الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سيب وأنا أسيب بقلم:آصف قزموز

تاريخ النشر : 2015-01-26
سيب وأنا أسيب بقلم:آصف قزموز
سيب وأنا أسيبْ

آصف قزموز

24 كانون الثاني 2015

لا تزال طبول وفزاعات التهديد والوعيد، تقرع وتطلق في وجه الفلسطينيين من كل حدبٍ وصوبٍ إسرائيلي ودولي كذلك، مستترٍ ومفضوح، ومن وراء الجُدُرِ فوق السطوح. ولم يترك أركان نتنياهو ومؤيدوه عبارات ساخرة أو مقذعة إلا واستخدموها للنيل من السياسة الفلسطينية التي تقدمت لعضوية المحكمة الجنائية الدولية، وهي الهيئة الدولية الأقدر على الوقوف على مسافة واحدة منا ومن خصومنا للفصل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني في غير مرة، لكن ومع هذا الصلف وتلك العنجهية التي اعتدناها من نتنياهو، وجدنا أن نتنياهو لم يجد بداً من الاستنجاد بواشنطن للتدخل من أجل وقف بدء تحقيق محكمة لاهاي الدولية لا سيما في الجرائم التي ارتكبت في قطاع غزة إبان العدوان الإسرائيلي الأخير، واصفاً قرار المحكمة بالسخيف. لكن كل هذا لن يغطي أو يحجب الضوء عن المأزق والعزلة غير المسبوقة التي تعيشها حكومة تل أبيب هذه الأيام، ولعل ما أظهرته العديد من الدول الغربية الصديقة من مواقف داعمة ومؤيدة للحق الفلسطيني في مواجه سياسات الغطرسة الإسرائيلية، ما يثبت ويؤشر لعجز هذه السياسات، وأن تلك الدول بما فيها واشنطن باتت تضيق ذرعاً بهذا السلوك العدواني والتعدي الأرعن على حقوق الفلسطينيين.
صحيح أن التحاقنا بالمحكمة الدولية كان حقاً مشروعاً ومكفولاً، وكانت الخطوة الأولى التي سبقتها ما بعد الحصول على عضوية فلسطين كدولة غير عضو، وهي التقدم لمجلس الأمن للحصول على قرار بوضع نهاية للاحتلال وما رافق تلك الخطوة من شد وجذب وترهيب ووعيد، إلا أنه وبفضل الحكمة الفلسطينية التي لم تحشر الخصم في الزاوية، تشكل اليوم التوطئة والأرضية الصلبة التي ستحملنا بسلام لبلوغ الهدف من رفع الشكوى على حكومة الاحتلال وما اقترفته من جرائم حرب بحق شعبنا، لافتاً الى حقيقة هامة لابد لنا من التشبث بساريتها على الدوام كي نحقق إنجازات فعلية لا معارك وهمية وهوبرات في سياق المزايدات الوطنية الضيقة على حساب الإنجاز الحقيقي، وهي أن خطواتنا التي نخطوها في مسار الاستقلال وإنهاء الاحتلال، ليس بالضرورة أن نجعل منها هدفاً بحد ذاته وإنما الوسيلة التي تقربنا أو توصلنا للهدف، وذلك بحكم طبيعة التعقيدات والتشابكات التي تعتري مجمل عملية الصراع التاريخي مع هذا الاحتلال والتي لا بد أن تؤخذ بالحسبان لدى رسم سقف وحدود الإنجاز المرجو من كل خطوة. ودعوني أجرؤ على القول بأننا مثلاً نتمسك بحق عودة اللاجئين لديارهم وهذا موقف وطني صحيح، لكن معطيات وتعقيدات الواقع على الأرض لا تشير لإمكانية حقيقية لعودة شاملة في إطار أي حل سياسي، وإنما يظل التمسك به كحق مشروع مسألة في غاية الوطنية لكي يتم استخدامه وتوظيفه في إطار الحلول الممكنة والمتاحة والمتوازنة مصالحياً مع كافة الأطراف وبالأشكال المناسبة التي لا تهضم الحق التاريخي، ويتم التوافق والتراضي عليها. وهذا ما يقودني للقول بأن التقدم بالشكاوى للمحكمة الجنائية من جانبنا والذي سيقابله شكاوى مقابلة من الطرف الآخر، ربما تشكل عوامل ضغط توصلنا لحلول دولية، تسرع في إنهاء الاحتلال عبر تبادلية أشكال الحلول المتاحة، بمنتهى الوضوح والصراحة، ما يجعل احتمالات بلوغ الشكاوى المتبادلة في محكمة الجنايات في ظل تركيبة المعادلة الدولية وتداخلات وتعقيدات التشابك التاريخي مع الاحتلال في ظل وقائع مفروضة على الأرض، يصل بالتوازي مع استمرار التفاوض السياسي والقانوني الحقوقي الى حل بتراضي الطرفين على أساس المنطق القائل «سيبْ وانا اسيبْ»، وهو ما كنا نشهده حين يشتبك اثنان يمسكان بخناق بعض فيبادر أحدهما من أجل الخروج من المأزق بمخاطبة خصمه قائلاً:»سيبْ وانا بَسيبْ» أو باللغة العامية «فَلِّتْ بَفَلِّتْ. بذلك يكون التوجه لمحكمة الجنايات قد استثمر بالاتجاه المنجز والصحيح وحقق لنا ما لم نتمكن من تحقيقه بمعارك وتكتيكات أخرى ظلت فاشلة على الدوام وكلفتنا الكثير الكثير.
نعم يا سادتي، ثمة فارق كبير بين الممكن والمتاح والسقف الأقصى للطموح المشروع، لكن الحكمة تكمن في القدرة على توظيف المعطيات على أرض الواقع، بحيث لا نضيع فرصة الحصول على الممكن في اللحظة التاريخية المتاحة، بسبب الإصرار على التشبث بأقاصي الحلم والطموح العالي بعلو حقنا التاريخي الذي لا ينسى.
حقيقة أخرى لا بد لنا من أخذها بالحسبان وهي عدم الأخذ بظواهر المواقف وفزاعات السياسة المعلنة،لأنها غالباً ما تكون موجهة للداخل الإسرائيلي، وتقع في إطار المزايدات السياسية والدعايات الانتخابية، لذا شهدنا كيف أنهم جعلوا من تهديداتهم بحجز أموال المقاصة بياناً انتخابياً، الأمر الذي مكننا من استخدامها من جانبنا بياناً سياسياً، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن الليكود تاريخياً ظل هو الأقوى والأشد تطرفاً وبالتالي الأقدر على حسم واتخاذ المواقف الفاصلة في الحرب والسلم، على عكس اليسار الذي لم يبارح بوجه عام الدوران في الفلك المحيط بسياسات الليكود، إلى درجة التقليد والتقمص السياسي، فالليكود لا يعبأ كثيراً برضى أو غضب اليسار عندما يقرر دخول أية حرب أو مساومة، في حين غالباً ما لا يجرؤ اليسار على اتخاذ موقف حاسم دون أن يحسب حساباً لموقف الليكود لا بل والاستظلال بقوة الليكود قبل المسير، فيتطرف في أحيانٍ كثيرة لا سيما في المنعطفات الانتخابية والسياسية، وفي هذه الحقيقة ما يتوجب أن يعني الكثير بالنسبة لنا عند تحديد المواقف والخطوات أو الدخول في صفقات أو مساومات سياسية تحت سقف الحقوق التاريخية لشعبنا.
لقد علمتنا التجربة المريرة مع قرارات الأمم المتحدة، أن غياب اتفاق فلسطيني أميركي إسرائيلي مسبق أو لاحق لها، سيجعل من أي قرار لمجلس الأمن مفرغاً وغير نافذ، مثل قرار 242 و 338  وغيرهما من القرارات التي لم تنفذ حتى الآن، فما قيمة أي قرار إذا لم تتوفر قوة الاتفاق والتراضي، التي هي الضمانة وقوة الحسم في تنفيذه اللاحق، وليس مجرد حبر على ورق نرى فيه نصراً، وهو ذات حالنا الذي قد يتكرر في قضية محكمة الجنايات والتي قد تنتهي على طريقة «سيب وانا اسيبْ».
تبقى مهمة وطنية عاجلة تقع على عاتق كل الوطنيين، تشكل ضرورة عاجلة، لتمكين قيادتنا وتقوية موقفها في أية مواجهة أو معادلة أو صفقة أو مساومة وطنية ممكنة، ألا وهي العمل فوراً كل من موقعه على وضع حد للصراعات أو المنافسات التنظيمية الداخلية، بالتي هي أحسن، لا سيما داخل حركة فتح تحديداً، لما لذلك من أهمية في تصليب الذات الحركية والوطنية، فالتنظيم تنظيمكم لكن القضية التي تحملونها قضية كل الشعب وليس ملكاً لتنظيم بعينه. إذ ليس من المعقول أن تخوضوا خلافاتكم بشكل تناحري ضد الرئيس وكأنكم من حيث لا تدرون تصطفون مع الخصم السائر ضدنا بنفس الاتجاه، فـ «حماس» تهاجم موقف أبو مازن، ونتنياهو وواشنطن يهاجمونه ويتوعدونه كذلك، وبعض «فتح» من متجنحين أو شاطحين أو حريديم أيضاً في قلب هذا الهجوم، فهمونا هالأُحجية دخيلكم!!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف