الأخبار
علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداًبن غافير يهاجم بايدن ويتهمه بـ"الاصطفاف مع أعداء إسرائيل"الصحة: خمسة شهداء بمدن الضفة الغربيةخالد مشعل: ندير معركة شرسة في الميدان وفي المفاوضاتمفوض عام (أونروا): أموالنا تكفي لشهرين فقطأبو ردينة: الدعم العسكري والسياسي الأمريكي لإسرائيل لا يقودان لوقف الحرب على غزة
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

اطلالة على مسرحية الروائي احمد رفيق عوض "المستوطنة السعيدة "

تاريخ النشر : 2015-01-26
اطلالة على مسرحية الروائي احمد رفيق عوض "المستوطنة السعيدة "
اطلالة على مسرحية الروائي احمد رفيق عوض "المستوطنة السعيدة "

مسرحية "المستوطنة السعيدة" للروائي الفلسطيني المعروف د.احمد رفيق عوض صدرت في القدس العام الماضي عن دار الجندي للنشر، تروي قصة لجنة تقصي حقائق دولية جائت للضفة الغربية للتحقيق في مذبحة دموية ارتكبها مستوطنو "مستوطنة كفار صقر" ضد اهالي قرية "كفر صقر" (قرية متخيله ) قرب رام الله.

ان الكاتب عوض مؤلف متفرد يلتقط اللحظة ضمن حيزها ويجسدها زمانا لتتماهى مع براعة ويراعة "جغراتاريخية" الالم/ صريح وواضح يجس النبضات التي تتفاعل في نفسه ويدونها بلغة العارف المتمكن ويسكبها طازجة على الورق ليرسم لوحة المعاناة التي نعيشها.

قرأته عبر رواياته النادره، بلاد البحر الدرة التي وجدت فيها انها طرفا مملؤ ظرفا، كما رايت في مسرحيته الملك تشرتشل المرأة التي تعكس مشاعر واحاسيس الشعب الفلسطيني زمن الانتداب والاحتلال البريطاني وكأن الكاتب عوض رسام بارع يتلمس بريشته مشاهد حية تبين الواقع الفعلي لمعاناة الناس ضمن اسلوب متميز ولغة نافذة ومعبرة ولا انسى ايضا رائعتة رواية القرمطي.

والمفاجاة الجديدة للكاتب عوض هي مسرحية المستوطنة السعيدة نقيضة القرية الحزينة , ففي هذه المسرحية الرائعة التي تجاوز بها الكثير من كتاب المسرح العربي التقليديين ترى مشهدا معاشا للشعب الفلسطيني حيث يدخلك في خضمه ضمن هذه الثنائية النادرة في تاريخ المسرح المعاش "والتي يعتبرها عوض مسمارجحا" وكتبها بطريقة ذكية جدا فذة مرنة للتتناسب واذواق مختلف القراء بهدف ايصال الفكرة والرسالة التي ارادها وانت تقرأه بانسياب وسلاسة يحملك ياخذ بيدك ويضعك داخل المسرح او كانك تشاهد فلما بالابيض والاسود يضحكك ويبكيك ترغب بالصراخ احيانا , ويرصد الكاتب في هذة الثنائية شرقه الحزين والغرب السعيد او كما وصفها ارنولد ريكهارد الشرق الانثوي "مهبط الديانات بتعددها والروحانيات بتجاذباتها، والغرب المذكر السادي بشراهته واستغلاله وممارساته بمقاييسه ومعايره المزدوجه " .

هذا هو تحليل عوض لنفسيات شخوص المسرحية، اربعة هي رموزها : اللجنة، الشرق والغرب، واللاشرق واللاغرب ممثلا بشخصية السيد ليفي المخادع المراوغ والذي يقف خلفة حاملة طائرات من المجلات والصحف واسباب القوة والمنعة وهذا سر سيطرتة على اعضاء اللجنة ويحاسبهم حتى على اية همسة ويحذر الجميع الوقوع في الفاظ المصطلحات التي لا ترضي مزاجه ومزاج من يقف خلفة اي المجتمع الدولي المنحاز لسياسات اسرائل الاستيطانية التوسعية .

وهكذا اراد الكاتب في هذا التحليل ان ينقل للقارئ واقع الاحتلال وموقف المجتمع الدولي وردة فعل الفلسطيني غير الرسمية عبر شخصية ابو سليمان رئيس المجلس البلدي لقرية كفر صقر .

ولم ينسى شخصية محمود ممثل السلطة الوطنية الفلسطينة ممثلا للامتعاظ الفلسطيني الرسمي بثوبه الدائم الذي يقول "لا حول لي ولا قوة " لا مع لجنة التحقيق ولا مع شابيرا ممثل اسرائيل , والاسوء من ذلك النفسية الغريبة والتي يكمن فيها سر المسرحية هي شخصية خديجة التي تمثل واقع الشرق من جهة في تناقضاتها وانصياعها لرغبات ريكهارت الشاذة وعجزها وترددها المستمر للحالة العبثية التي تعيشها وكانها الشرق مجسدا كما صورها عوض ويكهارت غربه .

ينسج الكاتب باقتدار مسرحيتة من حالة الاشتباك والارباك للظروف السياسية والاجتماعية والواقع المعاش للفسطينين في قرية كفر صقر حيث لا تخفى علية قضية القضايا وهي الانقسام الايدلوجي والسياسي في الجانب الفلسطيني حيث الضفة محتلة وتواجة الاستيطان بايدي عارية وغزة محاصرة واللعبة صهيونية – غربية بامتياز "فرق تسد" التي ما زال الشرق لا يدركها.

حبك الكاتب عوض هذه المسرحية بطريقة راقية تمثل الواقع دون اي تعقيد لغوي مستخدما الايحاءات الناطقة والمعاشة على ارض الواقع العملي للفلسطينيين موظفا عبارات واضحة وجلية حول الخبث والمكر الاسرائيلي والطرق الملتوية التي يمارسها بمساندة القوى الدولية وحمايتها لتمرير مخطط تهويد الارض وحتى الاسماء والذوات وان تطلب الامر بالعنف وارهاب الدولة المنظمن يذب عوض في مسرحيتة عن قدسية الارض والعرض ومهما ضاقت به السبل لا يتذمر ولا يشتكي وهو بدون شك صاحب فكر وقاد وطلاع واسع يتبع طريق الحكمة وباسلوب رشيد وحنكة سياسية وعقلانية تظهر قريحته الناقدة في ارض الحساسية البالغة الجريحة والجارحة , ورغم لجوئه الى التلميح احيانا لا التصريح تراه في لحظة تصل الي ذروة الياس يخرج من الشرنقة تلك الفراشة الرقيقة التي تنطلق في فضاء رحب نحو المستقبل المكلل بالعمل والامل، لكن لا ادري لماذا لم يات على دور المرأة , هل وقع ذلك سهوا ام اسقطة لاسباب تقنية ليس الا.

يسرد عوض تاريخ الثورة الفلسطينية ضمن لقطات ذات بعد زمني وتاريخي من خلال شخوصة , فشخصية ابو الوليد جيل الرواد الاوائل للثورة وشخصية محمود وابو سليمان جيل السلطة والادارة والتي قد يمر عليها القارئ سريعا هي حتمية تاريخية وفي نظري ارى فيها احد حبكات المسرحية المهمة، بينما ارى في كلمات الطفل محمد ابن الدكتور عزيز الذي اختار الذهاب وحيدا مع مجموعة من الرفاق ومضى بعيدا دون الالتفات الى تلك المسيرة المعقمة مستقبل قضيتنا فهو البديل على ما اعتقد اذا لم يرى الحل السياسي والانساني طريقا لان الهدف كما قال كسر القيد للخروج من المأزق، ونرى من خلال هذا العمل استمرار لانتاج ادب المقاومة في الاراضي المحتلة حيث ان الوظيفة الاهم لاي كاتب هو الاشتباك المباشر مع المحتل وعوض في كل اعمالة خير مثال على هذا فهو يكشفه ويعريه ويرفضه ولا يتعايش معه ولا يقبله بل ينتقد ايضا المظاهرات المعقمة الممولة.

ان هذه المسرحية بأفقها الفلسطيني ومحيطها العربي تذكرني بتوفيق الحكيم في عودة الروح حيث يبرز الغضب الساطع حيث المسرحية تمثل في طياتها الضرب بالغيب لمستقبل ممتد من حاضرنا ليرى مستقبلنا، وارى في احمد رفيق عوض ضمن كتاباته صعودا وانتقالا مستمرا في الفضاء الفلسطيني والعربي والاممي لان هذه المسرحية على نحو ما تبشر بشروق فجرات وتسامي لا حدود له ضمن قدسية المكان والزمان والكلمة.

المستوطنة السعيدة ثالث عمل مسرحي للروائي عوض بعد مسرحيتي الملك تشرتشل (مترجمة للغة الايطالية عام 2013) ومسرحية الامريكي الصادرة عام 2010 بطبعتها الثالثة , الى جانب سلسلة طويلة من الروايات اشهرها رواية القرمطي الفائزة بافضل رواية عربية عام 2003 , ورواية العذراء والقرية عام 2010 طبعة ثالثة و ورواية بلاد البحر بطبعة ثالثة باللغة الايطالية.

 
  الكاتب : جواد ياسين

روما – ايطاليا 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف