عذرا .. أخلوا منازلكم فورا
بقلم المحامي : يوسف خالد سالم .
عذرا أخلو منازلكم فورا ، هذا ليس بتحذير من الجيش الاسرائيلي ، بل نداء الطبيعة لأهل غزة المنكوبين بالفطرة ، وكما أن كل الطرق تؤدي الى روما فإن كل الكوارث تسكن قطاع غزة .
هجرتان ذاق علقمها الغزيون في اقل من ثلاثة شهور ، فنداء اخلاء المنازل ظل يصدح في شوارع قطاع غزة واحدا وخمسين يوما تجرع خلالها القطاع كل أنواع العذاب والدمار ، قتل وتهجير جراء العدوان الاسرائيلي الأخير ، عدوان لم يرَ العالم مشاهده سوى في أفلام هوليود ، بل وفاقتها غزة اتقانا في الانتاج ، لتتكرر المأساة وتقسو الطبيعة للمرة الثانية على أهل غزة المنهكين من صدمة حرب لا تزال أصوات انفجاراتها ونغمة الموت على المذياع حاضرة في أذهانهم وبقوة .
وللمشردين قصة اكتملت فصولها السوداء بخير المطر ، فالقطاع المدمر المحاصر لا يقوى على استقبال غيمة طويلة ، لأن البنية التحتية هنا تعاني من الدمار وقلة الامكانيات نتيجة الحصار الخانق وضعف الموارد المالية ، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فإن ما بيد بلديات غزة مناشدة حكومة الوفاق التي لم تعرف غزة أقدام وزرائها سوى لساعات ، ذرفوا الدموع على اطلالها ، وقطعوا تذكرة الذهاب بلا عودة بانتظار العودة لصوت العقل والوطن .
هو ذات المشهد مع اختلاف السبب فالنار قبل شهرين دعت أولئك المسبوغين بنعت الحياة زورا لترك منازلهم ، والركض في الشوارع خوفا من الموت باتجاه الموت ، فمنهم من عاد لبيته ومنهم من اتخذ من الشارع بيتا له لحين قدوم ساعة الخلاص ، أما اليوم فنقيض النار يجبرهم من جديد على حمل شنطة الأوراق الثبوتية التي لا ضرورة لها في قطاع يتعرض في كل يوم للحصار والدمار ، وتزوره الأمطار لتكون ضيفا ثقيلا و تقتل جنينا اسمه الأمل .
وبين كل هذا وذاك نعيش كذبة حقوق الانسان ، والمعاهدات الدولية التي ما هي الا حبر على ورق ، معاهدات ونصوص هي وهم بالنسبة للشعب الغزي ، وسراب اصابه بالظمأ أعواما طويلة ، لتبقى جمل منمقة يقول بها صاحب ربطة العنق ، ويتحسر عليها أب لسبعة أطفال افترش الأرض والتحف السماء أملا .
حياة مع وقف التنفيذ حكم بها أهل قطاع غزة ، فالسماء لا زالت تمطرهم بالصواريخ تارة وبالأمطار تارة أخرى ، والنتيجة واحدة والمشهد أسود عنوانه ( شتاء بعد الحرب في كرفان ) .
إن ما تمارسه اسرائيل من حصار خانق ومستمر يمتد لسنوات طويلة هو جريمة حرب وجرائم ضد الانسانية - بالاستناد الى اتفاقيات جينيف وخاصة الرابعة – تمارسه اسرائيل ضد سكان مدنيين عزل واستمراره لهو وصمة عار ستلحق بالإنسانية ، وسيبقى التاريخ يسجل أن ما يقارب من 2 مليون مدني يحرمون من الحياة ظلما ، ليموتوا بالصواريخ حينا ، وبالحصار وتبعاته أحيانا .
وفي هذا المقام لا نغفل دور الانقسام المشئوم الذي أوصلنا لما نحن فيه ، فقد بات آذان الوحدة ضرورة ملحة لما يعيشه القطاع من جراحات كما أنه واجب علينا قتل ذلك البغيض قبل نفاذ جرعة الصمود لدى الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والداخل المحتل .
ختاما أستذكر قول الراحل محمود درويش ( حاصر حصارك لا مفر ) ، فطائر الفينيق أسطورة أصلها غزة ، وقطاع غزة ببيوته المدمرة وأشلاء أبنائه المبعثرة ، قادر على تصحيح المسار ، وحرف البوصلة تجاه أصل الصراع ، وقادر ايضا على لملمة الجراح وبعث روح الوحدة من جديد .
بقلم المحامي : يوسف خالد سالم .
عذرا أخلو منازلكم فورا ، هذا ليس بتحذير من الجيش الاسرائيلي ، بل نداء الطبيعة لأهل غزة المنكوبين بالفطرة ، وكما أن كل الطرق تؤدي الى روما فإن كل الكوارث تسكن قطاع غزة .
هجرتان ذاق علقمها الغزيون في اقل من ثلاثة شهور ، فنداء اخلاء المنازل ظل يصدح في شوارع قطاع غزة واحدا وخمسين يوما تجرع خلالها القطاع كل أنواع العذاب والدمار ، قتل وتهجير جراء العدوان الاسرائيلي الأخير ، عدوان لم يرَ العالم مشاهده سوى في أفلام هوليود ، بل وفاقتها غزة اتقانا في الانتاج ، لتتكرر المأساة وتقسو الطبيعة للمرة الثانية على أهل غزة المنهكين من صدمة حرب لا تزال أصوات انفجاراتها ونغمة الموت على المذياع حاضرة في أذهانهم وبقوة .
وللمشردين قصة اكتملت فصولها السوداء بخير المطر ، فالقطاع المدمر المحاصر لا يقوى على استقبال غيمة طويلة ، لأن البنية التحتية هنا تعاني من الدمار وقلة الامكانيات نتيجة الحصار الخانق وضعف الموارد المالية ، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فإن ما بيد بلديات غزة مناشدة حكومة الوفاق التي لم تعرف غزة أقدام وزرائها سوى لساعات ، ذرفوا الدموع على اطلالها ، وقطعوا تذكرة الذهاب بلا عودة بانتظار العودة لصوت العقل والوطن .
هو ذات المشهد مع اختلاف السبب فالنار قبل شهرين دعت أولئك المسبوغين بنعت الحياة زورا لترك منازلهم ، والركض في الشوارع خوفا من الموت باتجاه الموت ، فمنهم من عاد لبيته ومنهم من اتخذ من الشارع بيتا له لحين قدوم ساعة الخلاص ، أما اليوم فنقيض النار يجبرهم من جديد على حمل شنطة الأوراق الثبوتية التي لا ضرورة لها في قطاع يتعرض في كل يوم للحصار والدمار ، وتزوره الأمطار لتكون ضيفا ثقيلا و تقتل جنينا اسمه الأمل .
وبين كل هذا وذاك نعيش كذبة حقوق الانسان ، والمعاهدات الدولية التي ما هي الا حبر على ورق ، معاهدات ونصوص هي وهم بالنسبة للشعب الغزي ، وسراب اصابه بالظمأ أعواما طويلة ، لتبقى جمل منمقة يقول بها صاحب ربطة العنق ، ويتحسر عليها أب لسبعة أطفال افترش الأرض والتحف السماء أملا .
حياة مع وقف التنفيذ حكم بها أهل قطاع غزة ، فالسماء لا زالت تمطرهم بالصواريخ تارة وبالأمطار تارة أخرى ، والنتيجة واحدة والمشهد أسود عنوانه ( شتاء بعد الحرب في كرفان ) .
إن ما تمارسه اسرائيل من حصار خانق ومستمر يمتد لسنوات طويلة هو جريمة حرب وجرائم ضد الانسانية - بالاستناد الى اتفاقيات جينيف وخاصة الرابعة – تمارسه اسرائيل ضد سكان مدنيين عزل واستمراره لهو وصمة عار ستلحق بالإنسانية ، وسيبقى التاريخ يسجل أن ما يقارب من 2 مليون مدني يحرمون من الحياة ظلما ، ليموتوا بالصواريخ حينا ، وبالحصار وتبعاته أحيانا .
وفي هذا المقام لا نغفل دور الانقسام المشئوم الذي أوصلنا لما نحن فيه ، فقد بات آذان الوحدة ضرورة ملحة لما يعيشه القطاع من جراحات كما أنه واجب علينا قتل ذلك البغيض قبل نفاذ جرعة الصمود لدى الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والداخل المحتل .
ختاما أستذكر قول الراحل محمود درويش ( حاصر حصارك لا مفر ) ، فطائر الفينيق أسطورة أصلها غزة ، وقطاع غزة ببيوته المدمرة وأشلاء أبنائه المبعثرة ، قادر على تصحيح المسار ، وحرف البوصلة تجاه أصل الصراع ، وقادر ايضا على لملمة الجراح وبعث روح الوحدة من جديد .