ـ المسافر : ( قصة قصيرة )
ـ مرت به شاحنة النظافة التي تكمل مناوبتها الليلية وهي تجوب آخر شارع ينتصفه مسجد البلدة الصغير ، إستدار كعادته وحيا السائق ورفيقين آخرين ثم أدار المفتاح في بوابة المسجد٠ هو مهاجر بإسبانيا وهو رجل كهل قد أشرف على الستين وكان يواظب باستمرار على حضور جميع الصلوات بسبب توقفه المؤقت عن العمل والذي مسه هو وكثير من أصدقائه منذ حلول الأزمة الإقتصادية الراهنة٠ صار قيما متطوعا يهتم بشؤون نظافة المسجد وكان رجلا وديعا ومحبوبا من لدن الجميع ، ولا تكاد ترمقه العين في ردهاته إلا وهو يعدل فراشا هنا أو يرتل آيات من كتاب الله عز وعلا في زاوية هناك٠ في تلك الليلة حرص على نفض الزرابي والأفرشة الأخرى بعناية زائدة لأنه كان ينوي السفر لبضعة أيام إلى بلده الأصلي لتفقد أحوال الأهل هناك ؛ ولم يفته أيضا أن يربط دراجتين قديمتين فوق سطح سيارته الصغيرة وبعض رزم أخرى تضم في الغالب ألبسة مستعملة لتكون هدية لجيرانه وأقربائه٠ أذن لصلاة الصبح وحضر كثير من أصدقائه وبعد إقامة الصلاة صافحهم جميعا ولم يجلس لتلاوة قرآن الفجر كما كان يفعل كل يوم ولعله كان يستعجل السفر قبل أن يبزغ ضوء النهار٠ تسلق درجات العمارة وكانت مجاورة للمسجد وكان البيت الذي يقطنه يقع في الدور الخامس وكان يريد أن يأخذ حقيبة يده التي يضع فيها زاده وأوراقه الثبوتية أيضا٠ عند الباب سرت بجسمه قشعريرة إذ تذكر أنه نسي مفتاحه بالداخل مما سيضطره إلى الصعود إلى سطح العمارة والنزول متدليا عبر ممر ضيق يصل به إلى مطبخ منزله ، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يستعمل فيها هذا المسلك الصعب الذي كان يرهقه ويدمي قدميه في غالب الأحيان لكنه كان لا يجد بدا من استعماله متى نسي مفاتيحه بالداخل٠ ووصل إلى السطح منهكا لاهثا ثم إنه لم يخرج إلى الشارع وإلى سيارته الراكنة من جديد ..زلت قدمه وخارت قواه فهوى إلى الأسفل وارتطم جسمه بقوة ثم فارق الحياة ...ليرحمه الله تعالى برحمته الواسعة !!ـ إنتهى ـ
ـ مع تحيات ؛ عصفور من الغرب : محسن حكيم٠
ـ مرت به شاحنة النظافة التي تكمل مناوبتها الليلية وهي تجوب آخر شارع ينتصفه مسجد البلدة الصغير ، إستدار كعادته وحيا السائق ورفيقين آخرين ثم أدار المفتاح في بوابة المسجد٠ هو مهاجر بإسبانيا وهو رجل كهل قد أشرف على الستين وكان يواظب باستمرار على حضور جميع الصلوات بسبب توقفه المؤقت عن العمل والذي مسه هو وكثير من أصدقائه منذ حلول الأزمة الإقتصادية الراهنة٠ صار قيما متطوعا يهتم بشؤون نظافة المسجد وكان رجلا وديعا ومحبوبا من لدن الجميع ، ولا تكاد ترمقه العين في ردهاته إلا وهو يعدل فراشا هنا أو يرتل آيات من كتاب الله عز وعلا في زاوية هناك٠ في تلك الليلة حرص على نفض الزرابي والأفرشة الأخرى بعناية زائدة لأنه كان ينوي السفر لبضعة أيام إلى بلده الأصلي لتفقد أحوال الأهل هناك ؛ ولم يفته أيضا أن يربط دراجتين قديمتين فوق سطح سيارته الصغيرة وبعض رزم أخرى تضم في الغالب ألبسة مستعملة لتكون هدية لجيرانه وأقربائه٠ أذن لصلاة الصبح وحضر كثير من أصدقائه وبعد إقامة الصلاة صافحهم جميعا ولم يجلس لتلاوة قرآن الفجر كما كان يفعل كل يوم ولعله كان يستعجل السفر قبل أن يبزغ ضوء النهار٠ تسلق درجات العمارة وكانت مجاورة للمسجد وكان البيت الذي يقطنه يقع في الدور الخامس وكان يريد أن يأخذ حقيبة يده التي يضع فيها زاده وأوراقه الثبوتية أيضا٠ عند الباب سرت بجسمه قشعريرة إذ تذكر أنه نسي مفتاحه بالداخل مما سيضطره إلى الصعود إلى سطح العمارة والنزول متدليا عبر ممر ضيق يصل به إلى مطبخ منزله ، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يستعمل فيها هذا المسلك الصعب الذي كان يرهقه ويدمي قدميه في غالب الأحيان لكنه كان لا يجد بدا من استعماله متى نسي مفاتيحه بالداخل٠ ووصل إلى السطح منهكا لاهثا ثم إنه لم يخرج إلى الشارع وإلى سيارته الراكنة من جديد ..زلت قدمه وخارت قواه فهوى إلى الأسفل وارتطم جسمه بقوة ثم فارق الحياة ...ليرحمه الله تعالى برحمته الواسعة !!ـ إنتهى ـ
ـ مع تحيات ؛ عصفور من الغرب : محسن حكيم٠