الميدوزا تعودْ هذا المَساءْ بقلمْ الشاعِرْ مُهند ذويب
كما هو الريف بجماله الأخاذ ...بسهولٍ لا تنتهي ... تعبق بالألوان زهراتٌ تتراقص ُ تحت ضوء الشمس ...ومُزارِعٌ يعانق الفسائل والغَرْسْ ...وَطيور بكل الألوانِ والأشكال والــــ... منها المهاجرة ومنها من اتخذت من الأشجار بيوتاً ومنها من تنام نهاراً في حضن الشمس (شمس الربيع )وليلاً تنام في أحضان القمر ...جميل ٌ هو الريف باكواخه المتناثرة كالنجوم في سماء الأحلام ...وصهيل الخيل العربية رمز الكرامة ...الشهباء والأدهم و... وأطفالٌ يلاحقون الجراد... وصبايا الحي يحملن جرار الماء من الغدير ... وخيالٌ خصب كالطمي (1) وفضاءٌ فسيح وجنان الله على الأرض وقزعٌ أبيض كما أجنحة الملائكة تظلل السماء ... النسيم عليل ...إنه آذار .. ربيع الأرض وشاحها المُنَمَّقُ البَديع ...حُلمُ الورود ...رقصة الريحان...على أنغام الكمان ...الكل مشغول في الريف ...حتى الريف ذاته ..ولا أدري كيف ...فهذا الشاعر الكبير- ربما لم يذع صيته بعد ,اسأل عنه وعن زوجته الفرنسية الأصل عربية النشئة أنه موجود ولو في الخيال فمن السهل أن توجده فقط تَخَيلهْ ! هكذا هي الحياة !! –الشاعر الكبير حميد مسند ظهره الى شجرة التين مطلاً من على هضبة التين كما يحب أن يسميها-ربما لم تكن موجودة- مطلاً على آفاقٍ لا تنتهي من الجنة الخضراء حاملاً دواته (2) و قرطاسه لعل بعض الأفكار تجول في خاطره لا بل حتماً ستنهمر مثل غيث السماء على أرضٍ عطشى فهيهات أن يجمعها كلها لكنه كسائحٍ في حقل ما وراء الزمن من الزهور والورود والزنابق والــ.. يقطف ما حملت يداه من الزهور ربما لعشيقته وربما لأمه العجوز ..
يا لهذه اللوحة الإلاهية الفريدة التي أبدع في رسمها أيما إبداع ... صورةٌ حيةٌ تتحرك كأن راسمها قد دب الحياة على كل أنملةٍ منا فصارت كوناً وحدها ...يالها من قريةٍ ساحرة بكل المعاني الجميلة .
وفي المساء ...مساء آذار تجتمع النساء في جوف الفضاء ويبدأ حديث السمار ...إنه آذار ... وجلست النساء تحت ضوء القمر إنه بدرٌ الليلة ,قالت جوليا فأومئن بالإيجاب وعلى شفاههن تبتسم الحياة ويبتسم الكون . الأطفال لا يهدؤون حتى في الليل ,قالت جاسيكا ,فردت جوليا : وكيف ينام من يرى هذه الليالي الجميلة ؟ ثم لم تقولي لي أين زوجك حميد ؟ لماذا لا نراه هذه الأيام ؟ قالت جاسيكا : ومن يراه يا حبيبتي ؟! إنه غارقٌ الى أنفه هذه الأيام أنسيت بأننا في الربيع ؟! أف ما أسخف عقول الفنانين والشعراء , يعجبون بكل شئٍ حولهم صدقيني إني أظنه يكلمني فإذا هو يناجي الورود ... ويغازل الأزهار ...ويتابع حتى الحشرات ولربما كتب في الذبابة ما لم يكتبه في البشر! ... وكأنه خلق للطبيعة وليس لنا ولكن الــــ... يكفي الآن إستمعن لنرى لماذا يقهقه الرجال بهذه الطريقة المزرية لربما يقص عليهم الآن أحد الشباب المتهورين ويستخف بعقولهم إحدى مغامراته ... أو يحدثهم زائرٌ أجنبيٌ عن شكسبير أو فولتير أوربما جاء الحكاواتي من إحدى القرى المجاورة أو من إحدى المدن من حلب أو حمص أو... ليحكي لهم عن ما يسمونه الزير سالم أو أبو زيد ...الهلامي ...الهلاوي ...ال ... الهلادي ...لا أدري ... الهلالي قالت لبنى في مرح أو .......
كان مجتمعاً جميلاً في ريف الشام الأخاذ . فمزيجٌ من الأجانب والعرب المسلمين وغير المسلمين والمسيحيين والــ... يتمازجون ليشكلوا تربة الشام الطاهرة المضمخة بالعروبة بأشعار نزار وآلام عمرأبو ريشة و... الكل هنا سعيد ... والكل مغتبط في جنبات هذه الجنة الأخاذة .الفلاح والموظف والعامل ورجال الدين و... الجميع يحيى بهناءةٍ وسرور , وحتى البقال أبو نزار البسمة لاتفارقه وكأنهما ولدا معاً من رحمٍ واحد والقصاب أبو لبنى ...والجميع ولكن هل تدوم الحال ؟ سؤال من الصعب التكن به .
دوام الحل من المحال , هكذا يقال .فلم يمهلهم القدر وكيف سيمهلهم؟ فعجلة الزمان لابد أن تدور ولو طال الزمن ستأتي الرياح شماليةً غربية ًلتقلب موازين الشرق (التعيس) لتقض مضاجع الآمنين لتشعل لهيب نارٍ ربما لا تنطفئ لِتقْتُـــــــــــــــــــــــــ.....
ذات ليلة من ليالي الربيع ربما المشهودة كانت العنقاء(3) تحوم في السماء والسماءُ ملبدةٌ بالغيوم نهاية آذار والسماء تُنذِرُ بعاصفةٍ هوجاء لا صوت الرجال يقهقهون ولا النساء يتسامرن في حضن القمر ولا الأطفال يتراشقون بالنجوم ...جوٌ جهنمي قلبت جنة الله الى نارٍ مؤججة (4) أغلق الناس باكراً وقفلوا عائدين الى بيوتهم , لا أحد يعلم ماذا يخبئ القدر لهؤلاء ...وحتى جاسيكا تعجبت كيف جئتَ الآن يا حميد لعل قَريحَتَكَ مُتَقرِّحَةٌ هذا اليوم وضحكت بجنون هِسْتيرِيْ ! .فلم تَسمع إلا صدى ضحكاتها تملئ المكان وكأن الدنيا تسخر منها أحست بالخجل ...واعتراها جمود الدمى لا تدري هي لماذا ! الكل هكذا المسجد أعلن التكبير ودقت أجراس الكنائس واتفق الجميع بلا سابق إنذار على أن .... لا يعرفون على ماذا !لكن الكل وجل ومترقب ... الأطفال أمي لماذا (نامت) هذه الأزهار ؟ مـــــــامـــــــا ...ألم تكن تفتحت من قبل ... لماذا؟ إنها وجلة وخائفة ويبكي الأطفال ,وتمسح الأم دموعهم بيدها وتقول غدا تتفتح من جديد , في يوم وردي سعيد ... لا يفهم الأطفال ... وربما شعروا بالحنان فاغفت اعينهم قليلاً ليناموا فالحياة حلم لا نستيقظ منه ألا عندما ننام تعوي الرياح فيسكت كل شئٍ ... تعوي الرياح وتحلق العنقاء في سماء الريف الجميل ...هـــــــا ...لم يعد جميل , يزعق صوت العنقاء يدوي في تاريخ الأرض وما بعد وما قبل تاريخها .بعد لأيٍ طويل أدرك الجميع أن النبوءة قد آن آوانها وأنَّ هاذا هو اليوم الموعود المشهود , لقد عرف الجميع نعم سيجتمع الآن الغول الخرافي مع العنقاء الأسطورية وسيحتد اللقاء الدموي نعم ...سيموت الغول ستموت العنقاء سيموت كل من له صلةٌ بهما ... هكذا تقول الأسطورة ...ولكن ماذا بعد هل سيعود التاريخ كما كان ...أم أنه .... تعالت الأصوات تملئ الدنيا ...تناثرت الدماءُ والأشلاء ... الكل وَجِلْ وحتى الأرض تمسك بنفسها مخافة أن ... ولكن لا تدري هي لماذا تمسك بنفسها !...غارت سنابل القمح في الرمال ...ولم يبقى من الزهور إلا عبيرها الذي استمتعنا به يوماً من الأيام ...مــــات الغول ماتت العنقاء ... وعزف الموت نشيده الجنائزي على ريف البائسين غابت الشمس وخجلت أن ترفع رأسها من جديد على وجهها ألف عار... ولكن هل أنتهى كل شئ لاإنها فقط البداية.
ماتت العنقاء والغول وحوش الخرافات , وبدأ الآن عهدٌ جديد نعم ... هاهي العنقاء تطير في الجو ترمي قنابل الفسفور تحرِّق أجساد الأبرياء وهاهو الغول يعلن بتصريحٍ سياسيِّ بدأ عصرٍ جديد يفترس فيه متى شاء ...و يصيح صوتٌ وحشي يدق عنان السماء بكلتا يديه ينادي " يا أهل الريف ماتت العنقاء يا أهل الريف مات الغول ماتت رموز الخوف عندكم ,ولم أبقى إلا أنا ليييييييييي أنا البقاء" تسائل الجميع لمن هاذا الصوت يا تُرى ؟! حميد يعقد إجتماعاً مع ذاته ... لمن هاذا الصوت لمن هاذا الصوت ؟ربما سَمِعَهُ ولكن أين ؟ في الميثولوجيا الإغريقية لا...لا ذلك كان من زمنٍ طويل ...ولكن قراره كان حاسماً سيرى من صاحب الصوت ...أمسكت زوجته بتلابيبه (5) ولكنه اندفع باصرارٍ غيرٍ معهود ...من أين جاء بهذه الــقووو...لكن الموقف صعقه فانقطعت أفكاره ولكنه ما لبث أن تمالك نفسه ونادى "يا من بقي حياً في صحراء(ليست ربيع)الشام ... هذه الميدوزا(6) بخيلها ورجلها جاءت لتنشر الأفاعي والسموم ... يامن بقي حياً في الشام العتيدة غرتنا الحياة فغفلنا عن ما حولنا ...ها هي الميدوزا قامت من بين الأجداث من العالم الجديد ... لتعود جاءت من تونس الخضراء (لم تعد خضراء) مرت بليبيا الصمود ,هاجمت مصر الكنانة هبة النيل .ها هي ذا قادمة من صنعاء حفيف الأفاعي على جسدها يملئ الدنيا ...تبث أفاعيها في كل مكان ... هاهي الشام تقاوم الشرَّ القادِمْ ولكــــن الــى متى ؟ ؟؟.
ومـــــــــــــــــــــــــا تبقى لكم وللزمن ...
الهوامش :
1.الطمي: التربة الخصبة عل ضفاف الأنهار .
2.الدُواة :هي أداة للكتابة وتتكون من ريشة وعلبة من الحبر .
3.العنقاء :طائر الفنيق وهو طائر خرافي يقترن ذكره بالغول .
4.مؤججة :مستعرة وملتهبة .
5.تلابيله :أطراف ثوبه من الأعلى من جهة العنق .
6.الميدوزا :مخلوقة خرافية يقال أن شعرها من الأفاعي .
كما هو الريف بجماله الأخاذ ...بسهولٍ لا تنتهي ... تعبق بالألوان زهراتٌ تتراقص ُ تحت ضوء الشمس ...ومُزارِعٌ يعانق الفسائل والغَرْسْ ...وَطيور بكل الألوانِ والأشكال والــــ... منها المهاجرة ومنها من اتخذت من الأشجار بيوتاً ومنها من تنام نهاراً في حضن الشمس (شمس الربيع )وليلاً تنام في أحضان القمر ...جميل ٌ هو الريف باكواخه المتناثرة كالنجوم في سماء الأحلام ...وصهيل الخيل العربية رمز الكرامة ...الشهباء والأدهم و... وأطفالٌ يلاحقون الجراد... وصبايا الحي يحملن جرار الماء من الغدير ... وخيالٌ خصب كالطمي (1) وفضاءٌ فسيح وجنان الله على الأرض وقزعٌ أبيض كما أجنحة الملائكة تظلل السماء ... النسيم عليل ...إنه آذار .. ربيع الأرض وشاحها المُنَمَّقُ البَديع ...حُلمُ الورود ...رقصة الريحان...على أنغام الكمان ...الكل مشغول في الريف ...حتى الريف ذاته ..ولا أدري كيف ...فهذا الشاعر الكبير- ربما لم يذع صيته بعد ,اسأل عنه وعن زوجته الفرنسية الأصل عربية النشئة أنه موجود ولو في الخيال فمن السهل أن توجده فقط تَخَيلهْ ! هكذا هي الحياة !! –الشاعر الكبير حميد مسند ظهره الى شجرة التين مطلاً من على هضبة التين كما يحب أن يسميها-ربما لم تكن موجودة- مطلاً على آفاقٍ لا تنتهي من الجنة الخضراء حاملاً دواته (2) و قرطاسه لعل بعض الأفكار تجول في خاطره لا بل حتماً ستنهمر مثل غيث السماء على أرضٍ عطشى فهيهات أن يجمعها كلها لكنه كسائحٍ في حقل ما وراء الزمن من الزهور والورود والزنابق والــ.. يقطف ما حملت يداه من الزهور ربما لعشيقته وربما لأمه العجوز ..
يا لهذه اللوحة الإلاهية الفريدة التي أبدع في رسمها أيما إبداع ... صورةٌ حيةٌ تتحرك كأن راسمها قد دب الحياة على كل أنملةٍ منا فصارت كوناً وحدها ...يالها من قريةٍ ساحرة بكل المعاني الجميلة .
وفي المساء ...مساء آذار تجتمع النساء في جوف الفضاء ويبدأ حديث السمار ...إنه آذار ... وجلست النساء تحت ضوء القمر إنه بدرٌ الليلة ,قالت جوليا فأومئن بالإيجاب وعلى شفاههن تبتسم الحياة ويبتسم الكون . الأطفال لا يهدؤون حتى في الليل ,قالت جاسيكا ,فردت جوليا : وكيف ينام من يرى هذه الليالي الجميلة ؟ ثم لم تقولي لي أين زوجك حميد ؟ لماذا لا نراه هذه الأيام ؟ قالت جاسيكا : ومن يراه يا حبيبتي ؟! إنه غارقٌ الى أنفه هذه الأيام أنسيت بأننا في الربيع ؟! أف ما أسخف عقول الفنانين والشعراء , يعجبون بكل شئٍ حولهم صدقيني إني أظنه يكلمني فإذا هو يناجي الورود ... ويغازل الأزهار ...ويتابع حتى الحشرات ولربما كتب في الذبابة ما لم يكتبه في البشر! ... وكأنه خلق للطبيعة وليس لنا ولكن الــــ... يكفي الآن إستمعن لنرى لماذا يقهقه الرجال بهذه الطريقة المزرية لربما يقص عليهم الآن أحد الشباب المتهورين ويستخف بعقولهم إحدى مغامراته ... أو يحدثهم زائرٌ أجنبيٌ عن شكسبير أو فولتير أوربما جاء الحكاواتي من إحدى القرى المجاورة أو من إحدى المدن من حلب أو حمص أو... ليحكي لهم عن ما يسمونه الزير سالم أو أبو زيد ...الهلامي ...الهلاوي ...ال ... الهلادي ...لا أدري ... الهلالي قالت لبنى في مرح أو .......
كان مجتمعاً جميلاً في ريف الشام الأخاذ . فمزيجٌ من الأجانب والعرب المسلمين وغير المسلمين والمسيحيين والــ... يتمازجون ليشكلوا تربة الشام الطاهرة المضمخة بالعروبة بأشعار نزار وآلام عمرأبو ريشة و... الكل هنا سعيد ... والكل مغتبط في جنبات هذه الجنة الأخاذة .الفلاح والموظف والعامل ورجال الدين و... الجميع يحيى بهناءةٍ وسرور , وحتى البقال أبو نزار البسمة لاتفارقه وكأنهما ولدا معاً من رحمٍ واحد والقصاب أبو لبنى ...والجميع ولكن هل تدوم الحال ؟ سؤال من الصعب التكن به .
دوام الحل من المحال , هكذا يقال .فلم يمهلهم القدر وكيف سيمهلهم؟ فعجلة الزمان لابد أن تدور ولو طال الزمن ستأتي الرياح شماليةً غربية ًلتقلب موازين الشرق (التعيس) لتقض مضاجع الآمنين لتشعل لهيب نارٍ ربما لا تنطفئ لِتقْتُـــــــــــــــــــــــــ.....
ذات ليلة من ليالي الربيع ربما المشهودة كانت العنقاء(3) تحوم في السماء والسماءُ ملبدةٌ بالغيوم نهاية آذار والسماء تُنذِرُ بعاصفةٍ هوجاء لا صوت الرجال يقهقهون ولا النساء يتسامرن في حضن القمر ولا الأطفال يتراشقون بالنجوم ...جوٌ جهنمي قلبت جنة الله الى نارٍ مؤججة (4) أغلق الناس باكراً وقفلوا عائدين الى بيوتهم , لا أحد يعلم ماذا يخبئ القدر لهؤلاء ...وحتى جاسيكا تعجبت كيف جئتَ الآن يا حميد لعل قَريحَتَكَ مُتَقرِّحَةٌ هذا اليوم وضحكت بجنون هِسْتيرِيْ ! .فلم تَسمع إلا صدى ضحكاتها تملئ المكان وكأن الدنيا تسخر منها أحست بالخجل ...واعتراها جمود الدمى لا تدري هي لماذا ! الكل هكذا المسجد أعلن التكبير ودقت أجراس الكنائس واتفق الجميع بلا سابق إنذار على أن .... لا يعرفون على ماذا !لكن الكل وجل ومترقب ... الأطفال أمي لماذا (نامت) هذه الأزهار ؟ مـــــــامـــــــا ...ألم تكن تفتحت من قبل ... لماذا؟ إنها وجلة وخائفة ويبكي الأطفال ,وتمسح الأم دموعهم بيدها وتقول غدا تتفتح من جديد , في يوم وردي سعيد ... لا يفهم الأطفال ... وربما شعروا بالحنان فاغفت اعينهم قليلاً ليناموا فالحياة حلم لا نستيقظ منه ألا عندما ننام تعوي الرياح فيسكت كل شئٍ ... تعوي الرياح وتحلق العنقاء في سماء الريف الجميل ...هـــــــا ...لم يعد جميل , يزعق صوت العنقاء يدوي في تاريخ الأرض وما بعد وما قبل تاريخها .بعد لأيٍ طويل أدرك الجميع أن النبوءة قد آن آوانها وأنَّ هاذا هو اليوم الموعود المشهود , لقد عرف الجميع نعم سيجتمع الآن الغول الخرافي مع العنقاء الأسطورية وسيحتد اللقاء الدموي نعم ...سيموت الغول ستموت العنقاء سيموت كل من له صلةٌ بهما ... هكذا تقول الأسطورة ...ولكن ماذا بعد هل سيعود التاريخ كما كان ...أم أنه .... تعالت الأصوات تملئ الدنيا ...تناثرت الدماءُ والأشلاء ... الكل وَجِلْ وحتى الأرض تمسك بنفسها مخافة أن ... ولكن لا تدري هي لماذا تمسك بنفسها !...غارت سنابل القمح في الرمال ...ولم يبقى من الزهور إلا عبيرها الذي استمتعنا به يوماً من الأيام ...مــــات الغول ماتت العنقاء ... وعزف الموت نشيده الجنائزي على ريف البائسين غابت الشمس وخجلت أن ترفع رأسها من جديد على وجهها ألف عار... ولكن هل أنتهى كل شئ لاإنها فقط البداية.
ماتت العنقاء والغول وحوش الخرافات , وبدأ الآن عهدٌ جديد نعم ... هاهي العنقاء تطير في الجو ترمي قنابل الفسفور تحرِّق أجساد الأبرياء وهاهو الغول يعلن بتصريحٍ سياسيِّ بدأ عصرٍ جديد يفترس فيه متى شاء ...و يصيح صوتٌ وحشي يدق عنان السماء بكلتا يديه ينادي " يا أهل الريف ماتت العنقاء يا أهل الريف مات الغول ماتت رموز الخوف عندكم ,ولم أبقى إلا أنا ليييييييييي أنا البقاء" تسائل الجميع لمن هاذا الصوت يا تُرى ؟! حميد يعقد إجتماعاً مع ذاته ... لمن هاذا الصوت لمن هاذا الصوت ؟ربما سَمِعَهُ ولكن أين ؟ في الميثولوجيا الإغريقية لا...لا ذلك كان من زمنٍ طويل ...ولكن قراره كان حاسماً سيرى من صاحب الصوت ...أمسكت زوجته بتلابيبه (5) ولكنه اندفع باصرارٍ غيرٍ معهود ...من أين جاء بهذه الــقووو...لكن الموقف صعقه فانقطعت أفكاره ولكنه ما لبث أن تمالك نفسه ونادى "يا من بقي حياً في صحراء(ليست ربيع)الشام ... هذه الميدوزا(6) بخيلها ورجلها جاءت لتنشر الأفاعي والسموم ... يامن بقي حياً في الشام العتيدة غرتنا الحياة فغفلنا عن ما حولنا ...ها هي الميدوزا قامت من بين الأجداث من العالم الجديد ... لتعود جاءت من تونس الخضراء (لم تعد خضراء) مرت بليبيا الصمود ,هاجمت مصر الكنانة هبة النيل .ها هي ذا قادمة من صنعاء حفيف الأفاعي على جسدها يملئ الدنيا ...تبث أفاعيها في كل مكان ... هاهي الشام تقاوم الشرَّ القادِمْ ولكــــن الــى متى ؟ ؟؟.
ومـــــــــــــــــــــــــا تبقى لكم وللزمن ...
الهوامش :
1.الطمي: التربة الخصبة عل ضفاف الأنهار .
2.الدُواة :هي أداة للكتابة وتتكون من ريشة وعلبة من الحبر .
3.العنقاء :طائر الفنيق وهو طائر خرافي يقترن ذكره بالغول .
4.مؤججة :مستعرة وملتهبة .
5.تلابيله :أطراف ثوبه من الأعلى من جهة العنق .
6.الميدوزا :مخلوقة خرافية يقال أن شعرها من الأفاعي .
