حلوة زحايكة
سوالف حريم
على حين غفلة
سحقا لتلك الحرب التي دائما تقودني الى الأحداث المريرة التي لا ولن أستطيع أن أنساها، فقد عادت بي ذاكرتي مرة أخرى الى 18/5/2002 يوم السبت، ذلك اليوم المشؤوم الذي فقدت فيه أخي وصديقي ورفيق طفولتي، ذلك اليوم استيقظت مبكرا وأنا أشعر بأن هناك سلاسل من حديد تلتف حول رقبتي، ولا أعرف سببا لذلك، كنت أشعر بضيق... أكاد أختنق... لا أستطيع أن أتنفس، ولا أعرف سبب ذلك، وحدثت زوجي بما أشعر، وقال لي أيضا بأنه يشعر نفس الشعور، في ذلك اليوم لم أستطع أن أطهو أو أن أعمل شيئا داخل البيت، وعند موعد الغداء طلبت من زوجي أن يحضر لنا طعاما من مدينة القدس، ذهب وعاد ولم يحضر شيئا، ولم يعرف هو الآخر لماذا ذهب. صباح كل يوم سبت في الساعة السابعة والنصف كان دائما يرن جرس الهاتف ونتسابق أنا زوجي من أجل أن نرد على الهاتف، لأننا نعلم بأن المتصل هو قريبنا وصديقنا محمود موسى الحصيني، فهو ذو مكانة خاصةعندنا، في ذلك اليوم لم يتصل ولم نتصل نحن، ولا أعرف السبب، فليس من عادتنا أن لا نتصل ولا أعرف لماذا لم يتصل؟ عندما عاد زوجي من القدس وسألته عن الطعام، قال بأنه نسي ولم يحضر معه شيئا، وقال: لا أعرف ما الذي يحصل معي، هناك شيء غريب في داخلنا نحن الاثنين، قبل أن يعود كانت النار تشتعل في قلبي، خرجت من منزلي وسرت باتجاه بيت أهلي. وأنا مضطربة جدا، وعدت أدراجي ونزلت الى المنطقة التي تلي بيتي لا أعرف ما بي، وعند وصول زوجي ودخوله المنزل سمعت أخاه الأكبر يقول: محمود سقط شهيدا! فسقط قلبي من مكانه، وانهارت قواي، اسرعت الى زوجي وقلت له أن أخاه يتحدث بأن هناك أمرا سيئا قد حصل لمحمود، نزل وعاد، قال لي في البداية بأنه عمل حادثا بالسيارة، ولكنني لم أصدق وقال لي: جهزي حالك، الى أن أعود بالخبر اليقين، ذهب وبعد قليل جاء من يخبرني بأن محمودا قد استشهد في منطقة بيت أمّر قرب الخليل، لم أصدق لكنني ذهبت الى بيته... الكل ينتظر في وجوم...لا أحد يعرف الصحيح، وأهل بيته لم يخبروهم الحقيقة بعد، كانت زوجته معه على الهاتف في الساعة الثالثة إلا عشر دقائق، وفي تمام الثالثة قتله جيش الاحتلال، شيء لا يصدقه العقل، جاؤوا به في الساعة الرابعة والنصف... كان هناك جمع كبير وما زلت لا أصدق بأنه غادرنا،لم استوعب فكرة موته... من كثرة المتواجدين لم أستطع ان أراه لا أنا ولا زوجي. في الخامسة كان تحت التراب، في اليوم التالي ذهبت الى مقبرة البلدة حتى أتأكد بأنه يرقد هناك، جلست فوق رأس القبر وتحدثت معه على أمل أن يجيبني من القبر.
وفي هذه الأيام سقط الآلاف شهداء وجرحى في قطاع غزة، وكان الله في عون أمهاتهم وآبائهم وذويهم ومحبيهم، فرحماك ربي.
سوالف حريم
على حين غفلة
سحقا لتلك الحرب التي دائما تقودني الى الأحداث المريرة التي لا ولن أستطيع أن أنساها، فقد عادت بي ذاكرتي مرة أخرى الى 18/5/2002 يوم السبت، ذلك اليوم المشؤوم الذي فقدت فيه أخي وصديقي ورفيق طفولتي، ذلك اليوم استيقظت مبكرا وأنا أشعر بأن هناك سلاسل من حديد تلتف حول رقبتي، ولا أعرف سببا لذلك، كنت أشعر بضيق... أكاد أختنق... لا أستطيع أن أتنفس، ولا أعرف سبب ذلك، وحدثت زوجي بما أشعر، وقال لي أيضا بأنه يشعر نفس الشعور، في ذلك اليوم لم أستطع أن أطهو أو أن أعمل شيئا داخل البيت، وعند موعد الغداء طلبت من زوجي أن يحضر لنا طعاما من مدينة القدس، ذهب وعاد ولم يحضر شيئا، ولم يعرف هو الآخر لماذا ذهب. صباح كل يوم سبت في الساعة السابعة والنصف كان دائما يرن جرس الهاتف ونتسابق أنا زوجي من أجل أن نرد على الهاتف، لأننا نعلم بأن المتصل هو قريبنا وصديقنا محمود موسى الحصيني، فهو ذو مكانة خاصةعندنا، في ذلك اليوم لم يتصل ولم نتصل نحن، ولا أعرف السبب، فليس من عادتنا أن لا نتصل ولا أعرف لماذا لم يتصل؟ عندما عاد زوجي من القدس وسألته عن الطعام، قال بأنه نسي ولم يحضر معه شيئا، وقال: لا أعرف ما الذي يحصل معي، هناك شيء غريب في داخلنا نحن الاثنين، قبل أن يعود كانت النار تشتعل في قلبي، خرجت من منزلي وسرت باتجاه بيت أهلي. وأنا مضطربة جدا، وعدت أدراجي ونزلت الى المنطقة التي تلي بيتي لا أعرف ما بي، وعند وصول زوجي ودخوله المنزل سمعت أخاه الأكبر يقول: محمود سقط شهيدا! فسقط قلبي من مكانه، وانهارت قواي، اسرعت الى زوجي وقلت له أن أخاه يتحدث بأن هناك أمرا سيئا قد حصل لمحمود، نزل وعاد، قال لي في البداية بأنه عمل حادثا بالسيارة، ولكنني لم أصدق وقال لي: جهزي حالك، الى أن أعود بالخبر اليقين، ذهب وبعد قليل جاء من يخبرني بأن محمودا قد استشهد في منطقة بيت أمّر قرب الخليل، لم أصدق لكنني ذهبت الى بيته... الكل ينتظر في وجوم...لا أحد يعرف الصحيح، وأهل بيته لم يخبروهم الحقيقة بعد، كانت زوجته معه على الهاتف في الساعة الثالثة إلا عشر دقائق، وفي تمام الثالثة قتله جيش الاحتلال، شيء لا يصدقه العقل، جاؤوا به في الساعة الرابعة والنصف... كان هناك جمع كبير وما زلت لا أصدق بأنه غادرنا،لم استوعب فكرة موته... من كثرة المتواجدين لم أستطع ان أراه لا أنا ولا زوجي. في الخامسة كان تحت التراب، في اليوم التالي ذهبت الى مقبرة البلدة حتى أتأكد بأنه يرقد هناك، جلست فوق رأس القبر وتحدثت معه على أمل أن يجيبني من القبر.
وفي هذه الأيام سقط الآلاف شهداء وجرحى في قطاع غزة، وكان الله في عون أمهاتهم وآبائهم وذويهم ومحبيهم، فرحماك ربي.