الأخبار
حمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماً
2024/5/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المبادرة اللبنانية لإنقاذ لبنان !بقلم : د. حسن صعب

تاريخ النشر : 2014-11-24
المبادرة اللبنانية لإنقاذ لبنان !بقلم : د. حسن صعب
المبادرة اللبنانية لإنقاذ لبنان !
بقلم : د. حسن صعب

كان لبنان، منذ عام 1975 حتى الآن مسرحاً لمبادرات من الغرب والشرق، ومن الاشقاء والاصدقاء، بل حتى من الاعداء، لتسوية ازمته المأسوية.
وكانت هذه المبادرات مؤشرات لسياسات الدول القائمة بها تجاه لبنان، اكثر مما كانت تعبيراً عما يتوق اليه اللبنانيون من مستقبل افضل لوطنهم، ومن مستقبل افضل لجمهوريتهم.
وهذا امر بديهي في السياسة.
ففي السياسة تعلو المصلحة أي اعتبار آخر.
واللبنانيون المفاخرون بذكائهم الفارط لا يعون هذه الحقيقة السياسية البديهية.
ولذلك تراهم يشخصون بأبصارهم الى ما يتقرر في الخارج، في شأن مصير لبنان، اكثر مما يفكرون في ما يمكن ان يقرروه هم بأنفسهم لأنفسهم !
فيترقبون تارة ما تقرره قمة للجبارين بعد الاخرى في شأن لبنان ! ولبنان في ذيل اهتمامات الجبارة !
ويتربصون تارة اخرى ما تقرره قمة عربية بعد الاخرى في شأن لبنان. وقمة بغداد قررت، وبدأت تنفذ، وبقي علينا ان نظهر الاهلية للتنفيذ.
واذكر خطاباً لرياض الصلح، امام البرلمان عام 1943، بعدما افرج عن آباء الاستقلال من قلعة راشيا، وانتصرت مسيرة التحرر الوطني، وهو يشرح فيه اسباب هذا الانتصار، ويؤكد انه يعود الى اتحاد اللبنانين، والى تضامن الدول الشقيقة مع لبنان، والى مساندة الدول الصديقة للبنان.
فنوه رياض الصلح اول ما نوه باتحاد اللبنانيين في طلب الاستقلال واصرارهم عليه.
واليوم تتجه انظارنا الى دمشق، فيأتينا الجواب من الرئيس حافظ الاسد، ان نظموا أمركم الداخلي، لتستطيع سوريا ان تساعدكم.
ونخاطب اللجنة الثلاثية الرئاسية العربية، ويرحل الرؤساء اللبنانيون الى عاصمة عربية بعد الاخرى، فيواجههم الجواب نفسه : أيها اللبنانيون إتحدوا في ما بينكم، لتتيحوا لنا ان نساعدكم بثقة منا بأن هذه المساعدة لن تذهب هدراً.
والاصدقاء الكبار يطالعوننا بالأقوال والأفكار، لكنهم يحرموننا الافعال والمساعدات.
وقد طالعنا آخر ما طالعنا التحرك الفاتيكاني بدون جدوى، وان كان فيه مؤشر ايجابي للحرص على حل كلي لا على حل جزئي للأزمة اللبنانية.
وجاء التحرك الفرنسي في خط مواز للتحرك الفاتيكاني، معبراً للمرة الاولى عن دعم فرنسي لاتفاق الطائف. وهذا تطور ايجابي ايضاً، فماذا سيكون مفعوله العملي، وما الذي ستقوم به فرنسا، ليقترن قولها بالفعل ؟
ان المواقف العربية والدولية من قضيتنا، كيفما عبر عنها ، وكيفما تطورت تطوراً ايجابياً، مرهون تطورها الحقيقي بتطور موقفنا الحقيقي من قضيتنا، ومن قضية وطننا، ومن قضية جمهوريتنا.
فنحن لا نختلف كثيراً عن الاشقاء والاصدقاء، في اننا نقول شيئاً ونفعل شيئاً آخر.
واذكر للرئيس سليم الحص في احد بياناته الوزارية قوله المأثور :
"جئنا لنحقق الوفاق الوطني فطالعنا النفاق السياسي"!
والنفاق السياسي يرادف عندنا الدهاء السياسي! وهذا الالتباس الذي وقعنا فيه بين النفاق والدهاء هو الذي انحدر بنا الى الدرك الاسفل من وجودنا.
فالدهاء السياسي يبدع دولة ويصونها بخطة محددة الاهداف والوسائل. اما النفاق السياسي، فإنه يخرب الدولة، ويجعل وجودها، كما هو شأن دولتنا، تحت رحمة ارادات الآخرين.
وخلاصنا الوطني يتوقف الآن على ارتقائنا من حال النفاق الى حال الدهاء، ومن الاتكال على الغير الى المبادرة الذاتية.
واختبارنا التاريخي الآن، ومعيار ارتقائنا هو في موقفنا الحقيقي من اتفاق الطائف، الذي عمد "ميثاق الوفاق الوطني".
ولا نتخذ هذا الاتفاق اختباراً او معياراً، لأننا نعتبره افضل الاتفاقات، ولكن لأننا نعتبر ان العمل السياسي الوطني لا يمكن ان يدور في فراغ، فلا بد له من مرتكز محسوس.
وغفر الله للراحل بيار الجميل، الذي كان يردد دوماً : "اي لبنان نريد"؟
وكان ردي عليه ان نقرر اي إنسان نريد، لنعرف اي لبنان نريد ؟ واتفاق الطائف يرد على سؤال بيار الجميل اكثر مما يرد على سؤالي.
انه يضع لنا بمباركة عربية دولية "لبنان الممكن" لسنة 1990، لنستطيع ان نخرج من دوامة الحرب الى واحة السلام، ومن الصراع العنفي الى النضال السلمي للتوصل الى لبناننا الافضل. وليس اتفاق الطائف تحقيقاً للانسان الذي نريد ولا لبنان الذي نريد، لكنه المدخل السلمي لسعينا الديموقراطي الى تحقيقهما معاً، سعياً لن يتوقف ابداً. فاذا كان موقفنا من اتفاق الطائف "وفاقياً" ولم يكن "نفاقياً"، وجبت علينا المبادرة الذاتية الفورية لوضعه موضع التنفيذ، منذ الاسبوع الاول لانتخاب الياس الهراوي رئيساً للجمهورية ولتأليف حكومة الرئيس الدكتور سليم الحص. لان انتخاب الرئيس وتأليف الحكومة انبثقاً من اقرار مجلس نوابنا اتفاق الطائف.
ومهما قيل عن مجلس نوابنا، فانه مرجعنا الاشتراعي الاعلى، وهو في الظرف الراهن مرجعنا المصيري، وهو مؤسستنا السلطوية الوحيدة التي صانت وحدتها، فانقذت وحدة لبنان.
والسلطة الاشتراعية التي اقرت اتفاق الطائف، والسلطة التنفيذية التي انبثقت منه هما مسؤولتان عن التنفيذ الفوري لهذا الاتفاق.
وانصار هذا الاتفاق، خارج السلطتين، مسؤولون عن التعاون معهما في التنفيذ. هذا اذا كانت المناصرة لا تنطوي على مفارقات التناقض بين القول والفعل.
فاذا توافرت هذه الارادة الفعلية لتنفيذ اتفاق الطائف، وانطلقت المبادرة اللبنانية في سبيل هذا التنفيذ، اصبحت مستلزمات هذا التنفيذ.
اولاً : ان تؤلف السلطة التنفيذية فريق عمل واحداً، بل فريقاً قيادياً وطنياً واحداً، يتخذ القرار الوطني الواحد، ويتحدث بلغة وطنية واحدة، ويتوق الى هدف وطني واحد. واما ان يكون رؤساء للفريق بعدد وزرائه، وان يكون لكل "وزير رئيس" سياسته الخاصة، وان يكون لاي منهم مغانمه الخاصة، او ان يكون لاي منهم الحق في وصف زملائه بلصوص مغارة علي بابا، وان يكون لاي منهم تسلم الحكم متى يشاء والاعتزال متى يشاء، وحضور جلسة مجلس الوزراء متى يشاء والتغيب عنها متى يشاء، فان السلطة التنفيذية تكون حينئذ اهلاكية لا انقاذية، وتكون الغاية الخفية لبعض اركانها ان يقوضوا اتفاق الطائف لا ان ينفذوه. وتستوجب المبادرة الوطنية حينئذ المسارعة الى ابدال الحكومة بواحدة تكون اقدر منها على العمل بروح الفريق الواحد، وارادة الفريق الواحد، وبالرؤية الواحدة للمصير الوطني.
ثانياً : تحول السلطة الاشتراعية من "منخبات سفر" الى الخارج الى فريق انتاج اشتراعي متواصل، ابتداء من انتاج التشريعات المترتبة على اتفاق الطائف. ونوابنا تقضي عليهم ظروفنا الاستثنائية بان يقوموا بواجبات سفرائنا في الخارج، لتغيير صورتنا المشوهة في العالم. لكن نائباً واحداً يحسن اختياره للمهمة الخارجية يغني عن وفد فيعبىء النواب انفسهم لانجاز واجباتهم الاشتراعية المصيرية، ليحولوا دون اتهامهم بالتراخي في الاشتراع لما قرروه، وليقطعوا الطريق على اية محاولة لاعادة النظر في اتفاق الطائف جزئياً او كلياً، وليبرهنوا بذلك للعالم على انهم صانعو تاريخ جديد للبنان جديد واهم مزايا صانع التاريخ التصميم والاقدام لا التلكؤ والاحجام.
ثالثاً : توافق المنظمات الميليشيوية الملتزمة اتفاق الطائف، غربية كانت ام شرقية، على ان تتسلمها الشرعية بأفرادها واسلحتها، وفقاً لخطة يجري التفاهم عليها لدمجها في الجيش الوطني، بقيادة العماد لحود، دمجاً يقوي الجيش ولا يضعفه، و "يوطنه" ولا "يطيفه". وهذا الامر هو في متناولنا، اذا ما اعتمدت فيه القواعد التنظيمية، والتدريبية، والتأهيلية التي يعرفها المطلعون على تنظيم الجيوش الحديثة عموماً، والجيوش المنبثقة من الثورات او الحروب الاهلية خصوصاً. وتقبل قادة الميليشيات هذا الدمج هو المعيار الفعلي لالتزامهم اتفاق الطائف، ولتطلعهم الى قيامة لبنان.
وهذا الدمج للميليشيات في الجيش الوطني هو اعظم خطة امنية توضع لا لبيروت الكبرى او الصغرى بل للبنان كله.
فانبثاق لبنان الواحد متوقف على انبثاق جيش لبنان الوطني الواحد.
واحرى بنا، ونحن نطلب من الآخرين ان يساعدونا في تكوين الجيش وتجهيزه، ان نبدأ بهذه الخطوة التوحيدية الميدانية، التي نبرهن بها للعالم على اننا نعني ما نقول.
وقد اعلن قادة الميليشيات التزامهم اتفاق الطائف.
ويشترك علمان منهم في الحكومة التي انبثقت من هذا الاتفاق.
ويشير قاد ثالث الى ان احد الوزراء يمثله في هذه الحكومة.
فالحوار المطلوب اذاً هو بين قادة الميليشيات، من كان منهم داخل الحكم او خارجه، والعماد لحود في شأن طريقة انضمام فرقهم الى الجيش الوطني.
وسيرتقي حينئذ هؤلاء المواطنون الابطال من قادة ميليشيات عسكرية الى رؤساء احزاب سياسية، تشارك في اللعبة السياسية الديمقراطية مشاركة حضارية أوليست المشاركة الحضارية اكرم لهم ولانصارهم ولوطنهم ولشعبهم من المشاركة الغابية ؟
وغالب الظن انهم سيفتحون بذلك الطريق لــ "الضابط المحاور"، ليشارك هو ايضاً في الحوار المؤدي الى انضواء جميع القوى العسكرية في لبنان تحت لواء الجيش الوطني الواحد. وينسب اليه انه يقدر العماد لحود كل التقدير، وانه لا يرى من هو مؤهل اكثر منه لقيادة جيش لبنان !
فاذا اقدم قادة الميليشيات على هذه الخطوة التاريخية، قام لبنان من جديد :
لبنان السلام والحوار الديموقراطي المنبثق من الميثاق اللبناني الوطني.
ولبنان الامن الشرعي المعتمد على الجيش الوطني، الذي يستدعيه التطبيق العملي للجانب الامني من الميثاق اللبناني الوطني.
وبذلك تحقق المبادرة الوطنية الذاتية للبنان ما لا تحققه له اية مبادرة خارجية، عربية كانت ام دولية.
وحينئذ نخاطب الشقيق والصديق رافعي الرأس : ها نحن قد اتحدنا، فأوفوا بعهدكم بمساعدتنا، ان العهد كان مسؤولاً !

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
•    كتب  د.حسن صعب هذا المقال بتاريخ 5 تموز 1990 ، أي قبل عشرين يوماً من وفاته.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف