الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فكر الفقر خريطة التنمية في مصر بقلم:د.عادل عامر

تاريخ النشر : 2015-01-24
فكر الفقر خريطة التنمية في مصر بقلم:د.عادل عامر
فكر الفقر خريطة التنمية في مصر
الدكتور عادل عامر
ينطلق هذا المفهوم من التفاوت النسبي في الثروة، وخاصة تستغل في إشباع الحاجات الأساسية، ذلك أن نقص الثروة يؤدي إلى عدم تحقيق الإشباع ومن ثم ينعكس على الفرد في مظاهر عديدة: سوء التغذية، نقص الغذاء، عدم إشباع الحاجات الفزيولوجية، الحاجة إلى النقل والسكن والتعليم والصحة...الخ. احتياج مصرُ لمعالجة سوء التوزيع، ليس فقط مِن أجْل تحقيق العدالة الاجتماعية الغائبة، ولكن أيضًا بهدَف القضاء على الفقْر، الذي بدوره يؤدِّي لدوران عجلة التنمية؛ لأنَّه ثبت علميًّا أن زيادة دخول الطبقة الفقيرة والوُسطى يؤدِّي لتنشيط الطلب، والذي يؤدي بدوره إلى زيادة الإنتاج، ومِن ثَم زيادة فُرَص العمل، وبالتالي تنشيط مزيد مِن الطلب وهلم جرًّا؛ لأن هاتين الطبقتين لديهما قدرٌ كبير مِن الحاجات التي لم يتمَّ إشباعها بعدُ، وبالتالي فزيادة دخلهما يؤدي إلى زيادة استهلاكهما، بعكس الطبقات العُليا التي كان النِّظام السابق يحابيها، فكلُّ حاجاتها قد تم إشباعها، فمهما زادتْ دخولها فإنَّ استهلاكها ليس قابلاً للزيادة، بل تذهب الزيادة للاكتناز في بنوك أوروبا وأمريكا، ومِن ثَم فهي تضعِف الاقتصاد المصري، وتدعم الاقتصاد الأوروبي والأمريكي، ولا شكَّ أنَّ أهم الخُطوات اللازمة في هذا المجال هي سرعةُ تحديد حدٍّ أدنى وأقصى للأجور بشكل عادِل ودون أدنى محاباة.
 لقد وفرت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 فرصة غير مسبوقة لإحداث تنمية حقيقية تقوم علي أساس بنية سياسية سليمة، ومن ثم فلقد كانت عملية إعادة البناء السياسي والمؤسسي للدولة بمثابة فترة تمهيدية يتم فيها التحضير للخطة الخميسية السابعة 2012/2013 – 2017/2018 في بداية مرحلة جديدة يعلو فيها هدف التنمية علي ماعداه من شعارات العمل الوطني، إلا أن امتداد فترة التحول الديمقراطي بعد الثورة عما كان مقدّراً لها، فضلاً عن الاضطرابات السياسية والأمنية ولاسيما في أواخر عام 2011 قد خلقت ظروفاً مُغايرة يتحتم معها إعادة النظر في العمل التخطيطي بما يحقق المرونة المطلوبة لمواجهة الظروف السياسية الطارئة والمستجدّات التي قد تطرأ بعدها دون الإخلال بالأهداف بعيدة المدى.
لقد مارست مصر تجارب تنموية مُمتدة منذ أوائل الستينيات توصلت بعدها الدولة إلي أهمية تفعيل آليات السوق والأخذ بنظام الاقتصاد الحرّ الذي يلعب فيه القطاع الخاص دوراً رائداً، إلا أن التجربة علي أرض الواقع خلال السنوات الماضية - ورغم تحقيق معدلات نمو جيدة - قد أسفرت عن عِدّة دروس مستفادة من أهمّها أن تحقيق النمو وحده ولو بمعدلات مرتفعة لا يؤدي بالضرورة إلي التنمية  المنشودة أو التنمية المستدامة. ومن ناحية أخرى، فإن الاقتصاد الحر لا يعني التخلي عن الدور الاجتماعي للدولة من خلال سياسات فعالة تضع نصب أعينها قضية العدالة في توزيع الدخل وتكافؤ الفرص.
لقد كان للضغوط الاجتماعية التي نجمت عن التركيز علي سياسات شحذ النمو فقط أثرها الواضح علي ارتفاع معدلات الفقر، الأمر الذي ساهم في تأجيج الإحساس بغياب العدالة الاجتماعية وإشعال الثورة. وأضحي جلياً ضرورة بناء الخطط القادمة علي أسس جديدة لتحقيق الهدف المزدوج من تحقيق معدلات نمو اقتصادي متنامي مع تحقيق العدالة الاجتماعية، ذلك فضلاً عن الاستفادة من تجارب تنموية متاحة في ظروف مشابهة في العديد من دول العالم. ولا غِنى في هذا المجال عن تتبُّع الفساد ومَن أُثروا بالفساد، وإعادة ما نهبوه لملكيَّة الدولة مرةً أخرى لتوظيفه في عملية التنمية بما في ذلك أصولُ الدولة والقطاع العام التي تَمَّ خصخصتُها بالفساد وبأسعار بخْسة، مع منْع تَكْرار أي عمليات فساد أخرى في المستقبل. وليس بعيدًا عن هذا أنه يتحتَّم الكفُّ عن تزويد المشروعات الخاصَّة بالطاقة والمواد المدعومة، بينما يقومُ أصحابها ببيع منتجاتهم السلعيَّة أو الخِدمية بأسعار السوق حسبَ العَرْض والطلب؛ لأنَّ في ذلك إهدارًا للأموال المخصَّصة للدعم.
إن الفقر كان محور اهتمام الشرائع ، والتي جاءت لتنظيم حياة الناس وقد ظهرت حركات أرادت إنقاذ الناس من الجوع كالحركة الفلسفية لأفلاطون والحركة المزدكية التي ظهرت في القرن الخامس الميلادي، وهناك من الكتب القديمة من تقبل الفقر وهو ما دعت إليه الصوفية الهندية والمانوية الفارسية والرهبانية المسيحية ، وتفسير هذا قد يكون للتخفيف من حدة الفقر والمجاعة التي انتشرت في الهند والفرس أما موقف الجبريين من الفقر فيرون أنه قضاء من السماء لا ينفع معه الطب أو الدواء، فجوع الفقير وتخمة الغني من الله، وإن شاء أن يرفع بعضهم فوق بعض درجات، وهو يبسط الرزق لمن يشاء من عباده بقدر ، ويسمى هؤلاء القدريون.
 نحن دائمًا متحاجون لعدم إنفاق أيِّ جُنيه إلا في موضعه المناسِب، وإلاَّ لم يكن لنا وصفٌ سِوى السفاهة والحماقة، هذا إذا كنَّا دولة غنيَّة، فما بالنا ونحن دولة فقيرة، ومَدِينة، ونِسبة الفقر زادتْ على 40 %؟! بل بلغت بها بعض التقديرات 70 %، وبلغ عدد مَن هم تحت خط الفقر 20 %.والمشكلةُ أنَّنا نلاحِظ إسرافًا بسفاهة مُنقطِعة النظير في ميزانية الدولة، فعلَى سبيل المثال: لدينا نحو 30 وزارة؛ أي: ضِعف عدد الوزارات الأمريكيَّة، رغم أنَّ عدد الأمريكيين 306 ملايين، ونحن 80 مليونًا، وكل وزير لديه عددٌ مِن السيارات الفخْمة، بينما زعيم المعارَضة بمجلس العموم البريطاني يذهَب إلى المجلس على درَّاجة عادية! وبلغتْ مُوازنة وزارة الثقافة 3.2 مليار جنيه، ووصلتْ نفقات قطاعات المتاحِف بالمجلس الأعلى للثقافة إلى 723 مليون جنيه، ومكتبة الإسكندرية 89 مليونًا، والبيت الفني للموسيقى ودار الأوبرا 61 مليون جنيه، هذا كله في حين لم يتعدَّ الإنفاق على البحْث العِلمي والتكنولوجيا 900 مليون جنيه!
وبلغ حجم مشتريات الحُكومة على سفريات وتدريب ومكاتب تمثيل 22 مليار جنيه. بالإضافة إلى 14 مليارًا على سيَّارات انتقال السادة المسئولين، وكذلك 14 مليارًا و28 مليون جنيه أنفقتها الحكومةُ على وقود وزيوت السيَّارات الحكوميَّة! أمَّا تكاليف الانتقالات العامَّة، فبلغت 9.1 مليار جنيه. وبلغت نفقات الحكومة (بند المشتريات من الخارج) مليارًا و534 مليون دولار في عام 2009 - 2010. وتُنفق الدولة على رواتبِ مستشاري الوزراء 2 مليار جنيه سنويًّا، ووجهت لجنة القوى العاملة بمجلس الشَّعب نهاية عام 1999 اتهامًا صريحًا للحكومة بإهدار ملياري جنيه على وظائف ديكورية. وفي وزارة المالية وفي ظلِّ وجود عجز سنوي في ميزانية الدولة كنَّا نجد رواتبَ فلكيَّةً يتقاضاها مستشارو الوزير ومكتب السكرتارية الخاصَّة به، حيث تقاضى مساعد أول وزير المالية ربع مليون جنيه شهريًّا، ومستشار الوزير لشؤون الضرائب تَقاضى شهريًّا 100 ألف جنيه. وهذه كلها مجرد أمثلة على الإسراف السفيه في بنود الميزانية العامَّة المصريَّة، وعلى كلِّ حال فالمطلوب التقشُّف في المجالات المظهريَّة والمجالات التي ليس لها عائدٌ فِعلي وحقيقي على اقتصاد البلاد، مع منْع الفساد الذي عادةً ما استهلك الاقتصاد المصري واستنزفه، مع زيادة الإنفاق في مجالات الاستثمار بشقَّيه الاقتصادي والبشَري (المشروعات الجديدة المنتِجة كثيفة العِمالة - البحْث العِلمي - التعليم - الصحَّة - مكافحة الفقر).
أما عن الوظائف الاقتصادية للفقر وإفادة الأثرياء فهو يوفر العمل الرخيص وتوجيه الاستثمارات للعالم الثالث للعمل الرخيص والشروط المتدنية.. كما أن هناك وظائف صحية للفقراء تفيد الأثرياء نشرت منظمة الصحة العالمية تقريراً أشارت فيه إلى إنه تم بيع 60 ألف كلية و 10 ألاف كبد و10 ألاف قلب من إحدى القرى الفقيرة بدولة آسيوية وجاء البيع تحت ستار السياحة وتم بيع الكلية بـ2500 دولار يحصل البائع على نصفها فقط والنصف الآخر للسمسار. يزاحم الفقر محاولات مصر نحو إحداث انتقال ديمقراطي حقيقي، بعد ثورة يناير التي أتاح فضاؤها الواسع لأغلبية المصريين الانتقال من انتظار الموت المراوغ إلى أفاق الأمل الفسيح في المستقبل.
سعى عهد جمال عبد الناصر إلى تطبيق مقولة أرسطو عن الطبقة المتوسطة الضرورية لنجاح الديمقراطية، تلك التي يكون أفرادها ليسوا من الفقر بحيث تتكسر أجنحتهم، ولا من الغنى بحيث ينشبون أظفارهم. بينما مثلت الفترة من بداية عهد السادات وحتى مبارك انقلابا حادا إزاء سياسة سلفهم، باتجاه القضاء على تلك الطبقة، بحيث أصبح 20 في المئة من الشعب المصري يملكون 80 في المئة من ثروات البلاد. وامتدت السياسات الاقتصادية والاجتماعية لتكرس هذا الواقع وتحافظ عليه، باعتباره إحدى ركائز الاستبداد.
يبلغ عدد سكان مصر أقل قليلاً من 90 مليون نسمة، يعيشون على 7.7 في المئة من مساحة البلاد، وبنسبة فقر بلغت وفق التقديرات الحكومية 41 في المئة من السكان، بينما تصل بها تقديرات الباحثين إلى 55 في المئة. ومن المتوقع أن تزيد تلك النسب (أياً كانت!) مع استمرار النظام السياسي الجديد في الطريق الذي اتبعه السادات ثم مبارك اللذان وضعا الاقتصاد المصري تحت وصاية المؤسسات الدولية، كصندوق النقد الدولي، وأغرقاها بالديون. تكشف بعض الأرقام حقائق دالة في محافظات عشر حيث يقع الناس بين سندان الفقر ومطرقة التطرف.
 فعندما نتأمل نسبة من صوتوا بنعم في الاستفتاء الأخير على دستور مصر، نجد أنهم قد تركزوا في ثلاث محافظات هي الأكثر فقرا: أسيوط (ونسبة الفقر فيها 69 في المائة من سكانها)، ومحافظة سوهاج (حيث تلك النسبة تصل الى 59 في المائة)، ومحافظة المنيا (50 في المائة). يضاف إلى ذلك أن هذه المحافظات الثلاث تضم 794 قرية، يشكل الفقراء فيها نسبة 82 في المائة من إجمالي عدد الفقراء بالألف قرية هي الأكثر فقرا في مصر.
الأكثر فقرا هم الأعلى تصويتاً بنعم. وأما ما دفع الناس للتصويت بنعم، فهو انتشار الحركات الإسلامية الأكثر تشدداً في تلك البقاع. وعلى سبيل المثال، ففي مناطق تركز أعضاء الجماعة الإسلامية وجناحها السياسي، حزب البناء والتنمية، حاز الحزب على 13 مقعداً في برلمان 2012 حيث 85 في المائة من تلك المقاعد مخصصة لمحافظات الصعيد الثلاث.
بين الفقر والمرض، تنشط جماعات الإسلام السياسي في تلك المحافظات التي تعاني كذلك من الأمية. ويكتمل المربع على خط الشحن الطائفي المتواصل، وخصوصا في محافظة كأسيوط تحتضن 425 كنيسة، تشعل كل محاولة لترميم حائط أو دورة مياه في كنيسة فتنة جديدة، تضاف الى أكثر من 300 فتنة حدثت على مدى العقود الأربعة السابقة، منها 20 فتنة كبرى بين أبناء الوطن الواحد، هي حصاد مناخ ثقافي بائس، تسيطر عليه مجموعات مغلقة الفكر تنتهج خطابا طائفيا تتحول المعارك السياسية في ظله، سواء كانت انتخابات برلمانية أو استفتاء على الدستور، إلى معركة بين «الحق» و«الباطل»، بين «فسطاط الإيمان» و«فسطاط الكفر». وتنشط تلك التيارات من خلال الفضاء الاجتماعي والخيري، بينما تعزف سائر الأحزاب والقوى الديمقراطية، الناشطة في العاصمة وبعض المناطق الحضرية، عن العمل في تلك المناطق! محاولات سلوك الطريق الديمقراطي مرهونة إذاً بتوفر خطط تنمية متوازنة تغطي كل أقاليم مصر، مع إعطاء اهتمام أكبر بالمحافظات الأكثر حرمانا. فواقع الحديث عن الحقوق السياسية يحمل مقداراً من الترف المخجل في مواجهة رؤوس أحناها الفقر والقهر.
أما عن الوظيفة الاجتماعية للفقراء وإفادة الأثرياء .. فالنخبة الثرية تحصل على شهادات نتيجة دراستها على الشرائح الفقيرة، وتستفيد جمعيات ومنظمات المجتمع الدولي من دعم وقروض بحجة تمويل تلك الدراسات على الفقراء!!.. كما أن هناك جانب اجتماعي آخر يتعلق بالوجاهة الاجتماعية والرموز والمكانة للأثرياء من خلال استخدامهم للفقراء للعمل سائقين أو حراس (بودي جارد) أو منافقين يصلوا بهم إلى عضوية مجلس الشعب وغيره سواء نتيجة عزوف الفقراء عن المشاركة في الانتخابات أو استغلال الأثرياء لبعضهم وتأجيرهم وهو ما يسمى بالوظيفة السياسية!! ويصل الاستغلال إلى الوظيفة الدينية(!!) فنجد بعض الإعلام المأجور يعيش على الخطاب الذي يطالب الفقراء بالقناعة والصبر وأن الثروة موطن المشكلات! إذا كان الفقر منتشرا في الريف وأوساط الفلاحين الصغار، فإنه يزداد حدة وأشد تأثيرا في الأسر التي تنتمي لـ: البدو، الرعاة، المناطق المتدهورة، الأميين، المتسربين من المدارس. هذه الأصناف يعيش أهلها في حيازات صغيرة بدون خبرة زراعية ولا مهنية وهو ما يتطلب إعادة دمج وتأهيل الفئات المعنية عن طريق التنمية البشرية
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف