الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

اليرموك ورسالة التربية التعليم بقلم علي بدوان

تاريخ النشر : 2014-12-17
من دفاتر اليرموك (225)

اليرموك ورسالة التربية التعليم

بقلم علي بدوان

ساهم اللاجئون الفلسطينيون في بناء وطنهم الثاني سوريا، بالنهضة التعليمية التي بدأت بعيد إستقلال البلاد، وبعيد وصول نحو (90) ألف مواطن فلسطيني من الإقليم الجنوبي لسورية الطبيعية الى دمشق وبعض المدن السورية بفعل نكبة العام 1948. حيث برز الدور المؤثر للفلسطينيين في هذا الميدان حتى منتصف سبعينيات القرن الماضي، لكنه كان دوراً كبيراً وملحوظاً منذ العام 1948 وحتى العام 1967 تقريباً. حين كان ملاكات وزارة التربية السورية تَغُصُ بالمعلمين والمدرسين من القطر الفلسطيني الذي انتشروا على مساحات سوريا، من دمشق وحتى المناطق النائية البعيدة في تلك الحقبة الزمنية. وكان المئات منهم من أبناء مخيم اليرموك، الذين ساهموا أيضاً في حمل رسالة التربية والتعليم للجوار المباشر لليرموك، في القرى القريبة من منطقة الغوطة والقدم ويلدا وببيلا وبيت سحم وغيرها، والتي كانت الأمية طاغية في بيئتها. ولايستع المجال هنا لذكر أسماء الالاف من المدرسين من أبناء مخيم اليرموك الذين ساهموا بنشر رسالة التربية والتعليم في عموم سوريا والجوار المحيط لليرموك.

كان يكفي للمدرس أو المعلم الفلسطيني أن يتقدم لوظيف التعليم في سوريا حتى يجري تعيينه مباشرة في ملاكات وزارة التربية السورية سنوات الإستقلال الأولى للبلاد. وكانت الأوراق الثبوتية غير ضرورية عند اللزوم، لتكتفي وزارة المعارف كما كان أسمها في حينها بشهادة شاهدين على الشخص المتقدم للعمل في سلك التربية بأنه حاصل على الشهادة الإعدادية في فلسطين (كانت تسمى المترك) أو غيرها، ليجري تعيينه في سلك التعليم، وجرى تعيين أخرين بناء على الخبرة فقط. ونلاحظ  هنا بأن سوريا كانت الدول الوحيدة من الدول التي إستقلت على الإستعمار الفرنسي، وقد تبنت تدريس اللغة الإنكليزية كلغة أجنبية أولى على العكس من الدول التي خرجت من تحت عباء الإستعمار الفرنسي والتي كانت تعتمد اللغة الفرنسية كلغة أجنبية أولى في مدارسها، ويعود السبب في ذلك لوجود الأعداد الكبيرة من المدرسين الفلسطينين الذي ساهموا  بنشر تعليم اللغات الأجنبية في سوريا وتحديداً اللغة الإنكليزية.

وهنا، من المهم الإشارة الى الدور الرائد الذي سجله ابناء فلسطين قبل النكبة وبعدها في ميدان رسالة التربية والتعليم في عموم عالمنا العربي. فعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت أول بعثة تعليمية الى مناطق وامارات الخليج ومحمياته، هي بعثة فلسطينية، عام 1936، مؤلفة من : أحمد شهاب الدين، وخميس نجم، ومحمد المغربي، وجابر حسن حديد. وتبعتها أول بعثة فلسطينية على رأسها جبرا شحيبر وفوزي الخضرا، لبناء وتنظيم الجهاز الاداري والمحلي ولاحقاً جهاز الشرطة والجيش بعد إستقلال مختلف إمارات ومحميات الخليج. كما أن أول بعثة تعليمية لسلطنة عٌمان كانت عام 1929 عندما انشا الفلسطيني إسماعيل خليل الرصاصي  "المدرسة السلطانية الأولى" وأصبح فيما بعد مديرا للمعارف. وللمزيد يمكن العودة للمعطيات الموثقة في الموسوعة الفلسطينية عن فلسطينيي الشتات والمهاجر

وقبل النكبة كان للتعليم شأن كبير في فلسطين، فكانت الجامعات والمؤسسات التعليمية في عموم فلسطين يشار اليها بالبنان في القدس ويافا وحيفا ونابلس وغيرها من مدن فلسطين العامرة، حتى أن فلسطين كانت قد ارسلت وبتوجيه من المفتي الحاج محمد أمين الحسيني وقبل النكبة طلائع بعثات التعليم العربية الى إمارات الخليج التي كانت واقعت تحت الوصاية، كما ان الهيئة العربية العليا لفلسطين تابعت إيفاد البعثات التعليمية الفلسطينية بعد النكبة، فكان المدرس الفلسطيني أول مدرس عربي وغير عربي وطأت اقدامه عموم بلدان الخليج العربي.

وعليه، إن بأس كفاح الشعب الفلسطيني مسيرته، أنها لم تكن بندقية فقط فلو كانت بندقية فقط لكانت قاطعة طريق، ولكنها وكما قال الشاعر الكبير محمود درويش "كانت ومازالت نُظُم شاعر, وريشة فنان, وقلمُ كاتب, ومِبضع جراح" وإِبرة لفتاة وزوجة تخيط لزوجها وأولادها ثياباً من قماشة خام كيس طحين الأونروا في وقت كان أسوداً على الفلسطينيين، غابراً حائراً مأساوياً في دنيا اللجوء وحتى داخل فلسطين.

لقد عَلمَ اللاجىء الفلسطيني المكلوم والمجروح حتى الثمالة أناس تلك البلدان، دون منة، وبقلب مفتوح وأفق عروبي وإنساني. عَلمَهم كتابة الحرف مع تفكيك وتركيب الجملة، وكتابة وصياغة وماهية المعادلة، وجبر الرمز، والبنى الجبرية، واللوغاريتم، و الـ "sin" والـ "cos" ومعنى ومبتغى الرقم و  "الاكس والواي والزد والبعد الرابع" … ليصبح هذا اللاجىء الفلسطيني وبعد طول انكسار وتعتير وشقاء، في مصاف رواد الإنتلجنسيا العربية حاملاً رسالة العروبة في العلوم والثقافة والأداب الإنسانية، من كليفلاند وشيكاغو الأمريكية، أو وكالة ناسا، إلى إكسفورد وكامبردج، ثم من جنين إلى الخليل، وصولاً إلى مابين المحيط والخليج ، وقد أنجب عمالقة في علوم الطبيعة والعلوم التطبيقية، وفي الأداب الانسانية، وعمالقة في الشعر العربي المعاصر، ومن قلب المعاناة من أرض تحت الاحتلال ومن بقايا شعب بقي لاجئاً فوق أرضه عام 1948.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف