مع بداية عام 1949 اتجه أحمد صدقي الى التلحين للمسرح، فقدم بادىء الأمر بعض الأعمال الفردية في رواية “حواء الخالدة ” و رواية “اليوم خمر” لمحمود تيمور. ثم ما لبث أن قدم عمله الكبير أوبريت “ليلة من ألف ليلة ” لبيرم التونسي التي اعتبرت في زمنها حدثاً فنياً ضخماً. وفي عام 1958 لحن أوبريت “البيرق النبوي” تأليف عبد الفتاح مصطفى وشارك في أوبريت “القاهرة في ألف عام” بسبعة الحان عام 1970. كذلك وضع افتتاحية أوبريت “موال من مصر” لمحمود دياب. وفي عام 1975 وضع ألحان الاستعراض الغنائي ” يا ليل يا عين” لعلي أحمد باكثير الذي عرض في موسكو، ثم قام بتلحين استعراض ” لناي السحري” لفرقة رضا وفي عام 1978 أوبريت “زباين جهنم” تأليف عبد الفتاح مصطفى. لم يأل أحمد صدقي جهداً في اقناع المسؤولين في السبعينات بضرورة الاهتمام بفن الاوبريت كونه على حد قوله “المنقذ الوحيد لحضارتنا الموسيقية”. بل قدم أحمد صدقي للمسؤوليين عن الثقافة والفنون مشروعاً متكاملاً لأوبريت كانت حلم حياته تحكي قصة حفر قناة السويس، باعتبارها أبلغ تعبير عن معاناة الشعب المصري، من الاقطاع والاستعمار، لكنه لم يلق أذنا صاغية ولم يستطع تحقيق حلمه هذا حتى وفاته. تصدى أحمد صدقي لجميع الألوان الموسيقية الريفية والبدوية والوصفية والدينية والوطنية. وتميز كثيرا في الاغاني الريفية والبدوية التي ظهر فيها تأثره بالشيخ زكريا أحمد لكنه استطاع أن يفلت من أسر هذا التأثر بما أعطاه لألحانه من أبعاد تعبيرية وتصويرية أطلقها خياله التشكيلي وجولاته في الواحات والصحاري مع بعثات الآثار حيث كان يلتقي بالبدو ويستمع الى أغانيهم ورواياتهم. فاكتسبت موسيقاه خصائص “صحراوية” اذا جاز التعبير، فيها من ثقل ايقاعاتها ورحابة لوازمها ودقة اختيار مقاماتها ما ينقلك الى أجواء البادية بكثبانها وقوافلها ووقع أقدام جمالها المتئدة. من يستمع الى أحمد صدقي يشعر ان هذ ا المبدع المرهف رهافة الريشة التي تداعب أوتار عوده، لم يتخل عن ازميله، فخرجت ألحانه على قدر كبير من الوحدة الموضوعية والتماسك والتآلف، لكنه تماسك التمثال الناطق لا الكتلة الصماء، لاتفوته التفاصيل والنمنمات وتعرجات السكك اللحنية، يتعانق فيها عمقان: عمق الاحساس الفني الفطري وعمق الفكر الموسيقي المعرفي، فأطلق عليه النقّاد: “نحات الموسيقى العربية”.تتصف موسيقى أحمد صدقي بالرصانة والوقار وبمسحة روحية صوفية تبدت بشكل ملحوظ في الأغاني الدينية التي ظهرت فيها قدرته الفائقة على تطويع الأعمال الشعرية الدسمة والصعبة والتي تحتاج الى صبر والى تذوق مرهف للنص الشعري كقصيدة “محمد” للشاعر عمر أبو ريشة ذلك العمل الاذاعي الجبار الذي شارك فيه كارم محمود وسعاد محمد ومحمد رشدي وابراهيم حمودة ومحي الدين الخضري وأحمد الجزيري وشفيق جلال وعصمت عبد العليم وكنعان وصفي وسهير كرم وفاطمة علي. وفي جهد غير مسبوق، تصدى أحمد صدقي لتلحين الأغاني الواردة في كتاب الأصفهاني وهي عبارة عن 360 لحنا أعاد صياغة كلماتها الشاعر عبد الفتاح مصطفى في برنامج اذاعي رمضاني من اخراج الاذاعي الشهير باباشارو، ظلت الاذاعة المصرية تقدمها على مدى اثني عشر عاما دون توقف. لذا لم يكن غريبا أن يتم تعيينه رئيسا للجنة تقييم أصوات مقرئي القرآن الكريم في الاذاعة والتلفزيون.
اما ألحانه الوطنية والقومية فكثيرة أبرزها أغنية “عالدوار” لمحمد قنديل و”أمجاد يا عرب” لكارم محمود التي كانت اللحن المميز لاذاعة صوت العرب كما ذكرنا وعشرات الأعمال الكبيرة التي لا يتسع المجال لذكرها جميعا اذ يرجّح النقاد والمؤرخون الموسيقيون أن أحمد صدقي أثرى المكتبة الموسيقية وغادر عالمنا بعد كفاح عملى و موسيقى كبير 14 يناير 1987 رحمه الله قدر ابداعاته المؤرخ و الباحث فى التراث الفنى 0 [email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف