ارتدى معطفه الاسود وقبعته الجلدية القديمة، وهبط السلالم مستعجلا وسار حتى غاب في زحمة الشارع. بدا الجو كئيبا باردا.. تماما كما جاءت توقعات الراصد الجوي هذا الصباح حينما استمع الى المذياع وهو يتناول الفطور البارد خاصته.. قطعة خبز شبه مهجورة.. بضع حبات من الزيتون الاسود.. وفنجان شاي كئيب غامق وخال من السكر! وليت الأمر توقف عند برودة الجو وسواد الشاي في الفنجان.. فقد استهل المذيع نشرة الاخبار بأنباء تحدثت عن مقتل أشخاص عدة على أيدي جماعة ارهابية تدّعي الإسلام، تلاها خبر انزلاق حافلة عن مسارها لأسباب لم تزل غير معروفة مما أدى إلى انقلابها.. فربما لا زال الامر في طور الفبركة، إذ أن وسائل الإعلام الغربية لن تعجز عن إلصاق تهمة العبث بفرامل الحافلة بالإسلام أيضا، ليدفع هو شخصيا ثمنا باهظا إضافيا للجوئه، عروبته، ولربما إسلامه..
تمنى لو أنه حمل معه مظلة، فقد ادرك بعد أن ابتعد عن المنزل بأن حضرة الراصد الجوي المحترم قد نسي أن يخبره بأن الجو سيكون ماطرا أيضا. ولأن الندم لن يفيد.. أخذ يسرع بخطواته حتى يصل وجهته قبل هطول المطر..
بحث في جيبه عن قطع النقود المعدنية المبعثرة ليشتري جريدته اليومية من العجوز الأشعث الأغبر الذي يقف على ناصية الشارع منذ أيام الحرب العالمية الثانية.. أو هكذا صوّر له من هول ما فعلت التجاعيد بمعالم وجه هذا الرجل.
وصل الى المقعد الخاص به.. على الرصيف.. موازيا للشارع... ومقابلا للبحر...وكالعادة .. قلب الصفحة الاولى من الجريدة.. الاخبار ايضا كئيبة وباردة.. قتل في سوريا.. اعمال عنف في بغداد... وظلم وقهر وتطهير عرقي في حق أقل الناس حظا في العيش في موطنه فلسطين.. تنهد طويلا حين أيقن بان السنوات الطويلة التي قضاها في المهجر لم تنجح في التخفيف من وطأة الألم الذي كان يعتريه حين كان يتابع أخبار بلاده.. تدنيس المقدسات.. زحف الاستيطان.. سلب الارواح والممتلكات.. مسلسل من الظلم لا ينتهي..
طوى الجريدة وحملها تحت ذراعه ونهض...لا جدوى من الذهاب إلى العمل هذا اليوم ايضا.. فقد اكتست ملامح نهاره الذي لم يبدأ بعد بالسواد... عاد أدراجه نحو المنزل... ليزداد سخطه على الراصد الجوي حينما بدأت السماء تمطره بزخات من مطر غزير كانت تلامس وجهه كوخزات إبر لا كقطرات ماء...وصل منزله، نزع النظارة السوداء المبللة.. قبعته ..والمعطف الذي زادته الامطار سوادا...
رمى بجسده المنهك .. الكئيب.. البارد على الاريكة وأغمض عينيه.. همس في نفسه... يبدو أنني قد أدمنت العتمة، العزلة، والسواد...
تمنى لو أنه حمل معه مظلة، فقد ادرك بعد أن ابتعد عن المنزل بأن حضرة الراصد الجوي المحترم قد نسي أن يخبره بأن الجو سيكون ماطرا أيضا. ولأن الندم لن يفيد.. أخذ يسرع بخطواته حتى يصل وجهته قبل هطول المطر..
بحث في جيبه عن قطع النقود المعدنية المبعثرة ليشتري جريدته اليومية من العجوز الأشعث الأغبر الذي يقف على ناصية الشارع منذ أيام الحرب العالمية الثانية.. أو هكذا صوّر له من هول ما فعلت التجاعيد بمعالم وجه هذا الرجل.
وصل الى المقعد الخاص به.. على الرصيف.. موازيا للشارع... ومقابلا للبحر...وكالعادة .. قلب الصفحة الاولى من الجريدة.. الاخبار ايضا كئيبة وباردة.. قتل في سوريا.. اعمال عنف في بغداد... وظلم وقهر وتطهير عرقي في حق أقل الناس حظا في العيش في موطنه فلسطين.. تنهد طويلا حين أيقن بان السنوات الطويلة التي قضاها في المهجر لم تنجح في التخفيف من وطأة الألم الذي كان يعتريه حين كان يتابع أخبار بلاده.. تدنيس المقدسات.. زحف الاستيطان.. سلب الارواح والممتلكات.. مسلسل من الظلم لا ينتهي..
طوى الجريدة وحملها تحت ذراعه ونهض...لا جدوى من الذهاب إلى العمل هذا اليوم ايضا.. فقد اكتست ملامح نهاره الذي لم يبدأ بعد بالسواد... عاد أدراجه نحو المنزل... ليزداد سخطه على الراصد الجوي حينما بدأت السماء تمطره بزخات من مطر غزير كانت تلامس وجهه كوخزات إبر لا كقطرات ماء...وصل منزله، نزع النظارة السوداء المبللة.. قبعته ..والمعطف الذي زادته الامطار سوادا...
رمى بجسده المنهك .. الكئيب.. البارد على الاريكة وأغمض عينيه.. همس في نفسه... يبدو أنني قد أدمنت العتمة، العزلة، والسواد...