بسم الله الرحمن الرحيم
قصة قصيرة بعنوان/ في زمان الذروة
في زمن الذروة كان فصل الربيع قد حل و الشمس مشرقة ونورها يملأ الغابة , بعد أن عاد الأسد وجيشه من معركة دامية ضد الثعالب , عاد جيش الأسد منتصر وكان جميع أفراد الجيش يتحدث عن قوة وذكاء الأسد في التخطيط للمعركة , وكان الجيش يضم الأشبال و الضباع والكلاب وحيوانات أخرى . بعد هزيمة الثعالب الذين طالما شكلوا خطر على حيوانات الغابة , ولم يلتزموا بقانونها الذي وضعه الأسد , جمع الأسد الحيوانات وصعد على عرشه وقال : اليوم نحتفل بالنصر نحتفل بالأمان , اليوم بداية زمنٍ جديدٍ خالٍ من الصراعات والأعداء , اليوم نستطيع أن نبني ونعمر ما هدمه الثعالب ونعيش في مودة وسلام . صاح الحيوانات بأعلى صوتهم : عاش الأسد عاش ملك الغابة . بعد خطاب الأسد طلب من كبار الضباع الاجتماع , وقال لهم : بعد هزيمة الثعالب زادت مساحة مملكتي وصار من الصعب أن احكمها وحدي لذلك أردت أن اجعل لكل منطقة مراقبٌ عليها يكون عيناً لي يأتمر بأمري وينتهي بنهيي , وأن تجتمعوا كل أسبوع عندي فتعطوني صورة مفصلة عن منطقتكم وما يحدث بها . انتهى الأسد من خطابه وقال لهم : هل عند أحدكم سؤال أو استفسار ؟ رفع احد الضباع يده وقال : أيها الملك أليس الأشبال أحق بهذا منا ؟! قال : إن الأشبال ما زالوا صغار وقليلو الخبرة, وعندما يكبرون يستطيعون أن يقوموا بدوركم . انتهى الاجتماع وقسم الأسد لكل ضبع منطقته وأعطى كل ضبع مجموعة من الكلاب تحت إمرته ليكونوا جيشا له . بعد انتهاء الاجتماع أمر الأسد بإحضار الثعالب المسجونة عنده وقال لهم : إن كنتم أصحاب إساءة , خارجون عن قانون الغابة , فلن أكون مسيئا مثلكم بل سوف أعطيكم فرصة لتحسنوا أنفسكم وتعودوا تحت قانوني فهل تعطوني وعدا بذالك فأعفوا عنكم أم لا فآمر بقطع أعناقكم ؟ قال كبير الثعالب : نحن تحت أمرك وراضون بقانونك وراضون بحكمك . قال الأسد : إذا انتم أحرار , ولكن إن بدرَ منكم سوء سترون نهايتكم على يدي . في طريق الثعالب للعودة إلى منطقتهم صار بعض الثعالب يتحدثون عن طيبة الأسد وأنهم يحبونه لأنه سامحهم , سمع حوارهم كبير الثعالب فقال له : أأنتم حمقى ؟ بيننا وبين قانون الأسد عداوة كامل , لا يمكننا أن نسمح له أن يقيدنا بقوانينه السخيفة . قال له احدهم : أنت تعلم انه هزمنا وأنا لا نقدر عليه . قال لهم : نعم نحن لا نقدر عليه لأن عنده جيش كبير , ولكن إذا ما شتتنا بينهم ووضعنا بينهم البغضاء والعداوة سوف يسهل علينا هزيمتهم عندها . قال له آخر : هذا صعب للغاية ويحتاج لوقت كبير . قال له :علينا الآن أن نبني أنفسنا وان لا نقول لأحد عن خطتنا حتى لا يقتلونا , وبعدها نفعل ما نريد بهدوء . بعد مرور أشهر : مرض الأسد مرض شديد وأحس بقرب اجله فجمع الأشبال وقال لهم : إني أشعر بدنو اجلي , فأرجوا أن تسمعوا وصيتي , تدربوا جيداً ولا تتكاسلوا فأنتم ملوك هذه الغابة بعدي , بعد أربع سنوات سوف يتنازل كل ضبع عن مملكته لأحدكم وهذا كما اتفقت معهم , فأرجوا أن تكونوا وحدة واحدة وأن تحكموا بالعدل , ونادي اصغر الأشبال وأعطاه ورقة وهمس في أذنه من دون أن يسمعه احد . وجمع الضباع وقال لهم : إني أقدر لكم معروفكم , فقد كنتم يداي في حكم مملكتي , ولكني وقد أحسست بدنو اجلي و أرجوا منكم أن تكملوا معروفكم وأن تحكموا كما علمتكم هذه الولايات , وبعد أربع سنوات يتنازل كل واحد منكم عن ولايته لأحد أشبالي . وبعد دقائق سقط الأسد ميتاً , فحزن جمع من في المملكة وأقيم عزاء ضخم حضر إليه جميع الحيوانات وفي مقدمتهم الثعالب , كان الثعالب قد حضروا ليستطلعوا وليعلموا ماذا سيفعل باقي الحيوانات بعد موت الملك . انتهى عزاء الملك وأمر الضباع بجمع الحيوانات , وكتبوا ورقة وأمروا احدهم ليلقيها فصعد إلى العرش وقال : أيها الحيوانات فقدنا قائد عظيم , وهبنا الأمان والوحدة بعد أن كنا نعيش تحت الخطر , إنه القائد الذي جمع بين الحيوانات ووضع بينهم قانون يحكمهم بعد ان كنا في صراع دائم مع بعضنا , نعدك يا قائدنا أن نكون وحدة واحدة كما كنا وأن نحكم بالعدل والتعاون مع بعضنا البعض . ثم نزل الضبع عن العرش وعلا صوت البكاء حتى ملأ جميع أرجاء الغابة حزناً على الأسد . بعد أيام اجتمع الضباع واتفقوا مع بعضهم البعض بالعناية بالأشبال وان يجتمعوا كل أسبوع في قصر الأسد ويناقشوا بينهم المستجدات , وقف أحد الضباع وقال : لكن لا بد من قائد يلبس تاج الملك ويكون مكان الأسد , وذلك حتى نمتثل لأمره ونبقى متوحدون . قال آخر : لا يمكن لضبع أن يحكم غابة كاملة لذلك بعد أربع سنوات نولي علينا أحد الأشبال ملكاً . قال ضبع آخر : ولكني لم ألحظ وجود تاج الملك على رأسه بعد موته , أين ذهب التاج ؟ انتبه الضباع على اختفاء تاج الملك وصاروا يبحثون عنه في كل مكان , وانتشر الخبر في الغابة بأن التاج قد سرق . قال أحد الأشبال لإخوته : إذا ارتدى هذا التاج من لا يستحقه فسوف تضيع غابتنا , وسيحكمنا من يفرقنا , علينا أن نجده . كان جميع الحيوانات في حالة استنفار من أجل البحث عن التاج , بعد يومين من البحث لم يجدوا شيئاً , فاجتمع الحيوانات وقال أحد الضباع : يبدوا أن الأسد أخفى التاج قبل موته حتى لا يقع في أيدي لا تستحقه . قال الضباع : نعم هذا ما نظنه علينا أن ننسى موضوع التاج ونتفرغ لغابتنا . انصرف كل ضبع لمملكته , وبعد عدة أشهر انتهز الثعالب الفرصة وبدؤوا ينفذون خطتهم في التفرق بين الضباع . زار كبير الثعالب الضبع الذي يحكم المنطقة الشرقية , وحين رآه الضبع قال : مالي أراك في منطقتي . قال : جئت أطمأن على جلالتك , فهل تأذن لي فأجلس . - نعم تفضل بالجلوس . - أحزنني موت الأسد كثيرا . - نعم رحمه الله , كان قائدا عظيما . - أتعلم , كنت أقول في نفسي بعد موت الأسد أنه لا يوجد أفضل منك لتأخذ مكانه فأنت الأذكى بين الضباع , يجدر بالضباع الأخرى أن تعلم مكانتك , وتضعك قائدا عليها . - هل هذا صحيح ؟! - نعم , فإن كان كلامي خاطئً فأخبرني من أجدر منك ؟ - كلامك صحيح , عليَ أن أطرح هذا في الاجتماع القادم . - ليس عليك أن تطرحه بل عليك أن تفرضه عليهم فهم لا يعرفون قيمتك , ولقد سمعت ضبع المنطقة الجنوبية يقول عنك أنك لا تستحق أن تكون حاكماً للمنطقة الشرقية , يجدر بك أن تضع له حد . - هل قال هذا سوف أراجعه في الاجتماع القادم وإن كان هذا صحيح فسأعلمه درساً لن ينساه . وهكذا بدأ الثعلب ينفذ خطته وأعاد هذا الكلام عند الضباع الأخرى وصاروا يتوعدون لبعضهم البعض , وحين وصل لضبع المنطقة الجنوبية عارض كلامه واكتشف خطته وطرده من قصره , وقال له : لقد قطعنا وعدا للأسد أن نكون وحدة واحدة لن تفرقوا بيننا وسنفي بوعدنا للأسد. وفي الاجتماع الأسبوعي بدأوا يتجادلون ويشتمون بعضهم , فقال ضبع المنطقة الجنوبية : لقد كذب عليكم الثعلب وشتت بينكم علينا أن نقتل الثعالب . قال قائد المنطقة الشرقية : لا لن أسمح لأحد أن يقترب من الثعلب , لأنه اعترف بقوتي وذكائي . وهكذا بدأت بينهم البغضاء والمكيدة وصاروا يتقاتلون حتى تفرق كل واحد منهم وصاروا يخافون من بعضهم البعض وصاروا يبنون الأسوار بين مناطقهم حتى صارت الغابة مقسم . قائد المنطقة الجنوبية كان حاقدا على الثعالب لما فعلو وتوعد بالانتقام وجمع حيوانات منطقته وقال لهم : الثعالب يحاولوا التشتيت بيننا , لذلك وجب علينا أن نقاتلهم حتى تعود الوحدة بيننا . وهكذا جمع جيشه وبدأ بالاستعداد لقتال الثعالب , ولكن كان قائد المنطقة الشرقية قد درب الثعالب , اجتمع الثعالب جيشاً في مواجهة جيش المنطقة الجنوبية , وبدأ القتال وقتل الثعالب قائد المنطقة الجنوبية وانتصروا عليه وصارت المنطقة الجنوبية تحت سيطرتهم , وهكذا بدأت قوة الثعالب تزداد وبدؤوا في تحقيق أطماعهم . غابت الشمس وانتشر الظلام في الغابة , وصار الخوف مسيطرا على جميع حيوانات الغابة . بعد مرور أربع سنوات جاء الأشبال وقد صاروا اسوداً وطلبوا من كل طبع أن يتنازل عن منطقته لأحدهم كما وعدوا الأسد , ولكن كانت المفاجأة بأن أمروا بإلقائهم في السجن ورفضوا تسليمهم الحكم . بدأ الوضع في الغابة يزداد سوء وحيوانات الغابة يتصارعون ويتقاتلون بينهم , كان الأسود يفكرون في طريقة للهرب من السجن وبدؤوا يعدون الخطط لذلك , صار الثعالب يملون بأوامرهم على الضباع والضباع يطيعونهم خوفاً منهم بعد أن أصبحوا اشد قوة . استطاع الأسود أن يهربوا من السجن واجتمعوا وصاروا يفكرون في طريقة لإعادة الوضع كما كان . حيوانات الغابة كانوا خائفين ويتمنون لو أن الوضع يعود كما كان في زمن الأسد , ولكن أملهم كان قليل في هذا الشيء . كان الوضع يزداد سوءاً , وكان الأسود في حيرة من أمرهم , والضباع يبحثون عنهم ليسجنوهم . هنا في وسط تزاحم البلايا والمصائب على الأسود وحيوانات الغابة قام اصغر الأسود وقال : حان الوقت , لأكشف لكم ما كان مكتوبا في الورقة التي أعطاني إياها أبي الأسد , وأكشف ما أخبرني به قبل موته , لقد قال لي : لا تفتح هذه الورقة إلا إذا تعرضت الغابة لمصيبة كبيرة . فتح الأسود الورقة ووجدوا مكتوب بها مكان وجود تاج الملك , ومكتوب بها أن يرتدي هذا التاج أكبرهم , فإذا ارتداه فسوف يطيعه جميع حيوانات الغابة . احضر الأسود التاج وارتداه كبيرهم وصعد إلى عرش الملك وزأر بأعلى صوته فهرع جميع الحيوانات إلى قصر الأسد فوجدوا هذا الأسد يعتلي العرش فهتفوا جميعا : لبيك مولانا الأسد . علم الضبع بالأمر فجمع جيش الكلاب وتوحد مع الثعالب ضد جيش الأسد , وانطلق جيشه لأرض المعركة وحضر الأسد جيشه وانطلق , وبدأت معركة كبيرة طاحنة بينهم ، انتهت بانتصار الأسد وعاد القانون يحكم الغابة , وأشرقت الشمس من جديد , وعادت الغابة وحدة واحدة .
وهكذا الشباب العربي أشبال أبو الظلم وخرجوا طلبا للعدل والحرية التي سلبها ذئاب بواسطة ضباع , ضباع استأسدوا على المساكين , يلعب بعقولهم ذئب الغرب الذي قام على مبدأ التفريق , حتى صار الحاكم يقتل شعبه وكأنهم أعدائه , ولم يعلموا أن هذا الشعب الذي سلبوا منه حريته وعدله يحتوي على الأشبال الذين سيصبحون أُسود , ويأخذوا الحق السليب بالقوة.
بقلم : إسماعيل نبيل أبو علي
قصة قصيرة بعنوان/ في زمان الذروة
في زمن الذروة كان فصل الربيع قد حل و الشمس مشرقة ونورها يملأ الغابة , بعد أن عاد الأسد وجيشه من معركة دامية ضد الثعالب , عاد جيش الأسد منتصر وكان جميع أفراد الجيش يتحدث عن قوة وذكاء الأسد في التخطيط للمعركة , وكان الجيش يضم الأشبال و الضباع والكلاب وحيوانات أخرى . بعد هزيمة الثعالب الذين طالما شكلوا خطر على حيوانات الغابة , ولم يلتزموا بقانونها الذي وضعه الأسد , جمع الأسد الحيوانات وصعد على عرشه وقال : اليوم نحتفل بالنصر نحتفل بالأمان , اليوم بداية زمنٍ جديدٍ خالٍ من الصراعات والأعداء , اليوم نستطيع أن نبني ونعمر ما هدمه الثعالب ونعيش في مودة وسلام . صاح الحيوانات بأعلى صوتهم : عاش الأسد عاش ملك الغابة . بعد خطاب الأسد طلب من كبار الضباع الاجتماع , وقال لهم : بعد هزيمة الثعالب زادت مساحة مملكتي وصار من الصعب أن احكمها وحدي لذلك أردت أن اجعل لكل منطقة مراقبٌ عليها يكون عيناً لي يأتمر بأمري وينتهي بنهيي , وأن تجتمعوا كل أسبوع عندي فتعطوني صورة مفصلة عن منطقتكم وما يحدث بها . انتهى الأسد من خطابه وقال لهم : هل عند أحدكم سؤال أو استفسار ؟ رفع احد الضباع يده وقال : أيها الملك أليس الأشبال أحق بهذا منا ؟! قال : إن الأشبال ما زالوا صغار وقليلو الخبرة, وعندما يكبرون يستطيعون أن يقوموا بدوركم . انتهى الاجتماع وقسم الأسد لكل ضبع منطقته وأعطى كل ضبع مجموعة من الكلاب تحت إمرته ليكونوا جيشا له . بعد انتهاء الاجتماع أمر الأسد بإحضار الثعالب المسجونة عنده وقال لهم : إن كنتم أصحاب إساءة , خارجون عن قانون الغابة , فلن أكون مسيئا مثلكم بل سوف أعطيكم فرصة لتحسنوا أنفسكم وتعودوا تحت قانوني فهل تعطوني وعدا بذالك فأعفوا عنكم أم لا فآمر بقطع أعناقكم ؟ قال كبير الثعالب : نحن تحت أمرك وراضون بقانونك وراضون بحكمك . قال الأسد : إذا انتم أحرار , ولكن إن بدرَ منكم سوء سترون نهايتكم على يدي . في طريق الثعالب للعودة إلى منطقتهم صار بعض الثعالب يتحدثون عن طيبة الأسد وأنهم يحبونه لأنه سامحهم , سمع حوارهم كبير الثعالب فقال له : أأنتم حمقى ؟ بيننا وبين قانون الأسد عداوة كامل , لا يمكننا أن نسمح له أن يقيدنا بقوانينه السخيفة . قال له احدهم : أنت تعلم انه هزمنا وأنا لا نقدر عليه . قال لهم : نعم نحن لا نقدر عليه لأن عنده جيش كبير , ولكن إذا ما شتتنا بينهم ووضعنا بينهم البغضاء والعداوة سوف يسهل علينا هزيمتهم عندها . قال له آخر : هذا صعب للغاية ويحتاج لوقت كبير . قال له :علينا الآن أن نبني أنفسنا وان لا نقول لأحد عن خطتنا حتى لا يقتلونا , وبعدها نفعل ما نريد بهدوء . بعد مرور أشهر : مرض الأسد مرض شديد وأحس بقرب اجله فجمع الأشبال وقال لهم : إني أشعر بدنو اجلي , فأرجوا أن تسمعوا وصيتي , تدربوا جيداً ولا تتكاسلوا فأنتم ملوك هذه الغابة بعدي , بعد أربع سنوات سوف يتنازل كل ضبع عن مملكته لأحدكم وهذا كما اتفقت معهم , فأرجوا أن تكونوا وحدة واحدة وأن تحكموا بالعدل , ونادي اصغر الأشبال وأعطاه ورقة وهمس في أذنه من دون أن يسمعه احد . وجمع الضباع وقال لهم : إني أقدر لكم معروفكم , فقد كنتم يداي في حكم مملكتي , ولكني وقد أحسست بدنو اجلي و أرجوا منكم أن تكملوا معروفكم وأن تحكموا كما علمتكم هذه الولايات , وبعد أربع سنوات يتنازل كل واحد منكم عن ولايته لأحد أشبالي . وبعد دقائق سقط الأسد ميتاً , فحزن جمع من في المملكة وأقيم عزاء ضخم حضر إليه جميع الحيوانات وفي مقدمتهم الثعالب , كان الثعالب قد حضروا ليستطلعوا وليعلموا ماذا سيفعل باقي الحيوانات بعد موت الملك . انتهى عزاء الملك وأمر الضباع بجمع الحيوانات , وكتبوا ورقة وأمروا احدهم ليلقيها فصعد إلى العرش وقال : أيها الحيوانات فقدنا قائد عظيم , وهبنا الأمان والوحدة بعد أن كنا نعيش تحت الخطر , إنه القائد الذي جمع بين الحيوانات ووضع بينهم قانون يحكمهم بعد ان كنا في صراع دائم مع بعضنا , نعدك يا قائدنا أن نكون وحدة واحدة كما كنا وأن نحكم بالعدل والتعاون مع بعضنا البعض . ثم نزل الضبع عن العرش وعلا صوت البكاء حتى ملأ جميع أرجاء الغابة حزناً على الأسد . بعد أيام اجتمع الضباع واتفقوا مع بعضهم البعض بالعناية بالأشبال وان يجتمعوا كل أسبوع في قصر الأسد ويناقشوا بينهم المستجدات , وقف أحد الضباع وقال : لكن لا بد من قائد يلبس تاج الملك ويكون مكان الأسد , وذلك حتى نمتثل لأمره ونبقى متوحدون . قال آخر : لا يمكن لضبع أن يحكم غابة كاملة لذلك بعد أربع سنوات نولي علينا أحد الأشبال ملكاً . قال ضبع آخر : ولكني لم ألحظ وجود تاج الملك على رأسه بعد موته , أين ذهب التاج ؟ انتبه الضباع على اختفاء تاج الملك وصاروا يبحثون عنه في كل مكان , وانتشر الخبر في الغابة بأن التاج قد سرق . قال أحد الأشبال لإخوته : إذا ارتدى هذا التاج من لا يستحقه فسوف تضيع غابتنا , وسيحكمنا من يفرقنا , علينا أن نجده . كان جميع الحيوانات في حالة استنفار من أجل البحث عن التاج , بعد يومين من البحث لم يجدوا شيئاً , فاجتمع الحيوانات وقال أحد الضباع : يبدوا أن الأسد أخفى التاج قبل موته حتى لا يقع في أيدي لا تستحقه . قال الضباع : نعم هذا ما نظنه علينا أن ننسى موضوع التاج ونتفرغ لغابتنا . انصرف كل ضبع لمملكته , وبعد عدة أشهر انتهز الثعالب الفرصة وبدؤوا ينفذون خطتهم في التفرق بين الضباع . زار كبير الثعالب الضبع الذي يحكم المنطقة الشرقية , وحين رآه الضبع قال : مالي أراك في منطقتي . قال : جئت أطمأن على جلالتك , فهل تأذن لي فأجلس . - نعم تفضل بالجلوس . - أحزنني موت الأسد كثيرا . - نعم رحمه الله , كان قائدا عظيما . - أتعلم , كنت أقول في نفسي بعد موت الأسد أنه لا يوجد أفضل منك لتأخذ مكانه فأنت الأذكى بين الضباع , يجدر بالضباع الأخرى أن تعلم مكانتك , وتضعك قائدا عليها . - هل هذا صحيح ؟! - نعم , فإن كان كلامي خاطئً فأخبرني من أجدر منك ؟ - كلامك صحيح , عليَ أن أطرح هذا في الاجتماع القادم . - ليس عليك أن تطرحه بل عليك أن تفرضه عليهم فهم لا يعرفون قيمتك , ولقد سمعت ضبع المنطقة الجنوبية يقول عنك أنك لا تستحق أن تكون حاكماً للمنطقة الشرقية , يجدر بك أن تضع له حد . - هل قال هذا سوف أراجعه في الاجتماع القادم وإن كان هذا صحيح فسأعلمه درساً لن ينساه . وهكذا بدأ الثعلب ينفذ خطته وأعاد هذا الكلام عند الضباع الأخرى وصاروا يتوعدون لبعضهم البعض , وحين وصل لضبع المنطقة الجنوبية عارض كلامه واكتشف خطته وطرده من قصره , وقال له : لقد قطعنا وعدا للأسد أن نكون وحدة واحدة لن تفرقوا بيننا وسنفي بوعدنا للأسد. وفي الاجتماع الأسبوعي بدأوا يتجادلون ويشتمون بعضهم , فقال ضبع المنطقة الجنوبية : لقد كذب عليكم الثعلب وشتت بينكم علينا أن نقتل الثعالب . قال قائد المنطقة الشرقية : لا لن أسمح لأحد أن يقترب من الثعلب , لأنه اعترف بقوتي وذكائي . وهكذا بدأت بينهم البغضاء والمكيدة وصاروا يتقاتلون حتى تفرق كل واحد منهم وصاروا يخافون من بعضهم البعض وصاروا يبنون الأسوار بين مناطقهم حتى صارت الغابة مقسم . قائد المنطقة الجنوبية كان حاقدا على الثعالب لما فعلو وتوعد بالانتقام وجمع حيوانات منطقته وقال لهم : الثعالب يحاولوا التشتيت بيننا , لذلك وجب علينا أن نقاتلهم حتى تعود الوحدة بيننا . وهكذا جمع جيشه وبدأ بالاستعداد لقتال الثعالب , ولكن كان قائد المنطقة الشرقية قد درب الثعالب , اجتمع الثعالب جيشاً في مواجهة جيش المنطقة الجنوبية , وبدأ القتال وقتل الثعالب قائد المنطقة الجنوبية وانتصروا عليه وصارت المنطقة الجنوبية تحت سيطرتهم , وهكذا بدأت قوة الثعالب تزداد وبدؤوا في تحقيق أطماعهم . غابت الشمس وانتشر الظلام في الغابة , وصار الخوف مسيطرا على جميع حيوانات الغابة . بعد مرور أربع سنوات جاء الأشبال وقد صاروا اسوداً وطلبوا من كل طبع أن يتنازل عن منطقته لأحدهم كما وعدوا الأسد , ولكن كانت المفاجأة بأن أمروا بإلقائهم في السجن ورفضوا تسليمهم الحكم . بدأ الوضع في الغابة يزداد سوء وحيوانات الغابة يتصارعون ويتقاتلون بينهم , كان الأسود يفكرون في طريقة للهرب من السجن وبدؤوا يعدون الخطط لذلك , صار الثعالب يملون بأوامرهم على الضباع والضباع يطيعونهم خوفاً منهم بعد أن أصبحوا اشد قوة . استطاع الأسود أن يهربوا من السجن واجتمعوا وصاروا يفكرون في طريقة لإعادة الوضع كما كان . حيوانات الغابة كانوا خائفين ويتمنون لو أن الوضع يعود كما كان في زمن الأسد , ولكن أملهم كان قليل في هذا الشيء . كان الوضع يزداد سوءاً , وكان الأسود في حيرة من أمرهم , والضباع يبحثون عنهم ليسجنوهم . هنا في وسط تزاحم البلايا والمصائب على الأسود وحيوانات الغابة قام اصغر الأسود وقال : حان الوقت , لأكشف لكم ما كان مكتوبا في الورقة التي أعطاني إياها أبي الأسد , وأكشف ما أخبرني به قبل موته , لقد قال لي : لا تفتح هذه الورقة إلا إذا تعرضت الغابة لمصيبة كبيرة . فتح الأسود الورقة ووجدوا مكتوب بها مكان وجود تاج الملك , ومكتوب بها أن يرتدي هذا التاج أكبرهم , فإذا ارتداه فسوف يطيعه جميع حيوانات الغابة . احضر الأسود التاج وارتداه كبيرهم وصعد إلى عرش الملك وزأر بأعلى صوته فهرع جميع الحيوانات إلى قصر الأسد فوجدوا هذا الأسد يعتلي العرش فهتفوا جميعا : لبيك مولانا الأسد . علم الضبع بالأمر فجمع جيش الكلاب وتوحد مع الثعالب ضد جيش الأسد , وانطلق جيشه لأرض المعركة وحضر الأسد جيشه وانطلق , وبدأت معركة كبيرة طاحنة بينهم ، انتهت بانتصار الأسد وعاد القانون يحكم الغابة , وأشرقت الشمس من جديد , وعادت الغابة وحدة واحدة .
وهكذا الشباب العربي أشبال أبو الظلم وخرجوا طلبا للعدل والحرية التي سلبها ذئاب بواسطة ضباع , ضباع استأسدوا على المساكين , يلعب بعقولهم ذئب الغرب الذي قام على مبدأ التفريق , حتى صار الحاكم يقتل شعبه وكأنهم أعدائه , ولم يعلموا أن هذا الشعب الذي سلبوا منه حريته وعدله يحتوي على الأشبال الذين سيصبحون أُسود , ويأخذوا الحق السليب بالقوة.
بقلم : إسماعيل نبيل أبو علي