الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

"السياسة" بين "المثالي" و"الواقعي"بقلم: جواد البشيتي

تاريخ النشر : 2015-01-24
"السياسة" بين "المثالي" و"الواقعي"بقلم: جواد البشيتي
"السياسة" بين "المثالي" و"الواقعي"
جواد البشيتي
عالَم السياسة (الواقعي الحقيقي) هو، في بعضٍ من معناه، العالَم الذي فيه يتجلَّى النزاع بين "المبادئ" و"المصالح"، أي بين أن يعمل المنتمي إلى هذا العالَم بما يوافِق المبادئ التي يؤمِن بها وبين أن يعمل بما يَخْدُم مصلحة له (مادية أو اقتصادية في المقام الأوَّل) تتعارَض، كلِّياً أو جزئياً، مع التزامه المبدئي؛ أمَّا عالَم المال والأعمال والتجارة، فهو العالَم الذي تستبدَّ بالمنتمين إليه المصالح، وتُنْبَذ المبادئ (ولو كانت في منتهى السمو) إنْ لم تجرِ رياحها بما تشتهي سفينة المصالح، فإنَّ المصلحة (المادية) في هذا العالم تعلو ولا يُعْلى عليها.
وفي "العولمة"، وبها، أصبح عالَم السياسة يزداد شبهاً بعالَم المال والأعمال والتجارة حتى أنَّ تمييز أحدهما من الآخر غدا من الصعوبة بمكان؛ وهذا التشابه المتنامي هو ما جَعَلَنا نرى منسوب الفساد يرتفع، ويزداد ارتفاعاً، في عالَم السياسة، الذي كلَّما توغَّلْنا في ماضيه رَأيْنا نفوذ المبادئ فيه أقوى وأوضح.
الرؤية الموضوعية، أي رؤية الأمور والأشياء على حقيقتها، وفي حجومها الحقيقية، في عالَم السياسة، ليست دائماً في متناوَل الأبصار والبصائر؛ ولا شكَّ في أنَّ أزمة الرؤية السياسية هي في المقام الأوَّل "أزمة تفسير وتعليل"، فنحن لا نختلف، وينبغي لنا ألا نختلف، في بديهية كبرى هي أنَّ الظواهِر والأحداث في عالَم السياسة مُمْكِنة التفسير والتعليل بمبدأ من مبدأين اثنين لا ثالث لهما: "المبدأ المثالي (الفكري)" و"المبدأ الواقعي".
ولو لم يكن "المبدأ المثالي" مُفسِّراً معلِّلاً للظواهر والأحداث السياسية لَمَا تجرَّأ أحد القائلين به على المغالاة في أهميته قائلاً "إنَّ الفكر يَحْكُم العالَم".
لكنَّنا نختلف، ولا بدَّ لنا من أن نختلف، في أمْرٍ أكثر أهمية، هو الإجابة عن السؤال الآتي: "إذا كان كلا المبدأين يصلح تفسيراً لعالَم السياسة، فأيُّ المبدأين يُفسِّر الآخر؟".
إنَّني من القائلين بـ "المبدأ الواقعي" مُفَسِّراً، أو تفسيراً، لـ "المبدأ المثالي"، بأوجهه وصوره المختلفة، ففي نهاية السلسلة من "الأسباب المثالية"، يَظْهَر لنا آخرها، ولا بدَّ له من أن يَظْهَر، على أنَّه "النتيجة المثالية" التي تَتَّصِل مباشَرةً بـ "سببها الواقعي"، فالفكر يَحْكُم العالَم؛ لكن ليس حُكْماً أُوتوقراطياً، وإنَّما حُكْم مقيَّد بـ "دستور"، هو كناية عن الواقع وقوانينه.
وإيَّاكم أن تظنُّوا أنَّ هذا الذي قُلْت هو أمْر نظري (أو فلسفي) لا صلة له بالواقع (أو الحياة) فهو وثيق الصلة به، وإنْ بدا لنا الأمر غير ذلك في بعضٍ من القضايا.
لو سألْتَ أحد القائلين بـ "المبدأ المثالي"، تفسيراً وتعليلاً، عن سبب الحرب، لأجابكَ على البديهة قائلاً "إنَّ سببها يكمن في نزعة الشرِّ المتأصِّلة في نفوس البشر"؛ وينبغي لنا، إذا ما أردنا للسلام أن يعم ويسود، أن نُصِلح نفوس المولعين بالحروب، وأن نشرح لهم مثالب وشرور الحروب، وأنْ نبصِّرهم بعواقبها، وأنْ نغرس في عقولهم "ثقافة السلام"، وكأنْ ليس للحرب من أسباب واقعية، قد تَحْمِل حتى الكهنة و"الغانديين" على أن يصبحوا لها أمراء وقادة!
ولو سألْته عن سبب إخفاق جهود ومساعي السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، على كثرتها، لأجابكَ على البديهة قائلاً "إنَّ السبب يكمن في كَوْن الدولة العبرية غير محبَّة للسلام"، فلو حبَّبناها به، وجَعَلْنا له مكاناً في قلبها، كأنْ نتوفَّر على إقناعها بجدوى ومزايا وفوائد مبادرة السلام العربية، لتبدَّلت مشاعرها، ولجنحت للسلام. إنَّ إسرائيل لا تُحب السلام؛ لأنَّ العرب في واقعٍ يَحْملهم على استجداء السلام استجداءً، فلو أصبحوا أقوياء لاكتشفوا أنَّ إسرائيل تحب السلام!
ولو سألْته عن سبب انحياز الولايات المتحدة الأعمى إلى إسرائيل (ضد العرب والفلسطينيين) لأجابكَ على البديهة قائلاً "إنَّ السبب يكمن في تقاعس العرب عن شرح قضيتهم العادلة للولايات المتحدة"، فلو هُم أنفقوا مزيداً من الجهد والوقت، توصُّلاً إلى تعريف زعماء القوَّة العظمى في العالَم، وتثقيفهم، بقضيتنا، لأنارت هذه المعرفة دروبهم، ولَجَعَلتهم ينحازون إلى "الحقِّ"، وإلينا من ثمَّ.
ولو سألْتَه عن سبب ظاهرة "الإرهاب الإسلامي"، لأجابكَ على البديهة قائلاً "إنَّ السبب يكمن في النصوص والنفوس؛ في دين المسلمين، وآياتهم القرآنية، ومناهجهم الدراسية"؛ وينبغي، لـ "ضحاياه"، من ثمَّ، أنْ يخوضوا "حرب الأفكار"، التي دعا إليها رامسفيلد، وبشَّر بها، وأن يغيِّروا المناهج الدراسية في المدارس الإسلامية، توصُّلاً إلى تجفيف منابع هذا "الإرهاب" من النصوص والنفوس، وإلى تحبيب المسلمين بالولايات المتحدة، التي لم تفعل شيئاً لجعل المسلمين في واقعٍ يَحْمِلهم على معاملتها على أنَّها عدوٌّ لهم، والتي كان لها المسلمون أنفسهم حليفاً في حربها في أفغانستان ضدَّ الاتحاد السوفياتي والشيوعية والإلحاد.
ولو سألْتَه عن سبب غزو الولايات المتحدة للعراق، لأجابكَ على البديهة قائلاً "إنَّ السبب يكمن في أنَّ الصليب قد قرَّر، عبر ممثِّليه (إدارة الرئيس بوش) استئناف الحرب الصليبية ضدَّ الهلال"؛ فالنفط ليس بالسبب؛ لأنَّه دنيوي تافه، وهل يستوي الدنيوي والديني؟!
في عالَم السياسة، نرى دائماً من له مصلحة حقيقية في نشر وبثِّ الأوهام، وفي (من ثمَّ) إخضاع الأبصار والبصائر لهيمنة "المبدأ المثالي" في تفسير وتعليل الظواهر والأحداث السياسية، فهذا المبدأ، على ما أثبتت التجربة السياسية، لا يَصْلُح إلاَّ للنساء والعبيد، أي لكل من فُرِض عليه العيش في واقعٍ يُضيِّق الأُفْق.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف