الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

صباحكم أجمل/ أحواش وعبق تاريخ في بير زيت بقلم وعدسة: زياد جيوسي/الحلقة الثانية

تاريخ النشر : 2015-03-02
صباحكم أجمل/ أحواش وعبق تاريخ في بير زيت بقلم وعدسة: زياد جيوسي/الحلقة الثانية
صباحكم أجمل/ أحواش وعبق تاريخ في بير زيتبقلم وعدسة: زياد جيوسي(الحلقة الثانية)

(دير اللاتين - سيدة غوادالوبّة)
  جولة جميلة جعلتمن بير زيت..حلماً يتحقق؛ هذهالجولة التي رافقتني بها مضيفتي وصاحبة الدعوة لي للتجوال في بير زيت السيدةابتسام سليمان، والتي تحدثت في الحلقة السابقة عن تاريخ دير اللاتين/ كنيسةالعذراء الحبل بلا دنس والمدرسة، هذه الكنيسة التي حملت الاسم المكسيكي (سيدةغوادالوبّة)، والذي يعود لحكاية مكسيكية تقول إن السيدة مريم العذراء ظهرت عدةمرات لهندي مكسيكي من قبيلة الأزتك اسمه خوان دياغو، وذلك في نهاية العام 1531ميلادي، وسمت نفسها بهذا الاسم (سيدة غوادالوبّة)، ويعني السيدة التي تسحق الحيةأي الشيطان، وهذا الهندي كان فقيراً وفلاحاً طيب القلب، وبالأصل كان وثنياً، ولكنهأصبح من أوائل المؤمنين بعد الاحتلال الاسباني للمكسيك، وقد قابل المطران (خوان ديزومارانما) راعي الكنيسة بعد جهد جهيد، وأبلغه رسالة السيدة العذراء مريم ورغبتهاببناء مزار لها ومعبد على قمة جبل تيباك، ولكن المطران لم يصدق الهندي مرتين وطلبإشارة يصدقها، فأرسلت له سيدتنا مريم الإشارة مع الفلاح الهندي من خلال ورود نادرةداخل معطف الفلاح، فلما سقطت الورود من المعطف ظهرت صورة سيدتنا مريم على المعطف،فأسرع المطران لجبل ايباك وبنى المزار وعَيّن الفلاح حارساً له حتى وفاته، وحسببعض المصادر الكنسية فإن الورود والمعطف وعليه الصورة ما زال محتفظاً بها حتى الآنفي معبد جبل ايباك، وأن الفحوصات أظهرت معجزات أخرى في عينيّ سيدتنا مريم فيالصورة، وفيما بعد وبقرار من البابا بندكتوس الرابع عشر، جعل من سيدتنا مريمالعذراء سيدة غوادالوبّة شفيعة بلاد المكسيك الكاثوليكية وأمريكا اللاتينيةبأسرها.وهذه الكنيسة كما كنائس اللاتين بشكل عام بنيت على شكلمستطيل وسقف (جملوني)، ومن الداخل على شكل قبو برميلي مدعم بالأضلاع من الداخل،ولكنها هنا بنيت من حجارة بير زيت اللامعة والمموجة الألوان، ومدخل الكنيسة يضمنافذة من الزجاج المعشق وفوقها لوحة فسيفسائية (لعذراء غوادالوبّة)، وفي أعلىالكنيسة صليب حجري مقدم من الأب سليمان سمندر ابن بير زيت، ويوجد برج الكنيسة وهوعلى ارتفاع 33م من أرضية الكنيسة ويحتوي على 81 درجة للوصول إلى موقع الأجراس، ومنمدخل الكنيسة حيث الأعمدة على الدرج وصولاً إلى صحن الكنيسة والأقواس فيها، حيثيظهر قوس ضخم يفصل بين الهيكل وصحن الكنيسة، وهذا القوس مستمد من الفترة الرومانيةحيث كان يرمز للنصر، ومروراً بجرن المعمودية والمصلى الصغير (الكابيلا)و(السكرستيا) التي تضم ملابس الكاهن وخدام الهيكل والأدوات التي يستخدمونها،مروراً بالنوافذ والأدراج، واللوحات الفنية والنوافذ والأدراج الصغيرة، حيث نجدجمالاً متميزاً في البناء للكنيسة، جمالاً منح بير زيت جمالاً على جمال.

 (كنيسةالقديس بطرس - الانجيلية الأسقفية)

   من الكنيسة اتجهتبرفقة السيدة ابتسام سليمان وأنا لا أحمل سوى حقيبتي الصغيرة على كاهلي الستيني،والتي تضم قلمي ودفتراً للملاحظات وعدستي ومرفقاتها، اتجهنا نحو البلدة القديمة،كي نبدأ الجولة بزيارة جمعية الروزنا للتراث المعماري التي رتبت لنا الجولة فيالبلدة القديمة التراثية، وفي الطريق القصيرة نسبياً لم تكف عدستي عن التصويروتوثيق ذاكرة المكان، فمررنا بكنيسة القديس بطرس (الانجيلية الأسقفية) والتيافتتحت في منتصف العام 1902 وهي كنيسة صغيرة جداً تعود لطائفة البروتستانت حسبماعرفت، وهي طائفة صغيرة في بير زيت لا يتجاوز عددها الـ 45 شخصاً، وهي بناء تراثيمكسو بالقرميد الأحمر مع ساحة صغيرة، وكانت مغلقة مما لم يتح لي رؤيتها من الداخل.وقبل أن ندخل البلدة القديمة مررنا ببقالة شكري وهي من أقدم بقاليات بير زيت،وكانت توفر للسكان المواد التموينية الأساسية واللحوم، وقد أغلقت بعد وفاة شكريوإن بقيت ذكراه في أذهان الناس وخاصة كبار السن، إضافة إلى العديد من بيوت بير زيتالتراثية الجميلة، ولفت نظري بيت بني في العام 1907 ويتميز بجمال نمط البناءوالنقوش والنوافذ المزخرفة بالأقواس الحجرية، وبيت آخر شبيه ويتميز بساحة واسعة،فهذه المنازل أشبه بالقصور وتدل على المستوى الاجتماعي لأصحابها حين بنوها، وهذهالمنازل بعضها مرمم وبعضها مهجور ومغلق ومتروك، وأعتقد أنه يمكن استغلالها بعدالترميم والإعداد لتكون مطاعم واستراحات جاذبة للزوار.
(بيت تراثي في بير زيت يعود لعام 1907)
   ما أن دخلناالشارع الرئيس للبلدة القديمة (شارع البلد) حتى همست لنفسي وللسيدة ابتسام سليمان:يا الله أشعر أني بدأت أتنشق عبق التاريخ في بـير زيت، وأشعر أن هذه الجدرانالقديمة بدأت تهمس لي بحكايات الأجداد وقصص عشق الجدات، فيا ترى كم من الحكاياتستهمس لي أرواح الجدود والجدات؟ وكم ستبوح لي هذه المباني من أسرار أعرف أني لنيمكنني أن أصمت ولا أبوح بها، لكنني واثق أنها لن تغضب مني إن بحت بأسرارها، فصدريسيضيق عن كتمان أسرار هذا الجمال، وروحي لن تقبل أن تبقى هادئة وساكنة أمام جمالحورية البلدات الفلسطينية.
(المباني التراثية في شارع البلد/ بير زيت)
   سرنا في شارعالبلد وعدستي لا تتوقف عن التصوير وروحي لا تتوقف عن التحليق، وكلما سرنا بعض منالأمتار أشعر بدقات قلبي تتزايد، وكأنني فتى في أوائل العمر يقف أمام معشوقته لأولمرة، فمن لا يسير على قدمية ويتأمل كل هذا الجمال لن يدرك أبداً  كم هي المشاعر التي اجتاحت روحي وأنا أجول فيبير زيت، ولعل ما جعلني أشعر بالراحة والاطمئنان أن البيوت على جانبي شارع البلدمرممة بدون أن تمس روح التراث، وأن هناك العديد من المطاعم والمحلات على جانبيالشارع التراثي الجميل، فمن مقهى ومطعم جميل يحمل اسم العرمان وهو في بداية طريقالعين المتفرع من طريق البلد، إلى مطعم الطابون إلى مطعم جمهورية الفلافل، مروراًبمطحنة وبابور بير زيت القديمة التي سيكون عنها حديث لاحق، وغيرها من الأمكنة فيطريق البلد، مما يوفر للزائر الراحة حين يبغي الطعام أو القهوة والاستراحة أثناءالتجوال.
(مبنى الروزنا التراثي)
   قبل أن نصل إلىنهاية الشارع للوصول إلى جمعية الروزنا التقينا الأخ رائد سعادة رئيس الجمعية فيسيارته، فتوقف وكان لقاء حار بيننا، فهمس لي: (أعذرني لارتباطات عمل خارج البلدة، ولكنالأخ أبو جميل المنسق الميداني للجمعية ينتظركم لترتيب جولتك في بلدتنا، فأهلاً بكونورت بير زيت وتشرفنا بحضورك)، فشكرته بحرارة وواصلنا الطريق إلى الجمعية الواقعةمباشرة مقابل كنيسة الروم الأرثوذكس (دير جارجيوس)، فوقفت أتأمل موقع الجمعية فيالمبنى التراثي الجميل الذي جرى ترميمه، وهذا المبنى تأثر بالزلزال الذي تعرضت لهالمنطقة عام 1927 فلم يتم اكمال طابقه العلوي إلا حين جرى ترميمه، وبدأت عدستيبتوثيق المكان من الخارج والداخل، فهذه الجمعية تميزت بالمحافظة على التراث، ولهادور كبير في المحافظة على التراث المعماري في البلدة اضافة إلى العمل على ترميمالأبنية والأحواش بالتعاون مع البلدية ومؤسسات مختلفة أهمها مؤسسة رواق، وفي كلعام يكون لها مهرجان شامل للتراث، وقد سبق وحضرت هذه المهرجانات أكثر من مرة،وشاركت مع الجمعية في رحلة مسار سيراً على الأقدام في وادي النطوف، ووثقت الرحلةوالأمكنة بعشرات الصور، وكتبت مقالة سبق نشرها عن الجمال للمكان والرحلة، وفيالعام الماضي 2014 كانت النسخة السابعة من أسبوع التراث في بير زيت، واستقبلناالأخ (أبو جميل) استقبال جميل كلقبه كما استقبلتنا الآنسة رنا سعادة بترحاب جميلوابتسامة وضّاءة، ووجدنا وفداً ايطالياً جاء لزيارة البلدة، وشاركناهم الإفطارالتقليدي الذي أحضرته إدارة الجمعية من مناقيش الزعتر والجبنة، لنبدأ بعدها جولتنابرفقة الأخ (أبو جميل) بعد أن فضلت أن تكون جولتنا مستقلة عن الزوار الطليان،ورغبت أن تكون سيراً على الأقدام في البلدة القديمة بدون استخدام السيارات،فالتجوال على الأقدام يتيح لي الفرصة أن أتأمل كل ما أراه وأوثقه بالذاكرةوالعدسة.

(حوش ربيع التراثي في بير زيت ويعود لعام 1852)
   بدأنا جولتنابزيارة حوش علية ربيع والذي يعود تاريخه إلى لعام 1852، وهو كان بالأصل أول كنيسةلطائفة اللاتين حين منحه المالك للطائفة التي لم يكن لديها كنيسة تستخدمهاللعبادة، واستمر الحوش يستخدم كنيسة مجاورة لكنيسة الروم الأرثوذكس حتى بناءدير اللاتين، والذي تحدثت عنه في بداية هذه الحلقة والحلقة السابقة،ويستخدم الآن بعد ترميمه كمقر للعديد من الاحتفالات والمناسبات والتي سبق أن حضرتبعضاً منها، حيث تقع أمامه ساحة فسيحة تسمح بذلك، وهو مكون من أربعة غرف وغرفةعلوية تسمى في بلادنا العلية، وهذا الحوش كانت تسكنه خمسة عائلات كما نظام الأحواشفي بير زيت، في غرفة عائلة تحتها الخابية، والعلية كانت تعود لعائلة ربيع التي حملالحوش اسمها.
(حوش دار سعادة- النيزك - دار سعادة للعلوم والتكنولوجيا)
   إنه عبق التاريخوالتراث، فنظام الأحواش كان منتشراً في فلسطين، ولكل حوش ذاكرة وحكاية، ومن حوشعلية ربيع اتجهنا إلى حوش دار سعادة الذي يتميز بجماله والذي أصبح المقر الرسميلمؤسسة النيزك للتعليم المساند والإبداع العلمي (دار سعادة للعلوم والتكنولوجيا)،والذي يعتبر بيت العلوم الأول في فلسطين، حيث استقبلنا الأخ مهند الطويل وهو مرشدومنسق المشاريع في المؤسسة، وهذا الحوش سأتحدث عنه وعن الأحواش الأخرى وعن مؤسسةالنيزك، في الحلقة القادمة من سلسلة مقالات الذاكرة عن بير زيت.   صباح جميل تتساقطفيه الثلوج لليوم الثاني على مدينة رام الله، فأمتع نظري بمشهد الثلوج وألتقط بعضالصور، ومع فنجان القهوة وروح طيفي البعيد القريب وشدو فيروز وهي تشدو: (ثلج ثلجعم بتشتي الدنيا ثلج والنجمات حيرانين وزوار الطرقات بردانيين، والغيمات تعبانين،عالتلة خيمات مضويين، على كل قلب و علىكل مرج ألفة و خير و حب متل التلج)، أكتب مابدأته من الحديث عن أحواش وعبق تاريخ في بـير زيت، وأهمس لكم جميعاًحتى نلتقي في الحلقة التالية: صباحكم أجمل وأبيض كما الثلج. (رام الله8/1/2015)  





 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف