الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأونروا ... حلقة جديدة من مسلسل القهر في غزة بقلم : محمد عبد الكريم الخالدي

تاريخ النشر : 2015-01-30
بقلم : محمد عبد الكريم الخالدي
غزة - 29/1/2015 م

مع نسمات الصباح و تغريد البلابل و تساقط حبات الندى على وريقات الأشجار و الأزهار , مع حلول فجر اليوم الثاني من يوليو تموز لعام 2014 استيقظت القدس على صرخات الألم و الجراح , حيث قامت مجموعة من المستوطنين المتطرفين بخطف الشبل الفلسطيني محمد أبو خضير من حي شعفاط بالقدس , و من ثم تعذيبه و إحراق جسده الطاهر و هو حيا يلتقط أنفاسه الأخيرة في هذه الدنيا .

اشتعلت نيران الغضب في القدس المحتلة بل و في الضفة الغربية كلها للثأر للدماء البريئة التي أريقت بلا ذنب , فازداد التوتر و بدأت المواجهات العنيفة بين أهل القدس و قوات الاحتلال في الداخل المحتل , ثم انتقلت المواجهة شيئا فشيئا إلى قطاع غزة حيث أصبح هناك العديد من المناوشات بين جيش الذل و الهوان و بين المقاومة الفلسطينية في غزة تخللها تبادل جزئي متقطع لإطلاق النيران و الصورايخ بين طرفي النزاع .

في عصر اليوم السابع من يوليو تموز لنفس العام قام سلاح الجو الإسرائيلي بشن العديد من الغارات المتفرقة على أراضي زراعية فارغة و على عدد من المواقع العسكرية التابعة لفصائل العمل العسكري الفلسطيني المقاوم , مما زاد من حدة التوتر في الوضع الأمني على الساحة الإسرائيلية من جهة و الساحة الفلسطينية في غزة من جهة أخرى .

و في صباح اليوم التالي أعلنت إسرائيل الحرب رسميا على غزة حين قامت باغتيال القادة الثلاثة لوحدة البحرية في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس و أطلقت إسرائيل على العملية اسم الجرف الصامد بينما أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية اسم العصف المأكول , و من بعد ذلك هبت المقاومة لتثأر لدماء الشهداء و قامت برشق المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة بالعديد من الصواريخ ووجهت ضربات مؤلمة للعدو .

استمرت الحرب الجوية على غزة لعشرة أيام تقريبا , حتى أبدى جيش الاحتلال نواياه في اجتياح القطاع بريا و فعلا حصل ما لم يتوقع و قامت الآليات بالتقدم في المناطق الحدودية لغزة رغم إعاقة المقاومة الفلسطينية لها بكل الإمكانيات و السبل المتاحة , و بفضل الله و توفيقه لقنت المقاومة العدو دروسا عديدة و أثخنتهم جراحا و قتل من قتل و أصيب من أصيب و أسر من أسر , ولكن كل هذا لا يخفي حجم الألم و الدمار الذي حل بنا و بأهلنا في المناطق الحدودية الشرقية و الشمالية و حتى في المناطق التي كانت تعتبر آمنة نوعا ما في وسط المدينة .

تمددت أيام الحرب السوداء بشكل لم نألفه من قبل , واحد و خمسون يوما من فصول المعاناة و الجحيم واجهها أهل غزة , استشهد فيها من استشهد و دمرت فيها البيوت و لم يبقى حجرا ولا بشرا ولا شجرا إلا و مسته آلة الغدر الصهيوني بأذى , و خلال هذه الأيام العصيبة المريرة نزح المواطنون ممن دمرت بيوتهم و ممن كانوا يسكنون المناطق المضطربة المعرضة للصدام , إلى مراكز الإيواء متمثلة في مدارس الأونروا التي فتحت الأبواب على مصراعيها و التي اعتبرها المواطنون الأكثر أمانا آنذاك , و قامت الأونروا بتقديم المساعدات الطارئة للنازحين من طرود غذائية يومية و أغطية و ملابس .... الخ .
مع غروب شمس اليوم السادس و العشرين من آب أغسطس لنفس العام , تم إعلان وقف إطلاق النار بين الطرفين و ابتهجت غزة و فرحنا و حمدنا الله على أن أوقف عنا المزيد من إراقة الدماء و عاد من لم يصب بأذىً إلى بيته سالما غانما .

انقشعت سحابة الحرب و تجلت حينئذ هموم المكلومين و نزفت الجراح المضمدة طيلة الأيام السابقة و بدأت علامات الصدمة تعتلي جباه المنكوبين , انتهت الحرب بكل فصولها الأليمة , كانت حصيلة الشهداء و الجرحى و الدمار كبيرة جدا على هذه البقعة الصغيرة التي لولا إرادة الله لم تكن لتحتمل كل ما حل بها , حيث ارتقى خلال هذا العدوان الغاشم أكثر من 2200 شهيد جلهم من الأطفال و النساء و الشيوخ , و أصيب أكثر من 10000 جريح و تضرر ما يقارب 96000 منزل ما بين المدمر كليا و جزئيا و المصاب إصابات طفيفة حسب ما نتج عن التقييم الذي أنجزته الأونروا في الخامس عشر من ديسمبر لعام 2014 .
بعد انتهاء الحرب بأقل من أسبوع بدأت الأونروا بالطلب من النازحين بإخلاء مراكز الإيواء لتجهيزها للفصل الدراسي الأول للعام الجديد الذي سيبدأ في غضون أيام قليلة آنذاك , و هنا بدأت المعاناة تتفاقم من جديد هذه المعاناة التي لم و لن يشعر بها إلا من أصبح مشردا بلا جدران تضمه و لا سقف يقيه حر الصيف وبرد الشتاء .

في هذه اللحظات لم يجد المشردون حلا سوى أن ينصبوا الخيام أما منازلهم المدمرة أو يسكنوا تحت ما تبقى من حجارة و أعمدة و أسقف منازلهم , و بعد فترة وجيزة بدأت المؤسسات المحلية و الدولية بعمليات البحث و الإحصاء للبيوت المدمرة لتوفير المساعدات الرمزية لأهلها , هذه المساعدات التي لا تسد رمق هؤلاء الصنف من البشر الذين باتوا يجوعون و يعطشون الدفء و الأمان وليس الزاد و الشراب .

من أبرز المؤسسات الدولية التي سعت لمساعدة المشردين هي وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين الفلسطيني ( الأونروا ) بالرغم من أنها هي السبب الرئيسي في معاناتهم عندما أخرجتهم من مراكز إيوائها غصبا عنهم .

فقامت الأونروا بالبدء بجرد و إحصاء المنازل ذات الأضرار الجزئية الطفيفة بداية بدعوى أنها تريد أن تنهي ملف المبالغ المالية القليلة , فشرعت بالعمل و دفعت مبالغ مالية لأصحاب الضرر الطفيف زيادة عما يستحقونه لإصلاح بيوتهم , و استمرت هذه السياسة مدة طويلة , أما أصحاب الدمار الكلي فلم تساعد إلا القليل القليل منهم في دفع بدل إيجارات لهم .

كانت النتيجة أن الأونروا أصرفت مبالغ مالية طائلة على من لا يستحق و نست من هم بأمس الحاجة إلى هذه الأموال , و بالمقابل أيضا قامت بعض الجهات المانحة بإيجاد حلول بديلة للسكن و توفير كرفانات ( بيوت خشبية أو معدنية ) غير مصنوعة على أسس هندسية سليمة و غير مؤهلة للاستخدام الآدمي , و التي أثبتت عدم كفاءتها و فعاليتها خلال المنخفض الجوي الأخير الذي ضرب المنطقة قبل شهر تقريبا .

استيقظنا قبل يومين على خبر كان له وقع أحدّ من أزيز الرصاص على مسامع المواطنين المظلومين المقهورين في غزة , ألا و هو تصريح الناطق الإعلامي باسم الأونروا في غزة عدنان أبو حسنة أن الأونروا توقف المساعدات المالية للمتضررين جراء الحرب الأخيرة على غزة , و أكد الأخير أن الأونروا تعاني من ضائقة مالية و هي بانتظار أموال مؤتمر الإعمار لكي تكمل مسيرتها التي لم تبدأ أصلا بالشكل الحقيقي الفعلي , و أن الوضع وصل لحافة الهاوية في عملية إعادة الإعمار .

أي ضائقة مالية تتحدث عنها الأونروا و هي تعترف بأنها دفعت نحو 77 مليون دولار لــ 66 ألف عائلة في غزة , أين ذهبت هذه المبالغ الهائلة , أين آثارها الملموسة على أرض الواقع , ما هي الحلول و البدائل التي أوجدتها تلك الأموال , كل هذه التساؤلات تجول في أذهان أهل القهر و أهل الدمار و أهل النكبات في غزة .

السؤال الذي يطرح نفسه الآن لماذا عندما قامت الأونروا بالبحث و الإحصاء بدأت بالمخيمات و المناطق الآمنة التي لم تتضرر إلا القليل القليل , لماذا دفعت مبالغ بمئات الدولارات لمن كسر شباكه أو كسر لديه لوح من الاسبست أو حتى لمن تشقق جداره بسبب العوامل الجوية منذ عشرات السنين , لماذا يصرف مبلغ 2000 دولار لمن أنزل شبابيكه و ادعى أنها مكسورة وأخفاها عن أعين الباحثين و المهندسين , و لماذا يصرف مبلغ 5000 دولار و أكثر لمنزل مبني منذ 60 عاما و هوا لا يصلح للسكن من قبل 20 عاما و لم يصب أي إصابة مباشرة بسبب الحرب , لماذا تم صرف كل هذا بدون رقابة و عناية و محاسبة , ألهذه الدرجة الأونروا تشغل طاقما من المهندسين و الباحثين المغفلين الذين لا يجيدون التقدير أم إنها سياسة تتعمدها الأونروا لغاية في نفس يعقوب .

من المسئول عن كل هذه التجاوزات , ما هوا الدافع وراء كل هذه الحماقات التي ارتكبتها ولا زالت ترتكبها الأونروا في غزة , لو جئنا نحسبها سويا بالرياضيات البسيطة التي يعلمها الأطفال و ليس المهندسين , سنرى أن مبلغ 2000 دولار الذي دفع لمن كسر لديه شباكين يكفي لدفع الإيجار لمدة 10 أشهر على الأقل لعائلة قد تدمر منزلها دمارا كليا و أصبحت بلا مأوى , إذن النتيجة التي نحصل عليها من هذه الحسابات هو أن هذه المبالغ لو أصرفت بوجه حق لما بقي مشرد واحد في غزة يفترش الأرض و يلتحف المساء .

لكي نجيب عن هذه التساؤلات يجب أن نتوقف قليلا و نتأمل و نفكر مليا و الموضوع يستحق التفكير برأيي , من هي الأونروا ؟ من إدارتها ؟ من القائمون عليها ؟ من المانحون لها ؟ , فنجد أنها ليست إلا منظمة صهيوأمريكية أنشأتها عصبة الأمم المتحدة في ظاهرها الرحمة و الشفقة و المساعدة و في باطنها الدهاء و المكر و الخديعة و العنصرية و التدمير للشعوب المحتلة , جاءت الأونروا إلى فلسطين عقب نكبة عام 1948 لكي تلهي المهاجرين التائهين في ظلمات العيش بكيفية توفير المأكل و المشرب و الملبس و المسكن , فبنت مخيمات اللجوء و ساعدت اللاجئين على التجذر فيها و التعمير لتنسيهم أراضيهم التي هُجِّروا منها قسرا و بالتالي فقد حققت الأونروا الهدف الأسمى التي أنشات من أجله , و استمرت الأونروا بسياسة سد البطون من أجل تعطيل العقول و أوصلتنا لما نحن عليه اليوم وفي نهاية المطاف تركتنا نبحر في بحر النكبات بلا منقذ دون أدنى بصيص أمل لمستقبل الإعمار و إرجاع غزة لما كانت عليه قبل الحرب الأولى عام 2008-2009.

في ختام مقالي هذا أود أن أذكر أهل الصبر في غزة بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم " و الله لو أن الأمة اجتمعت على أن ينفعوكم بشيء لن ينفعوكم إلا بشيء كتبه الله لكم , و لو أنهم اجتمعوا على أن يضروكم بشيء لن يضروكم إلا بشيء قد كتبه الله عليكم , رفعت الأقلام و جفت الصحف " , تكالب عبنا العرب و العجم و مالكم غير الله يا أهل غزة , فاخلصوا النية لله و اصبروا و احتسبوا , لعل الله يحدث لكم من أمركم شيئا .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف