الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

روعة بناء الصرح في نص سورة الشرح، بحث بقلم: محمد عزت الشريف

تاريخ النشر : 2014-11-26
روعة بناء الصرح في نص سورة الشرح، بحث بقلم: محمد عزت الشريف
روعة بناء الصرح في نص سورة الشرح
بحث : محمد عزت الشريف
•••
بسم الله الرحمن الرحيم
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ
وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ
الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ
وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ
...
إن التأسيس المتين لشرح سورة الشرح إنما يمر عبر:

شرح المعنى اللغوي لكلمة (الشرح)
المعنى الذي يخدم المقصد الأعظم لنص السورة من وجهة نظرنا
...
لو أخذنا بين أيدينا كتاباً من القَطع المتوسط
وكان ذا سمك (4سنتيم) مثلاً
وكنا في عصر الكتابة على ألواح الخشب فإننا قد نجد أنفسنا أمام كتاب من لوحين فقط من الخشب ويكون لدينا (4 أوجه للكتابة عليها).

فإذا ما وصلنا إلى عصر البردي فإنّ نفس الكتاب الذي بسمك (4سنتيم)
سيحمل لنا (10 ألواح بـ 20 وجه للكتابة عليها)

فإذا كنا في عصر الورق الرقيق الذي نكتب عليه الآن
فإن دفتي الكتاب يمكن أن تحتوي على (500 ورقة بـ 1000 صفحة)
وكلما ترققت صفحات (شرائح) الكتاب كلما احتوى صفحات أكثر ومن ثّمّ اتسع لعديد من جمل وكلمات وحروف أكثر .
نعود بهذا المثال لنفهم من خلاله :

معنى "الشرح" في الآية الكريمة
ــ
نحن نتبنَّي المعنى الذي يقول بأن انشراح الصدر في السورة يأتى من خلال تَعَلّم الرسول الكريم للقراءة والكتابة تعلُّماً عاجلا لم يعتمد على الأسباب المعتادة في التعلم ؛ بل اعتمد على رب الأسباب من خلال الوحي الأمين"

كيف إذن لصدر الرجل الأميّ أن يسع كل هذا الفيض من النور لو لم يُرقِّق الله صحائفه وينقيها من كل درن، ويخفـِّفها من كل وزرٍ؟

إن القلب الذي تهيّأ لأن يحمل القرآن كله في زمن قياسي إختصره مشهد بداية نزول الوحي على محمد الذي لم يتعدّ ساعات أو دقائق ؛ لا شك أنه أكثر القلوب رقة و أعلاها شفافية.

عماد بناء السورة
ـــ
وهو المعنى العام و المقصد الأعظم للآيات وهو هنا " إن مع العسر يسرا" ذلك المحور الذي تدور حوله المعاني الفرعية للآيات، في تصاعد مستمر للمعنى العام؛ بما لا يخرج بالنص عن سياقه أو وحدته الموضوعية .

فالنص كما نرى من بدايته وحتى نهايته يحمل معنى " التيسير مع التكليف"
بل لقد كان "اليُسر" مع " العسر" في مضمون أول كلمة نزلت على محمد تكلفه بحمل الرسالة العسيرة ؛
إنها كلمة "اقرأ" ـ تلك الكلمة التي جاءت تـُنبيء بالعسر الذي ينتظر محمد في تبليغ الرسالة العظيمة لأقوام أُميِّـين لا عهد لهم بكتابةٍ أو قراءةٍ ولا بمعرفةٍ حقيقيةٍ لمفهوم الإله الواحد الذي لا تحتاج عبادته لشفعاء أو شركاء.

هذه الكلمة "اقرأ" هي نفسها الكلمة التي كانت فتحاً لصحائف صدر محمد الرسول المصطفى، وأول كلمة انطبعت في القلب النقي الطاهر.
إنها وبحق جاءت بمثابة شعاع النورالأول لشمس العلم والحكمة والإيمان وكل مكونات "اليُسر" الذي جاء مع العُسر في التوّ واللحظة لا يتأخر حرفاً ولا يتقدّم .

إذن؛ فمحور النص ومقصده العام
هو: ( فإن مع العسر يسرا) (إن مع العسر يسرا)
فالآية ( فإن مع العسر يسرا) الأولى جاءت لتكون جميع الآيات قبلها؛ هي دليل عليها.
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ
وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ
الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا

والآية (إن مع العسر يسرا) الثانية جاءت لتكون الآيات بعدها حاملة معنى تكليفات ووصايا مبنية عليها.

إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ
وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ
...
فلو تجاوزنا دلائل (فإن مع العسر يسرا)
وتوقفنا عند تكليفات و وصايا (إن مع العسر يسرا)
فسنجد رب العالمين وصاحب الرسالة يكلف "محمدا" الرسول المختار لحمل الرسالة بما جاء في الأيتين :
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ
وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ

فإذا ما فرغت "يامحمد" من كل ما عدا هدفك في حمل رسالتك من هموم وانشغالات
وعقدت العزم عليها
فارسم لنفسك الخطوط العريضة لخطة التنفيذ و توكل على الله واتجه إلى ربك على اتساع شرائح صدرك وخُلقك تسأله سبحانه الأوامر والتكليفات، ومعها العون والتيسير و الأجر و الثواب .

نأتي إلى المفردات و بناء الآيات في السورة
ــ
اتسمت آيات سورة الشرح بالبلاغة والتكثيف والرمزية العالية
فلم تتعدّ أيّ آية من الآيات الأربع كلمات
وجاءت كل آية بمعنى تام في ذاتها، علاوة على ما أضافته إلى المعنى العام للمقطع الذي جاءت فيه، ومن ثم التحمت كل الآيات لتشكل المقصد العام للسورة .

وعلى صعيد المقاطع الصوتية ووقعها في الأسماع فقد جاءت الحركات على الحروف في تنسيق بديع تستسيغه، وترتاح لوقعه الآذان؛ حيث لم تزدْ الحركات المتتالية على أيٍّ مجموعة من الحروف المتتالية عن ثلاث حركات يتبعها ساكن.

وقد جاءت نهايات الآيات تعتمد نظاماً بديعاً في التقفية العالية الوقْع تماماً
بما لايخفى حتى عن أذن السامع غير المتحدث بالعربية:
(صدرك ـ وزرك ـ ظهرك ـ ذكرك)
(يسراً ـ عسراً)
(فانصَبْ ـ فارغبْ)
•••
ثم للننظر ما في النص من كمّ الحركة والإنتشار إلى الأعلى وإلى الأسفل وروعة استخدام مفردتي الرفع و الوضع

ثم لننظر إلى حالة الإنشراح والإتساع والتي تتضمن معنى الإمتداد والإحتواء
بل ولننظر إلى معنى الثبات من خلال النَصَبَ و السمو من خلال الرَغَب

إنها الحركة التي تشغَل المكان من الأرض إلى السماء
ولنتأمل كيف انجدلت المفردات الدالة على معاني "العسر واليسر"
و كيف يتصاعد المعنى في ثنائيات من المفردات والعبارات المتقابلة والمتناسقة في توازٍ مُوحٍٍ بديع:
(وضعنا ـ وزرك)،
(رفعنا ـ ذكرك) ،
مع (العسر ـ يسرا)
ثم ..
مع (العسر ـ يسرا)
(فرغت ـ فانصب)
ـ بل ونعود لنتأمل كيف كانت ثنائية السبب والنتيجة:

• فإن كان " الوزر" يــؤدي إلــى " نقض الظهر"
• فأنّ "شرح الصدر" يــؤول إلــى "رفع الذكر"
ولأنه نص ذو بناء دائريٍّ بديع
يرد المقطع فيه على المطلع من خلال ثنائية الآيتين
(الأخيرة ) و (الأولى)
( إلى ربك فارغب) (ألم نشرح لك صدرك)
فإن المَعقِد البليغ للآيتين يمكن قراءته هكذا:

إلى ربك فارغب . ألم نشرح لك صدرك؟!
•••
وإذا ما أكملنا السياق الدائري المعجز
فلن نشعر أصلاًً من أين يبدأ النص الكريم وإلى أين ينتهي
حتى أنه يمكننا أن نبدأ النص من منتصفه
هكذا:
إنّ مع العسر يسرا
فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب
ألم نشرح لك صدرك؟!
ووضعنا عنك وزرك
....
ويمكننا أن نبدأ من هذا الموضع:

فإذا فرغت فانصب
وإلى ربك فارغب
ألم نشرح لك صدرك؟!
ووضعنا عنك وزرك..
الذي أنقض ظهرك؟!
...
والمعجز والبليغ أن النص يظل في تصاعد مستمر باضطراد
والمعاني تعلو وتتعمق ولا تخرج عن المعنى العام للنص بل تخدمه وتعززه
مهما تنوعت مفاهيمنا لمعنى كل آية على حدة
بل و مهما تعددت مواضع البدايات.
أما النهايات؛ فيمكننا ألا ننتهي
ونظل نكرر القراءة للنص البديع الذي جاءت
دائريته وتكراره في تناسُب تام مع تعدد تأويلاتنا العديدة لآياته .

بل يمكننا أن نرسم خطاً واحداً رأسياً عاماً للسورة
نضع في أعلاه ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)
وفي نهاية الخط ( إلى ربك فارغب)
•••
ولو أخذنا المعقِد الأول للسورة
من البداية وحتى المنتصف هكذا ..

أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ
وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ
الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا

فإننا نكون بصدد معنى تام قائم بذاته يُعَدّدُ الله فيه المنن والنعم على عبده
ويَخلُص في النهاية إلى أنها دلائل قاطعة على أنّ مع العسر يسرا.
•••
كما يمكننا أن نأخذ المَعقِد الثاني للسورة
من منتصف السورة حتى نهايتها هكذا:

إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ
وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ

هنا أيضاً يَتُمّ المعنى إذا استقل هذا المَعقِد من الآيات عن بقية السورة واعتبرناه وحدة واحدة، تَبـْني أوامرَ وتكليفاتٍ على حقيقة أن التيسير مع التكليف.
•••
بل وإذا أخذنا الآية الأولى والأخيرة في كل معقد فنكون بصدد معنى تام
فمثلا في المعقد الأول سيكون
هكذا:
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ؟!)
فالردّ الضمني المقدّر دائماً : بلى
فيستكمل النص القرآني:
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)
•••
و كذا في المعقد الثاني سيكون كما هو
هكذا:
إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ
وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ
•••
فإذا أعدنا لحمة المعقدين بكل أشكالها كما كانت
فإننا نعود ونقف أمام نص واحد دائري ذي معنى عام تتمحور حوله كل آيات النص الكريم
...
سورة الشرح الكريمة وبحق
جاءت في أروع صورة ومبنى، و كانت آياتها مكثفة وموجزة وعلى أبلغ ما يكون المعنى.
اعتمدت بناءً دائرياً بديعاً موحيّاً ومعنى منتشراً وآياتٍ هن ـ وبحق ـ من جوامع الكَلِم .

• اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً.
***
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف