الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

لقطات ذاتية من غزة اليتيمة بقلم وفاء عبد الرحمن

تاريخ النشر : 2015-01-29
لقطات ذاتية من غزة اليتيمة بقلم وفاء عبد الرحمن
بقلم: وفاء عبد الرحمن
انحياز:

انحزت لغزة في السنوات السبع الماضية كما لم أنحز من قبل، ولا علاقة لصلة (القرابة والدم والحب) التي تربطني بها، بهذا الانحياز. انحيازي كان بوصلتي الوطنية ليس كفلسطينية بل كامرأة وإنسانة تنتصر للمظلوم الذي يُشيطَنْ في أوقات كثيرة، وعليه أن ينزف دماً ودموعاً، وأن يبتلعه البحر ويدفنه بيته كي نتذكره ونتعاطف معه. لن أعتذر عن انحيازي، ولن أعتذر عن بوصلتي التي تحفظ توازني الانساني والأخلاقي والوطني أيضاً.

غزة يقطنها بشر:

في غزة المُثخنة بثلاثة حروب مكثفة، وحرب استنزاف وحصار مُمتد منذ 14 عام وليس 7 –كما يظن البعض- يستقبلك أناس طيبون، كأولئك الذين نقرأ عنهم في الروايات، متطرفون في كل شيء، في الحب والكره، في القسوة والطيبة، لأنهم كرماء، لا يبخلون بمال، أو بعاطفة بغض النظر عن طبيعتها. معهم تشعر أنك طبيعي، ومنهم تستمد القوة والأمل والتفاؤل بأن القادم أفضل.
في غزة التقيت بكل الطيف السياسي والاجتماعي- وبعض الاقتصادي-، يوحدهم شيء واحد، حبهم لغزة وشعورهم أنهم وحدهم، لهذا أطلقت على غزة صفة اليتيمة التي تخلى عنها القريب والغريب، يقهرونها طول العام ثم يزورونها مرة ويمسحوا على شعرها، معتقدين أن الله سيغفر خطاياهم التي ارتكبوها بحقها، وستغمرهم الحسنات بعدد شعرات رأسها. هم مخطئون وكل الزيارات لن تغفر لهم، ولكن غزة الطيبة اليتيمة تغفر لكل من يأتيها، ولا تريد تعلم الدرس!

معبر:

قضيت 3 أيام لدخول غزة، ولكن رؤية بوابة معبر رفح الفلسطينية كانت كافية لمحو قسوة الطريق، أما أهل غزة الطيبيين فطاقتهم الإيجابية، والحب الذي ينثرونه على كل من يأتيهم، يكفي لمحو آلام الكرة الأرضية!
أما الخروج من ذات المعبر فكان أسوأ تجربة دخلتها في حياتي على حدود، ومن رأيتهم على الجهة الفلسطينية لا يشبهون "رجال المقاومة" الذين تغنينا بهم يتصدون للعدوان الصهيوني، وليسو من ندافع عن حقهم في راتب!

كهرباء:

رغم أنني تحضرت لانقطاع الكهرباء وحاولت التأقلم معه لأربعة أشهر إلا أنني فشلت في هذا التأقلم! الاستيقاظ في يوم شتوي بدون كهرباء يعني نهاراً ترتدي فيه ملابسك على العتمة، وتضع زينتك على العتمة، وتُلبس الأطفال وترسلهم لمدارسهم على العتمة، وحين تأتي الكهرباء لست ساعات في منتصف الليل، ينتفض الحي كله، لتطحنك أصوات الغسالات، ثم تندُر النساء ينشرن الغسيل بعد منتصف الليل. عدت لرام الله، ولمدة أسبوع استمريت في ارتداء ملابسي على العتمة، ليس تضامناً مع نساء غزة، ولكنها العادة- السيئة التي اكتبستها هناك!

صبايا:

حين تحضرت للذهاب لغزة، جمعت ملابسي الغامقة، على اعتبار أنني ذاهبة لمدينة يلفها الحداد والسواد لأنها تلملم جراحها. فوجئت بالصبايا هناك يرتدين ملابسهن الملونة والجميلة، يطلقن الضحكات من القلب، يبحثن عن كل فرصة للفرح، والاحتفال بالحياة. خجلت من نفسي، نساء غزة يحتفين بالحياة بمزيد من الحياة، وانا حملت لهنَبعض كآبة و"عجز" من تفرج عليهن من الخارج، فحزِن قليلاً وبكى قليلاً وارتدى السواد ليزاود على وجعهنَ!

توازن:

في رام الله يسألون عن سر الألق في عيناي بعد زيارة غزة، قلت "في غزة استعدت توازني وطببت قلبي"ن سألتني صديقة: "لم أفهم"، قلت: "في العدوان على القطاع عام 2008 انكسر قلبي، وفقدت قطعة منه، لم أتغلب على حزني رغم كل المناسبات السعيدة التي مرت بحياتي منذ ذلك التاريخ، وفي العدوان الأخير، اعتقدت أنني سأفقد قلبي كله، ذهبت لغزة لكي أنقذه، وهناك أنقذته، وعاد لي توازني، وعادت لي حياتي".. لن يفهم الأمر، إلا من عاش تجربة التسمر على التلفاز يشاهد اهله يذبحون امامه، وهو عاجز إلا عن البكاء!

حماس:

وقفت معها في ذات الجهة أثناء العدوان الاسرائيلي على القطاع، وتمسكت بتحليلي الذي لم يتغير خلال العدوان وبعده، الجميع تآمر على المقاومة (والمقاومة ليست حماس وحدها) وعلى القطاع، والعدوان لم ينته، وكان بالامكان تحقيق انجازات واختراقات أهمها كسر الحصار عن القطاع (وليس الميناء والمطار)، ولا أستطيع تحميل حركة حماس –وحدها- مسؤولية عدم الانتصار.. في غزة، لامني كثير من الأصدقاء لهذا الموقف، وفي الضفة اتهمني أحدهم أنني حماس متخفية، ولغاية هذه اللحظة، لا أفهم كيف يمكن أن أقف مع الاحتلال في ذات الصف، ولا يمكن أن أفهم لماذا يجب أن أتبنى لون أبيض او أسود فقط. الطبيعة فيها كل الألوان وكذلك الحياة السياسية، وفلسطين التي أتخيلها ملونة كضحكات الأطفال!

من يحكم القطاع؟

بعد عودتي من القطاع، لم يعد يهمني سؤال من يحكم القطاع الذي انشغلت به طويلاً، وصار السؤال: من لا يحكم القطاع؟ الجميع يحكمها عدا أهلها البسطاء الطيبيين!

حريات:

لم تفاجئني متابعة الناطقين من حركة حماس لكل ما يكتب وما يقال، ولكن فاجأني تواصلهم لايضاح بعض الأمور، وتفنيد بعضها الآخر. وأسجل أن أحدهم اعتذر لي علناً لأنه فهمني خطأ.. دون أن يتحفظ عن الاعتذار أو الاعتراف بالخطأ.. لو أن الناطقين في فصائل المنظمة ينتهجون ذات النهج لتفاءلت أكثر!
سألني صديق من الضفة حين قرأ انتقادي لحركة حماس أثناء وجودي في القطاع "يبدو انك عدت لرام الله؟"، قلت "حين اعود لرام الله سأنتقد السلطة وحكومة الوفاق.. في غزة، الانتقاد يوجه لمن يحكم!
في غزة يبدو ان غالبية الناس قد خلعت عنها ثوب الخوف، ورفعت صوتها بالنقد وأحياناً بالصراخ، شخصياً حضرت نقداً لاذعاً وجهه مسؤولون في المجتمع المدني لقيادي بارز، لا أدع أن الأمر أعجبه، ولكنه سجل الملاحظات ولم ينفعل في الرد رغم انه قرأ على وجوهنا- نريد أن نصدقك، ولكن ما يحدث على الأرض يقول لنا "لا تفعلوا"!
سؤال أقرأه في عيون كثيرة حين أقول "عدت للتو من غزة"، هل لبست حجاباً هناك؟ .. اجيبهم "الله يسامحك يا وزيرة السياحة"!
خاتمة:

كثيرة هي اللقطات التي سجلتها في غزة اليتيمة، كل انسان التقيته قصة، وكل زاوية فيها حكاية، وكل كلمة سمعتها هناك تصلح بداية رواية وفيلم واقعي.. الناس في غزة هم اصل الحكايات، وهم خاتمتها لأنهم بشر.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف