عشقٌ لا يموت بقلم: عطا الله شاهين

عشقٌ لا يموت
عطا الله شاهين
بُلبلان يهبطان على فَننِ
يحتميان مِنْ رذاذٍ مُملٍّ
يلتصقُ جسداهما كأنّهما عاشقان
ينظُران إلى دودةٍ خرجتْ لتغسلُ جسدها
مِنْ هُمومِ السّنين
لكنّ البُلبلين لا يريدان أنْ يفترِقا
فيبدو أنّهما في حالةِ عشقٍ
فالتصاقُ جسديهما ألذّ مِنْ طعمِ اللحم ...
الآن البلبلان يصبران على الجوعِ
أما غريزتهما فلا تصبر
فالسّغب لا يُميتُ العِشقَ ما دام العِشقُ
صادقاً
*********
يأتي الجُنود لهدمِ منزلها
لكنّها تتشبثُ به كقطةٍ شرسةٍ
يحاولُ الجنودُ إبعادها عنه بالقوّة
فيقومُ جُنديان بجرّها وهي تحفرُ جدران منزلها بأظافرها
لأنها تعشق مكانا تنتمي إليه
وعلى الرغم من هدم المنزل، إلا أنّها ما زالتْ تجلسُ فوق
رُكامه
فيبدو أنّ عشقها للمكانِ لا يُفنى
**********
لا تفارقُ طُيور النّورس الشّاطئ
تتحينُ فرصةً لتقتنصُ أسماكاً
صيّادٌ حاقدٌ يحاولُ إبعادها
يُطلق الخُرْدُق مِنْ بندقيته الصّدئة على النّوارس
يسقطٌ طيرٌ على الشاطئ صريعاً
لكنّ عِشقها للأسماكِ يُبقيها في حالةِ تحليقٍ دائمٍ
رغم أنها تعلم بوجود القنّاص المُتحيّن ...
*********
تقترب الجرّافة لاقتلاع شجرةِ الزّيتون الرّومية
تنامُ المرأة على جذعِ الشّجرة
تحاولُ بكُلّ قوةٍ منعَ الجرّافة مِنْ اقتلاعها
وتحتضنها كطفلٍ رضيع
لكنّ الجرّافة تقتلعُ الشّجرة
المرأة تبقى مُتشبثةً بها
غير آبهة للموتِ
وتعود لتغرسها من جديد
وترويها بالماءِ كُلّ صباحٍ
فيبدو أنّ عِشقها للشجرة وللأرضِ
يجعلها في حالةِ استعدادٍ دائم
للدفاع باستماتةٍ عَنْ مكانٍ، تنتمِي له وتعشقه للأبد...