الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عشاق المدينة(٥)بقلم: نزهة الرملاوي

تاريخ النشر : 2015-02-01
عشاق المدينة (٥)
جلست اميرة على كرسي يتأرجح بها، راح يهز بداخلها حكايا طفولية تعود الى ماض تحبه، لملمت أوراقها وما فيها من ذكريات نائمة وراحت توقظ غفوتها المستلقية في ادراج النسيان، وأخذت تسأل نفسها: لماذا يأخذنا الحنين في كل اغتراب الى سنين عابرة من حياتنا؟ ولماذا نحن الى أشياء عزيزة أحببناها؟ وندرك بعد الغياب انها سرقت من عمرنا الفرحة والأحلام وسافرت بها دون رجعة....
قررت اميرة ان تزور البلدة القديمة، بعد سنين من الغياب، نار الشوق تتأجج في داخلها، والذكريات تتسابق في خيالها لتلون أمامها طريق الوصول، اواه من قلب يعتصره ألم الفراق!!!
وصلت المركبة وحطت بها في موقف الباصات المطل على باب العامود، انها تسمعه يغني من بعيد، سعيد بلقائها، ها هو يفتح ذراعيه ليضمها الى صدره ويعلو بها نحو السماء!
مشت أميرة متأملة الأدراج التي تنتهي عند باب العامود، واستغربت من التغيرات التي عبثت بوجه المدينة، تغييرات وتقسيمات طرأت عليها في غفلة من الزمن، حين كانت بعيدة عنها.
: أتراها تذكرني تلك السيدة اذا ما رأتني بعد طول غياب؟
قالت بصوت خافت : نحن في زمن أصبحت فيه المشاعر كالصورة القديمة باهتة الألوان، والوجوه فيها متغيرة الملامح والتقاسيم، عبثت بها سنو النسيان فزادتها غرابة وتشويها.
صرخت أعماقها وقالت: أرجوك أيها الزمن، لا تفجعني بحب من حملت لهم النور في قلبي لأنير طريقهم، وتفاجئني بظلمات صنعوها للحد من تسارع خطواتي المتقدمة!!!
أرجوك أيها الزمن لا تعبث بأحلامي وتبعد عني فرحة اللقاء، فكم حلمت أن أغفو على صدر تلك السيدة، واسمع نبضا يشبه النبض في صدر أمي !!!!
طرقت أميرة الباب وحمدت الله ان الباب الخشبي الضخم ومطرقته لا زالا على حالهما، فتح الباب وإذا بسيدة جميلة تقول: اهلا وسهلا، من انت ؟
ردت أميرة بعد لحظات: انا أميرة ابنة أم عبد الله، كنا نسكن في هذا البيت قبل أربعين عاما، كنت أود السؤال عن الخالة أم أيمن، جارتنا صديقة أمي رحمها الله.
ردت السيدة : رحمها الله، أم أيمن جدتي، تفضلي ...أهلا وسهلا...
سألت اميرة :اين هي جدتك الغالية؟
لا زالت صورتها في ذاكرتي ... سيدة جميلة كانت تمشط شعرها وتضع على احدى جوانبه وردة جورية حمراء وتزينها بنبتة خضراء تسمى ( كف الهواء ) في بعض الأمسيات تماما كما كانت تفعل أمي في ذلك الزمن الجميل!!!
ردت السيدة: انها تركض في حجرتها تنام كالطفلة على سريرها القديم، لقد جاوزت
جدتي الثمانين من عمرها، وتحتاج الى الكثير من الرعاية والإهتمام وأنا اتولى الأمر بالتناوب مع أختي والله المعين .
ردت أميرة: اعانكم الله وتوجها بالصحة والعافية.
مشت أميرة في الساحة التي تتوسط البيوت القديمة وتحضنها، رفعت رأسها الى سماء المبنى لتنظر شمس الظهيرة قبل ان تختفي وراء القباب وقالت : الحمد لله... كل شيء على حاله...الا الجيران ....ما عادت نفس الوجوه التي احتفظت بها في ذاكرتي منذ الطفولة ... يا الهي ... هذا بيت ام عاهد، وهذا بيت ابو محمد النوري، وهذا بيت ام ياسر، وذلك البيت العلوي للحجة ام حسن وابنها حسن ...والطابق الثالث تسكنه ام سليم وبناتها..
ضحكت الصبية بتعجب وقالت : لا أحد هنا... الحجة أم حسن توفيت هي وزوجها قبل اكثر من عشرين عاما، كنت في ذلك الوقت عروسا، وابنها حسن بنى منزلا كبيرا خارج المدينة ورحل، لكنه يأتي لجني ايجار البيوت من الساكنين الجدد، كذلك حال ام عاهد وام ياسر وابو محمد النوري، كلهم رحلوا وتركوا بيوتهم كعنوان، يأتون اليها بين الحين والآخر ليحافظوا على هويتهم المقدسية لأنهم في الأصل سكان البلدة القديمة، وإذا ما عرف انهم يقطنون خارج حدود بلدية القدس ( كما تحلوا لهم التسمية والتقسيمات ) تؤخذ منهم الهوية الزرقاء ويمنعون من الإقامة في البلدة، أما جارتنا الحجة أم سليم ( الختيارة ) لم تترك البيت، لا زالت تعيش فيه مع ابنتيها سعاد وإسعاد...قاطعتها اميرة متسائلة: ألم تتزوجا؟ لقد كنت صغيرة عندما رحلنا من المنزل وكانتا أكبر مني بسنوات ؟
ردت السيدة: لا، سعاد أكملت دراستها وتوظفت، وإسعاد تخدم أمها العجوز بعد موت والدها.
تذكرت أميرة ما كان يدور في طفولتها حول تأتأة أم سليم وعدم افهامها للكلام اثناء تحدثها مع الآخرين، فقد سمعتهم يقولون ذات يوم، ان ام سليم فقدت ابنها الشاب في حرب النكسة في العام السابع والستين من القرن الماضي، فلم تحتمل الصدمة، تلاشت الآمال من حياتها، وهربت الحروف من كلماتها فما استطاعت ان تعيدها بعد ان تبعثرت اثر افتقاد الغوالي..
شهقت أميرة شهقة الملهوف وقالت:
يا إلهي .....هذا بيتنا..حبيبي بيتنا...ها هي النافذة التي تطل على اعماق قلبي كل يوم .. وهذا هو الباب الذي يكتبني كالتاريخ في الذاكرة .. سأطرق الباب، سأطرق الباب.. ايتها السيدة لا تلوميني إن فعلت...
تدحرجت الدموع من عينيها... بدأت تتحسس الحيطان الناظرة اليها، والأبواب التي غرقت خلف المواجع وآهات الزمن، ورحلت الى سنين بعيدة تختبئ في ذاكرة المكان.
نظرت إلى السيدة وقالت: أرجوك أيقظي جدتك أم ايمن، أرجوك أيقظيها...
أريد أن أغفو على صدرها لأسمع نبضا يشبه النبض في صدر أمي.
عشاق المدينة ( ٥ )
نزهة الرملاوي
22/1/2015
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف