مجادلة جاهل
(قصة قصيرة)
بقلم د./ يحيى محمود التلولي
كثيرا ما يقرأ الإنسان أقوال حكيمة لعلماء أو فلاسفة ... وغيرهم، ولكنه لا يشعر بقيمة هذه الكلمات إلا إذا مر بمواقف مشابهة،
وقول الإمام الشافعي –رحمه الله- "لو جادلني ألف عالم لغلبتهم ... ولو جادلني جاهل لغلبني" قرأته كثيرا، وحفظته جيدا، ولكني لم أعرف قيمته إلا عندما مررت بهذا الموقف.
القصـــــــــــــة
في يوم من الأيام جلست في المسجد بعد صلاة
العصر؛ لأتلو ما تيسر من آيات الذكر الحكيم، فجاءني رجل يحمل في يده بعض الأوراق لا أعرفه إلا بالشكل، فقال: السلام عليكم، ومد يده لمصافحتي، فرددت عليه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومددت يدي لمصافحته، وقعد بجانبي، ثم قال لي: أريد أن أسألك بعض الأسئلة بخصوص أحكام تلاوة القرآن، فقد دلوني عليك، وقالوا لي: هذا الرجل يفيدك جيدا. فقلت له بكل تواضع واحترام: سل ما بدا لك، فما عرفته أجبت عنه،
وما لم أعرف بحثت عنه، أو أسأل من هو أعلم مني. ففتح الأوراق وأخذ يقرأ منها كلاما، ويقلب صفحاتها –يبدو أنه كتب فيه بعض الملاحظات، والاختصارات- ولكني لم أفهم منه
شيئا، حيث يدخل من موضوع إلى موضوع، ويدخل في قضايا لا علاقة لها بالموضوع، فأخذت أبادله الحديث لعلك تقصد كذا، فيرد بكلام لم أفهم منه شيئا، فقلت له لعلك تريد موضوع كذا،
فيرد بكلام لم أفهم منه ماذا يقصد، وماذا يريد، واستمر حديثي معه ما يقارب ربع الساعة، وفي حينها شعرت كأني لم أقرأ شيئا عن أحكام التلاوة، ولم أتعلمها، ولم أدرّسها في العديد
من الدورات، فتداركت الأمر، وقلت في نفسي لو بقيت على هذا الحال لن تصل معه إلى نتيجة، ولا بد أن تتخلص من الموقف بأي شكل، فقلت له صدقا: أمهلني عددا من الأيام، وسوف أشرح لك كتاب التلاوة موضوعا موضوعا، فرد علي: لا شكرا أنا دارسها كويس.
وهكذا وقاني الله شر مناقشة هذا الجاهل، وحينها تذكرت قول الإمام الشافعي –رحمه الله- لو جادلني ألف عالم لغلبتهم ... ولو جادلني جاهل لغلبني. فقلت في نفسي: ما أعظمك يا إمامنا!
(قصة قصيرة)
بقلم د./ يحيى محمود التلولي
كثيرا ما يقرأ الإنسان أقوال حكيمة لعلماء أو فلاسفة ... وغيرهم، ولكنه لا يشعر بقيمة هذه الكلمات إلا إذا مر بمواقف مشابهة،
وقول الإمام الشافعي –رحمه الله- "لو جادلني ألف عالم لغلبتهم ... ولو جادلني جاهل لغلبني" قرأته كثيرا، وحفظته جيدا، ولكني لم أعرف قيمته إلا عندما مررت بهذا الموقف.
القصـــــــــــــة
في يوم من الأيام جلست في المسجد بعد صلاة
العصر؛ لأتلو ما تيسر من آيات الذكر الحكيم، فجاءني رجل يحمل في يده بعض الأوراق لا أعرفه إلا بالشكل، فقال: السلام عليكم، ومد يده لمصافحتي، فرددت عليه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومددت يدي لمصافحته، وقعد بجانبي، ثم قال لي: أريد أن أسألك بعض الأسئلة بخصوص أحكام تلاوة القرآن، فقد دلوني عليك، وقالوا لي: هذا الرجل يفيدك جيدا. فقلت له بكل تواضع واحترام: سل ما بدا لك، فما عرفته أجبت عنه،
وما لم أعرف بحثت عنه، أو أسأل من هو أعلم مني. ففتح الأوراق وأخذ يقرأ منها كلاما، ويقلب صفحاتها –يبدو أنه كتب فيه بعض الملاحظات، والاختصارات- ولكني لم أفهم منه
شيئا، حيث يدخل من موضوع إلى موضوع، ويدخل في قضايا لا علاقة لها بالموضوع، فأخذت أبادله الحديث لعلك تقصد كذا، فيرد بكلام لم أفهم منه شيئا، فقلت له لعلك تريد موضوع كذا،
فيرد بكلام لم أفهم منه ماذا يقصد، وماذا يريد، واستمر حديثي معه ما يقارب ربع الساعة، وفي حينها شعرت كأني لم أقرأ شيئا عن أحكام التلاوة، ولم أتعلمها، ولم أدرّسها في العديد
من الدورات، فتداركت الأمر، وقلت في نفسي لو بقيت على هذا الحال لن تصل معه إلى نتيجة، ولا بد أن تتخلص من الموقف بأي شكل، فقلت له صدقا: أمهلني عددا من الأيام، وسوف أشرح لك كتاب التلاوة موضوعا موضوعا، فرد علي: لا شكرا أنا دارسها كويس.
وهكذا وقاني الله شر مناقشة هذا الجاهل، وحينها تذكرت قول الإمام الشافعي –رحمه الله- لو جادلني ألف عالم لغلبتهم ... ولو جادلني جاهل لغلبني. فقلت في نفسي: ما أعظمك يا إمامنا!