لحم التونة الحلال ... بقلم/ شوقي سالم جابر
ذكر لي أحد زملائي, أنه في إحدى الدول العربية التي عمل فيها في سبعينيات القرن الماضي, كان يقرأ على علب التونةالمستوردة عبارة "ذبح على الطريقة الإسلامية" وذلك لجذب المستهلك الذي كان يتوجس حينها من المُعلبات.ولأن الكثير يُنكرون على أنفسهم رغباتهم, فيسألون عن الحرام والحلال في الغناء؛ ولأن هناك فتاوى متضاربة في موضوع الغناء, ولكن أكثر الآراء رجاحة, هو أنه يكون لكل أغنية فتوى, ولا يمكن وصف الغناء كله, بالحلال أو بالحرام.ويبدو أن الغناء يخضع لتطورات الوعي وتغير القيم والأخلاق, فقد كان لي نصيب أن أحضر حفلات إسلامية في تسعينيات القرن المنصرم, وكان يقوم عليها فنانون ينتمون لما يُعرف ب"الإسلام السياسي" -مع تحفظي على المصطلح-, وكانت أغانيهم حينها مختلفة عن أغانيهم الحالية, حتى أن بعض أغانيهم الآن تستخدم لحناً لأغنيات "ماجنة", بمايوحي بأن مطربي الحلال استمعوا للأغاني الحرام فاسترقوا لحناً جميلاً وتركوا الكلمات "الفاسقة"حتى أن بعض الأغاني الإسلامية تفعل بي الفعل نفسه الذي ينتابني عند سماعي للأغاني "اللا إسلامية" –إن صح التعبير-, فأتفاعل بصخب مع أطفالي, ولا أريد أن أتعرض لهذه الحالة التي ترونها فيالحفلات الإسلامية.حتى أن جمهور الحفلات الإسلامية في التسعينيات كان يختلف عن الجمهور الحالي, فقد كان يُحرّم على نفسه الدبكة الشعبية,والتمايل كالأغصان التي تُلاعبها الريح.وحتى لا يُساء فهمي فأنا لا أُنكرعلى أي أحد طريقة تعاطيه للفرح, بل أُشاركه فرحه إحتراما لتفاعل وجدانه ومشاعره.ولكن هناك من ماتوا دونما يصلوالعصرنا الراقص, وبالتالي ماتوا دون أن يرقصوا, لاعتقادهم آنذاك بحرمة ما نفعله الآن.وهنا يجب التنويه بأن الحرام من الكلام الغنائي, ليس فقط ما يصف الجمال ويحرك الغرائز البهيمية الجنسية, بل يشمل أيضاً ما يحرك الغرائز البهيمية, في السُخرية والعنصرية والاستهانة بالأرواح وبأمن المجتمع والسلم الاجتماعي.إنه لا يُزعجني أن يستمتع إبني بصوت أم كلثوم, ويفهم كلماتها ويستطيع أن يتفاعل وجدانياً مع الموسيقى؛ بينمايُزعجني لو أعجبه جسد هيفاء وهبي في كليباتها المصورة, وهذا ما سيكون -للأسف- إذاشاهدها بالغا.ولذلك من المفيد أن يُشار في بدايةالأغنية أنها حلال أو حرام, حتى لا نضطر أن نتناولها ثم نقرر هل هي حلال أم حرام,وتكون هذه الإشارة من مؤسسة دينية متخصصة وموثوقة, يقوم موظفوها باستماع الأغاني,ومن ثم يضعون الختم المناسب. و هذا الأمر صعب عمليا؛ لأننا قد نواجه رفض الموظفينللاستماع "الفاحص", أو أن يستمعوا على مضض وتقزز. و لو أخذنا أغنية معينة ولتكن أغنية "رباعيات الخيام" مثلاً, وعرضناها على شيخ ينتهج منهج القرضاوي,وآخر أزهري , وآخر سلفي , وآخر صوفي؛ فسنحصل على نتيجة أن الأمر يعود للأذواق.فكما أن البعض لا يأكل لحم الأرانب الحلال لأسباب غير دينيه, قد لا يُحب البعض موسيقى حلال لأسباب غير دينية, ودراسةالموسيقى وتأثيراتها استهوت البشرية منذ الأزل.ويعود الإختلاف تجاه الأغاني لأن الأغنية ليست ثابتة المكونات, كالخمر أو لحم خنزير, وقد يرى البعض أنه لا داعي لأن نأخذ رأي المُفتي في كل أغنية على حدة, والاكتفاء بخطوط عريضة تعود للتقديرالشخصي, "لكل حسب ذوقه".
ذكر لي أحد زملائي, أنه في إحدى الدول العربية التي عمل فيها في سبعينيات القرن الماضي, كان يقرأ على علب التونةالمستوردة عبارة "ذبح على الطريقة الإسلامية" وذلك لجذب المستهلك الذي كان يتوجس حينها من المُعلبات.ولأن الكثير يُنكرون على أنفسهم رغباتهم, فيسألون عن الحرام والحلال في الغناء؛ ولأن هناك فتاوى متضاربة في موضوع الغناء, ولكن أكثر الآراء رجاحة, هو أنه يكون لكل أغنية فتوى, ولا يمكن وصف الغناء كله, بالحلال أو بالحرام.ويبدو أن الغناء يخضع لتطورات الوعي وتغير القيم والأخلاق, فقد كان لي نصيب أن أحضر حفلات إسلامية في تسعينيات القرن المنصرم, وكان يقوم عليها فنانون ينتمون لما يُعرف ب"الإسلام السياسي" -مع تحفظي على المصطلح-, وكانت أغانيهم حينها مختلفة عن أغانيهم الحالية, حتى أن بعض أغانيهم الآن تستخدم لحناً لأغنيات "ماجنة", بمايوحي بأن مطربي الحلال استمعوا للأغاني الحرام فاسترقوا لحناً جميلاً وتركوا الكلمات "الفاسقة"حتى أن بعض الأغاني الإسلامية تفعل بي الفعل نفسه الذي ينتابني عند سماعي للأغاني "اللا إسلامية" –إن صح التعبير-, فأتفاعل بصخب مع أطفالي, ولا أريد أن أتعرض لهذه الحالة التي ترونها فيالحفلات الإسلامية.حتى أن جمهور الحفلات الإسلامية في التسعينيات كان يختلف عن الجمهور الحالي, فقد كان يُحرّم على نفسه الدبكة الشعبية,والتمايل كالأغصان التي تُلاعبها الريح.وحتى لا يُساء فهمي فأنا لا أُنكرعلى أي أحد طريقة تعاطيه للفرح, بل أُشاركه فرحه إحتراما لتفاعل وجدانه ومشاعره.ولكن هناك من ماتوا دونما يصلوالعصرنا الراقص, وبالتالي ماتوا دون أن يرقصوا, لاعتقادهم آنذاك بحرمة ما نفعله الآن.وهنا يجب التنويه بأن الحرام من الكلام الغنائي, ليس فقط ما يصف الجمال ويحرك الغرائز البهيمية الجنسية, بل يشمل أيضاً ما يحرك الغرائز البهيمية, في السُخرية والعنصرية والاستهانة بالأرواح وبأمن المجتمع والسلم الاجتماعي.إنه لا يُزعجني أن يستمتع إبني بصوت أم كلثوم, ويفهم كلماتها ويستطيع أن يتفاعل وجدانياً مع الموسيقى؛ بينمايُزعجني لو أعجبه جسد هيفاء وهبي في كليباتها المصورة, وهذا ما سيكون -للأسف- إذاشاهدها بالغا.ولذلك من المفيد أن يُشار في بدايةالأغنية أنها حلال أو حرام, حتى لا نضطر أن نتناولها ثم نقرر هل هي حلال أم حرام,وتكون هذه الإشارة من مؤسسة دينية متخصصة وموثوقة, يقوم موظفوها باستماع الأغاني,ومن ثم يضعون الختم المناسب. و هذا الأمر صعب عمليا؛ لأننا قد نواجه رفض الموظفينللاستماع "الفاحص", أو أن يستمعوا على مضض وتقزز. و لو أخذنا أغنية معينة ولتكن أغنية "رباعيات الخيام" مثلاً, وعرضناها على شيخ ينتهج منهج القرضاوي,وآخر أزهري , وآخر سلفي , وآخر صوفي؛ فسنحصل على نتيجة أن الأمر يعود للأذواق.فكما أن البعض لا يأكل لحم الأرانب الحلال لأسباب غير دينيه, قد لا يُحب البعض موسيقى حلال لأسباب غير دينية, ودراسةالموسيقى وتأثيراتها استهوت البشرية منذ الأزل.ويعود الإختلاف تجاه الأغاني لأن الأغنية ليست ثابتة المكونات, كالخمر أو لحم خنزير, وقد يرى البعض أنه لا داعي لأن نأخذ رأي المُفتي في كل أغنية على حدة, والاكتفاء بخطوط عريضة تعود للتقديرالشخصي, "لكل حسب ذوقه".