أنام وفي حضني رام الله
عطا الله شاهين
أنسل خلسة من على جسدها عند مغيب الشمس .. أخطو على أرصفتها المليئة بشجيرات مكسرة ونفايات ملقاة على طرقاتها بشكل جنوني... ألتفت إليها وهي نائمة بهدوء دون أن تراني .. اتجه غربا عبر جبالها ووهادها المثقلة بالبنايات البشعة .. أرى من بعيد منظر الشمس وهي تغطس في بحر يافا .. أتوق لأن أزورها يوما ما.. وأعود مرة أُخرى قبل أن أتوارى لألقي عليها نظرة الوداع .. فأشاهد قممها العارية ، ثائرة بأحلامها.. وجسدها المنهك بدا عليه الإرهاق من زحمة الناس وضوضاء لا ترحمها.
اتركها مجبرا لأعود إلى بيتي المبني من الصّفيح المسروق .. أصل منهكا ، أتمدد على فراشي الوسخ .. فانا ما زلت عازبا ولا وقت لي لأغسل ثيابي .. أنعس واحلم في مدينتي التي تركت جسدها عاريا للوحوش .. وفي كل يوم ومع ساعة الفجر أصل إليها لأيقظها من نومها.. مع أنها أحيانا لا تنام من اقتحامات ليلية لها ، من قبل جنود يأتون لاعتقال فتية .. على أرصفتها يصطف باعة يشربون قهوة بأكواب بلاستيكية بوجوههم العابسة ، اقترب منهم كل فجر ، واسألهم عن حال المدينة .. فلا يُجيبوا ، فأفهم أن رام الله مثخنة بجراحها .. فأحاول مواساتها ولو بتقبيل خدوشها.
أطوف في شوارعها ، وأرى الدمار.. فأعلم أنها لم تنم تلك الليلة .. فجسدها عليه طعنات ما زالت آثارها واضحة ، ودماؤها ينزف من رصاصات احتلال لا يرحم ولا يتركها تنام .
الشمس توشك على البزوغ ، وأنا أنتظر أشعتها، لكي أستدفئ بها .. الناس بدؤوا يخرجون لعملهم ، وكأن لا شيء حدث لها.. الكل غير مكترث بها .. يسرعون لأعمالهم طلبا للرزق.. فلقمة العيش هذه الأيام صعبة وعليهم الحصول عليها وإلا أطفالهم سيموتون جوعا.
وكعادتي أتركها عند المساء قبل مغيب الشمس.. وأسير حزينا لما رأيته وأبكي ، لأنني لا استطيع العيش بدونها .. فأنا أنام وأحلم بها وكأنها تنام في حضني.. عشقي لها وسواس يلاحقني فأزورها حتى في منامي كل ليلة ، لأرى كم هي جميلة ، حينما تخلع ملابس الحزن .. أنعس على وسادتي المهترئة وهي في حضني بكل تمردها وأناقتها.. لن اتركها حتى عندما أذهب إلى رمسي بعد حين.. لكي تؤانسني في وحشتي .. هي حبي وعشقي .. لأنها هي من تحتضنني في منامي ، كأنها امرأة تريد النوم بهدوء على جسد ملّ حياة يملؤها العنف والفوضى .. تريد أن تبقى جميلة بجسدها المليء بالندوب ، من جراح أصابتها .. تريد أن تكون منحنياتها وجبالها نظيفة ، بلا نفايات ، وأن تكثر فيها الأشجار لتزيّنها وتبقى مدينة كلها أمل.
عطا الله شاهين
أنسل خلسة من على جسدها عند مغيب الشمس .. أخطو على أرصفتها المليئة بشجيرات مكسرة ونفايات ملقاة على طرقاتها بشكل جنوني... ألتفت إليها وهي نائمة بهدوء دون أن تراني .. اتجه غربا عبر جبالها ووهادها المثقلة بالبنايات البشعة .. أرى من بعيد منظر الشمس وهي تغطس في بحر يافا .. أتوق لأن أزورها يوما ما.. وأعود مرة أُخرى قبل أن أتوارى لألقي عليها نظرة الوداع .. فأشاهد قممها العارية ، ثائرة بأحلامها.. وجسدها المنهك بدا عليه الإرهاق من زحمة الناس وضوضاء لا ترحمها.
اتركها مجبرا لأعود إلى بيتي المبني من الصّفيح المسروق .. أصل منهكا ، أتمدد على فراشي الوسخ .. فانا ما زلت عازبا ولا وقت لي لأغسل ثيابي .. أنعس واحلم في مدينتي التي تركت جسدها عاريا للوحوش .. وفي كل يوم ومع ساعة الفجر أصل إليها لأيقظها من نومها.. مع أنها أحيانا لا تنام من اقتحامات ليلية لها ، من قبل جنود يأتون لاعتقال فتية .. على أرصفتها يصطف باعة يشربون قهوة بأكواب بلاستيكية بوجوههم العابسة ، اقترب منهم كل فجر ، واسألهم عن حال المدينة .. فلا يُجيبوا ، فأفهم أن رام الله مثخنة بجراحها .. فأحاول مواساتها ولو بتقبيل خدوشها.
أطوف في شوارعها ، وأرى الدمار.. فأعلم أنها لم تنم تلك الليلة .. فجسدها عليه طعنات ما زالت آثارها واضحة ، ودماؤها ينزف من رصاصات احتلال لا يرحم ولا يتركها تنام .
الشمس توشك على البزوغ ، وأنا أنتظر أشعتها، لكي أستدفئ بها .. الناس بدؤوا يخرجون لعملهم ، وكأن لا شيء حدث لها.. الكل غير مكترث بها .. يسرعون لأعمالهم طلبا للرزق.. فلقمة العيش هذه الأيام صعبة وعليهم الحصول عليها وإلا أطفالهم سيموتون جوعا.
وكعادتي أتركها عند المساء قبل مغيب الشمس.. وأسير حزينا لما رأيته وأبكي ، لأنني لا استطيع العيش بدونها .. فأنا أنام وأحلم بها وكأنها تنام في حضني.. عشقي لها وسواس يلاحقني فأزورها حتى في منامي كل ليلة ، لأرى كم هي جميلة ، حينما تخلع ملابس الحزن .. أنعس على وسادتي المهترئة وهي في حضني بكل تمردها وأناقتها.. لن اتركها حتى عندما أذهب إلى رمسي بعد حين.. لكي تؤانسني في وحشتي .. هي حبي وعشقي .. لأنها هي من تحتضنني في منامي ، كأنها امرأة تريد النوم بهدوء على جسد ملّ حياة يملؤها العنف والفوضى .. تريد أن تبقى جميلة بجسدها المليء بالندوب ، من جراح أصابتها .. تريد أن تكون منحنياتها وجبالها نظيفة ، بلا نفايات ، وأن تكثر فيها الأشجار لتزيّنها وتبقى مدينة كلها أمل.