الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مشروع المفكر المغربي محمد الحيرش يفكك النص القرآني في ضوء تجربة تأويلية جديدة

تاريخ النشر : 2014-11-29
مشروع المفكر المغربي محمد الحيرش يفكك النص القرآني في ضوء تجربة تأويلية جديدة
مشروع المفكر المغربي محمد الحيرش
 يفكك النص القرآني في ضوء تجربة تأويلية جديدة.
محمد العناز- تطوان

احتضنت قاعة الندوات بالمدرسة العليا للأساتذة التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان لقاء فكريا حول المشروع الفكري للأكاديمي محمد الحيرش. وقد عرف اللقاء الذي نظمته شعبة اللغات في إطار الحلقة 34 من سلسلة تجارب إبداعية حضورا جماهيريا وازنا ولافتا ضم ثلة من الباحثين والنقاد والطلبة والإعلاميين غصت بهم جنبات القاعة. د. أحمد مونة أستاذ الأصول والمنطق بجامعة القرويين شارك بمداخلة وسمها ب"آفاق التأويلية القرآنية من خلال كتاب "النص وآليات الفهم في علوم القرآن " للأكاديمي محمد الحيرش فكك فيها القضايا والإشكالات التي يثيرها الكتاب مشيرا في البداية إلى بنية الكتاب منطلقا من مسلمة في المؤَلَّف مفادها أن سؤال التأويل يتبوأ مركز الصدارة في مجال دراسة وتحليل النصوص عامة، بصرف النظر عن طبيعة هذه النصوص أو عن الحقول المعرفية التي  تنتمي إليها؛ أهو حقل الدراسات الفلسفية أو حقل الدراسات التاريخية أو القانونية أو الشرعية...، وبهذا الصدد يلاحظ الباحث أن الإنتاج  النظري في مجال التأويليات المعاصرة مؤطر في عمومه بأنموذج صارم في التأويل محكوم بنزعة علموية في التحليل ترى في آليات العلوم الحقة المرجعية الوحيدة والممكنة في معايرة النصوص والوقوف على مدلولاتها، بل وفي إضفاء طابع العلمية والموضوعية عليها. لقد أدى الاعتقاد بإمكانية إحلال العلوم الإنسانية محل العلوم الحقة -حسب الحيرش- إلى الإضرار البالغ  بالعديد من الأنساق الفكرية ذات الصلة بمجال الإنسانيات، بخاصة عندما يحيل هذا الضرب من التناول النصوص إلى مجرد " أشياء " جامدة فاقدة لهويتها الذاتية التي هي بوصفها خبرة ذاتية تعكس صورة من صور العلاقة بينها وبين العالم تمثلا وانتسابا وتحقيقا. إن النصوص ليست أشياء كما يُعتقَد -يقول الكاتب- ـوإنما هي على الحقيقة  كائنات معبرة ودالة تكتسي قدرة لا تضاهى على التواصل والوصول إلى الغير " القارئ "، إنها حدث حواري لا يكف عن محاورة هذا الغير والتفاعل معه، سواء أكان في صيغة نص مغاير أم كان في صفة  قارئ افتراضي لهذه النصوص، ومتى تحقق النص بسمات الحوارية الحية إلا وكان قادرا على استثارة الأذهان وتحفيز العقول من أجل توطين ذاته كهوية مغايرة .
في ضوء هذه الحقيقة ترتفع -حسب صاحب "النص وآليات الفهم في علوم القرآن"- كل  إمكانية للتسلط على النصوص أو التحكم في مضامينها بواسطة إعمال أدوات منهجية تروم إخضاعها  لأحكام مسبقة لَمَّا تتقرر بعد كفايتها المنهجية، لذا وجب الانتقال منهجيا إلى ضرب مغاير من التناول يقوم على اعتبار النصوص في التأويلية القرآنية خطابا مكافئا في خصوصياته وطريقة انبنائه  لغيره من النصوص المعاصرة، وذلك في إطار علاقة حوارية تتفاعل في سياقها مقاصد القارئ ومقاصد النص- كمتكلم  افتراضي- يحقق صورة من صور التفاعل الحي، تفاعل من شأنه إحداث تغيير في نظرة هذا  القارئ إلى العالم من حوله، و كذا نظرته إلى ذاته بفضل ما يراكمه النص من خبرات نوعية لديه. إن الغاية الأساس للكاتب في هذا المتن المتميز -بحسب د.أحمد مونة-هي استحضار وعي تأويلي يتخذ من النصوص سبيلا إلى تعقب الحقيقة في أوسع صورها، ضاربا صفحا عن الاعتقادات التي تسعى جاهدة إلى حصر الحقيقة في ضرب معين من المسالك النظرية، أو في أفق مخصوص من المسالك الإجرائية. في هذا الأفق المنهجي انخرط محمد الحيرش -بوعي نقدي رائد- في تعقب تجربة التأويل عند ثلة من العلماء المحققين الذين عُرِفوا بطول باعهم في مجال التأويلية القرآنية، مستحضرا الصعوبات الجمة التي تحيط بهذه التأويلية اعتبارا لخصوصية مضامينها، واعتبارا كذلك لطبيعة انبنائها، وهو ما يجعل طلب الإحاطة التامة بكل تفصيلاتها ودقائقها أمر يكاد يكون من قبيل الممتنع. إن تعقب محمد الحيرش للنصوص المتعلقة بالتأويلية القرآنية كان محكوما في هذا المتن باعتبار منهجي أساس مؤداه أن حقل علوم القرآن يعد في جوهره خطابا واصفا لأصول المعرفة التفسيرية وقواعدها، ومن ثم فهو يمثل المعرفة النظرية بالتفسير؛ أي الإحاطة النظرية بالكليات والقواعد التي تتقاطع في تمثلها والعمل بمقتضاها اهتمامات المشتغلين بفهم وتفسير القرآن الكريم، وهو ما أتاح للباحث مقاربة إشكالية التأويل في مجال علوم القرآن على نحو تجعل من التأويليات المعاصرة من جهة والتأويلية القرآنية من جهة ثانية طرفي العملية الحوارية، يحتفظ كل طرف فيها بهويته الأصلية؛ حوارية تفضي في نهاية المطاف بفعل تلاقح الأزمنة -زمن القارئ وزمن المقروء- إلى تكوثر المعرفة بالقرآن الكريم، وبهذا الصدد لا يخفي الباحث توجسه من قصور الكفاية المنهجية للتأويليات المعاصرة اعتبارا لطابعها الوضعي في مقاربة مضامين التأويلية القرآنية، إلا أنه يجعل من المكتسبات المعاصرة لمنطقيات الحوارية مدخلا ناجعا إلى إغناء هذه التأويلية، وذلك من منطلق وعيه بالقيمة الحيوية للاختلاف في حفز الفكر على الظفر بالمعاني الجامعة التي يستحيل معها الاختلاف الظاهر بين التأويليتين إلى أفق جديد للإبداع الخلاق. لقد أضحت -في نظر الكاتب- القضايا والإشكالات التي تطرحها التأويليات المعاصرة بنيوية وغيرها؛ من قبيل التوافق على إواليات كلية للتأويل، أو التأويل وفق نموذج قيمي معلوم، أو استشكال القول بإطلاقية مفهوم الانسجام أو مفهوم الاختلاف بوصفهما صفتين لازمتين للنص..، قضايا تغري الباحث الفطن بمعالجتها وفق أدوات منهجية مأصولة مستفادة من آليات التأويلية القرآنية على النحو الذي تشهد به أقوال أهل النظر والتحقيق في مجال علوم القرآن. إن كشف الكاتب في هذا المتن عن مقومات وآليات التأويلية القرآنية كان محكوما بمسعى لا يقاوم  في اكتشاف أفق تأويلي ثالث يتغلغل بوعي نقدي أصيل في التأويليتين معا بالقدر الذي يسمح له باستخلاص عناصر رؤية تأويلية موصولة بزمانين اثنين؛ زمن التأويلية القرآنية وزمن التأويلية المعاصرة، لينتهي الباحث أحمد مونة في نهاية مداخلته إلى أن المتن النقدي الرصين لمحمد الحيرش يضعنا إزاء تأويلية جديدة تضافرت في تشييد أركانها عناصر من التأويليتين معا، تكاثفتا في تأكيد القول بتنسيب المعارف الإنسانية، وتناغمتا إلى حد بعيد في فتح أفق جديد لتكوثر الحقائق العلمية وازدهارها. أما المفكر محمد الحيرش ركز في مستهل مداخلته على الدواعي والأسباب التي دفعته إلى خوض غمار البحث في التأويلية القرآنية. وقد أجملها في طغيان منزعين اثنين على معظم ما ألف في العقود الأخيرة عن هذه التأويلية: أحدهما «تقليدي» تمثله عموم التآليف التي يهيمن عليها طابع الإعادة والتكرار من دون أي سعي أو طموح إلى التطوير والتجديد. وأهم ما تتميز به هذه التآليف هو أنها تشكو في صميمها من آفة الاختزال والابتسار؛ الأمر الذي يفضي إلى «إفقار» التأويلية القرآنية؛وتحويلها إلى مجرد مجموعة من المباحث المغلقة والمسكوكة،وغير المتناسقة. والثاني منزع «حداثي» ينعكس في طائفة من الدراسات التي أخذت على عاتقها مهمة «تجديد» النظر إلى قضايا التأويلية القرآنية، لكنها غيبت في الغالب الأعم الانشغال «بالمحتوى المعرفي » لهذه التأويلية، وانصرفت عنه إلى تغليب البحث في أصولها المذهبية ومرجعياتها الإيديولوجية. وهو ما كان له الأثر الكبير في التضحية بالغنى والتنوع المعرفيين اللذين شيدت على أساسهما التأويلية القرآنية..ومن هذين المنطلقين النقديين دافع كتاب: «النص وآليات الفهم في علوم القرآن: دراسة في ضوء التأويليات المعاصرة» عن أطروحة أساس تقضي بإعادة الاعتبار لآليات فهم النص القرآني على نحو ما اهتدى إليها كبار المفسرين وعلماء القرآن في مجالنا العربي الإسلامي القديم. وقد بين الحيرش أن هذا العمل يستند في الدفاع عن تلك الأطروحة إلى جملة من المنطلقات أبرزها إقامة مواجهة حوارية «هادئة» و «متزنة» بين علوم القرآن وما تحصل في أزمنتنا الراهنة من تأويليات معاصرة. وقد تم الحرص في هذه المواجهة على بناء الشروط المعرفية التي تضمن اغتناء هذا الطرف أو ذاك من الآخر وإفادته منه؛ وذلك بمراعاة مقاصد كل تجربة تأويلية على حدة، واحترام سياقاتها الخاصة. حقاً إن المقاصد التي تثوي خلف التأويليات المعاصرة -على نحو ما يستدل الباحث - هي غير تلك التي اقترنت بالتأويلية القرآنية ووجهتها؛ إذ يتعذر إيجاد دائرة من التشابه أو التقاطع بين تأويلية ارتبطت جملة وتفصيلاً بنص مقدس، وتأويليات أخرى تتخذ من تدبرها للنصوص الدنيوية مجالا لتنسيب الحقيقة وتنويع مسالك الاهتداء إليها. لكن هذا التباعد في المقاصد –حسب الباحث- لا يلغي إمكان التقريب بين التأويلية القرآنية والتأويليات المعاصرة إن نحن وصلنا بلطف بينهما والتقطنا بعمق أصداء التفاهم والتواصل المنبعثة منهما. وعلى هذا الأساس تمت إعادة بناء علوم القرآن في هذا العمل بنحو جعل منها لا تأويلية مجاورة للتأويليات المعاصرة فقط، بل منافسة لها ومتقدمة عليها في عديد من المناحي والأبعاد. وأشار محمد الحيرش إلى أن تجديد النظر إلى المشاغل التي خاض فيها علماء القرآن اتجه بهذا الكتاب إلى رسم صورة متجددة لعلوم القرآن هي غير الصورة التقليدية الشائعة في عدد واسع من الدراسات والكتابات العربية الحديثة. إنها صورة منفتحة تقبل الاندراج في فضائنا التأويلي المعاصر اندراجا فعالاً لا يشكو من نقائص معرفية ولا عقد تاريخية. وبذلك يكون الجهد الفكري والنقدي المبذول في هذا العمل قد تجسد في إعادة الاعتبار لعقلنا التأويلي على نحو ما طبقت آلياته في فهم حقائق النص القرآني وتمثلها. فما كان دالاُ غاية الدلالة في هذا العقل هو ذلك الانفتاح الذي يؤمن بتعدد الأنظار والاجتهادات، ويعلي من قمية تنويع الفهم وتنسيبه. إنه بلغة معاصرة عقل مراسي لا يكف عن إعادة بناء ذاته، وتوسيع مجالات انطباقه كلما كان النص القرآني موضوع تجربة تأويلية جديدة. يضاف إلى ذلك أنه عقل لم يفترض أي وصفة مغلقة أو نهائية للفهم والتأويل؛ فالفهم لا يدخل تحت طائلة الحصر، لأنه يتسع لما لا ينحصر من الآلات ولما لا ينتهي من الاجتهادات.
    وفي ختام المداخلة قام الباحث بالكشف عن الطموح العلمي والنقدي الذي يستتر في ثنايا عمله، وأبرز أنه طموح يكمن في السعي إلى تقويض الانغلاق والأحادية المقيدين لفعالية عقلنا التأويلي المعاصر في ارتباطه بالنص الديني عموما والنص القرآني خصوصاً. فما كان محط اتفاق بين قدمائنا – وحدنا عنه أو أوشكنا – أن النص القرآني «لا تنقضي عجائبه ولا تبلغ غاياته»، وأنه «لا يتفسر إلا بتصريف جميع العلوم فيه» وأن فيه « مجالاً رحباً ومتسعاً بالغاً لأرباب الفهم»...


 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف