الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

النقــــاب ونمـــــط التفكيـــــــر بقلم د. وليد القططي

تاريخ النشر : 2014-12-18
النقــــاب ونمـــــط التفكيـــــــر بقلم د. وليد القططي
النقــــاب ونمـــــط التفكيـــــــر
بقلم د. وليد القططي
لفت انتباهي خبراً منشوراً على أحد المواقع الاخبارية الالكترونية عنوانه " ظهور زوجة الداعية أحمد الغامدي بدون نقاب على التلفزيون يثير جدلاً واسعاً " وبعد قراءة تفاصيل الخبر تبين أن الذي أثار جدلاً واسعاً ليس مضمون اللقاء التلفزيوني , بل ظهور زوجة الغامدي بدون نقاب , أي مكشوفة الوجه , وتبين لي أيضاً أن سبب الجدل الواسع هو في كون السيدة ( جواهر علي ) هي زوجة الشيخ الداعية ( أحمد الغامدي ) الذي كان يرأس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة المكرّمة , وهي الهيئة التي تقوم بفرض المظاهر الإسلامية التي تؤمن بها المؤسسة الدينية المهيمنة في السعودية , وعلى رأسها ما يُعرف بالنقاب والذي يعني تغطية المرأة لوجهها , وظهور زوجة رئيس الهيئة في مكة السابق بدون نقاب على الملأ هو ضرب في صميم الفلسفة الدينية التي قامت عليها المملكة العربية السعودية والتي تتبنى الفقه السلفي الوهابي , وتعتمد على تحالف علماء الدين مع الحكام في تثبيت شرعية كل منهما .
وفي الحقيقة أن ما أثار هذه الضجة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام الالكترونية والمكتوبة هو نمط التفكير الذي انتج هذه الضجة وذلك الجدل . هذا النمط من التفكير هو المسؤول عن اعتبار ارتداء النقاب للمرأة وكأنه نص ديني مقدسي لا يجوز الخروج عليه أو مخالفته إلى اجتهاد آخر , واعتبر أن ما سواه من اجتهادات تتعلق بلباس المرأة الشرعي وكأنه خروج عن الدين ومروق من الملة . وهذا النمط من التفكير يعتقد بامتلاك الحقيقة المطلقة وغيره باطل مطلق , ولا يفرّق بين النص الديني قطعي الثبوت والدلالة , وبين اجتهاد العقول البشرية في فهم النص الديني الذي يقبل التأويل ويمكن فهمه على أكثر من وجه كونه ظني الثبوت أو الدلالة أو كلاهما .
وهذا النمط من التفكير يهتم بشكل التدين ومظهره أكثر مما يهتم بمضمون التدين وجوهره , وينشغل بالتفاصيل والقضايا الهامشية , ويترك أساس الدين وقضاياه الرئيسية , ويعكس الأولويات فيقدم الصغائر على الكبائر , وما هو ثانوي على ما هو أساسي , ويستدعي من التراث والتاريخ القضايا التي عفا عليها الزمن ولا تفيد المسلمين في حاضرهم ومستقبلهم , بل تضرهم وتفرّقهم وتزيد من تخلفهم , ويترك القضايا المعاصرة الملحة التي تفيد المسلمين في حاضرهم ومستقبلهم وقد تؤدي إلى تقدمهم وتطورهم ... ولذلك تنشغل مثل هذه المجتمعات بقضايا تجاوزتها مجتمعات أخرى مثل هل تغطي المرأة وجهها أم تكشفه ؟ وهل صوت المرأة عورة أم لا ؟ وحُرمة أو جواز قيادة المرأة للسيارة , والأصل في الزواج التعدد أم الوحدانية ؟ وإعفاء اللحية وطول الجلباب أو قصره للرجل , وهل السنة استخدام المسواك أم فرشاة الأسنان ؟ إلى جانب الانشغال بقضايا التكفير وإخراج الناس من الإسلام واحتكار دخول الجنة للفرقة الناجية التي تمثل شعب الله المختار , من أصحاب نفس المذهب واتباع نفس الأمير فقط .
وفي المقابل نجد المجتمعات الاسلامية التي تخّلصت من هذا النمط المتخلف من التفكير وصلت في تطورها إلى أرقى درجات الصناعة والتقدم الاقتصادي والرقي الاجتماعي والنضوج السياسي , لأنها تجاوزت القضايا الصغيرة إلى القضايا الكبيرة التي تنهض بالأمة نحو الخلافة الحقيقية للأرض وعمارتها .
وهذا الخبر وما دار حوله من نقاش وجدل استدعى من الذاكرة دراسة وكتاب أطلعت عليهما أثناء إعدادي لرسالة الدكتوراه في جامعة القاهرة , وشكلا الأساس الذي انطلقت منه في اعداد الرسالة , والدراسة والكتاب للعالم البريطاني ( ميلتون روكيتش ) نُشرا في منتصف القرن العشرين باللغة الانجليزية , والدراسة بعنوان   ( طبيعة ومعنى الدوجماتية ) , أما الكتاب فهو بعنوان ( العقل المنفتح والعقل المنغلق ) . ومضمون الدراسة والكتاب والرسالة يدور حول فكرة رئيسية واحدة هي أن الدوجماتية بمعنى الجمود الفكري والتي ترادف مفاهيم التطرف والتعصب والتصلب هي طريقة ومنهج في التفكير بغض النظر عن مضمون التفكير ومحتواه , فالعقل المنغلق الجامد والمتطرف هو سمة تفكير مشتركة لكل المتطرفين بغض النظر عن مضمون التفكير ومحتواه , ولذلك نجد متطرفين في كل الأديان والأيديولوجيات والمذاهب , فالوثني أو الملحد أو الشيوعي أو العلماني أو المتدين قد يكون متطرفاً ومتعصباً لما يؤمن به إذا سيطر عليه هذا النمط من التفكير المنغلق واعتقد بامتلاك الصواب المطلق والحقيقة الكاملة , وأن الآخرين على خطأ مطلق وباطل كامل , ويتعزز هذا النمط من التفكير إذا آمن بقدسية الاجتهادات البشرية المستوحاة من النص المقدس الصالح لكل زمان ومكان .
وفي المقابل فإن نمط التفكير المنفتح يتميز بالتسامح والاعتدال والوسطية التي تمثل التدين الحقيقي الذي لا يعني التعصب والتطرف , فالفكرة الخاطئة التي ترّسخت في أذهان البعض بأنه كلما تشدد المرء في دينه يعني أنه ازداد تديناً يجب أن تزول ويفك الارتباط بينهما , ويحل محلها الفكرة الصائبة التي تفصل بين التشدد في الدين وبين التدين الحقيقي القائم على الايمان بالله والعمل الصالح الذي يتجسّد في الممارسات السلوكية الحسنة مع الآخرين .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف