ـ بئر وجفنة وتنور وأشياء أخرى : ( قصة قصيرة )٠
ـ حلت ببيت أحد أبنائها بعد مرور الأربعين من وفاة زوجها المرحوم ولكنها ظلت تحس بغربة شديدة لم تعرفها من قبل ؛ لم يكن أمرا هينا عليها أن تترك البلدة التي احتضنت أيام صباها وطفولتها ويوم زفت إلى زوجها وهي في بداية شبابها كانت تحس أنها ملكة توجت على عرشها٠ كانت السيدة الآمرة الناهية وكانت الحظيرة والبئر والدواب والديكة والدجاج والأرانب تحسب لها ألف حساب وتستجيب لها في وداعة مقدرة لها مكانتها أيما تقدير٠ أما جفنة العجين فقد ازدادت هي الأخرى نعومة منذ لامستها أنامل يدها في أول أسبوع من زواجها ، وتشهد الساحة ويشهد التنور بأويقات الدعابة والمرح التي كانت تتجدد لدى قدوم النسوة في كل صبيحة إلى فناء جارتهن الجديدة ٠ يطول السمر وتمتد ساعات الأنس إلى أوقات متقدمة من النهار ، ينصب المغزل ويرتفع قرص الشمس في العلياء لامعا وتنطلق عصافير رقيقة في تغريد منقطع النظير ويسود دفء جميل يلهب الحماس فإذا الأشغال اليدوية تفصح عن تحف ثمينة من الأثاث والأغطية ذات ألوان مزركشة وبديعة ٠ أجل ؛ إشتاقت السيدة الكريمة إلى كل هذه الذكريات الغالية الطافحة بالحياة وغمرها شوق وحنين إلى العودة إلى بيتها الجميل بالأرياف وقررت أن تبادر ابنها الأكبر برغبتها الدفينة هاته متى بزغ الصبح وأن تلح عليه لكي لا يخيب رجاءها٠ وأقبل النهار وضاء جميلا مثل أيام قديمة خلت إلا أن السيدة الكبيرة لم تقم من مرقدها هذه المرة ..وقبل الغروب كان جثمانها الطاهر يوارى التراب بمقبرة كانت تطل على بيتها الحزين هناك ببلدتها الهادئة في الأرياف !!! ـ إنتهى ـ
ـ مع تحيات ؛ عصفور من الغرب : محسن حكيم٠
ـ حلت ببيت أحد أبنائها بعد مرور الأربعين من وفاة زوجها المرحوم ولكنها ظلت تحس بغربة شديدة لم تعرفها من قبل ؛ لم يكن أمرا هينا عليها أن تترك البلدة التي احتضنت أيام صباها وطفولتها ويوم زفت إلى زوجها وهي في بداية شبابها كانت تحس أنها ملكة توجت على عرشها٠ كانت السيدة الآمرة الناهية وكانت الحظيرة والبئر والدواب والديكة والدجاج والأرانب تحسب لها ألف حساب وتستجيب لها في وداعة مقدرة لها مكانتها أيما تقدير٠ أما جفنة العجين فقد ازدادت هي الأخرى نعومة منذ لامستها أنامل يدها في أول أسبوع من زواجها ، وتشهد الساحة ويشهد التنور بأويقات الدعابة والمرح التي كانت تتجدد لدى قدوم النسوة في كل صبيحة إلى فناء جارتهن الجديدة ٠ يطول السمر وتمتد ساعات الأنس إلى أوقات متقدمة من النهار ، ينصب المغزل ويرتفع قرص الشمس في العلياء لامعا وتنطلق عصافير رقيقة في تغريد منقطع النظير ويسود دفء جميل يلهب الحماس فإذا الأشغال اليدوية تفصح عن تحف ثمينة من الأثاث والأغطية ذات ألوان مزركشة وبديعة ٠ أجل ؛ إشتاقت السيدة الكريمة إلى كل هذه الذكريات الغالية الطافحة بالحياة وغمرها شوق وحنين إلى العودة إلى بيتها الجميل بالأرياف وقررت أن تبادر ابنها الأكبر برغبتها الدفينة هاته متى بزغ الصبح وأن تلح عليه لكي لا يخيب رجاءها٠ وأقبل النهار وضاء جميلا مثل أيام قديمة خلت إلا أن السيدة الكبيرة لم تقم من مرقدها هذه المرة ..وقبل الغروب كان جثمانها الطاهر يوارى التراب بمقبرة كانت تطل على بيتها الحزين هناك ببلدتها الهادئة في الأرياف !!! ـ إنتهى ـ
ـ مع تحيات ؛ عصفور من الغرب : محسن حكيم٠