الأخبار
غزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليومي
2024/5/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عشاق المدينة( ٣ ) بقلم : نزهة الرملاوي

تاريخ النشر : 2014-11-28
عشاق المدينة (٣)

في ليلة مقدسية لا تنسى في أواخر ستينيات القرن المنصرم ، نامت امل الطفلة الكبيرة في الغرفة المطلة على ساحة البيت العتيق كما عودها والداها مع شقيقتها الأصغر منذ مدة وجيزة، فكل البيوت كما نعرف في مباني البلدة القديمة، تتوسطها ساحة حجارتها القديمة مصقولة بعناية وبها لمعان مميز يتوهج بعد ان تفرشيه النسوة بقوة، وتلتقط ما تبقى من مياه الشطف من التشققات والحفر المتناثرة بينها بمهارة وإتقان .
يا لها من ساحة كبيرة في عيون طفلة، عجت بألعاب الأطفال ورحبت بالزائرين وفرحت بعودة الرجال بعد طول تعب ومشقة، يا لها من ساحة عشق حفظت أقدام من وطئها ذهابا وإيابا، فضمتهم بين ذراعيها كأم رؤوم ، وبكت دما حين أخذت حناجر النساء بالغناء الحزين واللحن الشجي اثر النكسة، وتأملت الدمع المنهمر من عيونهن اثناء قيامهن بغسل الملابس امام الأبواب، وكم تأملت تساقط الدمع على طبق الغسيل بين ايديهن الطاهرة، فلتعلم ايها الراقص على جرحي القديم المتجدد، ان للقدس قمر يرى كل شيء رغم العتمة ، وينسج للساهرين حبالا من الأشواق والخيال ، ترسم منهما آهات تتلون في حاراتها وتخبئ الأسرار في سراديبها، ايظل السر في قلب الطفلة مدفونا وراء جدران الحجرة القديمة هناك، يا لها من ليلة طويلة في حجرة قديمة باتت فيها طفلة تحدق في سقف البيت لساعات وترسم من خشونته واصفراره قصصا وحكايات يقودها مارد يخطف الأميرة ويفر بها الى البعيد ، تعود بها الملائكة الى القصر لانها مؤمنة ، بقيت الطفلة امل مستيقظة ولم تنم ، ففي الحجرة خوف وعتمة يخترقها ضوء خافت من مصباح الكاز المنبعث من نافذة الجيران، فزعت الطفلة وصرخ قلبها وتوقف لسانها، يد كبيرة تمتد الى جسدها الصغير لا لشيء تمتد اليد اليها الا لتصحو من حلمها ،وراحت الطفلة تتساءل في قرارة نفسها والدموع تحتبس خوفا خلف جفونها التي تتعمد الاغماض: أهو المارد الذي خطف الأميرة من القصر وتركها في الغابة ليعود اليها في المساء ليذبحها ويطهوها على نار جمع لها الحطب نهارا ؟بقيت ساكنة دون حراك كتمت أنفاسها حتى لا تستوقف خطوات شخص عائدة من حيث أتت ،وتسارعت نبضات قلبها الصغير وبات الخوف بركانا يتفجر داخلها ويحول جسدها الى قطع متناثرة امام شخص مجهول، فلقد أيقنت ان ذلك الانسان وبعد ان دخل الحجرة اطفأ ( اللامبة) ( المصباح الكهربائي) فازدادت الغرفة عتمة وسوادا، حاولت النظر اليه ، لكن عيونها أبت الا ان تشعره بنوم عميق ، حاولت ان تعرفه وتفتح طرف عينها، رأت شخصا كبيرا لم تعرفه ولم تره ولا تريد ان تراه !!! أبقت عيونها شبه مغمضة لكي لا تراه ، او لكي لا يلاحظ بريق عينيها ان نظر اليها ، خرج من الحجرة وأغلق الباب كما كان قبل فتحه ، ظل النبض في قلب الطفلة يتسارع خوفا ، وبقيت دون حراك حتى سمعت صوتا صادرا من خلف الباب وكأنه يتجول بالساحة ( وسط الدار)...ويبعث بالقلب الأمان ، صرخ القلب الطفولي : يا الله العظيم هذا صوت جارتنا ام ياسر ، فأنا أميز نحنحتها ،...عادت ام ياسر للتنحنح ، فمن عادة الجيران التنحنح اذا ما أرادوا الخروج من حجراتهم لقضاء حاجتهم ليلا فمن المعلوم ان لكل طابق من المبنى المقدسي مرحاض واحد يستعمله كل الجيران ، قفزت الطفلة من تحت غطائها، وتوجهت الى الباب المغلق ففتحته ونادت بصوت عال : خالتي... خالتي
ثم صرخت خالتي ... خالتي ...انفجرت بالبكاء وأخذت تتنفس بين يدي ام ياسر بعد انقطاع أنفاسها لساعة ، أخذت ام ياسر تردد البسملة وتقرأ المعوذات وفي كل ثانية تنظر اليها وتضمها الى صدرها الحنون ، وتهدىء من روعها وخوفها ، مشت خطوات قليلة الى الحجرة المجاورة وطرقت الباب بهدوء حتى لا توقظ الجيران ونادت اهل امل ليغيثوا ابنتهم، فزعت الام لمنظر ابنتها ولم يخرج الأب من الحجرة فقد جرت العادة ان يستأذن الرجل من النسوة اذا هم بالدخول الى الدار بعد عودته من العمل ، او حين الخروج من بيته ، فتسمع صوته يردد بقوة ( يا الله يا ساتر ) ( يا الله يا ساتر) وان صادفته جارة تلتصق بالحائط وتغطي وجهها وتسمح له بالمرور من وسط الدار الى حجرته ، ومن عادة الرجل المقدسي ان لا يرفع رأسه حتى يصل بيته فيدخله ويغلق الباب وراءه، نهض الأب واسترق السمع من وراء الباب وظل من خلف العتمة يرقب ابنته ، ضمت الام ابنتها وقالت:
ما بك يا حبيبتي؟ ما الذي اخافك؟
ظلت الطفلة تبكي ولا تتكلم..
قالوا لها لا تخافي، انت تحلمين ، لعن الله الشيطان، انت تحلمين.
هدأت امل، ونامت في حضن أمها، بعد ان أحست بام ياسر الملاك الذي عاد بالأميرة الى القصر بعد ان خطف المارد نومها.
بقلم : نزهة الرملاوي
27/10/2014
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف