الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حياة...في منتصف الموت، رواية...في منتصف الحكاية بقلم:مشلين بطرس

تاريخ النشر : 2015-02-28
حياة...في منتصف الموت، رواية...في منتصف الحكاية بقلم:مشلين بطرس
حياة...في منتصف الموت، رواية...في منتصف الحكاية
مشلين بطرس

إذا كنا نسعى من خلال الأدب بالكلمة إلى الولادات اللإرتقائية، و الحركة اللانهائية، وبالتالي إلى الإنسان الأرقى من واقع و مادية الحياة، فإننا من خلال التمرد (الجنون) نسعى لمنع أنفسنا من الانحدارعن مستوانا الإنساني إلى مستوى الحيوان.

 كما قال ممدوح عدوان:"إنّ عالم القمع المنظم منه والعشوائي الذي يعيشه إنسان هذا العصر هو عالم لايصلح للإنسان ولالنمو إنسانيته. بل هو يعمل على حيونة الإنسان".

لتأتي (حياة في منتصف الموت) - للكاتبة حنان رحيمي-من خضم ما نعيشه وتثبت لنا أنّ الإنسانالذي يعتاد على القسوة والعنف هو إنسان تآكلت وماتت فيه أشياء وأشياء.

يبدأ النص بمقدمة للكاتبة كتنويه وتوضيح بمضمون الرواية والإشارة إلى واقعيتها، إذ لم يقدم للنص إضافة بقدر ماأثقل عليه، بجعل القارئ في سؤال دائم للبحث عن إمكانية تحقق الفني في الواقعي، فمن حكاية (وليد مع الفقر ومعاناته وحياته البائسة) المحورية التي تستغرق البرنامج السردي، سيبدو للقارئ أنه أمام نص الحكاية. إذ سيلاحظ وفي القسم التاسع تسارعاً في الزمن السردي، ليجد أنّ دخول أحداث الحرب أضفت على البرنامج السردي عنصريّ التشويق والمتعة، لنرى أن المتن الحكائي في الأقسام من واحد حتى بداية التاسعتجري أحداثها في إحدى الأحياء الفقيرة وذلك في زمن (كرونولوجي) صاعد،إذ يتوقف هذا الزمن في منتصف الحكاية. لتوظّف الكاتبة تقنيتي الاسترجاع والاستباق في النص توظيفاً أكسب حكايتها أسلوب الرواية الحديثة.

فإنّ لحظات مثل الضياع، الحرمان، البحث والعثور تتصل بثيمات رئيسة للحكاية الشعبية، وغالباً ما أدت في الرواية الحديثة دوراً تأليفياً ابداعياً. ولو بدأت الكاتبة روايتها من النهاية مستخدمةً تقنيات القطع والاسترجاع والاستباق لأضفى ذلك على السرد من بدايته المتعة والدهشة والتشويق.

ومنه تتناوب صيغتا ضمير الغائب وضمير المتكلم على النهوض بالبرنامج السردي، لنجد أنّ الراوي الأحادي في صيغته (الغائب) يكشف عن وجهة نظر حيادية تجاه الأحداث والشخصيات التي لاتدين أو تؤيد بقدر ما تصور وتسبر، تاركة الحكم للقارئ في تعاطفه أو في نفوره مما يقرأ.

كما ولم تقتصر وجهة النظر على مقاربة عوالم وطقوس الأثرياء، إنما قاربت عوالم عدد من الشخصيات الفقيرة والمهمشة، مثل بياع الكعك، الشحاذ...

أما الشخصية الرئيسة التي تستأثر بالتبئير السردي في الرواية وهو "وليد" فلم تكن تسميتها اعتباطية، فوليد من الولادة والاستمرار، ولأن كل مرحلة من الأسى التي كان يعيشها وليد كانت تراكم في داخله القهر والحقد والضغينة، وتولد فيه شخصية جديدة ولو كانت أشدّ حقداً من الأولى، ولأن وليد كان محروماً من أبسط حقوقه كإنسان، ولد منه ذاك الوحش. لعل القارئ يؤيد موقف وليد وضربه لتلك السيدة الثرية التي صفعت أمه. فقد أثار المشهد جنون وليد وأصبح بحجم أبيه، وتحول الطفل بداخله وحشاً وبدأ بضرب المرأة. ولكن هل من المعقول أن يؤيد القارئ ما فعله وليد بصديق قديم حاول التقرب منه في نهاية الرواية؟؟

لذا كانت شخصية وليد الروائية شخصية مركبة دبنامية، امتازت بالتحولات الدرامية والتراجيدية التي طرأت على سلوكها وأفعالها داخل البنية الحكائية، فانتقلت من حال إلى حال بعد أن قُذفت في آتون التناقضات الحارة مع نفسها والعالم من حولها. فكان وليد الطفل الذي يحلم بالمدرسة وحمل الدفاتر، والرسم، ليصبح شحاذاً يخلم بعمل يكسب منه المال، ليتحول إلى شاب "زبال" يحلم بالزواج والعائلة...إلى أبو النار الذي لايحشو عقله سوى الرصاص والحرب، إلى ذاك السيد الذي أصبح مليونيراً يريد التكلم بلسان وضمير الشعب، فخصلة الشعر ذراها حتى آخر جثة أرداها، وكل خيط من ثياب طفله جعله كفناً لعدوه، حتى أنه أحرق ذاكرة ولادته وسحق "وليد" في رحم أمه. أما اللغة في الرواية فكانت لغة إبلاغية مباشرة، تتناسب ومنطوق أغلب الشخصيات في الرواية، غير أنها كانت متعالية بعض الشيئ وخاصة في شخصية "المعلم شوقي" إذ يلاحظ المتلقي في كلام الشخصية، اللغة المجازية التي تحوي على الكثير من الصور والرموز، وكأن قسوة الحياة حفرت فيداخله العمق واستنباط الأمور، لكن "المعلم شوقي" يموت كشخصية روائية، وبالتالي لم تسمح له الحياة أنّ يعبّر عن آلامه من خلال عمق كلمته وشاعريتها. ليبقى وليد على قيد الحياة وتتغلب الوحشية على أعماقه ويتحول إلى وحش كاسر. فهل كانت مأساته مبرراً ليتحول إلى ماتحول إليه؟؟

أم أن الحياة هي مبرر لكل مأساة قد يمر بها أي إنسان، وبالتالي تحويله إلى حيوان؟؟
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف