مكتسبات إنتصار الكرامة وتطويرها
سعدات بهجت عمر
71728657
بعد كل هذه السنين مازالت تعيش القضية الفلسطينية في جو من العلاقات السياسية المتشابكة ربما فريداً من نوعه، وهي القضية صاحبة التاريخ الطويل مع مشاريع التسوية على حساب الشعب العربي الفلسطيني ومستقبله.
فعلى الجانب العربي هناك الأوضاع السياسية وكذلك الأوضاع الداخلية الممزقة والآيلة الى السقوط نتيجة الحروب المفروضة على امتداد الوطن العربي لتديمره وتفتيته وشرذمته بشرياً ومادياً، ولكن الطريق واضح إذا صدق العزم على الكفاح وخلصت النيات مهما تكن جسامة التضحية وضخامة الأعباء، والشعب العربي من المحيط الى الخليج على كل حال في حاجة ماسّة الى أن يتخلى عن سلبياته ويتحمل مسؤولياته .إنه في حاجة الى شحنة قوية من الثقة بالنفس تهزه طاقاته المبدعة وتجعله يسير في طريق الكفاح الشاق لتحقيق كافة أهداف هذه الأمة، ونحن لا نشك في أن الإنتصار أمر حتمي ستكون له آثار بعيدة المدى على معنويات هذا الشعب وتدفعه دفعاً عبر جميع السبل نحو النصر في كافة قضايانا المصيرية.
وهناك تأثيرات النفوذ الامريكي والاروبي والاسرائيلي تزداد خطورة وبسرعة متزايدة جداً لإزدياد وتركّز الصراع الدولي في المنطقة العربية، ودخول العدو الصهيوني مباشرة في جميع النزاعات العربية بحيث أصبح أي تحرك سياسي مهما كان حجمه عرضة لأن يتأثر الى درجة كبيرة بفعل عوامل الصراع، ويتمثل على الجانب العربي في تناقض دائم.
وفي وسط هذا الجو المعقد وفي بقعة من الأرض تتعلق بها مصالح القوى العالمية من جهة، والعواطف الدينية والتاريخية والجغرافية من جهة أخرى يتحرك شعب فلسطين العربي لإستعادة حقه الأساسي، حقه في أن يعيش فوق أرضه وأن يمارس سيادته عليها في وطن عانى شعبه من ذل هزائم عسكرية متوالية على يد عدو استهان به في أول الأمر في مثل وطن عربي يُغري الفراغ السياسي والنفسي أي تحرك بتحميل نفسه أكثر مما تحتمله المرحلة ويدفعه دفعاً الى تعجّل المراحل وحرقها ويعطيه من الدوي والطنين الخاويين ما يجعله هدفاً سهلاً للتورط والانزلاق والتفتت. ألم يكن هذا هو المصير.
خلال سبعة عقود مضت؟
لقد بقيت الشخصية الفلسطينية حتى معركة الكرامة ممزقة ومنهزمة وغير قادرة على مواجهة العالم، وكانت عملية هروب من نفسها إما بالإحتماء بجنسية البلد العربي المُضيف أو المهاجرة أو بالإنتماء الى الحركات والأحزاب السياسية، وقد رضخت بحكم ظروفها الضيقة للتبعية والإهانة والمُحاصرة ووجدت نفسها دائماً في الدرجة الثانية مواطنة إنسانية، وأن أول منجزات الكفاح المسلح في إنتصار معركة الكرامة بعد تجسيد الوحدة الوطنية الفلسطينية في الداخل والشتات إعادة إرادة الحياة والكرامة للإنسان الفلسطيني هو قيام السلطة الوطنية التي تسعى بكل ما تملك من جهد و مقدرات لبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الذي يستروح هذه النسمات للمرة الأولى في تاريخه الحديث بعد سلسلة من العبودية والاضطهاد امتدت عصور الانحطاط المظلمة الى الإحتلال البريطاني الى الاستعمار الصهيوني الذي جاء باليهود من كل أصقاع الأرض الى فلسطين سعياً وراء حياة عادية طبيعية ولكن تبين ان الذي جنته لهم سياستهم الصهيونية كان العكس تماماً، الى الأنظمة العربية الرجعية، ووكالة الغوث الدولية وظروف التشتت والبؤس.
بعد قيام السلطة الوطنية بقيادة رمز فلسطين وصاحب إنتصار معركة الكرامة ياسر عرفات تم إحياء القضية الفلسطينية من جديد بانجلاء كثير من الإلتباس بعد العودة الى أرض الوطن الذي أحاط بها بعد أن بقيت عشرات السنين ورقة سياسية للمزاودة في السياسة العربية ، وقد ترتب على ذلك نهوض شعبي فلسطيني للدفاع عن نفسه وحقه وأرضه ومبادرته التي تحمل تبعات القضية التي يحمل لوائها بأمانة الرئيس أبو مازن في المحافل الدولية بإصراره على حق الشعب العربي الفلسطيني بتقرير مصيره بالعودة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس لمقاومة الوصاية والإحتواء والتبعية ورفض أنصاف الحلول والصفقات السياسية المشبوهة والمساومات الدولية التي مازالت تسعى لاستهداف وتصفية القضية، وقد سجّلت السلطة الوطنية والقيادة الفلسطينية إنتصارات طبية في هذا المجال.
إن إنتصارات معركة الكرامة التي كتبت بالدم صفحات فخار في تاريخ النضال الثوري الفلسطيني أنها كانت نجاحات تكتيكية واستراتيجية في وسط فشل إستراتيجي عربي عام، وانها زودت مستقبل الصراع المسلح الثوري ضد الصهيونية والامبريالية بخبرات ودروس هامة جديرة بالدراسة والاستيعاب، وهي وغيرها من التضحيات والخبرات تمثل مشاعل مضيئة على طريق التحرير والاستقلال وبناء فلسطين المستقلة والديمقراطية.
والمطلوب الآن وبكل جديدة بلورة مكتسبات السلطة الوطنية وتطويرها والاستمرار في إحياء الشخصية الفلسطينية وصقلها وتنظيم الشعب العربي الفلسطيني وتعبئته وتهيئته وحدوياً ووطنياً في الضفة والقطاع والشتات على مبدأ المصالحة الوطنية الصادقة بعيداً عن حالة الإنقسام التي تجسدها وتعمل على تأكيدها حركة حماس بالإتفاق مع العدو الصهيوني بما يؤهله للقيام بدوره الطليعي في معركة الاستقلال والتحرر دون تركه تحت رحمة التلقائية والتسيب اللذان يتناقضان أصلاً مع معنى الأخلاق والثورة الذي يتضمن القدرة وعلى التصرف بالأشياء وتبديل الظروف بسرعة غير عادية لصالح المجتمع الفلسطيني الموحّد.
سعدات بهجت عمر
71728657
بعد كل هذه السنين مازالت تعيش القضية الفلسطينية في جو من العلاقات السياسية المتشابكة ربما فريداً من نوعه، وهي القضية صاحبة التاريخ الطويل مع مشاريع التسوية على حساب الشعب العربي الفلسطيني ومستقبله.
فعلى الجانب العربي هناك الأوضاع السياسية وكذلك الأوضاع الداخلية الممزقة والآيلة الى السقوط نتيجة الحروب المفروضة على امتداد الوطن العربي لتديمره وتفتيته وشرذمته بشرياً ومادياً، ولكن الطريق واضح إذا صدق العزم على الكفاح وخلصت النيات مهما تكن جسامة التضحية وضخامة الأعباء، والشعب العربي من المحيط الى الخليج على كل حال في حاجة ماسّة الى أن يتخلى عن سلبياته ويتحمل مسؤولياته .إنه في حاجة الى شحنة قوية من الثقة بالنفس تهزه طاقاته المبدعة وتجعله يسير في طريق الكفاح الشاق لتحقيق كافة أهداف هذه الأمة، ونحن لا نشك في أن الإنتصار أمر حتمي ستكون له آثار بعيدة المدى على معنويات هذا الشعب وتدفعه دفعاً عبر جميع السبل نحو النصر في كافة قضايانا المصيرية.
وهناك تأثيرات النفوذ الامريكي والاروبي والاسرائيلي تزداد خطورة وبسرعة متزايدة جداً لإزدياد وتركّز الصراع الدولي في المنطقة العربية، ودخول العدو الصهيوني مباشرة في جميع النزاعات العربية بحيث أصبح أي تحرك سياسي مهما كان حجمه عرضة لأن يتأثر الى درجة كبيرة بفعل عوامل الصراع، ويتمثل على الجانب العربي في تناقض دائم.
وفي وسط هذا الجو المعقد وفي بقعة من الأرض تتعلق بها مصالح القوى العالمية من جهة، والعواطف الدينية والتاريخية والجغرافية من جهة أخرى يتحرك شعب فلسطين العربي لإستعادة حقه الأساسي، حقه في أن يعيش فوق أرضه وأن يمارس سيادته عليها في وطن عانى شعبه من ذل هزائم عسكرية متوالية على يد عدو استهان به في أول الأمر في مثل وطن عربي يُغري الفراغ السياسي والنفسي أي تحرك بتحميل نفسه أكثر مما تحتمله المرحلة ويدفعه دفعاً الى تعجّل المراحل وحرقها ويعطيه من الدوي والطنين الخاويين ما يجعله هدفاً سهلاً للتورط والانزلاق والتفتت. ألم يكن هذا هو المصير.
خلال سبعة عقود مضت؟
لقد بقيت الشخصية الفلسطينية حتى معركة الكرامة ممزقة ومنهزمة وغير قادرة على مواجهة العالم، وكانت عملية هروب من نفسها إما بالإحتماء بجنسية البلد العربي المُضيف أو المهاجرة أو بالإنتماء الى الحركات والأحزاب السياسية، وقد رضخت بحكم ظروفها الضيقة للتبعية والإهانة والمُحاصرة ووجدت نفسها دائماً في الدرجة الثانية مواطنة إنسانية، وأن أول منجزات الكفاح المسلح في إنتصار معركة الكرامة بعد تجسيد الوحدة الوطنية الفلسطينية في الداخل والشتات إعادة إرادة الحياة والكرامة للإنسان الفلسطيني هو قيام السلطة الوطنية التي تسعى بكل ما تملك من جهد و مقدرات لبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الذي يستروح هذه النسمات للمرة الأولى في تاريخه الحديث بعد سلسلة من العبودية والاضطهاد امتدت عصور الانحطاط المظلمة الى الإحتلال البريطاني الى الاستعمار الصهيوني الذي جاء باليهود من كل أصقاع الأرض الى فلسطين سعياً وراء حياة عادية طبيعية ولكن تبين ان الذي جنته لهم سياستهم الصهيونية كان العكس تماماً، الى الأنظمة العربية الرجعية، ووكالة الغوث الدولية وظروف التشتت والبؤس.
بعد قيام السلطة الوطنية بقيادة رمز فلسطين وصاحب إنتصار معركة الكرامة ياسر عرفات تم إحياء القضية الفلسطينية من جديد بانجلاء كثير من الإلتباس بعد العودة الى أرض الوطن الذي أحاط بها بعد أن بقيت عشرات السنين ورقة سياسية للمزاودة في السياسة العربية ، وقد ترتب على ذلك نهوض شعبي فلسطيني للدفاع عن نفسه وحقه وأرضه ومبادرته التي تحمل تبعات القضية التي يحمل لوائها بأمانة الرئيس أبو مازن في المحافل الدولية بإصراره على حق الشعب العربي الفلسطيني بتقرير مصيره بالعودة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس لمقاومة الوصاية والإحتواء والتبعية ورفض أنصاف الحلول والصفقات السياسية المشبوهة والمساومات الدولية التي مازالت تسعى لاستهداف وتصفية القضية، وقد سجّلت السلطة الوطنية والقيادة الفلسطينية إنتصارات طبية في هذا المجال.
إن إنتصارات معركة الكرامة التي كتبت بالدم صفحات فخار في تاريخ النضال الثوري الفلسطيني أنها كانت نجاحات تكتيكية واستراتيجية في وسط فشل إستراتيجي عربي عام، وانها زودت مستقبل الصراع المسلح الثوري ضد الصهيونية والامبريالية بخبرات ودروس هامة جديرة بالدراسة والاستيعاب، وهي وغيرها من التضحيات والخبرات تمثل مشاعل مضيئة على طريق التحرير والاستقلال وبناء فلسطين المستقلة والديمقراطية.
والمطلوب الآن وبكل جديدة بلورة مكتسبات السلطة الوطنية وتطويرها والاستمرار في إحياء الشخصية الفلسطينية وصقلها وتنظيم الشعب العربي الفلسطيني وتعبئته وتهيئته وحدوياً ووطنياً في الضفة والقطاع والشتات على مبدأ المصالحة الوطنية الصادقة بعيداً عن حالة الإنقسام التي تجسدها وتعمل على تأكيدها حركة حماس بالإتفاق مع العدو الصهيوني بما يؤهله للقيام بدوره الطليعي في معركة الاستقلال والتحرر دون تركه تحت رحمة التلقائية والتسيب اللذان يتناقضان أصلاً مع معنى الأخلاق والثورة الذي يتضمن القدرة وعلى التصرف بالأشياء وتبديل الظروف بسرعة غير عادية لصالح المجتمع الفلسطيني الموحّد.