الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

القدس في قرطبة بقلم:المتوكل طه

تاريخ النشر : 2014-11-25
القدس في قرطبة بقلم:المتوكل طه
القدس في قرطبة
المتوكل طه

                       (1)                                       
أُمُّ المدائنِ ،
أو مُسْتَقَرُّ الخِلافةِ  والأرجوان ،
والسِّحْرُ في حَجَرِ الوردِ والماءِ  ،
والشجرُ الحالمُ اليَقِظُ المرمريُّ ،
مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ  ، 
تبدو لنا شَهَقاتُ المآذِنِ ،
من حيثُ تدخلُ  ،
أَنَّ الصلاةَ بها ألفُ وَقْتٍ ،
لِطيْرِ الحَمامِ وغيْمِ الجِنان .
تقولُ كأنَّ الذي قد أقامَ المعابدَ
والواجهاتِ ، وأقواسَها العالياتِ ،
وأَدْراجَها ، كسلاً للطريقِ ،
هو الجَان !
أو أنَّ بعض الملائكةِ الحالمينَ
أتوا بالمياهِ إلى فَنَنٍ نائمٍ
في ارْتخاءِ المناديلِ والموجِ ،
كانوا يُنادون بالدَّمْعِ مَنْ رفعوا
بابَها .. للزمان .
كانت بِجامِعها أجملَ الأرضِ ،
في آيةٍ أنْزَلتْها ، إلى الناسِ ،
آلهةُ الحُسْنِ ..
قُرْطُبةُ العَرْش !
والنُّورُ أندلسُ الأُمويِّ ، الذي
حَلَّ في ذَهَبِ الأُقحُوان .
وكانَ .. ما كان !
فَيْضاً من اللؤلؤ البِكْرِ ، في رَحِمِ الخَلْقِ
قد مكَّنَتْهُ الخيالاتُ كي يرتقي سُلَّماً
للبروج ، على أُفقٍ من حليبٍ ،
فجاءَت ، كما شاءَ ، رسْماً
على غُرّةِ البَيْلَسان .
والزّمانُ ، هنا ، اثنان ؛
شِعْرٌ وخيلٌ وموقدةٌ للنجومِ ،
وصفصافُ عُرْسٍ أفاضَ على غابةِ المسْكِ
بالصَّحْبِ ،
والعودُ مشتعلٌ بالقيان  ،
والدَّنُّ ممتلئٌ بالندى للغُصُونِ  ،
التي رَقَصت كالدّخان ،
فكان الغناءُ
الموشَّحُ بالماس  والكهرمان .
والزمانُ ، هنا ، اثنان
ليلٌ غريبٌ ثقيل الخُطى ،
زائغٌ شبحٌ يرتجي نَهْبَ فردوسِها ،
بعد أنْ جاء كي يأخذَ الحَرْفَ
و الترجماتِ ، وما أنتجتُه النوارسُ
في شاطئ الغجرِ البربريّ ،
حتى أضاءَ المدى بالنخيلِ ،
من الشامِ برّاً إلى مصرَ فالقيروان ..
ومن ساحل الفَتْحِ حتى المضيقِ
ليعبرَ صَقرُ الإمارةِ فوقَ الحصان .
ويبني مع الجَمْع قَصْرَ الحكايةِ ،
من قبل أنْ يكشفَ الذئبُ
عن شهوةِ اللحّمِ
في عتَماتِ الدهاليزِ ،
والبحثِ عن جِنسِ مَنْ عَلّموُه البيان .
وكان ..
ما كان غيرُ الحريقِ ، الذي
أكل الحقلَ من أوّل الرملِ
حتى الشواشيَ في آخر الصَّخرِ ،
هذا جزاءُ سنّمار  يا مَنْ تأصّلَ
في الجامع الأمويّ ،
 وأصبحَ خَلْقاً جديداً ..
فهل يا تُرى سوف تذكرُ
أن هلاليَ كان الضياءَ ،
 الذي ظَلَّ مُنْسَرباً
في الصليبِ أو الشمعدان !
فكيف ترىَ وجْهَ قُرطُبةَ الآن ؟
وكيفَ بآلائِها تَكْذِبان ؟
                           (2)
لو انَّ " سينيكا " أتى لبكى ،
وقد يتراءى له في تأمُّلِهِ ما يفعل المُـلْكُ
بالأخُوةِ الكارهين !
وما يفعلُ آبنُ زيادٍ ورمحُ مُغيثٍ
ومَنْ وَحَّدوا ربّهم  ،
وأعادوا لها دارهَا ،
إنْ أتاها الملوكُ ، وقد دَجَّنوا أهلَها ،
قبل أنْ يَلِجوا في المُسمّى " مديخار "  ؟
أو بعد أنْ يبحثَ الغرباءُ عن الوجهِ والدِّين !
قد سقطت دولةُ العشقِ !
والرَّوضةُ الآن في دَمْعِ زهرائِها ،
أو دمٍ لا يجفُّ على نُزُلٍ
مثل سبعةِ أبوابها ،
حول روحِ حدائقها ،
في صحونِ مساجدها ،
عند حصنِ نفائسها ،
خلف إيوانِ جامِعها ،
قُرْب ليمونِ حضرَتها ،
في تلافيفِ صدفتها ،
بعد مقصورةِ المنْبَرِ المُرتوي
بالنواعيرِ والشمسِ
ونارِنْجِها ،
أو بِسِرْبِ فراشاتِها ..
وابنُ رُشْدٍ يقلّبهُ العقلُ والنَقْلُ
في وَقْعِ ألوانِها ،
وابنُ حَزْمٍ بِطَوْقِ حمامتِه يرسمُ العاشقيْن  ؛
( ولاّدةً وابنَ زيدونَ )
والظلُّ ريشتهُ في جناحين من وَلَهٍ ،
كي يطيرَ ابنُ فرناسَ في حضرةِ القُرطبيّ
أو الغافقي ..
وزريابُ يبني
على أُغنياتِ الطيورِ جُسوراً
لنهرِ " بيتيسَ " أو يعقدُ اللّحنَ
في عروةٍ للخلودِ ، فتمشي إليه القناطرُ ،
من وادِها ،
كي تَبْلُغَ الروحُ لحنَ الرجوعِ إلى الغائبين .
وابنُ ميمونَ يأخذُ من منْجمِ الضادِ
ما يجعلُ الرّوحَ أكبرَ
من لَوْثَةِ التائهين .

والقدسُ مثلُ قرطبةَ ، الآن
نصفُ غائبةٍ .. حاضرة ،
منهكةٌ ساحرة ،
رابحةٌ خاسرة ،
جنّةٌ ثائرة ..
ولَهَا زفَّةُ الياسمين .
                                (3)
والشاعرُ في إغفاءتِهِ ،
يغسلُ أثوابَ قصائدِهِ ،
فتمور أراجيحُ الشيطانِ ،
وتمتدّ من النهر إلى غاباتِ الغيمِ ،
ويقطفُ تفاحتَه الأحلى  ،
فيرى أدغالَ السُلطانةِ " أورورا " ..
ويكاد المشهدُ أنْ يكتملَ ،
ليطفحَ كأسُ الشُرفاتِ على الغَيْبِ ،
ويصحو الهاجسُ  ؛
قرطبةُ الذروةُ ، فلتهبط أنجُمها للطين ،
فإن نضجَ الكَرْمُ ستسقط
حبّاتُ التين  ،
وإنْ ثملَ الماءُ من النارِ  ،
سيشرَبُه التنّين  !
وهذا الإكليلُ على رأسِ الزهراءِ حزين  !
فيا قُرطبةُ ! متى نصلُ القدسَ  ؟
لنعرفَ أنَّ التفتيشَ عن الكامِنِ
في الاضلاعِ ، سيأخذُنا بالشُبْهةِ
للمذبحِ ، ثانيةً ، أو ثالثةً أو ألفاً ..
والعالَمُ لا يسمعُ ، لا ينطقُ  ،
لا يتراءى في عينيه سوى
ما شاء ..
فكوني يا قرطبةُ بكاملِ زينَتِك  ،
ليأخذكِ القشتالُ إلى السكِّين !
هنا المدنُ الضائعةُ على مدّ الخارطةِ  ،
فهل سيجيء الشاعرُ بعد قرونٍ أُخرى  ،
ليرى في قرطبةَ القدسَ ؟
وإيقاعَ الشِّعرِ سَويّاً   ،
والقاعةَ حُبلى بالناسِ  ،
وقصر الحاكمِ ذاتُ السورِ
وذاتُ السّين  ؟
سلاماً يا غربةَ شاهِدِكِ الحيِّ  ،
سلاماً للموتى الماشين
بلا قنديلٍ
للظُلماتِ إلى صِفّين  .
سلاماً للأبواب ، الثامنِ والتاسع .. والعشرين
سلاماً ، والأصداءُ على الأقواسِ
من الأجراسِ إلى الأعراسِ  ،
إلى الأيقونةِ  ،
والجدرانُ هي " الكازارُ "
فلا زهراءَ ولا أسوارَ
ولا غرناطةَ .. أو حطّين  !
و هذي أعرافُ الفَرَسِ المهزومةِ
في الحربِ ،
ورقْصةُ من عادوا ثانيةً للقتلِ  ،
على دَفِّ " الفلامِنْكو "  !
فاستمعي يا قرطبةَ السِّحْرِ
إلى أنغام الرُقمِ الطينيِّ المحروقِ  ،
على جَنَباتِ خرائبِكِ  ،
هنا بابلُ أو بترا ،
والقدسُ هنا إن بقيَ ملوكُ القدسِ  ،
وأَسألُ : هل كانت أندلساً حقاً  ؟
نينوى ؟
يا لها !
لم تَعُدْ سورةُ الزُخْرفِ الآن  ،
في سِفْرِها  !
كان عَرْشٌ وبَهْوٌ
وسيفُ الصقالبةِ الحازمين  ،
وأحواضُ زئبِقها الرّخوِ  ،
والجنْدُ والدارُ والعاجُ والأبنوسُ  ،
أو النقشُ والتِبْرُ  ،
والبدرُ إنْ ذابَ في هَدْأةِ الساهرين..
وسَبْعٌ وريمٌ و أفعى  ،
وطيرُ العقابِ ، ووفدٌ من الفقهاءِ ،
وبعضُ الحجيجِ  وتجّارِها المارقين ،
وسربٌ من الشعراءِ الذين
أتوا من نِفاقِ الموازين ،
أو تلك التي راوغت قلبَها  ،
وآبنُ أبي عامرٍ سوف يبني له مَدْرجاً
للحنين  ،
إلى أن يُحَرِّقها الحقدُ في الدَّاهمين ..
سلاماً ، إذاً ، للتماثيلِ والعنبرِ الذهبيِّ
على بابِ " إقباءَ " في الأوَّلينَ
                        وفي الآخرين .
وشكراً .. لأيّامنا في السنين .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف