الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سر المجد ..قراءة في سيرة وشخصية طلال أبو غزالة بقلم:أسعد العزوني

تاريخ النشر : 2015-02-28
سر المجد ..قراءة في سيرة وشخصية طلال أبو غزالة بقلم:أسعد العزوني
سر المجد ..قراءة في سيرة وشخصية طلال أبو غزالة


أسعد العزوني
قبل أيام صدر كتاب  يتحدث عن سيرة ومسيرة اليافاوي المعروف د.طلال أبو غزالة ، من إعداد وتقديم ليلى الرفاعي ، تضمن  العديد من  جوانب حياة هذا الرجل الذي  بدأ حياته لا جئا في لبنان ، وها هو أمد الله في عمره ، يتحول بجده وإجتهاده وصدقه إلى مواطن  عالمي يحمل الجنسية العالمية ، ونحن  بالتأكيد لا نتحدث عن  لاجيء سياسي إرتبط بدولة ما نظير خدمات تجسسية على بلده ،فكوفيء بالإقامة في هذا البلد أو ذاك ، بل نحن أمام رجل علامة أولا ، ومنتج ثانيا ، ومنفتح ثالثا وخبير رابعا  وصاحب أفق خامسا والقائمة تطول.
أي أن هذا الرجل  هبة من الله لكل بلد يحل فيه ضيفا أو صديقا  أو شريكا منتجا لبرنامج معرفي جديد ، فهو قيمة  مضافة  ربما أغلى من الذهب  أو البلاتين ، لأن قيمة المعرفة  غير قابلة للتحديد ، فما بالك إن كنا نمتلك المعرفة ومن ينتجها ، إنه الكنز الثمين الذي يتجسد في شخصية وعقلية هذا الرجل المعرفي العصامي الذي خدم الحظ بدلا من أن يخدمه الحظ.
إستعرضت  معدة الكتاب الذي حمل عنوان "رجل من بلدي ..سيرة حياة سعادة الدكتور طلال أبو غزالة "، كافة مراحل حياة العلامة أبو غزالة ذلك اللاجيء الفلسطيني إبن  الجندي في الجيش التركي الذي نصحه بالعمل في التجارة لأنها ثلثا الإمارة  ،ولكنه  جسد هذه النصيحة الأبوية  إلى تجارة تختلف عن البيع والشراء الماديين ، تجارة في المعرفة وإنتاجها ، ولذلك  وضع نفسه في خانة التميز مبكرا ، وحجز له مقعدا متقدما  وتذكرة في الصف الأول في نادي المبدعين الذين تفخر الإنسانية بهم.
لم يتجه طلال أبو غزالة إلى التجارة المادية حيث العقود والعروض والصفقات التي تحقق ربحا وفيرا ، خاصة إذا  ما كانت ضمن التجارات المحرمة كتجارة السلاح وغيره ، والتي كانت  مصدر ثراء العديد من الأثرياء العرب ، بل عمد إلى التخصص في المكلية الفكرية  ،ولا أظن أن ذلك جاء هكذا   ،وربما لسوء إختيار أو  بمحض الصدفة .
كما هو معروف فإن طلال أبو غزالة كان لاجئا فلسطينيا ، والتهجير بطبيعة الحال هو غياب الجسد عن المكان ، وكثيرا ما يضطر العاشق إلى هجرة معشوقه جسدا ، لكنه ومهما كانت قسوة الأسباب التي أدت إلى الإبتعاد والهجرة ، فإن القلوب لن  تهدأ في نبضاتها ، بل ستزيد من النبضات دون إذن من أصحابها ، في حال ورد خيال المعشوق في ذهن العاشق دون موعد لأنه لا مواعيد محددة لذلك ،فطيف المحبوب يكون حاضرا دوما في ذهن المحب، ،وهذه  هي الملكية الفكرية التي برز في تجارتها طلال أبو غزالة ، بمعنى أن  أحدا  لا يستطيع  الحجر على الفكر بعكس الجسد الذي يمكن إبعاده عن محبوبه.
أراد طلال أبو غزالة إثبات أن الشعب الفلسطيني لن ينسى وطنه فلسطين ،حتى لو أنهم نجحوا في إبعاده عنها ، ومنعه من العودة إليها ، فعقول وقلوب أبناء الشعب الفلسطيني معلقة بفلسطين  على الدوام ، وهذه هي الملكية الفكرية التي  أبدع فيها العلامة المعرفي طلال أبو غزالة.
لا أريد أن أقدم قراة أدبية لهذا الكتاب خشية تقديم الرجل بغير مسار حياته ،علما انه فاز بجائزة الجامعة العربية في أولى سني حياته  بمبلغ 500 جنيه مصري عن قصة  أدبية كتبها، بل سأقدم قراءة متواضعة  لسيرة ومسيرة هذا الرجل الذي أبى إلا أن يكون متميزا  وعلما  وصاحب فكر وموقف ورؤية ، شعاره "إن كل ما أفعله  هو من أجل فلسطين"، فنعم الشعار وصاحبه  ونعم الهدف والطريقة التي تحقق فيها.
أول ما يمكن أن يقال  بحق العلامة طلال أبو غزالة هو أنه  أريد له ولشعبه أن يكونوا مهاجرين ،وأن من قام بتهجيرهم أراد شطبهم  من قائمة الحياة في نهاية المطاف ، لكن العلامة طلال أبو غزالة ، بجده وإجتهاده ، حول المسيرة إلى مسار معاكس ،  إذ ثبت نفسه  ليس على خارطة فلسطين فحسب ،  بل  وضع بصمته النافرة على الخارطة العالمية  بكل فخر وإعتزاز، وأخذ يعمل على شطب عدوه بطريقة لم تخطر على بال الأعداء ، وهي العلم والمعرفة ، وهذان هما السلاحان  المحرمان على النزع .
وها  هو يعمل جادا مجتهدا على شطب عدوه  ، لأنه أثبت أن الشعب الفلسطيني ليس  عددا من الرعاة والأميين والمتخلفين ، بل هم طاقة فعالة منتجة ، تكتسب المعرفة بسهولة وتعمل على إنتاجها أيضا لتكسبها للآخرين، وهذه هي سيرورة  الحياة  التي يتصف بها أي شعب متحضر .
معروف أن أعداء الشعب الفلسطيني القريبين والبعيدين ، كانوا حريصين على نزع سلاح المقاومة الفلسطينية ،وحرمان الشعب الفلسطيني من شرف الثورة والتحرير ، وقد  أريقت الدماء الفلسطينية البريئة هنا وهناك إرضاء  للعدو الصهيوني، لكن أحدا لن يستطيع  نزع علم ومعرفة الفلسطيني خاصة إذا ما كان على شاكلة  العلامة المعرفي طلال أبو غزالة.
وحتى لا نبتعد كثيرا عن لب الموضوع ، فإن طلال أبو غزالة ليس رجلا معرفيا  منتجا مبدعا فقط ، بل هناك حزمة صفات  عز نظيرها هذه الأيام عند الكثيرين ،وأهم هذه الصفات  التسامح  الذي تحلى به الرجل ، وقابل من أساء إليه بالإحسان ،وبالمال الذي يعادل الروح، وبذلك يكون قد ضرب لنا مثلا في التعامل الإنساني الذي يجب أن يكون  لا ما هو كائن حيث الحقد والحرمان.
أولى بصمات التسامح التي  وضعها العلامة المعرفي طلال أبو غزالة هي موقفه من لبنان كبلد إحتضنه وعائلته ، ومن الجامعة الأمريكية في بيروت التي ضيقت عليه  بسبب نشاطاته المؤيدة للوحدة بين لبنان وسوريا إنطلاقا من إنتمائه لحركة القوميين العرب ، وقد هددته إدارة الجامعة بالفصل إن إستمر في هذه النشاطات، وقد تبرع أبو غزالة لهذه الجامعة بعشرة ملايين دولار ضمن عقد يسمح له بإستخدام مبنى قديم في  الجامعة  للتدريب  وضعت    الجامعة وتكريما له  إسمه عليه وذلك للمرة الأولى التي يتم فيها تكريم أحد الطلاب في هذه الجامعة  وذلك في العام 1978.
والغريب في الأمر أن طلال أبو غزالة  وبعد إنتهاء العقد الذي كانت مدته عشرسنوات ، تنازل  عن هذا التكريم لصالح صديقه الراحل رفيق الحريري ،الأمر الذي أدهش القريب والبعيد  ، إذ كيف يتنازل رجل  لآخر عن مثل هذا المجد؟إنه الإيثار وهو من شيم الرجال الرجال.
أما  شرفية التسامح الثانية فكانت في الأردن حيث  أصبح طلال أبو غزالة  من حملة الجنسية الأردنية ومن المقربين  والمؤثرين ، وقد  تعرض لموقف  يصعب وصفه وتبريره  ،وهو أن أمانة عمان  حاولت الإستيلاء على ممتلكاته في الشميساني بحجة التوسيع والتطوير ، وقد رفع قضية وكسبها  ، وها نحن نرى  آثاره في كل أنحاء العاصمة عمان .
لم  ينفر طلال أبو غزالة ويحمل أوراقه  وأرصدته ويهاجر من الأردن ، وهو يعلم أن كل الدنيا ترحب برجل علامة معرفي منتج مثله ، بل  صمم على  البقاء ولم يغير من نهجه ، وقال "لقد وجدت في الأردن الحضن والهوية والإنتماء " ، وهذا هو قمة الوفاء والتعالي على الجروح ،وقد كافأه الله بأن سهل له من الأردن الإنطلاق إلى العالمية.
يمتلك طلال أبو غزالة رؤية سياسية ثاقبة  ،ولديه روح إتسمت بالتصدي  والصمود المدروس ، والمبدئية العالية ، فهو ورغم ما حققه من نجاحات عالمية لم يترك نفسه في مفي رياح الأعداء المتواجدين والمتنفذين في كل أرجاء الدنيا بل لاحقهم وزاحمهم وتحداهم  وحقق نجاحات كبيرة .
ومن جوانب الرؤية الثاقبة عنده وصفه لرئيس وزراء "مستعمرة " إسرائيل أفيغدور ليبرمان  بأنه  بدأ حياته حارس بارات  يتولى حماية بائعات الهوى ، وبالتالي لا يجوز التفاوض معه ، وينسحب ذلك على كافة بلطجية  هذه المستعمرة الذين تربوا على اللصوصية والتزوير والكذب ، بمعن أنه  لا يجوز التفاوض معهم لطبيعتهم.
ومن  أقوال طلال أبو غزالة أيضا بخصوص المنتمين ل"مستعمرة "إسرائيل ": نستطيع تأمين تذاكر سفر وفرص عمل لليهود في بلدانهم  في حال غادروا فلسطين.
ويقول أيضا" إن فلسطين  باقية  وموجودة على الخريطة ،ولا يمكن أن يمحى التاريخ ولو بمئة قرار وإتفاقية  ، وأقول للمشككين –ولو بعد قرون – هناك واقع تاريخي وجغرافي واخلاقي ولآن  مرحلة لبداية الخير المبشر بالعودة."
وهو هنا لا يؤمن بمفاوضات السلام ، ولو كان أحد غيره  لعمل على التشبيك مع من  يزحفون  لتوقيع  معاهدات الصلح مع "مستعمرة " إسرائيل عل وعسى أن يناله من الحب جانب ، ويصبح شريكا  لأبنائهم الناهبين  للوكالات  الأجنبية .
الجرأة والشجاعة ديدن هذا الرجل ن فقد رد على  الغربان والبوم الناعقين بالخراب والفرقة عندما حاولوا الإيقاع بينه وبين الرئيس الراحل أبو عمار الذي إستقر به المطاف في رام الله بعد اوسلو ، ووصفوه بالمقصر لأنه لم يذهب إلى رام الله لتهنئة أبو عمار ،وكان رده رجوليا  مخز لهم  وجاء فيه:" إن طلال  لن يدخل فلسطين إلا عندما يعلو العلم الفلسطيني على فلسطين
، وعندما يصدر تأشيرة الدخول فلسطيني ،إن دوره خارج إطار المنظمة يفيدها اكثر من داخلها."
ويصف طلا أبو غزالة "مستعمرة "إسرائيل بأنها أضعف دولة في المنطقة ويؤكد أن القوة  في الإقتصاد وليس في القوة العسكرية ، ويقول أيضا أن إسرائيل  هي الدولة الوحيدة في العالم  التي تعيش عالة عليه.
ويشبه أبو غزالة  "مستعمرة "إسرائيل ،بالمريض في المستشفى المتصل بأنابيب التغذية "مصل "، وإذا ما فصلت هذه الأنابيب عنه فقد الحياة ومات ، فإسرائيل دولة ضعيفة ومتكئة على المساعدات الأمريكية والأوروبية وهي لا تملك مواصفات الدولة ،فدولة تحيط نفسها بسور لا يمكن ان تعيش كما لا يوجد لها مكان ولا حدود على الخريطة ولا وجود لها تاريخيا ولا جغرافيا.
كما وصف أبو غزالة المستعمرين اليهود بأنهم جبناء مشردون لا يجمعهم شيء سوى كراهيتهم للعرب والرغبة على الإستيلاء على ما ليس لهم ، وأن إسرائيل  مشروع منتهي الصلاحية.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف