الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الجميلة والرجل الكاتب والشاعر بقلم:شوقية عروق منصور

تاريخ النشر : 2014-12-18
الجميلة والرجل الكاتب والشاعر بقلم:شوقية عروق منصور
أثناء لقائي مع الكاتب نجيب محفوظ سألته عن المرأة في حياته ، وهل لزوجته ملامح في بطلات قصصه  ، ضحك واعترف أن زوجته لم تتواجد في أي شخصية من شخصيات الروائية .. ثم أضفت باستفزاز ، حتى لم تكن في شخصية " أمينه " المرأة الضعيفة في رواية " بين القصرين "  التي لا طموح لها سوى رضى  زوجها ، و كانت تردد دائماً " حاضر سي سيد " حتى أصبحت هذه العبارة المفضلة عند الرجال ، خاصة في هذا العصر الذي شقت المرأة فيه عصا الطاعة وانطلقت ولم تعد ترى في الرجل حضن الخضوع وأصابع القيود ، أكد نجيب محفوظ أن زوجته  حتى أنها لم تكن مثل شخصية " أمينة " ، ولم يضف شيئاً  وغير موضوع الحديث بسرعة .    

مع أن الكاتب نجيب محفوظ حاول وضع المرأة في الصورة السلبية من خلال الشخصيات النسائية التي جاءت في رواياته ، و التي كانت ترى في السقوط والانحدار الى قاع المجتمع ، طبيعة أنثوية وغريزة  نسائية ، وليس قدراً ومجتمعاً يدفعها الى الخطيئة ، و المرآة التي يرى المجتمع نفسه بها . ولم يقم نجيب بإنصافها كامرأة تكافح وتناضل وتبرز وتتبوأ المراكز  ، فمن شخصية " نفيسه " في بداية ونهاية ، الى شخصية " ريري " في رواية السمان والخريف الى شخصية " حميدة " في رواية زقاق المدق الى شخصية " أحسان شحادة " في القاهرة الجديدة الى " زهرة " في ميرامار الى " سمارة " في رواية ثرثرة فوق النيل الى " نور " في اللص والكلاب ، وغيرهن من صور النساء اللواتي كانت أنوثتهن جسراً للوصول الى أهدافهن التي غالباً ما تكون  هذه الأهداف أموالاً وسيطرة .

 خلال هذا اللقاء الذي حاول فيه الكاتب نجيب محفوظ أبعاد صورة زوجته تعجبت من كاتب كبير وله الباع الطويل في تحليل الظروف النفسية والاجتماعية في رواياته أن يتجاهل زوجته ؟  وأن لا يذكرها ، بل يعمل على اخفاء ملامحها ، حتى ان احد الأدباء المقربين من الكاتب نجيب محفوظ  قال لي :  أن لا أحد يعرف زوجته ، يعيش مع بيته في حالة غموض .

قبل أسبوع توفيت زوجة الكاتب نجيب محفوظ ( عطية الله ابراهيم ) توفيت بصمت ، مع أنني على ثقة أن وجودها في حياته أتاح له التألق والاستمرارية والنجاح ، كانت هي تعيش بالعتمة حتى يضيء هو ، لم تحاول هي التسلق على شجرة نجاحه ، ولم يحاول هو دفعها الى جانبه ، بل عاشا في عالمين ، عالم الصمت المطبق ، وعالم الصخب والشهرة ، وبين العالمين تساؤلات ترتكز على فكرة تهميش الزوجة عند أكثر الأدباء والشعراء العرب .

اعترفت الصحف التي نقلت خبر موت زوجة الكاتب نجيب محفوظ أن نجيب تزوجها عام 1952 ، ولم يعلن زواجه الا بعد عشر سنوات وكان بالصدفة ، حيث تشاجرت أبنته فاطمة مع احدى التلميذات في المدرسة ، وكان والد التلميذة صديقاً للشاعر صلاح جاهين ، الذي أكد له أن التلميذة التي تشاجرت مع أبنته هي ابنة الكاتب نجيب محفوظ ، ولم يصدق صلاح جاهين  حتى استقصى الأمر ثم نشر الخبر .

هذا التجاهل المقصود يبعث على الحيرة ،  و تجاهل نجيب محفوظ فتح أمامي نوافذ في الجدران الأدبية  تطل على عالم الرجال الأدباء والشعراء العرب الذين تجاهلوا زوجاتهم أو قاموا بإخفائهم عن العيون ، ولا يقومون بذكرهم حتى في سيرتهم الذاتية التي من المفروض أن تكون الصراحة أول بند في كتابتها ، كأن المرأة جزء من المجهول والممنوع ، واذا نجح البعض بالخروج من جلباب التجاهل مثل " الأديب طه حسين " الذي جعل من شخصية زوجته الفرنسية "سوزان " الوجه الآخر لنجاح وصعود نجم طه حسين ، والشاعر نزار قباني الذي صنع من بلقيس قصيدة عراقية شامخة ، وارتفعت وارتقت قامتها كزوجة وحبيبة بعد مقتلها ، هناك مئات المبدعين كتبوا عن المرأة كثيراً شعراً وقصصاً وروايات  ، حتى زوجة الكاتب السوري  حنا مينا أعترف أنه أثناء كتابته احدى الروايات  أن زوجته " أم سعد " مدت اصبعها وقالت له حط اصبعي في قصة من قصص  ...

 لكن أكثر الأدباء والشعراء  العرب وضعوا المرأة الخاصة بهم في صناديق الممنوع ، وكانوا جزءاً من المفهوم الشرقي للمرأة ، أنظروا حولكم ، شعراء ادباء ، مبدعين كم واحد منهم يعترف بفضل زوجته .. جميعهم نسخة كربون عن نجيب محفوظ .. قد لا يستطيعون اخفاء زواجهم ، لكن يستطيعون اخفاء زوجاتهم .  

المرأة الكاتبة والشاعرة العربية قادرة  أكثر على الصراحة والتصالح مع نفسها ومحيطها ، فقد خصت زوجها بإبداعها  ،  من يفتش في الأدبيات النسائية يجد ملامح الزوج فوق العبارات والكلمات  ،  وعبر اللقاءات الادبية تعترف بفضله ودعمه لها  ، لكن الرجل الكاتب يخفيها ، يبعدها كأنها مصابة بإنفلونزا الممنوع .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف