الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

طبول الفتنة الجديدة بقلم:فهمي هويدي

تاريخ النشر : 2015-03-05
يوم السبت ٢٨ فبراير تم فى طهران توقيع اتفاق تسيير خط الطيران بين العاصمتين الإيرانية واليمنية. فى اليوم التالى مباشرة (الأحد أول مارس) وصلت إلى مطار صنعاء طائرة الشركة الإيرانية «ماهان اير»، (نسبة إلى إحدى مدن محافظة كيرمان) حاملة ١٢ طنا من الأدوية ومستهِلَّة تشغيل الخط المتوقف منذ خمسة وعشرين عاما. وكان ذلك تنفيذا للاتفاق الجديد الذى يقضى بتسيير ١٤ رحلة أسبوعيا بين العاصمتين، بمعدل رحلتين يوميا. فى عودتها إلى طهران خلال اليوم ذاته. حملت الطائرة الإيرانية وفدا كبيرا ضم ١٥ شخصا، برئاسة صالح الصماد، الرجل الذى فرضه الحوثيون على الرئيس عبدربه منصور بعد اجتياحهم صنعاء، حيث عمل مستشارا له (أقاله الرئيس اليمنى من منصبه بعد ذلك). ولفت الانتباه ان الوفد ضم عددا من وكلاء وزارات الكهرباء والتخطيط والاستثمار والصناعة والتجارة والمياه والبيئة، إضافة إلى وكيل وزارة النفط. فى طهران وقع الوفد عددا من الاتفاقات بين البلدين التى لم تعلن طبيعتها، ويفرض أنها تدور حول تحقيق التعاون بين البلدين وتقديم المساعدات الإيرانية فى المجالات التى مثلها أعضاء الوفد.
إذا لاحظنا أن الرئيس اليمنى غادر صنعاء ووصل إلى عدن يوم الجمعة ٢٧ فبراير، فلابد أن يثير انتباهنا ذلك التسارع المدهش فى الأحداث، الذى يعطى انطباعا بأن الأمر كله كان مرتبا بين الحوثيين وطهران فى وقت سابق. حيث لا يعقل أن يهرب الرئس عبدربه إلى عدن يوم الجمعة، ثم يوقع اتفاق تشغيل خط الطيران يوم السبت لتصل طائرة شركة «ماهان اير» إلى صنعاء يوم الأحد. لا يعقل ان يتم ذلك كله بهذه السرعة إلا إذا كان مرتبا سلفا. وذلك ليس مفاجئا تماما، لأن شواهد الحضور الإيرانى فى زحف الحوثيين على صنعاء يوم ٢١ سبتمبر الماضى له قرائن عدة، وهو ما أكده الدكتور عبدالكريم الإيربانى مستشار الرئيس اليمنى فى الحوار الذى نشرته له صحيفة «٢٦ سبتمبر» (فى ١١ ديسمبر الماضى). إذ ذكر أنه أثناء المناقشات التى جرت مع الحوثيين فى مؤتمر المصالحة طرحت بعض المقترحات التى كان أحد الوسطاء العمانيين طرفا فيها، وقد أرسلت تلك المقترحات إلى قيادة الحوثيين فى صعدة، ولكنهم فوجئوا بأنها نقلت إلى طهران، وان الوسط العمانى هو من أوصل الرد الإيرانى إلى صنعاء بعد ذلك. إلا أننا ما عدنا بحاجة إلى أدلة بعد التطورات التى حدثت هذا الأسبوع، واستدعت إيران إلى صدارة المشهد اليمنى. وذلك بدوره لم يكن مفاجئا تماما، لأنه منذ أعلن عبدالملك الحوثى من صعدة انهم سيلجأون إلى مصادر أخرى لتوفير احتياجات اليمن فى حالة توقف الدعم السعودى، فقد فهم أن ثمة ترتيبا معدا مع طهران للذهاب إلى أبعد فى مساندة حكم الحوثيين لليمن.
فى ضوء هذه الخلفية، يبدو جليا أن إيران قررت أن تعزز وجودها فى الجزيرة العربية، فى ظهر السعودية وليس بعيدا عن باب المندب. وذلك لا يمثل تحولا استراتيجيا فى خرائط المنطقة فحسب، ولكنه يشكل أيضا عبئا اقتصاديا كبيرا على إيران ذاتها، التى تأثرت مواردها بانخفاض أسعار النفط، خصوصا أن الأزمة الاقتصادية هى أكبر أزمات اليمن، ولا تنس أن طهران تتحمل ذات العبء الثقيل فى مساندتها لنظام الأسد فى سوريا، وحزب الله فى لبنان، (تتحدث التسريبات عن وصول بعض عناصر الحزب إلى اليمن واشتراكهم من وراء ستار فى تنظيم بعض فعاليات الحوثيين).
تتحدث المصادر الإيرانية والأبواق المعبرة عنها عن تمدد النفوذ الإيرانى وانتشاره فى أربع دول عربية هى سوريا والعراق ولبنان واليمن. وهذا صحيح إلى حد كبير، إلا أن ذلك النفوذ له خطورته فى اليمن. لأن الدول الثلاث الأولى تتوفر لها أنظمة وأجهزة وخبرات. وبالتالى فإيران شريكة فى الحكم بدرجة أو أخرى وبصورة مباشرة أو غير مباشرة. أما فى اليمن فالموقف مختلف تماما، إذ رغم وجود الأنظمة والأجهزة، فإن طبقة الحوثيين الحاكمة الجديدة ليست لها علاقة بإدارة الدولة، الأمر الذى يعنى أن دور إيران سيكون أكبر بكثير. وقد يسوغ لنا ذلك ان نقول انها لن تكون شريكة فى الحكم. ولكنها ستكون السلطة الحاكمة. أعنى أن العبء لن يكون اقتصاديا فحسب، وإنما سيكون سياسيا أيضا. وإذا احتملت اليمن ذلك العبء ــ وهو أمر مشكوك فيه ــ فإن المنطقة قد لا تحتمله طويلا، خصوصا ان السعودية لن تسكت عليه لأنه يمس أمنها القومى بصورة مباشرة.
لا تفوتنا فى هذا الصدد ملاحظة ان شهية إيران انفتحت للتمدد فى العالم العربى إلى هذه الدرجة ليس فقط لأن لها تطلعاتها الخاصة، ولكن لأن الفراغ العربى كان جاذبا لذلك التمدد. إذ لم تكن محنة العالم العربى مقصورة معاناته من ذلك الفراغ الناشئ عن انهيار النظام العربى، ولكن تلك المحنة تمثلت أيضا فى انشغال أنظمة العالم العربى بصراعاتها الداخلية وانصرافها حتى عن الدفاع عن أمن الأمة وحياضها.
ما الذى يعنيه كل ذلك؟ لاشك أن إيران مقبلة على حالة من الاستنزاف الاقتصادى الذى لا نعرف مدى قدرتها على احتماله ولأى أجل ــ كما أزعم أن اليمن مقبل على تمزق جديد، قد يكون انفصال الجنوب عن الشمال حده الأدنى. هذا إذا لم يتطور الأمر إلى انتفاض القبائل ضد الحوثيين. وربما تعاظم دور تنظيم القاعدة، بما قد يؤدى إلى نشوب حرب أهلية قد تغرق إيران فى أوحال المستنقع اليمنى.
يعنى ذلك أيضا تأجيج الصراع المذهبى فى العالم العربى بين السنة والشيعة، لأن وجود إيران فى الدول الأربع لن يحقق تمددا استراتيجيا فقط ولكنه سوف يستصحب معه تأجيج المشاعر المعادية للشيعة فى ذات الوقت.
فى مواجهة من ذلك القبيل فإن الاستقطاب سيطل برأسه بين دول المنطقة. إذ ليس مستبعدا أن تقف تركيا مع السعودية (أكثر دولة تستشعر الخطر) على رأس المعسكر السُّنى. فى حين تقف إيران ومعها العراق على رأس المعسكر الشيعى. وهو ما قد يعيدنا إلى زمن الصراع الصفوى العثمانى فى القرن السادس عشر. وفى هذه الحالة فإن إيران ستكون المسئول الأول عن تلك الفتنة الجديدة التى ستشوِّه سجل الثورة الإسلامية.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف