رؤية سيريالية في القضية الفلسطينية (22)
عبد الهادي شلا - كندا
****************
من يتابع مجريات الأحداث في الوطن العربي لا يمكنه أن يغفل متابعة ما يجري على الساحة الفلسطينية التي دائما في حالة إستنفار وعدم إستقرار.
وأخرها أن دعوة قضائية أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة إتهمت (حركة حماس) بالضلوع في "أعمال إرهابية" داخل الأراضي المصرية، وطالبت بإلزام الحكومة بإدراج اسمها ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الإشارة إلى الحركة الفلسطينية على أنها قامت بأعمال تخريبية في الأراضي المصرية، فقد قضت محكمة مصرية أخرى في شهرينايرالماضي باعتبار (كتائب عز الدين القسام) الذراع العسكري لحماس، جماعة إرهابية أيضا.
كما أن العديد من الإعلاميين المصريين قد دأبوا على إتهام حماس بل و تجاوز بعضهم إلى كل الفلسطينيين على أنهم عبء ثقيل على كاهل الدولة المصرية،وهؤلاء لن نلتفت إليهم لأن أهدافهم واضحة في خلق حالة إحتقان وتفسخ في العلاقة ألأزلية بين مصر وبين فلسطين،وما يطمئن في هذا هو أن غالبية الشعب المصري لا يتفق مع هذه "الأبواق" لوعيهم الكامل بأنها أبواق مضلله ولها أهدافها المرفوضة.
هذا بتراكمه جعل الحركة الفلسطينية"حماس" تعلن على لسان أحد متحدثينها إنها لم تعد تعتبر مصر وسيطا بينها وبين إسرائيل بعد حكم المحكمة هذا.
ورغم ما في هذا الحكم من تأثير على سمعة الحركة الفلسطينية ،وما في طياته من تحريض عليها ،إلا أنه غير ملزم للحكومة المصرية وخاصة أن الحركة تطلب ما يثبت تورطها فيما تم الإدعاء به عليها،كما أن متحدثين بإسم الحركة يؤكدون في أكثر من موقف على الروابط القوية بين الشعبين الفلسطيني والمصري وأن أمن مصر هام وحريصون عليه لحماية الجانب الفلسطيني وقضيته خاصة أن"معبر رفح" هو المنفذ الوحيد لقطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس منذ الإنقسام على الساحة الفلسطينية إلى العالم الخارجي.
هذا هو الوضع الغير"معقول" أن يتم التصادم مع الحكومة المصرية التي لم يصدر عنها أي تصريح بخصوص الحكم الصادر عن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة وأنها أي الحكومة المصرية هي التي رعت كل مباحثات فلسطينية - فلسطينية أو فلسطينية - إسرائيلية ،وتقف وراء المطالب الفلسطينية في المحافل الدولية بكل قوتها ،بينما " الإنقسام " قائما بين أكبر فصيلين فاعلين على الساحة الفلسطينية ،والذي جرت كما هو معلوم العديد من المحاولات والمباحثات وكانت في أغلبها برعاية مصرية لإنهاء هذا الوضع الغير"معقول" و الذي أصبح في نظر الشعب الفلسطيني من أهم العوائق التي تحول بين أي إنفراج أو الحصول على المزيد من التأييد العالمي للمطالب الفلسطينية وحق الشعب في إقامة دولته المستقلة التي بدأ تأثيرها يلقى قبولا في بعض الدول الأوروبية مثل السويد التي إعترفت بالدولة وكذلك البرلمان الإيطالي والبريطاني من قبله.
بل إن هذا الوضع "الغير معقول" والغير مقبول والذي لا يتفق مع رأي الجماهير الفلسطينية له تأثير في زيادة التمدد الإستيطاني في الأراضي الفلسطينية وعلى تدهورالإقتصاد والحياة الإجتماعية والتأثير السلبي على قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الإحتلال.
الغير مقبول أيضا..هو خروج بعض التصريحات العلنية من قبل أعضاء حماس التي تتهم الحكومة المصرية بما لا يمكن أن يجنبها التصادم معها " رسميا " الأمر الذي سيترتب عليه المزيد من ردات الفعل في غير صالح الطرفين في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة التي تمر بها المنطقة برمتها والوضع الداخلي المصري .
فما زالت مصر هي قبلة الفلسطينيين في أي مأزق يتعرضون له ،والثابت أن مصر لن تتخلى عن دورها القومي تجاه القضية الفلسطينية لمجرد ردات فعل وإنفعالات غير محسوبة النتائج لإحساسها بأنها الأكبر الذي يتفهم صعوبة الحالة ،وأن على الأطراف الأخرى أن تكون واعية بكل ما يصدر عنها من تصريحات،
وهذا الثابت المصري لا يمنح أحد حق التطاول على السيادة المصرية .
وما وجود قياديين من"الجهاد الإسلامي" في القاهرة إلا دليل على أن صدر مصر"القيادة"يتسع للأستماع إلى كل ما يمكن أن يخدم العلاقة الأزلية والأخوية بينها وبين الفلسطينيين وخاصة السلطة التي تعتبرها الواجهة السياسية الوحيدة التي تمثل كل الفلسطينيين.
لن نـُذَكــِّر بأن السياسة لها قواعد وطرائق وأساليب يمكن أن تقود أصحابها إلى مكاسب في الوقت الذي لو كانت سياسة حمقاء فإنها ستجلب الدمار والخراب على صاحبها وعلى من في فلكه!.
فالسياسة عمل العقل الواعي ولا مكان فيها " للسيريالية " والخيال الجامح،فهي الوسط الذي يلتقي فيه المتضادات للوصول إلى مساحة يمكن أن تصلح ملعبا لسياسة جديدة بمنطق مختلف يتم التوافق عليه .
نختم بسؤال:هل سيبقى الوضع قابلا للإنفجاروالتراشق الإعلامي بما يفسد الأجواء كلما ساد الهدوء،ويتحمل الشعب الفلسطيني أكثر نتائجه السلبية؟
وأمنية بأن يجدالناطقون بإسم الحركة أسلوبا أكثر أنفتاحا وبعقل واع يفسح المجال لحوارات مقبولة ، وأن يراعي كل طرف مصلحة الأخر وإحتياجاته الأمنية والضرورية التي تفرضها المرحلة الحساسة والدقيقة التي يمر بها العالم العربي كله وليس الإنفعال الغير مضبوط من قرار محكمة يمكن طلب الإستئناف فيه،كما يمكن بطلانه إن حسنت النوايا !!.
3 مارس 2015
عبد الهادي شلا - كندا
****************
من يتابع مجريات الأحداث في الوطن العربي لا يمكنه أن يغفل متابعة ما يجري على الساحة الفلسطينية التي دائما في حالة إستنفار وعدم إستقرار.
وأخرها أن دعوة قضائية أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة إتهمت (حركة حماس) بالضلوع في "أعمال إرهابية" داخل الأراضي المصرية، وطالبت بإلزام الحكومة بإدراج اسمها ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الإشارة إلى الحركة الفلسطينية على أنها قامت بأعمال تخريبية في الأراضي المصرية، فقد قضت محكمة مصرية أخرى في شهرينايرالماضي باعتبار (كتائب عز الدين القسام) الذراع العسكري لحماس، جماعة إرهابية أيضا.
كما أن العديد من الإعلاميين المصريين قد دأبوا على إتهام حماس بل و تجاوز بعضهم إلى كل الفلسطينيين على أنهم عبء ثقيل على كاهل الدولة المصرية،وهؤلاء لن نلتفت إليهم لأن أهدافهم واضحة في خلق حالة إحتقان وتفسخ في العلاقة ألأزلية بين مصر وبين فلسطين،وما يطمئن في هذا هو أن غالبية الشعب المصري لا يتفق مع هذه "الأبواق" لوعيهم الكامل بأنها أبواق مضلله ولها أهدافها المرفوضة.
هذا بتراكمه جعل الحركة الفلسطينية"حماس" تعلن على لسان أحد متحدثينها إنها لم تعد تعتبر مصر وسيطا بينها وبين إسرائيل بعد حكم المحكمة هذا.
ورغم ما في هذا الحكم من تأثير على سمعة الحركة الفلسطينية ،وما في طياته من تحريض عليها ،إلا أنه غير ملزم للحكومة المصرية وخاصة أن الحركة تطلب ما يثبت تورطها فيما تم الإدعاء به عليها،كما أن متحدثين بإسم الحركة يؤكدون في أكثر من موقف على الروابط القوية بين الشعبين الفلسطيني والمصري وأن أمن مصر هام وحريصون عليه لحماية الجانب الفلسطيني وقضيته خاصة أن"معبر رفح" هو المنفذ الوحيد لقطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس منذ الإنقسام على الساحة الفلسطينية إلى العالم الخارجي.
هذا هو الوضع الغير"معقول" أن يتم التصادم مع الحكومة المصرية التي لم يصدر عنها أي تصريح بخصوص الحكم الصادر عن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة وأنها أي الحكومة المصرية هي التي رعت كل مباحثات فلسطينية - فلسطينية أو فلسطينية - إسرائيلية ،وتقف وراء المطالب الفلسطينية في المحافل الدولية بكل قوتها ،بينما " الإنقسام " قائما بين أكبر فصيلين فاعلين على الساحة الفلسطينية ،والذي جرت كما هو معلوم العديد من المحاولات والمباحثات وكانت في أغلبها برعاية مصرية لإنهاء هذا الوضع الغير"معقول" و الذي أصبح في نظر الشعب الفلسطيني من أهم العوائق التي تحول بين أي إنفراج أو الحصول على المزيد من التأييد العالمي للمطالب الفلسطينية وحق الشعب في إقامة دولته المستقلة التي بدأ تأثيرها يلقى قبولا في بعض الدول الأوروبية مثل السويد التي إعترفت بالدولة وكذلك البرلمان الإيطالي والبريطاني من قبله.
بل إن هذا الوضع "الغير معقول" والغير مقبول والذي لا يتفق مع رأي الجماهير الفلسطينية له تأثير في زيادة التمدد الإستيطاني في الأراضي الفلسطينية وعلى تدهورالإقتصاد والحياة الإجتماعية والتأثير السلبي على قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الإحتلال.
الغير مقبول أيضا..هو خروج بعض التصريحات العلنية من قبل أعضاء حماس التي تتهم الحكومة المصرية بما لا يمكن أن يجنبها التصادم معها " رسميا " الأمر الذي سيترتب عليه المزيد من ردات الفعل في غير صالح الطرفين في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة التي تمر بها المنطقة برمتها والوضع الداخلي المصري .
فما زالت مصر هي قبلة الفلسطينيين في أي مأزق يتعرضون له ،والثابت أن مصر لن تتخلى عن دورها القومي تجاه القضية الفلسطينية لمجرد ردات فعل وإنفعالات غير محسوبة النتائج لإحساسها بأنها الأكبر الذي يتفهم صعوبة الحالة ،وأن على الأطراف الأخرى أن تكون واعية بكل ما يصدر عنها من تصريحات،
وهذا الثابت المصري لا يمنح أحد حق التطاول على السيادة المصرية .
وما وجود قياديين من"الجهاد الإسلامي" في القاهرة إلا دليل على أن صدر مصر"القيادة"يتسع للأستماع إلى كل ما يمكن أن يخدم العلاقة الأزلية والأخوية بينها وبين الفلسطينيين وخاصة السلطة التي تعتبرها الواجهة السياسية الوحيدة التي تمثل كل الفلسطينيين.
لن نـُذَكــِّر بأن السياسة لها قواعد وطرائق وأساليب يمكن أن تقود أصحابها إلى مكاسب في الوقت الذي لو كانت سياسة حمقاء فإنها ستجلب الدمار والخراب على صاحبها وعلى من في فلكه!.
فالسياسة عمل العقل الواعي ولا مكان فيها " للسيريالية " والخيال الجامح،فهي الوسط الذي يلتقي فيه المتضادات للوصول إلى مساحة يمكن أن تصلح ملعبا لسياسة جديدة بمنطق مختلف يتم التوافق عليه .
نختم بسؤال:هل سيبقى الوضع قابلا للإنفجاروالتراشق الإعلامي بما يفسد الأجواء كلما ساد الهدوء،ويتحمل الشعب الفلسطيني أكثر نتائجه السلبية؟
وأمنية بأن يجدالناطقون بإسم الحركة أسلوبا أكثر أنفتاحا وبعقل واع يفسح المجال لحوارات مقبولة ، وأن يراعي كل طرف مصلحة الأخر وإحتياجاته الأمنية والضرورية التي تفرضها المرحلة الحساسة والدقيقة التي يمر بها العالم العربي كله وليس الإنفعال الغير مضبوط من قرار محكمة يمكن طلب الإستئناف فيه،كما يمكن بطلانه إن حسنت النوايا !!.
3 مارس 2015